أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - عزيز الدفاعي - كركوك وديعة....... ام خديعه؟!















المزيد.....



كركوك وديعة....... ام خديعه؟!


عزيز الدفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 2390 - 2008 / 8 / 31 - 06:45
المحور: القضية الكردية
    



الجزء الثالث
(نحن نرغب في استمرار لهيب التمرد الكردي في العراق شريطة ان لا يتحول هذا اللهيب الى حريق كبير )محمد رضا بهلوي

د.عزيز الدفاعي
[email protected]


الشرق الاوسط قلب الدنيا .....وبلاد الرافدين ضميرها ...ولازال المؤرخون والمفكرون مندهشين لسبب اختيار الله لهذه البقعة من الارض دون غيرها لتكون مهبط للانبياء والرسل والديانات السماوية الثلاث .
لعل مايميز الصراعات والحروب في هذه البقعة ان قادتها يصرون دائما على انهم ينفذون قدرا الهياً حين يمسكون بالسلاح باليد اليمنى... والكتاب المقدس باليد اليسرى .......ولهذا السبب فان الصراعات تتسم بالدموية ....ولا تكون لها نهاية .!

شعوب هذا الجزء من العالم يؤمنون جميعا بان الدين لله .......الا انهم متفقون بنفس الدرجة على ان الارض ليست للجميع...! خاصة عندما تكون تلك الارض طافحة بالنفط .... وهنا لايتحقق أي نوع من السلام الا ذلك الذي تفرضه قوة السلاح لا قوة العدل والتفاهم... لذا يكون سلاما يخبئ تحت جلده الاحقاد والضغائن .
لقد اتسمت العلاقة بين صدام حسين (مهندس السلام )والملا مصطفى البرزاني بهذا النوع من الريبة وعدم الثقة .....و كركوك لم تكن القشة التي قصمت ظهر البعير ولكنها المقصلة التي انهارت بعنف لتجعل كلا القائدين يفكر ليل نهار للانقضاض على خصمه اللدود لاازاحته من اللعبة باي ثمن كان .
شكلت العلاقة بين (القائد- المكان ) عنصرا جوهريا في تطورات القضية الكردية اغفله الكثير من الباحثين .فمشروع الدولة الكردية بحكم الاختناق الخارجي للجغرافية التي جعلت الدولة الاتاتوركية والفارسية تمارس نوعا من القمع والتغييب القومي المفرط ضد الاكراد في كلا البلدين جعل من كركوك محورا اساسيا في المشروع المستقبلي الجاذبي والمحرض لملايين الاكراد في العراق .وبالتالي فان المطالبة بها تنبع من حاجة هذه الدولة المستقبلية الى موارد مالية كبيرة سيجعل من استخدام السجلات العثمانية والاحصائات مسألة غاية في الحساسية ستقود حتما الى التصادم والاضطراب المستمر مع المركز مادامت الدولة العراقية منذ التأسيس قد اخذت وجها قوميا .
لولا نار كركوك ووهج حرائقها ربما ما اضطر البعثيون للتوقيع على اتفاقية 11-اذار عام 1970 وهذا امر افتراضي فقبل عام من ذلك التأريخ تعرضت مصافي النفط في كركوك لهجوم واسع شنه المقاتلون الاكراد وادى الى تدمير عشر وحدات من الاثني عشر وحدة خاصة بالتصفية التي كانت تجهز مصفاة بانياس السورية وطرابلس اللبنانية بالنفط .
