أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نذير الماجد - الاسلاميون في البحرين و مفاتيح جنة الفقهاء!















المزيد.....

الاسلاميون في البحرين و مفاتيح جنة الفقهاء!


نذير الماجد

الحوار المتمدن-العدد: 2179 - 2008 / 2 / 2 - 10:45
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هل لازالت ولاية الفقيه أو سلطة العلماء نافذة أو فاعلة عمليا؟ هل لها التأثير و الفاعلية بمعزل عن سياق الزمن و التاريخ؟ أي هل أنها تملك شرعية ناجزة و مطلقة؟ أدشن مقالي بهذا السؤال لأننا لا نستطيع تقييم الفكرة و الحكم عليها – وهي هنا ولاية الفقيه- بمعزل عن سياقاتها الاجتماعية و الثقافية و التاريخية و حتى الاقتصادية، ذلك لأن الأفكار و المذاهب الاجتماعية لا تتشكل و لا تتكون إلا نتيجةً للتحديات و الحاجات التي تجابه المجتمع. و هكذا نرى أن ذات الفكرة التي تفعل المعجزات في مجتمع ما تبدو عقيمة في سياقات اجتماعية مختلفة.

تأسيسا على ذلك نجد ولاية الفقيه التي تعبر قبل كل شيء عن تطور في الفكر السياسي للمذهب الشيعي الذي كان يحظر الشرعية و العمل السياسي في زمن الغيبة قد تمكنت من استعادة الوعي و المبادرة السياسية بعد أن أصبحت الغيبة بمثابة زمن للغيبوبة، و هذا ما نجده ماثلا في تطبيقات مختلفة كثورة التنباك، أو ثورة العشرين التي مهدت للاستقلال الوطني في العراق، و أخيرا ثورة الإمام الخميني في إيران التي من خلالها بلغت ولاية الفقيه الذروة في تأثيرها و تكوينها النظري و العملي.

من خلال هذا التسلسل نلاحظ أن ثمة تطور قد رافق بلورة و تشكل هذه النظرية، و هذا يعني أنها خاضعة للتاريخية و ليست فوق التاريخ، أي أنها لازالت مفتوحة على كل الاحتمالات و أنها في طور التشكل و النمو أو الجمود و الضمور و من ثم تحل محلها فكرة أو نظرية أخرى لتحديات و إشكالات سياسية و اجتماعية لم تعد "ولاية الفقيه" ناجعة لمجابهتها و معالجتها.

كان الشيخ عيسى قاسم أحد الرموز الدينية البارزة في البحرين يحاول دائما استدعاء هذه النظرية كلما طرأت معطيات سياسية جديدة داخليا و خارجيا، إلا أنه بدفاعه المستميت عن سلطة العلماء وحصانتهم ضد النقد و المسائلة قد أفقد أطروحة ولاية الفقيه بريقها و فاعليتها، فبعد أن كانت هي المحرك الفاعل التي تمكن من خلالها الشعب الإيراني من إسقاط نظام الشاه و بعد أن كانت سلاحا بيد الناس و الجماهير المغلوبة ضد المستأثرين و الظلمة يراد لها اليوم أن تكون بعبعا يلجم به كل متمرد و ناقد و ناقم على واقع الشعب و مستقبله و مصيره. أصبحت اليوم بمثابة سلاح فتاك يحارب به كل من أراد المسائلة و التحرر من ربقة الأكليروس الرابض على أنفاس الجماهير و المتلاعب بعواطفها. و بدل أن تكون أداةً للاستنهاض أصبحت أداةً للشرعية و الهيمنة. و بعد أن كانت وسيلة للدفاع عن حقوق الناس أصبحت آلية لتثبيت مكانة العلماء و الرموز و تكريس سلطاتهم الدينية.

يحاول الشيخ قاسم و غيره ممن يخشى فقد الامتيازات و الحظوة و السلطة الدينية أن يجعل من أطروحة ولاية الفقيه و دور العلماء عبارة عن "سلطة ثيوقراطية" مغلفة بشعارات ديماغوجية. خاصة و أن التصريحات الأخيرة لعضو مجلس النواب البحريني جاسم السعيدي كافية لإثارة هذه الغرائز البدائية و الانفعالات العاطفية التي لا تسمن و لا تغني من جوع.

