أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس مزهر السلامي - قصص قصيرة جداً














المزيد.....

قصص قصيرة جداً


عباس مزهر السلامي

الحوار المتمدن-العدد: 2537 - 2009 / 1 / 25 - 03:38
المحور: الادب والفن
    


(1) سطوة الغبار
حيثما يمر يلقي التحية بكل أدب على المارة – الذين يعرفهم والذين لا يعرفهم – وهو في طريقة الى الحافلة تلك التي تقله الى موقع عمله.
من مكان جلوسه يتأمل جانب الطريق ، عربة محترقة – تبدو له كتلك العربات التي تجوب الجانب الاخر للطريق – يرفع انقاضها جنود لم يألف هيئتهم ، خراف هزيلة تهمّ بالعبور ، غراب يحطّ على عمود كهرباء منحن ٍ تتدلى أسلاكه لتلامس وجه أرض ظمئى، أشجار ذابلة تتشبث الواحدة بالأخرى . يحدق بالرأس الذي إتخذ من كتفه الأيمن وسادة له فيما الحافلة تغذ سيرها كالسلحفاة وهي تجتاز الكتل الاسمنتية .
ولكي يهرب من الصمت الذي يغلف الحافلة . يغير جلسته ، يتكور في مقعده وما هي الا إغماضة عين وتتهاوى المسافة المتبقية لبداية مشواره مع العمل . في المكتب يتصفح أوراقه غير آبه ٍ بحديث الزملاء المكرر والممل شعور بالوحدة يحزنه ، يحاول كتم آهاته .
- أعوذ بالله 0
- أتهزأ حضرتك ؟ 0
- لا يا أستاذ ما أردت ُ قولهُ : أن الكشوفات التي أطلعتُ عليها غير سليمة ويبدو أن هناك تلاعباً ما قد حصل .
- ومن نصبّك رقيباً علينا 0
- عفواً يا أستاذ : هذا هو من أختصاصي .
توهجت عينا المدير ، وراح بأصابعه الطويلة يمسّد لحيته المدببة تارة وتارة يفرك بها الخاتم الازرق المنتفخ فوق أحد أصابع كفه الأخرى .
أحذر يا .............
(سنصرف النظر عن ملاحظاتك هذه المرة وأياك أن ........ وعليك من الآن أن تمارس عملك ولكن في شعبة أخرى ) .
وكالداخل الى السجن دلف الى مكان عمله الجديد يطارده صدى كلمات المدير تتدحرجُ أمامه ذكرياته الحميمة وهو يشيع أمانيه التي تساقطت كسني عمره ، يبتلع صراخه ، يتكوم على الكرسي تحيط به الأضابير التي تكدست تحت سطوة الغبار .

(2)
مـخالــــب
تصفح الجرائد تلك التي كان قد أرسل إليها كتاباته ، صالت عيناه على أمتداد صفحاتها الثقافية . وبعد أن إرتدّت إليه مكسوة بالأنكسار ، أطلق زفراتٍ كالجمر وألقى بارتعاشة كفه في جيبه انتظر قليلاً كي يداري حيرته قبل أن يتوارى بعيداً عن عيون صاحب الكشك التي ما أنفكت تقشرهُ .
تلفَّت َ يميناً ويسارا ً ، أحسَّ وكأنه تحت وابل نظرات من تواجدوا عند الكشك . وبأنامله راح يتحسس وجهه الشاحب والنازف عرقاً ، فيما إنسلت تساؤلاته كما المخالب لتنهشه بقسوة
لماذا ؟
متى ؟
كيف؟
يجيب عنها في سره :
( في السابق كانوا يرزحون تحت سطوة الأسماء الرنانة )
والآن ( هؤلاء يتبرقعون بالشعارات الطنانه )
سارت به خطاه الى ركنه المنسي في مقهى شاكر ، يخرج عدته ( قلمه ُ والأوراق ) ، يرمقه النادل من بعيد ، ومع دخان سيجارتهِ تهادت كلماته : لا لن أسمح لهم أن يتركوني في الظلام .





(3)
رتـــابــة
بعدما تتسلل أشعة الشمس معلنة بداية يوم كسابقه .
يأتي ليلقي بحمله على مقربة من بوابة الجسر القديم . هناك ينتصب هو وبسطته . وبعينيه الذابلتين يتفرسّ في المارة حيناً وحيناً آخر ينظر بحسرة نحو السماء .
يرتب بضاعته ، يخرج الأقلام ليضعها في حيز بارز من البسطة ، ثم يتوالى ترتيب الحاجيات الاخرى في الاماكن المخصصة لها كالعادة .
فرش للأسنان ، دبابيس ، أبر ، خيوط ، دواء – غير فعال – لقتل الحشرات والفئران ، ولعب الاطفال – ولكون الحرب أقتطعت منه بعض أصابع يده اليسرى وسرقت منه أجمل سنوات العمر . تراه يحرص على ان تكون اللعب على عكس ما تحتويه البسطات المجاورة من مسدسات وبنادق ومفرقعات وحينما يكون الجسر قد أبتلع المارة وتقيأهم في الجانب الأخر .
تشح الخطى وتتوارى الاصوات . يتوجه الى ضفة النهر تاركاً بسطته نهباً للشمس بعد أن أحصى الوارد التقريبي والذي مهما يبلغ بالكاد يسد متطلبات يومه التي تظل حد الكفاف .
يغرف حفنة ماء يعبّ منها ينفثها في الهواء . ثم يدلق ضحكته الذابلة فوق وجه النهر.





#عباس_مزهر_السلامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثعبان أحمر
- هذيانات عاقلة
- نصوص عن المرأة
- رخام المسافات
- سحنة من ضلال
- حروف في علبة كبريت
- أهاجي الممدوح للحيدري
- وجه محايد
- فخاخ
- لو أقاسمك الإنتظار
- رنين الكلمات
- الساخطون على عزلتي
- قميص السماء
- قيامة البلاد ام شمعدان الرماد ؟
- صهوة عارية
- مظلة الأخطاء


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس مزهر السلامي - قصص قصيرة جداً