وقد كشفت صحيفة( الديلي تلغراف) البريطانية في 11-اذار 1969ان العراقيين وبناءا على معلومات دقيقة يتهمون ايران ودولة اخرى (صديقة)للاكراد بالوقوف وراء هذه العملية, وبعد حوالي عشرة اسابيع أي في ايار من نفس العام نشرت جريدة( الساندي تايمز)تقريرا مفصلا بقلم (جون كيلر اكن) اكد فيه هذه المعلومات وكشف عن اسم الضباط الذين قاموا بتنفيذ هذه العملية التي سقط فيها المئات من الجنود العراقيين الذين حاولوا صد الهجوم على مصافي كركوك .وبلغت خسائر المصفاة عشرة ملاين جنه استرليني واوقفت المحطة عن العمل لعدة اسابيع .
بعدها طلب البرزاني من البكر وعدا بتنفيذ اقتراح رئيس الوزراء الاسبق عبد الرحمن البزاز عام 1966 محذرا من ان مقاتليه لن يتورعوا عن العودة مجددا لمهاجمة حقول النفط في كركوك مالم يتم تخصيص قسم من عوائدها لتطوير كردستان التي كانت تعاني من حالة تدهور اقتصادي بسبب استمرار الجيش العراقي في حرق الاراضي الزراعية كلما اندلع القتال بين الطرفين .
كان الهدف من هذه العملية الضغط على الدول المالكة لشركة نفط العراق لاجبارها على دفع اموال للبرزاني مقابل عدم تكرار قصف كركوك اضافة الى انهاك الاقتصاد العراقي واضعاف قدرته على تمويل الحرب ضد الاكراد فيما يتمثل الهدف الثالث بجذب الاهتمام العالمي بالقضية الكردية .
لابد من الاعتراف هنا ان القيادة العراقية انذاك تشكلت من قادة عسكريين كبار كانت لهم خبرة سابقة في التعامل مع الملف الكردي مثل الرئيس البكر ونائبيه حردان وعماش فيما ضمت ايضا قادة الانقلاب الامنيين وهم صدام حسين وسعدون شاكر وناظم كزار الذين بدأو بتسلم هذه الملفات دون خبرة مسبقة. ومن هنا فأن رؤية (مجلس قيادة الثورة)كانت متباينة وغير متجانسة ازاء كيفية التعامل مع الملف الكردي .
لقد اراد صدام حسين استغلال الملف الكردي في تلك المرحلة التي دشنت ظهوره الصاعد على ساحة الحزب والدولة لابراز حضوره كقيادي بارع قادر على حسم صراع دموي يمتد لعشرات السنين مع الاكراد انهك الدولة والجيش العراقي رغم انه كان ممسكا في ذات الوقت بملف الحدود الكويتية وغالبا مااسر للمقربين منه غضبه الشديد على موقف البكر وعماش عام 1963 متهما اياهم بالاعتراف بالكويت مقابل 30مليون دولار .
بين حلم ضم الكويت.... ومخاطر التفريط بكركوك ...يواجه الطموح القيادي وسط صقور الانقلاب اشكاليات كبرى وحساسية مفرطة بسبب التصادم بين القائدين العربي والكردي وكان على البرزاني استحضار هذا التحدي في علاقته مع بغداد خلال اصراره على تطبيق المادة 14 من الاتفاقية ذات الصلة بكركوك.وتمسكه بمبدأ كل شيء او لاشيء الذي اثبت في النهاية خطورة ووعورة الطريق الذي اختطه قائد الحركة الكردية في تعامله مع خصم مراوغ وشرس لايتورع عن القيام بأي شيء من اجل الفوز باللعبة .

