أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نذير الماجد - خطوات على طريق الأنسنة 1-2














المزيد.....

خطوات على طريق الأنسنة 1-2


نذير الماجد

الحوار المتمدن-العدد: 2398 - 2008 / 9 / 8 - 09:46
المحور: حقوق الانسان
    


كان يمكن اختيار "الأنسنة هي الحل" لكني ترددت كثيرا في اختيار عنوان رائج كديباجة وشعار فضفاض تحتفي به كل الاتجاهات والمذاهب والأطروحات الفكرية التي تجنح إلى أن تكون أيديولوجيات تقدم الحلول النهائية والمعلبة وتمارس تزييفا للواقع ومتاجرة بعذابات الإنسان الفرد والإنسان المجتمع.

"الإسلام هو الحل" أو "العلمانية هي الحل" كلها شعارات ويافطات أفرغها الاحتكاك بالواقع من كل مضمون يمكن أن يصمد أمام أبسط تشريح للخطاب، فلم تعد بذلك الإغراء والجاذبية بعد أن تواضع العقل البشري وأدرك حقيقة عدم وجود حلول نهائية تتخطى وتتجاهل رهانات الواقع وتاريخيته. لكن القاسم المشترك بين كل هذه الأيديولوجيات هو إدراكها بأن ثمة أزمة ما تحيط بالواقع، على إثرها حاولت تركيب وصفات هجينة تتراوح بين أجوبة تستنطق الماضي وتجافي الحاضر بكل مستجداته وتحدياته ( إحداثيات زمانية) وبين استعارة حلول معلبة وإقحامها في سياق مغاير ومختلف (إحداثيات مكانية).

يتفق الجميع إذن حول قضية بدهية تتمثل بوجود أزمة أو خلل أو تراجع أو مرض عضال، على إثرها تبلورت إصلاحات سلفية تخاطب الموتى وتعنى بقبورهم! وإصلاحات أخرى شكلية وسطحية لا تجرؤ على ملامسة ومقاربة الإشكالية في عمقها، لأن الكشف عن جذور الأزمة وتعريتها تعني مواجهة صريحة مع الذات بكل ما تستتبعه من ألم وقلق وجروح نرجسية. اركيولوجيا ثمة محاولات معرفية جادة اكتشفت أن فلسفة الإنسان ومفهوم الكائن البشري يمثلان أهم ملامح هذه الأزمة فطفقت تصدح بالتبشير لشعارات لا تقل جاهزية عن مثيلاتها الأيديولوجية كشعار الإنسان أولا وحقوق الإنسان وغيرها من أيقونات مرهفة كلها تأتي في سياق "الأنسنة هي الحل".

الدكتور المصري حازم خيري كان قد دعا إلى تنشئة تيار أنسني عربي يمنح الإنسان قيمة مركزية في النظام القيمي والأخلاقي في المجتمعات العربية لإشاعة الأنسنة وفكرة حقوق الإنسان على أوسع نطاق، يقول: "إن بناء الذات الأنسنية لا يعني سوى صياغتها بما يسمح لها بتحقيق أكبر قدر ممكن من التطابق بين أقوالها وأفعالها، شريطة انطواء تلك الأقوال والأفعال على تثمين للأنسنية القائلة بالإنسان كأعلى قيمة في الوجود" ثم يضع عدة خصائص للأنسنية: معيار التقويم هو الإنسان، الإشادة بالعقل ورد التطور إلى ثورته الدائمة، تثمين الطبيعة والتعاطي المتحضر معها، القول بأن التقدم إنما يتم بالإنسان نفسه، وأخيرا تأكيد النزعة الحسية الجمالية.

ثم يحاول أن يميز بين الكائن البشري في صيرورته لتمثل الأنسنة وبين الذات الأنسنية، فيقول مستدركا: "يُعد الإنسان أنسنيا (ذاتا أنسنية) طالما أدرك الأنسنية وسعى لتبصير الغير بها، ولم يستأثر بها لنفسه أو لفريق بعينه، وكذا يُعد الإنسان ذاتا حتى لو جهل الأنسنية، ولم يُدرك كنهها، أو أعرض عنها، لكنه في تلك الحالة يكون ذاتا مغتربة ثقافيا". وفي اعتقاده أن هذا هو الحل لمواجهة الأزمة التي شخصها في عنوانين أساسيين: هدر العقل العربي، والاغتراب الثقافي للذات العربية.

