أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسام السراي - سلطة الأقبية














المزيد.....

سلطة الأقبية


حسام السراي

الحوار المتمدن-العدد: 2466 - 2008 / 11 / 15 - 03:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يقدّم لنا الإشكال الطائفيّ في العراق دليلا ملموسا على نزعة تفسير الأحكام السماوية والنصوص المنزّلة وفقا لأهواء ومصالح شخصية معينة ، لينبثق بسبب هذا ، وبدلا عن الدين الواحد ، دين "لادني " وثانٍ " أصولي إلغائي"وآخر يتبع أهواء هذا الزعيم أو ذاك الواعظ المطبّق على مفاتيح الآخرة ، بما يصوّره لمحيطه وكأنه بوابة الوصول الى الجنان الموعودة . هذه العناوين الجديدة التي لها أتباع ومريدون، وضعها اناس- تجاوزوا على الدين - بتنصيبهم أنفسهم قيّمين عليها ، فلم يتركوا امر العبادة لخيارات الإنسان وما يؤمن به ، بل راحوا يلاحقون الفرد لشرائه الطماطم مع الخيار في سلة واحدة محرّمين ذلك عليه!.
ان أي كلام عن ضرورة تحديث الفكر الدينيّ ، لهو سير في منطقة ملغمة يشهد لها تأريخ من التصفيات والتكفير لأولئك المجدّدين ، بفعل الخلط المتعجّل بين مفهومي التحديث والتغريب ( النقل الفكريّ عن الغرب) ، وتحوّل الإصلاح وتشذيب الخطاب الدينيّ من بواعث التطرف ، الى رهاب يهدّد الدين ومافيه من ثوابت تنظم الحياة ، على لسان أولئك القابضين على روح الدين .
واذا ما أشرنا بصريح العبارة ، فإن طرح هكذا موضوع فيه كثير من المحذورات ، يجرى استيعابه على انه تعدٍ سافر ، يفصح عن تساؤل مربك ٍ: هل إن المقصود تجديد الفكر الدينيّ أم إنه تجديد لمضمون الدين ذاته ؟، تدخل وقتها القيم والاحكام في الصَدَفـَة المنيعة لهؤلاء الحماة في بحر من تأويلاتهم، مخافة التحديث والتقدّم ، بداعي الحفاظ على الهويّة الأشمل، التي صارت متراسا للسيطرة على الحياة والمجتمع ككل .
ان الهويّة التي يراد للعراق أن يمتلكها ، في ضوء الحديث عن الدين ،لاشك في وجوب اعتمادها المواءمة بين الخطاب الدينيّ العقلانيّ وقيم التمدن واحترام انسانية الانسان ،بما يلزم التمييز بين مفهومي الدين والفكر وما بينهما من مسافة للتجديد، فالأوّل ثابت فوقاني والثاني متحرك يتغير بفعل عملية استنتاج وقراءات لرؤى تتعلق بمراعاة الزمان الذي تطبق فيه تلك التعاليم، دون النظر الى موضوعة التجديد بعينها على انها محاولة لفضح الأخطاء فقط ، بل احياء للمترّسخ الساكن وعصرنة للمفاهيم والأنساق الراكدة .
ويظل هاجس الخوف من محاكاة التراث الدينيّ حيا في أدمغتنا ، بترّددنا من نقده واستنهاض ما فيه من مثل عليا لايمكننا التغاضي عنها ونسيانها ، وهذا لن يجرى بلا مراجعة نقدية ، يسهم فيها بدرجة اساس جمع من المتنوّرين ورجال الدين الذين يريدون لأمتهم الخير ، وليس أولئك الباحثين عن منافع وغايات لن تعود علينا إلا بمزيد من أشكال الاستعباد والهيمنة ، وليس غريبا حين تصبح هذه الجماعات دكتاتوريات ترفع شعار تطبيق الحكم الإلهيّ على الأرض، بإيغالها في ظلم البشر ونسيان حقوقهم واحتياجاتهم .
ولهول ما حل بالعراق ، لابد لنا أن نعيد تنقيبنا عن الأسباب التي تردى بسببها العراق، هل هي نتاج طائفية البعض من أبنائه وقتلهم وتشريدهم الآلاف ؟، أم ان رجال الدين لم يفلحوا في تمكين التسامح والعدل من السيادة في المجتمع؟، بإفتائهم بالقتل وأخذ القصاص وما الى ذلك من إغفالٍ لمصائر الأبرياء ؟، أم ان هناك مشكلة أكبر تخص قناعاتنا المتقابلة بشأن الطوائف وما يتطلب من إذعان لأفراد ومنظومات مختلفة ؟، بدل واحدية الدين نفسه .
وبالرجوع الى إمكانية ان يجرؤ المثقف على الخوض في "تجديد الفكر الدينيّ "، فهو موضوع حساس جدّا ، يضعه على كف عفريت ، من إزهاق لروحه ، بفهم المتشدّدين لتلك المحاولة على انها سعي للاستحواذ على ريادة المجتمع وقيادته وعلى منهج تفكيره.أتراه مستحيلا أن يمتلك جرأته وهو الممارس لدوره الانتقادي بتجرّد!، في وقت لايستبعد فيه أي مثقف إحتمالات إمحائه من الوجود ، فسلطته التي يتقوّى بها ، سلطة كلام وكتابة ، معوله كلماته ، ورأسماله إطروحاته التي ينوي نشرها بين الناس ، لاسلطة الخطابات المنبرية سريعة الانتشار، التي تكسب مجدها من الهتافات وأزيز الرصاص وصدى الرقاب المحزوزة ، لدى مجموعات ،غطاؤها الدين، وشغلها الشاغل بثّ الكراهية واتهام مساجلها بالتبديع والإلحاد بحجة مخالفة أصول وتعاليم الدين .
ولننتبه الى مايقوله مفكر وكاتب مرموق كـ"ريجيس دوبريه" ،بإن المثقفين .... يشكلون مجموعات لاتحسن سوى ممارسة نخبويتها ونرجسيتها " . لتأتي هذه المقولة بإيضاح ما يحتاجه المثقف ، قبل شروعه بأي فعل ، عبر محاكمة واثقة لممارساته ودوره ،واشتراط وجود المشروع الذي يثير ويحرّك مجاميع المثقفين المتناثرين ، واطلاقه واعدا بلغة مدركة للواقع ولتغيرات العالم .إن انعدام سبل بلوغ ما أشير اليه، سيبقي المثقف بين فكيّ تزمت المتدينين وردودهم المفزعة وافتقار المثقفين لقوى ضغط حقيقية . الأمر الذي سيصبح تشخيصا لحدود صراع بين الدعاة والهامشيين المنسافين، الفاعلية التنويرية والعزلة الفكرية ، مغادرة القصور الذهنيّ والسبات في الصناديق المقفلة : العقول المتحجرة .
كم هو الفرق كبير بين دعاة لاتتعدى حدود نصحهم أقبيتهم ، ممن تنقضي أيامهم بتلك الابتهالات التي تتوسل الرحمة والغفران للبشرية ، وآخرين منبريين يجاهرون بذبح من لا يرونه على ملتهم ، يتوعدون في الغروب والشروق ، أجسادا جديدة، آمالا متبقية، أشلاء نستها الكلاب لتجذبهم رائحتها وهي مضمخة بدماء الغدر.