يشير قياديون بعثيون منشقون ان ناظم كزار وسعدون شاكر وصدام حسين الذين اداروا الملف الامني بحزم ودموية وقسوة خشية تكرار تجربة عام 1963 كانوا يعيشون دوما هاجس المؤامرة وقد اصبحوا اكثر حذرا بعد ابعاد النايف والداوود رجلي المخابرات البريطانية في العراق, ونجح السوفيت مبكرا في كسب ثقة القيادة العراقية بعدما كشفوا خلايا تجسس ايرانية واسرائيلية في بغداد والبصرة والموصل أضاف لها الانقلابيون اسماء من يشكون بولائهم الداخلي فتم اعدامهم تحت نصب جواد سليم .....نصب الحرية !!!
حدد البرزاني في المقابلة التي اجراها معه جواد الامير مراسل جريدة (اللوموند)الفرنسية حدود كردستان بالسليمانية واربيل ودهوك واصر على كركوك مسهبا في الحديث عن اهميتها وكرديتها, اضافة الى المناطق التي تسكنها غالبية كردية في الموصل وديالى, ووصف البكر والبعثيين بأنهم ذئاب لايستطيع التفاوض معهم او الجلوس الى مائدة المفاوضات والتوقيع على أي اتفاق معهم .
لا احد يستطيع الجزم حتى هذه اللحظة فيما اذا كان صدام وراء محاولة اغتيال ادريس البرزاني الذي سرب له مجهولون وجود مخطط لاغتياله قبل يوم من تنفيذ العملية حيث هرب سرا قبل ان يبزغ الفجر وفي الصباح اطلق مجهولون عيارات نارية من اسلحة رشاشة على السيارة التي كان البكر قد اهداها له .
ان عملية اغتيال الملا مصطفى البرزاني عام 1971 لازالت حتى هذه اللحظة لغزا محيرا حيث لم نعثر على أي وثيقة او كتاب يعيننا في كشف اسرارها .
فهل كانت من تدبير مشترك بين صدام حسين وناظم كزار؟ام ان الاخير هو الذي دبرها لاجهاض اتفاق اذار والنيل من صدام حسين بعد ان شعر كزار بتنامي قوته حين اصدر اوامره بتصفية عشارات الالاف من الشيوعيين والبعثيين الموالين لدمشق .
لعل البيان الذي اصدره ناظم كزار عشية محاولته الانقلابية عام 1973 للاستحواذ على السلطة وتصفية البكر وصدام والذي حمل فيه بشدة على حكم التكريتيين وما وصفه بالتنازلات التي قدمت للاكراد مايزيد من الشكوك في ان يكون هو وراء محاولة اغتيال البرزاني .لذلك ارسل صدام حسين الدكتور احمد عبد الستار الجواري للاطمأنان على سلامة البرزاني ولكي يضمن عدم فشل بيان اذار الذي يعني فشلا شخصيا له.
ثم عاد فارسل وزير التعليم الدكتور احمد عبد السلام عبد القادر مبعوثا الى الزعيم الكردي في 13 تشرين الاول- اكتوبر 1971 ليوضح له ان( السيد النائب)منهمك منذ اشهر لمعرفة هوية الجهة التي دبرت حادث الاغتيال وقد سبق للقيادة القطرية لحزب البعث ان اصدرت بيانا القت فيه المسؤلية على من اسمتهم بعملاء الامبريالية بانهم يقفون وراء حادث الاغتيال لنسف اتفاق اذار .
قال البرزاني :ان هذه الحقيقة دليل على مدى شهامة السيد النائب وكدليل على مشاعري الصادقه تجاهه ارجو ان تسلم له هذه الهدية مني وهي نسخة نادرة وقديمة من تفسير القران الكريم. كانت الهدية مغلفة بورق رسمت عليه حروف عربية .
حين قدم الوزير الهدية ووضعها على طاولة صدام حسين قائلا: هذه هدية من البرزاني انها نسخة نادرة من تفسير القران ارسلها اليك .....!!
اتقدت عينا صدام بالحذر والتوجس وطلب من الوزير ان يفتحها بنفسه قائلا: الا تظن ان البرزاني ....وقبل ان يكمل كلامه انفجرت الهدية واندفع الحرس الى المكتب واطلقوا النار فورا على الوزير .
في 15-تموز 1972 اجرى مراسل لوكالة الانباء العراقية مقابلة مع البرزاني وادار مسجله وبدا الحوار لكن احد الحراس شك في حركة غريبة قام بها هذا الصحفي فأستأذن من البرزاني وكانت شكوكه في محلها حيث اعترف الصحفي بانه كلف بمهمة اغتيال الملا مصطفى البرزاني بناءا على اوامر من وزير الداخلية ومدير الامن العامة .

