|
تمخض الاحتلال فولد اتفاقية امنية
علي عرمش شوكت
الحوار المتمدن-العدد: 2440 - 2008 / 10 / 20 - 08:58
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
تجاوز عمر الاحتلال في العراق الخمس سنوات وهو يمضي سافراً جالباً معه العديد من الامور الغريبة على شعبنا ، اسبغ على نمط الحكم { نعمة الطائفية } المقيتة ، بعد ان كرس جهده لهدم اسس الدولة من جيش ومؤسسات ، مع انها كانت عبارة عن بقايا هياكل منخورة ، مما ادى الى ان عمت الفوضى في البلاد بلا حدود ، وفي ظلها اهدر الدم العراقي الى الحضيض ، و صنع من الفساد والسرقات نماذج من طراز جديد ، هذا وناهيك عن الانشطار الحاد في بنية المجتمع العراقي ، وفتح الاحتلال ابوب الحدود حتى لخصومه ، فاطلق حرية واسعة لتدخل سافر في شؤون البلد من دول الجوار على وجه الخصوص ، الامر الذي ادى الى هتك السيادة الوطنية ، لكن المعنيين ما زالوا يكتفون بالكلام في مواجهة ذلك للاسف الشديد ، ولكي نكون منصفين لابد ان نذكر ان الغزو الامريكي قد ازاح كابوس الدكتاتورية البغيضة وهذه تحسب له ، ولكن بحسابات بسيطة اخرى اشرنا اليها آنفاً تُظهر بجلاء ما حل بالبلاد من مصائب بسببه ، لاتختلف اثارها الكارثية كثيرا عن مصائب الدكتاتورية ، وعلى اية حال نجد انفسنا كمواطنين عراقيين ملزمين في البحث عن طريق الخلاص باقل الخسائر ، كون احوال شعبنا متعبة ولا قدرة له بتحمل المزيد من البلاوي ، الا اذا كان ذلك يعد صبراً لتحمل مشاق قطع ما تبقى من شوط يؤدي الى الخلاص من هذه المحنة . بقايا الشوط كما يبدو قد حُددت زمنياً في نهاية عام 2011 ، الا ان ما تبقى من اعباء الاحتلال ومخلفاته واثاره التي تمس بمصالح شعبنا الوطنية ينبغي ان تنتهي وفقاً للقرار الامم 1790 ، واستجابة لمقتضيات السيادة الوطنية ينبغي تحديد الموقف من وجوده ، لقد تمخض الاحتلال بعد خمس سنوات ليولد اتفاقية امنية كخلف له ، ان معطيات شتى تشير الى رفضها من قبل الشعب العراقي طالما ظلت غير واضحة المعالم ، وغير فاعلة باتجاه استكمال السيادة الوطنية واعادة بناء المؤسسات والقوات المسلحة العراقية بمستوى التحديات ، فالتداعيات التي نجمت من جراء الاحتلال تلزم الولايات المتحدة الامريكية باعادة ما خربته من بنية تحتية ، كما انها تتحمل مسؤولية حماية العراق من الطامعين الشرسين في ثرواته التي نهب منها ما لا يحصى وما زالت تنهب . المعارضة للاتفاقية تتجلى في الشارع العراقي بصورتين ، الاولى معارضة مع سبق الاصرار والترصد اي انها ترفض الاتفاقية باية صورة كانت ، الثانية ترفضها اذا لم تكن فاعلة باتجاه استكمال السيادة الوطنية واعادة بناء مؤسسات الدولة العراقية وفي مقدمها المؤسسة العسكرية ، ما يعني قبول الاتفاقية على قاعدة استكمال الشوط الى نهاية المشوار الزمني الذي حُدد في عام 2011 ، على ان يتم خلاله تبادل علاقات متكافئة ومتماثلة بين دولة العراق والولايات المتحدة الامريكية ، وما يشرّع ذلك هو ايجاد عقد سياسي يحرم اية بنود سرية ، تنص على منح الجانب الامريكي امتيازات على حساب المصالح الوطنية ، لكون الاتفاقيات السرية تتم عادة في الامور ذات الوزن الثقيل ، ولذلك يكون جلها خارقاً للشرعية وعلى قاعدة الجزء الغاطس هو الاكبر ، اما مواقها فستكون على الصعيد الاقتصادي ، عقود النفط ، في الجانب الامني ، العمل المخابراتي ، وعلى المستوى السياسي ، عمل مشترك او متناغم في الموقف السياسي ضد الدول المتخاصِم معها احد اطراف الاتفاق ، وعلى الصعيد العسكري ، حصر التسليح والتدريب العسكري بالدولة المصنعة له ، طبعاً الولايات المتحدة ، بمعنى تسليم عتلة القوات المسلحة العراقية بيدها ، ومن ذلك يكون منطلق المعارضة الوطنية . المعارضة التي ترفض الاتفاقية تماماً عبرت بالامس عن موقفها في الشارع بمظاهرة حاشدة نظمها التيار الصدري ، مع ان الاتفاقية مازالت في طور النقاش ، وكان { غوردن جوندور } الناطق باسم البيت الابيض قال : اننا مازلنا في مرحلة النقاش - ، كما جاء تأكيد لبقاء الاتفاقية ضمن حيز التداول