كانت هذه التصريحات كافية لاستعادة مقولة ولاية الفقيه المحملة بقدرتها التجيشية العالية من أجل ترسيخ الثقل الجماهيري في وسط يتسم بالامتثالية و الطيبة –و لا نقول السذاجة- لحسم الخيارات و الاستمرار في تقويض كل تلك التحديثات التي تستهدف المجتمع و تسعى لإصلاحه، و هذه ليست المرة الأولى التي حدثت فيها هذه التعبئة: في نهاية العام 2005م حشدت أكبر التجمعات من أجل قضايا هامشية أو إستلابية، أقصد تلك التظاهرة الضخمة المناهضة لقانون الأحوال الشخصية التي نظمت تحت شعار " لبيك يا إسلام"، بذريعة أن مثل هذه التشريعات تهدد كيان الأسرة و تناقض تعليمات الشريعة. هنا تبرز سلطة الفقهاء لتمسك جيدا بالزمام و تكبح كل الطموحات الإصلاحية و التقنينية، و نتيجة لذلك نجد الشيخ عيسى قاسم لا يذخر جهدا في سبيل أسلمة كل شيء و مطاردة كل شأن ليجير دينيا و بصورة سطحية ساذجة لا تراعي الظروف و التغيرات و التعقيدات الاجتماعية التي تتراكم بفعل تقدم و نمو المجتمع..

كنا سنجد تبريرات كثيرة لو أن هذا التوظيف المستمر لتلك الشعارات العاطفية قد كرس داخليا ضمن إطار وطني لتحفيز هذه الفعالية باتجاه كل ما يمت بصلة لأصحاب تلك الحناجر المدوية، من قبيل المطالب المشروعة أو الجدل السياسي الداخلي أو إشاعة الحريات و الديموقراطية و غيرها و كل ذلك طبعا بوسائل سلمية حضارية، إلا أن ما يحدث هو مجرد استثارة لهمم الناس و عواطفهم بعيدا عن كل ذلك، فهي إما لغايات وهمية أو لغايات استلابية، أعني ذلك الاهتمام المستمر بأزمات و قضايا شعوب أخرى، لكأن هناك من يريد أن يجعل من هذه القبضات المرتفعة بين فينة و أخرى بمثابة "وكالة احتجاج أو استنكار" تعرض خدماتها كلما وقعت واقعة أو حدث خطب جلل!

الاتجار بالعواطف هي ديدن التيارات السياسية التي لا تملك شيئا تقدمه للجماهير سوى تلك الثيمات و الصور المتخيلة و الجوقات اليوتوبية، إنها تنمو و تترعرع دائما على حساب آلام المعذبين، توهمهم بالخلاص لأنها تمتلك مفاتيح "جنة الفقهاء" و تحتكر لنفسها زمام المبادرة و تحديد الخيارات و الأجندة، و كل من أراد التمرد فسيكون مصيره الطرد من رحمة الفقهاء و جنتهم، فحين يكون الخيار الوفاق و التهدئة يصبح التصعيد خروج عن ربقة العلماء لأن "الراد على الفقيه كالراد على الله!" أما حين يتطلب الموقف التصعيد يصبح كل من تسول له نفسه اتخاذ موقف مسالم أو تصالحي من زمرة العملاء و "الانبطاحيين"

المفارقة ذاتها حدثت في الانتخابات التشريعية بعد إقرار الميثاق في البحرين، في العام 2002م كان قرار المقاطعة حاسما للجميع إلا من شذّ عن ذلك فلقي جزاء فعلته، بخلاف انتخابات العام 2006م حيث كان القرار المشاركة، و التزمت بذلك كل القوى التي اختارت الانضواء تحت هيمنة المجلس العلمائي بزعامة الشيخ عيسى قاسم و تمّ مجددا استدعاء مقولة الفقهاء و سلطتهم و شرعيتهم!

كل ذلك كان يتم تحت عباءة "ولاية الفقيه"، و لكن بعدما اقتلعت من سياقها التاريخي، و اللافت أن الشيخ عيسى قاسم كان يتبنى أدبيات حزب الدعوة في ما يعرف بالتغيير المرحلي في تناقض صارخ مع مقولة ولاية الفقيه التي تتسم بطبيعة ذات نزعة راديكالية انقلابية، مما رسخ الاعتقاد بما آلت إليه مثل هذه المقولات التعبوية و الاستنهاضية. معطيات كثيرة تؤكد هذا المزج و التوظيف الأيديولوجي، منها:

- عدم قدرته على التجاوب مع رغبة التصعيد في الثمانينات من القرن المنصرم.

