أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسام السراي - صداقة المكتوب .. و مجابهة الواقعِ














المزيد.....

صداقة المكتوب .. و مجابهة الواقعِ


حسام السراي

الحوار المتمدن-العدد: 2492 - 2008 / 12 / 11 - 08:56
المحور: الادب والفن
    



تتعزّز العلاقة بالمكتوب في لحظات الحياة المفرحة والمحزنة منها ، و تؤدلج الحالات والأيام على وفق ماتشعر به ، حينئذ تدفعك سطور ما إلى الإيمان بخلاصك من المحن ، بكتابة تلك القصيدة أو هذا المقال ، وتتعانق معك عبارة كنت قد قرأتها ،فيخطر في البال مثلا كلمات للشاعر سيف الرحبي في كتاب (إمضاءات ) لشوقي عبدالامير "حين يضيّع الإنسان مكانه في العالم ،يصبح الشعر ضرورة وجودية وحياتية ، نوعا من عزاء وملاذا في ظل اكتساح أزمنة الوضاعة " ، و بعصف أنباء الموت والدمار لذاتك ،تقترب أكثر من ثورة نيتشه على الحياة وتقاطعه معها ، في ديوانه، حدّ إيغاله في إثبات دونيتها ، وكأنك تستحضر في دواخلك نيتشه آخر يعيش ويشهد القتل في بغداد ، ليقول " قدماي ، أنّى ذهبتا ، على الجثث سارتا " ، أو "الآن ، والنهار قد سئم النهار / وتعزية جديدة تجعل الجداول تهمس بالشهوات " ، نعم بالكاد هذا ما يرافقك في ساعات ترى فيها انهيار مدنية مجتمعك وترجيح كفة لغة السلاح للتواصل والبقاء وقتها ، والكتاب يبقى رفيقك الذي تستمر أنت بصياغة مضامين منه تتلاقح مع يومك وانكساراتك ولحظات فرحك المقترحة ، حتى تلك الأحايين التي يقفز منك تساؤل مثير عن حقيقة الوجود وسؤال اللاهوت الكبير ، تتذكر عبارة من ( ملحمة الحرافيش ) ، تسأل فيها فُله عاشور الناجي " لماذا ترك الله الموت يفتك بالناس ؟".
ومع الحس الذي يعيدك إلى الأرض التي صارت بالنسبة لك أرضا محمومة،يرتبط عندك حبك لها والتمسك بترابها ، بالانتماء للثقافة والتسامي بمفرداتها على الرخص الطائفيّ والعهر السياسيّ . وتدنو في ذلك وأنت مازلت ترفع راية الكاتب الذي يحمل إلهامه على كتفه وهو يلتزم رأيا وموقفا معينا ، من توّحد ماركيز في (عشت لأروي) " أكثر الإلهامات غموضا ، الذي يكرّس له المرء حياته كاملة من دون أن ينتظر منه شيئا " ،يا تُرى مالذي ننتظره من بضعة مقالات وقصائد نكتبها هنا وهناك.
ولماركيز ورواياته سحر لايقاوم ، فيها دفعة هائلة من الأحاسيس والتناقضات الثرّة والتداعيات التي تختصر أمامك العالم ،مجرد مادة خبرية تصير في ثوان غير محسوسة ومطروقة لاتحمل لك أي جديد ،في ( لا احد يكاتب الكولونيل ) ... "لا خبر أكثر مفاجأة من أخبار الشهر الفائت"، بينما يستدرجك فعل القراءة ، أية قراءة لنص أدبي ، إلى "إعادة الاكتشاف ، التي تؤشر فيها التصويب على رأي بورخس في كتابه (صنعة الشعر("كثيرا ما اكتشفت إنني استشهد بأحد ما ، قرأته قبل زمن ....ربما من الأفضل ألا يكون للشاعر اسم " .
وهنا تقترح على نفسك ذلك باكتشافك ، إن الأمر يجري من دون دراية ، أنت تبدو وكأنك تقتبس ممن سبقك وهو أيضا تنطبق المعادلة ذاتها عليه ، في نصوص تمزج بين الصورة ولمعان الصحون الملاعق ، فما كتبته في نصك الشعريّ( التراب وحده يقهقه )"لحى من دموع / تلتمع بها صورتي الواجفة / في ملاعق السرادقات المكتظة" ، يتطابق ضمنيا مع ما كتبه الشاعر سلمان داود محمد في نص ماراثون انفرادي " كذلك الأم وهي تتبضع الغرقى في "شارع النهر" /تركت الصحون المنكفئة تضيء بمؤخراتها صورتي "، وهذا أيضا لايبتعد كثيرا عن نص الشاعر الأميركي كامينغر" وجه الرب الرهيب ، أكثر لمعانا من ملعقة ، تلتقط صورة كلمة مشؤومة " .
ولاغرابة أن يسيل لعابك أمام كتاب (الإغواء الأخير للمسيح)، والذي وضعه الفاتيكان في القائمة السوداء ، إذ يمنحك دفئا هائلا وأنت تتذكر ماكتبه كزانتزاكيس ردا على ذلك : لقد قدمتم لي اللعنة ، أما أنا فأقدّم لكم الشكر "، بالضبط هو رد أي متنور على منظومة صعبة الاختراق ، تحيط نفسها بأسيجة الممنوع والتي لاتقبل بالأطر النقديّة المعتادة ، وهذا ما يعانيه مثقفنا الذي لم يحدّد ماهية خطابه، وكيف يتوجه به للمؤسسات والمنظومات السائدة في عراق مابعد 2003.
وتعود إلى كزانتزاكيس وتنقلاته من زرادشت إلى بوذا ومن ثم إلى لينين مرورا بالمسيح ، لتكون (زوربا ) ، محورا تلتقي فيه جميع هذه التحولات الهائلة ، وكم من فكرة تأتي في مخيلتك ، عن أناس من أبناء جلدتك تحولوا من الماركسيّة إلى الإسلاميّة أو الليبراليّة ، أو من الإسلاميّة إلى الماركسيّة أو الليبراليّة ، ويجري ذلك ليؤكد تعددية هذا المجتمع الشديدة والقاسية أحيانا وسرعة تحوّل نسبة كبيرة من أفراده ،بشكل قد يعد إدانة له أحيانا، تجدها من خلال مقاربات مع شخوص مرت عليك كتاباتهم وسيّرهم الشخصية ، وبدأت تحوّلاتهم تعبّر في دلالات ثانية عن اللاإستقرار الفكريّ والقولبة المجتمعية على وفق الأنماط التي تسود ،والتي لها علاقة بالظرف السياسيّ العراقيّ .
وفي لحظات تيه الروح ، يأخذ بيدك نيرودا أكثر في ديوانه الشعريّ ....إلى "كانت روحي حانة تائهة ، وسط القطارات ، اكتظت بالنائمين الضائعين "، وتأسرك إشاراته السريعة عن محتوى حياتي غاب عنك تفسيره هو الليل وسكونه الذي تتدّفق فيه الأفكار مع الأضواء وصوت انسياب الماء ، لتجده في " فجأة تجلّت لي حياة الليل / اكتشفتها ،وردة مكنونة / بين يوم ذابل وغده " ، وتصيح (ياللعجب) ، عندما تنطق كلماته بدلا عنك وعن أعماقك " ياللمنفى !نأي / يزداد غلظة / نتنفس الهواء عبر جرح ".
ولعل في ردة فعل الروائي عبد الرحمن منيف إزاء ضجره الداخليّ، في (قصة حب مجوسية )، ما يدعم تركك للكتاب وتخليك عن القراءة ولو بشكل مؤقت...." الكتاب بين يدي أصبح عدوا ، بعد أن تحوّلت حروفه إلى غيوم سوداء بلا معنى "، وذلك سعيا لبلوغ إحالات أجمل وأكثر تفاؤلا في المقبل من القراءات ، لدرجة تنتفي آنيا عن الكتاب صفة الصديق ،كي تلاقيه ثانية بروح متفتحة ،لاتكدّر تلك الصداقة أي غيوم أو سماوات تنذر بسُحب الانكفاء والخذلان .