من { شون ماكورماك } الناطق باسم الخارجية الامريكية ، ويزيد بتأكيد هذا الامر هو وصول الاتفاقية الى طاولة المجلس السياسي للامن الوطني ، كمحطة اخيرة قبل وصولها الى مجلس النواب ، وحينها سيحصل الصراع الحقيقي حولها ، وستتكشف بنودها التي ستكون مدعاة حقيقية للرفض او للقبول ، وستفرز المواقف بجلاء وعلى ذلك تكون الاصطفافات السياسية معبرة عن رؤية الكيانات واحزابها دون لبس . ورغم ذلك فقد تم توزيع نصاً لها على الكتل السياسية العراقية من قبل رئيس الوزراء السيد نوري المالكي ، وفي غضون ذلك طالب الائتلاف العراقي الموحد باعادة صياغة مسودة الاتفاقية حتى تكون ملبية لمصالح الشعب العراقي حسب تعبيره ، ويعني ذلك رفضاً غير مباشر ، علماً ان الادارة الامريكية سبق و اكدت بأن هذه النسخة هي الصيغة الاخيرة للاتفاقية ، وفي ذات السياق كانت ظهرت تلميحات بوجود اوراق ضاغطة امريكية اخرى يمكن ان تطرح في حالة الرفض من قبل الحكومة رسمياً ، وفي ظل هذا الوضع الشائك والانقسامات في الرأي السياسي العراقي تغيب تماماً الاستراتيجية السياسية الحكومية ، ولا احد يتحدث عن الاحتمالات والتداعيات في حالة الرفض اوالقبول لهذه الصيغة الاخيرة ، ان ذلك يدل على ان الصف الوطني العراقي مبعثر ، امام موقف امريكي قوى لايمكن انتزاع اي حق منه بهذا التفكك المتكلس في بعض من العقل السياسي العراقي ، ان الاحتمالات المتوقعة هي اما مواقف امريكية جديدة ضاغطة يقف امامها الجانب العراقي غير قادر على تجاوزها ، واما العودة الى اروقة الامم المتحدة والتي هي الاخرى غير قادرة على تجاهل الاحتلال الامريكي ، وازاء ذلك يبقى الحل والخروج من هذه المعضلة الشائكة بعهدة الشعب العراقي الذي يكون قادراً على تجاوزها في حالة توحيد صفوفه وارادته الوطنية الخالصة بعيدة عن الاجندات الاقليمية والدولية .
#علي_عرمش_شوكت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاتفاقية الامنية يستلزمها جواز مرور ام سلامة ظهور ؟
-
وحدة الصف الوطني تحت رحمة المحاصصة
-
سلامات ياخدمات !!!
-
البرلمان العراقي ... سائر الخطى ام خائر القوى ؟
-
احتراس روسي من عربدة ناتوية فوق القوقاز
-
{ ارض متنازع عليها ,, } اكذوبة صدقها من اطلقها !!!
-
كامل شياع .. كنت قنديلا احمرا اطفأتك ريح سوداء
-
الامن في العراق بين استراتيج الحكومة وتاكتيك الارهابيين
-
قانون مأزوم وناخب مظلوم
-
اول غيث قانون الاقاليم نزاع حدودي عقيم !!
-
{{ الراصد }} اصلحوا الدستور تٌصلح الامور
-
{{ الراصد }} التصعيد في الازمة ... تدحرج الى الهاوية
-
{{ الراصد }} قانون انكبح متعثراً بعتبة البرلمان !!
-
{{ الراصد }} مضاربات في بورصة العملية السياسية
-
{{ الراصد }} الحزب الشيوعي العراقي وثورة 14 تموز المجيدة
-
{{ الراصد }} ثورة 14 تموز ... غرة في جبين تاريخ العراق السيا
...
-
{{ الراصد }} خريف الاحتلال في صيف العراق اللاهب
-
{{ الراصد }} الاتفاقية العراقية الامريكية .. تراتيل لنصوص لم
...
-
{{ الراصد }} وداعاً للسلاح
-
{{ الراصد }} سياسة مفاوضات ام مقايضات سياسية ؟
المزيد.....
-
-حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار ..
...
-
اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
-
مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
-
4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
-
سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا
...
-
ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟
-
السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با
...
-
اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب
...
-
السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو
...
-
حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء
...
المزيد.....
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
-
الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل
...
/ بشير النجاب
المزيد.....
|