|
دلالات طلبهم منا الإنتظار ، السلطة خائفة
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 2422 - 2008 / 10 / 2 - 04:34
المحور:
حقوق الانسان
ليس من الصعب ملاحظة تنوع نوعية خطاب السلطة الحاكمة الحالية ، فهي تحاول أن تطبق مبدأ ، خاطبوا الناس على قدر عقولهم ، فللبعض الحديث عن الأندية الرياضية ، و منافسات الدوري الكروي ، و الفضائح العفنة التي تطلق بين حين و أخر ، و لآخرين الحديث عن الإنتعاش الإقتصادي الوهمي الحالي ، أو السرابي القادم ، أما الذين لا يأخذون بهذا و لا بذاك ، فلا يسيرون خلف الضحالة و لا ينجذبون نحو الروائح العطنة ، و لا تنطلي عليهم الخدع الرسمية ، لأنهم يحترمون أنفسهم ، و يعرفون حقيقة الوضع و المتسبب فيه ، فلهم حديث مختلف ، منهم تطلب السلطة الإنتظار ، لأن الأحوال ستتحسن ، و هناك شيء قادم في الطريق . الأمثلة لهذا التطلب تتكرر ، فمرة نقرأ لقيادي حزبي يفترض إنه تقدمي مقال عن تطور المجتمع المدني المصري الذي يسير قدماً ، و أن هذا التطور سوف يسير في طريقه ، و من تلقاء ذاته ، ليقود المجتمع المصري إلى الديمقراطية ، و هذا بالطبع إستنتاج خاطىء لأن المجتمع المصري يسير للخلف ، لا للأمام ، فالتدهور ضرب بأطنابه في كل مكان ، فكيف يمكن مقارنة التعليم المصري - الذي هو ركيزة أي تطور للأحسن - بالتعليم منذ أربعين عاما أو خمسين ؟ و كيف يجرؤ أي شخص يحترم نفسه على مقارنة الوعي السياسي للشاب المصري المتعلم اليوم ، بوعي نظيره في النصف الأول من القرن العشرين ، أو حتى في سبعينات القرن العشرين ، بل و حتى في سبعينات القرن التاسع عشر ، حين كانت تدوي خطابات جمال الدين الأفغاني عن الحرية فتلقى آذاناُ صاغية ؟ الجهل و الضحالة هي التي تكسب أرضا جديدة كل يوم ، و الإسفاف في كل شيء هو الذي يسود على قيم التحضر و الرقي ، و أسس المجتمع المصري تُضرب في الصميم . مثال أخر من حملة الأقلام السلطوية ، و رئيس تحرير جريدة تتصدر الساحة اليوم ، ممولة بالمصاريف الأمنية السرية ، طلب من الشعب ، أبان حمى الإضرابات العمالية ، أن ينتظر ما ستسفر عنه الإضرابات ، فبدلا من المطالبة بالمشاركة لدعم العمال ، وتوجيه دفة الإضرابات ، طلب من الشعب أن يقف بعيدا عن ميدان المعركة و ينتظر ، لأنه يعلم إن كل تلك الإضرابات إنما هي محدودة بمصالح أصحابها ، و ليست إضرابات عامة تبغي التغيير الشامل للحياة السياسية و الإقتصادية المصرية ، و بالتي ليس هناك أمل فيها ، لهذا طلب من الواعين الإنتظار بعيدا حتى لا يحولونها إلى ثورة شاملة . أما في هذه الأيام المفترجة ، فالمطلوب فقط الإكتفاء بالدعاء . أما جريدة المصري اليوم ، فنشرت ، في الثلاثين من يونيو 2008 ، مقال معنون بعنوان يحمل معنى التشويق و الترقب ، عن شيء قادم في الطريق ، و عند قراءة المقال تكتشف تفاهة المقال ، فالموضوع كله يتمحور حول شجار – حقيقي أو مختلق – في المغارة بين اللصوص الأربعين ، الذين إنقسموا لفريقين ، قديم و جديد ، و المطلوب منا أن ننتظر نتيجة مشاجرة اللصوص ، إن صح أن هناك بالفعل شجار . الغرض كما هو واضح من كل تلك الكتابات هو إيصال رسالة تحمل طلب الإنتظار . فما هي دلالات هذا الطلب ؟ أن تطلب السلطة الحاكمة من القلة الواعية أن تنتظر ، فإن هذا يحمل في طياته دلالات هامة : أولا ، أن السلطة تعترف بفشلها السياسي و الإقتصادي و الإجتماعي ، و أن الوضع الحالي من المستحيل أن يتقبله أي مصري وطني لازال يتمتع بوعي سليم مستيقظ . ثانيا ، أن هناك خوف يعتري السلطة ، لأنها تعلم بأن عدم قبول تلك الفئة الواعية بالوضع الحالي لمصر ، من الممكن أن يقودها للتفكير فيما هو أكثر من الإمتعاض ، إلى الثورة من أجل التغيير . لهذا يروجون لآمال كاذبة عن تطور تلقائي للأفضل لا تتوافر بيئته في المجتمع المصري الحالي ، و عن تغيير من داخل السلطة ، و كأن الفئة التي يخاطبونها لا تعرف أن جميع من في المغارة شريك في الجريمة التي ترتكب في مصر ، و بحق مصر ، و في هذا يقعون في خطأ ، حين لا يخاطبون كل شخص على قدر عقله ، فيختلط حديثهم بين قليل من العقلانية التي من المفترض أن تتواجد في خطابهم لتلك الفئة ، و الكثير من الأكاذيب الضحلة التي من المطلوب تجريعها قسراً للأذكياء ، ذلك لأن ليس لديهم بالفعل ما يقولونه لهم ، فلا توجد مبررات عقلانية لتبرير فشل ربع قرن ، و لا توجد أسباب قوية تدفع الواعين للإنتظار للأبد . خطابهم لا يمكن إبتلاعه ، لذا فعلى السلطة أن تظل على خوفها من كل واعي ، و عليها هي أن تنتظر نتيجة فعالها ، فمصر تستحق مكانة أفضل بكثير .
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يكفيك ما قمت به يا شيخ قرضاوي
-
مصر تستحق علم مصري ، لا ألماني قيصري و لا تركي الأصل
-
مبارك و الخديوي إسماعيل ، مقارنة لازالت في صالح الثاني
-
الدعاء وحده لا يكفي يا شيخ إبراهيم
-
في مسألة التمييز ، لماذا لا نعدل فتأمن مصر ؟
-
عرب الحضارة ضد عرب البداوة ، صراع قديم قائم
-
غزة ، مرحباً بالإنضمام ، و لا لعودة الإدارة المصرية
-
يوم الفخر - يوم الدرعية 9-9-1818
-
أوباما أو ماكين ، العبرة بالموقف من القضية المصرية
-
لسنا ضد أهل الخليج ، و لكن ضد بيع مصر لهم
-
تصوراتنا للإتحاد المتوسطي ، دراسة مدرسية متبادلة لتاريخ بعضن
...
-
عبد الوهاب المسيري حي بنا
-
لا تنامي يا محلة ، فمن يتحدى آل مبارك لا ينام
-
هل ينقص مصر الطلاب ؟
-
المحكمة المتوسطية العليا لحقوق الإنسان
-
تصوراتنا لإتحاد المتوسط ، السفر و العمل و التجارة و البيئة و
...
-
إستفتاء شعبي لكل قانون ، هو الطريق للحرية و العدالة
-
إتحاد شمال شرق أفريقيا هو الأقرب للواقع
-
أئمة المساجد بالإنتخاب
-
عودة الروح الفرنسية لساركوزي ، و لكنها ليست كما نرغب
المزيد.....
-
مقر حقوق الإنسان في ايران يدين سلوك أمريكا المنافق
-
-غير قابلة للحياة-.. الأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد ت
...
-
الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس
...
-
مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال
...
-
مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما
...
-
فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
-
لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
-
اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا
-
شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق
...
-
الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|