#حسام_السراي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سحر الزقورة
- شارع المتنبي ..كي لانبكيه مرة ثانية
- مناشدة الغير ، ماذا تعني؟
- إيقاظ الأسئلة النائمة
- سلطة الأقبية
- مابين مطار أورلي وشاطيء دجلة
- من أحلامنا...مترو
- الشاعر رياض النعماني: نحن بحاجة الى متلقٍ ناقد وخالق دائم لل ...
- الشاعر فاضل السلطاني: طلبت المغفرة عن المنفى و الوطن ولعنت ص ...
- منْ بِِه صَمَمُ؟
- عرسه المدوّن...قضية بلاد
- كريم مروة : المحاصصة الطائفية و السياسية يجب الا تتعدى المرح ...
- القول بانتظار الفعل
- كامل شياع : وحدة المجتمع في الأزمات التأريخية شرط ضروري لنجا ...
- يوميات عراقيين في دمشق
- المسرحي صباح المندلاوي:هناك إصرار على تقديم أعمال مسرحية عرا ...
- أربع سنوات من العمل الصحافي الواسع وجز رقاب الصحافيين العراق ...
- رئيسة منظمة الدفاع الدولية وداد عقراوي : الموضوع العراقي و أ ...
- د.محمد احسان: ننتظر الالتزام بنص المادة (140) وخيار انفصال ا ...
- لا تبسمُ ولا تورقُ الكروم لأجلِها


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسام السراي - صداقة المكتوب .. و مجابهة الواقعِ