#حسام_السراي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مابين مطار أورلي وشاطيء دجلة
- من أحلامنا...مترو
- الشاعر رياض النعماني: نحن بحاجة الى متلقٍ ناقد وخالق دائم لل ...
- الشاعر فاضل السلطاني: طلبت المغفرة عن المنفى و الوطن ولعنت ص ...
- منْ بِِه صَمَمُ؟
- عرسه المدوّن...قضية بلاد
- كريم مروة : المحاصصة الطائفية و السياسية يجب الا تتعدى المرح ...
- القول بانتظار الفعل
- كامل شياع : وحدة المجتمع في الأزمات التأريخية شرط ضروري لنجا ...
- يوميات عراقيين في دمشق
- المسرحي صباح المندلاوي:هناك إصرار على تقديم أعمال مسرحية عرا ...
- أربع سنوات من العمل الصحافي الواسع وجز رقاب الصحافيين العراق ...
- رئيسة منظمة الدفاع الدولية وداد عقراوي : الموضوع العراقي و أ ...
- د.محمد احسان: ننتظر الالتزام بنص المادة (140) وخيار انفصال ا ...
- لا تبسمُ ولا تورقُ الكروم لأجلِها
- متخصّصون في القانون يعدّون بحثاً عن قانون مكافحة الإرهاب
- إنهاء التواجد الأجنبي يرتبط ببناء المؤسسات الأمنية والعسكرية
- الشاعر والصحافي كاظم غيلان:أتمنى ألا ينقاد المثقف العراقي لل ...
- أفكار ورؤى بين فيدرالية الدستور ومشروع الكونغرس الأميركي
- قربان الطائفتين


المزيد.....




- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة
- تمثل من قتلوا أو أسروا يوم السابع من أكتوبر.. مقاعد فارغة عل ...
- تنبأ فلكيوهم بوقت وقوعها وأحصوا ضحاياها بالملايين ولم تُحدث ...
- منظمة يهودية تطالب بإقالة قائد شرطة لندن بعد منع رئيسها من ا ...
- تحذيرات من -قرابين الفصح- العبري ودعوات لحماية المسجد الأقصى ...
- شاهد: مع حلول عيد الفصح.. اليهود المتدينون يحرقون الخبز المخ ...
- ماذا تعرف عن كتيبة -نتسيح يهودا- الموعودة بالعقوبات الأميركي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسام السراي - سلطة الأقبية