- موقفه الملتبس من أحداث التسعينات و انعطافاتها التصعيدية التي لم تخلو من عنف حاد.

- الموقف الأخير كان موقفا ضمنيا غير معلن.

- اعتناقه لفكر ديني تقليدي على درجة كبيرة من التزمت و "الخشبية الدينية". و لان الشيخ عيسى قاسم يتمثل التفسير التقليدي للخطاب الإسلامي و رؤيته السياسية و الاجتماعية، حتى أنه يقف ضد كل الوجوه التنويرية في الوسط العلمائي نفسه، فإنه دائما ما كان يتخذ مواقف تتسم بالتصلب الفكري أو الدوغمائي من كل الإجراءات التجديدية و الإصلاحية التي تستهدف المجتمع و مثال ذلك موقفه المتعنت من مشروع قرار تحديد سن الزواج للمرأة ! فقد كان يحتج بأن هذا القرار يتضمن تجاهلا للنموذج الإسلامي الماثل في السن الذي تزوجت به الزهراء عليها السلام! مع أن هذا القانون إجرائي صرف ليس فيه ما يناقض الشريعة، إلا أن شيخنا القاسم حفظه الله قد أغاضه ذلك و أعلن الوقوف ضده.

- مناهضته لكل التطلعات الفكرية على المستوى الديني التي تسعى لتجديد الفكر الديني و كان مثلنا هو هجومه الشديد على رموز دينية تنويرية حملت على عاتقها تطوير الفكر و الممارسة الدينية.

- أسلوبه الخاص في التعاطي مع الواقع البحريني ينزع للعمل السياسي ضمن الخيارات المتاحة بل و تحت إطار "الوضع السائد" و اشتراطاته.

- المعطى السابق ينتج عنه أنه يكتفي بالحد الأدنى من الحقوق انطلاقا من قاعدة " حفظ النظام". و الشيء البارز هنا هو سعيه لتثبيت معادلة لا تتصادم مع السلطة السياسية و في ذات الوقت تحفظ سلطة العلماء و رجال الدين و سيادتهم و بالتالي إبقاء حيز يتناسب مع رغبتهم في عمليات الإشراف دون التدخل المباشر في تفاصيل الأحداث أو توجيهها بشكل يحفظ النظام و يلبي الحقوق و المطالب بحدها الأدنى، هنا أحب أن أوضح أن التيار التقليدي بين رجال الدين لم يعد يرفض الدخول في المعترك السياسي و لم يعد يأنف مزاولة الممارسة السياسية بحدود معينة و لكنه يكتفي بالإشراف، و لذلك من هنا نجد التقاطع في التوجه بين الشيخ عيسى فاسم و بين هذا الاتجاه.

في اعتقادي أن هذه المآخذات الموضوعية حول مشروع الشيخ عيسى قاسم و توجهاته السياسية و الدينية فتحت المجال أمام شرائح تتسع شيئا فشيئا من المجتمع البحريني خاصة الجيل الجديد في تجاوز "المارد العلمائي" لأن التحدي الأكبر في البحرين لا يكمن في أسلمة النظام بقدر ما يتمثل في محاولة استعادة الديموقراطية و تشكيل مناخ من الحريات على كافة المستويات.. نحن أمام جيل جديد متيقظ و متنبه بدأ يتمرد بشكل أو بآخر و بدأ يتصدى في مجابهة التحديات و الأزمات التي تعصف به، و ذلك بروح شفافة فطرية تستلهم الحق من منبعه دون الحاجة لمفاتيح "جنة الفقهاء"!






#نذير_الماجد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عاشوراء: موسم المنابر و حصاد الوجاهة!
- التحية إلى روح بينظير بوتو
- نحو رؤية جديدة للزواج
- الإسلاموية و فوبيا التجديد!
- أحاديث في الحب
- فتاة القطيف: قضية فتاة أم وطن!
- الفن ليس محظورا منذ الآن «2»
- العمامة الفاخرة و -الناصح المشفق-
- الفن ليس محظورا منذ الآن!
- عمامة برجوازية في باريس!
- ثقافة النقد و نقد الثقافة
- الممارسة الدينية بين التكليف و التجربة
- --تأملات حول التشيع السلفي-
- المرأة الاكثر تأثرا من الاستبداد في السعودية


المزيد.....




- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نذير الماجد - الاسلاميون في البحرين و مفاتيح جنة الفقهاء!