إن الأنسنة المقصودة هنا هي بكل بساطة علمنة مفهوم الإنسان "أو الكائن البشري"، أي ذلك الجهد المعرفي الذي بذل لتحقيق نقلة "ثورية" للكائن البشري من حيز لاهوتي ضيق (طائفي غالبا) إلى الأفق الرحب للأنسنة التي يمكن أن تعمم على نطاق كوني عابر للثقافات والأديان!.

لكن هذه القطيعة الأبستمولوجية لا يمكن أن تتحقق أوتوماتيكيا، بل لابد أن تسبقها خطوات لا تقل عنها "ثورية" وجرأة، فحتى تتم هذه النقلة لابد من إحداث تبيئة ثقافية تستدعي جملة إصلاحات جوهرية فكرية لتهيئة الأرضية الملائمة لتقبل هذا الطارئ الثقافي الجديد ألا وهو الأنسنة، ضمن مسار فكري طويل ومعقد ومحفوف بالإشكاليات والتضحيات، وبإطلالة سريعة على هذا المسار الطويل نجد أن البداية كانت مع لحظة لوثر والإصلاح الديني الذي ألغى احتكار التفسير الديني لرجال الدين وأزال القداسة عن الفكر الديني بصفته نتاج بشري "نسبي".

هذه الخطوة المفصلية التي حدثت في القرن السادس عشر مهدت السبيل لمغامرات فلسفية وفكرية ضخمة وجريئة تناولت العقل اللاهوتي بالنقد والتشريح لتكشف عن تاريخية المقولات المنتجة ضمن إطار هذا العقل، ثم جاء فلاسفة التنوير مع فولتير وكانط للتنظير والتأسيس لمفاهيم ومقولات فكرية كانت بمثابة هرطقات "أو بدع ضالة مضلة" عند رجال الدين، مثل التسامح عند فولتير، والعقلانية عند كانط، ومفاهيم أخرى مثل حرية الضمير والمعتقد وحق الاختلاف..

وهكذا كان كل شيء معدا تماما لاستقبال فكرة الأنسنة وحقوق الإنسان التي أعلنت في فرنسا بعدما استنزفها صراع طائفي طويل دام لعقود بين الأغلبية الكاثوليكية والأقلية البروتستانتية.



#نذير_الماجد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا صعاليك العالم اتحدوا !!
- توضيح حول تحريم السيستاني للمسلسلات التركية
- السيستاني والمسلسلات التركية
- لا تحجبوا أكسجين الوعي!
- مشاكسات على هامش الفقه!
- فقهاء ولكن..!
- إلى من يتغنى بالموت ليل نهار!
- لماذا كذب وليد جنبلاط؟
- آمنوا ولا تفكروا!
- حوار الأديان في السعودية.. هل هو اكذوبة أبريل؟!
- اشكاليات الحجاب في الخطاب الديني
- السعودية:المرأة و السيارة و جدل لا ينتهي
- طبروا كلكم إلا أنا!
- الاسلاميون في البحرين و مفاتيح جنة الفقهاء!
- عاشوراء: موسم المنابر و حصاد الوجاهة!
- التحية إلى روح بينظير بوتو
- نحو رؤية جديدة للزواج
- الإسلاموية و فوبيا التجديد!
- أحاديث في الحب
- فتاة القطيف: قضية فتاة أم وطن!


المزيد.....




- رئيس لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان يندد بالإبادة الجماعي ...
- البرلمان البريطاني يقر قانونا مثيرا للجدل لترحيل طالبي اللجو ...
- -طعنها بآلة حادة-.. داخلية السعودية تعلن إعدام الرويلي بعد إ ...
- انتشال 19 جثة لمهاجرين غرقى بسواحل صفاقس التونسية
- غارتان إسرائيليتان تستهدفان خيام النازحين في حي زعرب برفح
- جندته عميلة أوكرانية.. اعتقال المشتبه به الثالث في محاولة اغ ...
- الحكومة اليمنية تطالب الأمم المتحدة بإعادة النظر في التعامل ...
- الأمم المتحدة تدعو إلى إجراء تحقيق دولي بشأن المقابر الجماعي ...
- مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة: نحاول إعادة تشغيل مستشفى الأ ...
- الأمم المتحدة: توزيع مساعدات على نحو 14 ألف نازح حديث في الي ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نذير الماجد - خطوات على طريق الأنسنة 1-2