لقد اتسمت العلاقة بين صدام حسين والملا مصطفى البرزاني بانها كانت نوعا من التحدي بين رجلين اتسم كل منهما بالشدة وقوة الشكيمة والعناد والاصرار وهو مازاد من تعقيدات الحوار بينهما.
في كل مرة تشتعل فيها الحرب في كردستان كان امام بغداد خيارين وهما اما التفاوض مع الاكراد او مع ايران وكانت الحكومة تميل دائما الى التفاهم مع طهران بهدف تجفيف منابع التمرد .

تقول الباحثة عفرة بنجور التي انجزت العديد من الدراسات عن الحركة الكردية ان اتفاق اذار كان بمثابة تحدي لايران وتركيا وسوريا التي كانت تخشى دائما من المطالب الكردية على اراضيها ولذلك فان هذه الدول قد استخدمت الجغرافية والدين والمياه للتاثير بقوة على جميع التفاهمات بين الاكراد والحكومة العراقية .
لقد ادرك البرزاني منذ فترة مبكرة ان صدام حسين قد لجا الى اسلوب احتواء مقررات اذار الجوهرية منها رغم المكاسب الاخرى ذات الصلة بتأسيس الجامعات والمجلس التشريعي الكردستاني وحرية الاعلام وتدريس اللغة الكردية في المدارس العربية وغيرها الا انه في مقابل ذلك بدا بخطة تسفير منظمة للاكراد والتركمان من كركوك ولجأ لاحقا الى استمالة عدد من القيادات الكردية بهدف احداث انشقاق في قيادة الحركة حيث قرب اليه عبيد الله البرزاني وابن شقيق البرزاني الشيخ احمد اضافة الى ضباط وقادة سياسيين من امثال هاشم عقراوي وعزيز عقراوي وعبد الستار طاهر شريف وغيرهم .
كان البرزاني يتطلع دوما الى دور امريكي لدعم قضية شعبه لانه كان يدرك طبيعة ودوافع الدعم الايراني المحدود لهم وقد بعث في الثاني من شباط عام 1972 رسالة الى وزير الدفاع في احدى الدول الشرق اوسطية قال فيها :لاشك انك مطلع على الموقف الامريكي تجاه القضية الكردية ومكانة هذه القضية في السياسة الامريكية في الشرق الاوسط وللاسف البالغ فأن هذه السياسة لم تتغير ولا اتوقع ان يطرا عليها تغير كبير .
في تلك الفترة دخل السيوفيت بقوة على خطوط الطول والعرض في السياسة الخارجية العراقية حينما كانوا يستعدون للتوقيع على اتفاقية صداقة وتعاون استراتيجي مع بغداد التي وجدت نفسها بحاجة الى حليف دولي لدعم مشروعها السياسي القومي خاصة وانها كانت في مرحلة مفاوضات مع شركات النفط الغربية التي اممت اسهمها في النفط العراقي في حزيران من نفس العام .

وقد ارسل السوفيت وفودا كثيرة للبرزاني وطلبوا من قادة الحزب الشيوعي العراقي ايضا اقناعه بالتفاهم مع بغداد وانهاء التمرد الذي سيقوض هذه الاتفاقية وقد رغب البرزاني الاطلاع عليها قبل توقيعها لكن موسكو رفضت ذلك وتم التوقيع على اتفاقية الصداقة والتعاون الاستراتيجي بين الاتحاد السوفيتي والعراق في 9-نيسان ابريل 1972 ووعد القادة السوفيت بعرض المطالب الكردية امام بغداد لكن ذلك لم يسفر عن أي نتيجة بسبب عقدة كركوك بالدرجة الاولى حينها اعتبر البرزاني بان هذه الاتفاقية تأتي على حساب شعبه مبديا مخاوفه من الدعم العسكري السوفيتي الهائل الذي سيستخدم بالدرجة الاولى ضد الاكراد مثلما تصور .
اعتقد القادة الاكراد ان التوجهات السوفيتية ترمي الى اضعاف قوتهم واجهاض نضالهم لكن لم يكن يدور بخلدهم ان دخول السوفيت على الخط سيجلب معه ايضا تدخل امريكيا, طالما حلموا به , في ظل الحرب البارده ,وقد فسرت تلك الاتفاقية في واشنطن على انها محاولة من الكرملين لتطويق ايران اهم قواعدهم بالمنطقة.
ان هنري كسنجر يروي في كتابه(سنواتي في البيت الابيض)ان ايران جعلت الصداقة مع الولايات المتحدة الامريكية بمثابة مجال حيوي للتعبير عن سياستنا الخارجية حيث تواءمت نظرة الشاه مع الامريكيين دوما. وامرت وزارة الدفاع الامريكية بمنح طهران كل ما تحتاجه من سلاح كرد فعل على تدفق السلاح السوفيتي على بغداد .
خلال المباحثات التي بدات بين واشنطن وطهران تردد الامريكيون في البداية في دعم الاكراد خشية من ردود الفعل العربية التي كانت ستتهمهم بدعم اقلية متمردة وهو ماسيهيء للاتحاد السوفيتي فرصة لمهاجمة السياسة الامريكية وايغال صدور السعودية وباقي الدول المنتجة للنفط على السياسة الامريكية ويخلق مشاكل لاسرائيل وايران .
ويشير كسنجر ان سفير بلاده في طهران انذاك عارض بشدة تقديم الدعم للاكراد .لكن لم يمضي شهران حتى وافق الرئيس نيكسون على التعاون مع الشاه لمنح الدعم والتأييد العسكري والسياسي للاكراد لاعلان الحكم الذاتي وتقديم الاسلحة لهم واشار (ان مثل هذه المساعدات من شأنها ان توجه الى العراقيين ضربة شديدة دون الدخول معهم في حرب مباشرة ).

وارسل نيكسون مبعوثه جون كونولي لابلاغ الشاه بأستجابة البيت الابيض لسياسة دعم الاكراد.
في حزيران 1972 توجه وفد كردي لمقابلة الشاه وخرج البرزاني مسرورا بعد هذه المقابلة .وقد كشف الصحفي الامريكي وليام سافير المحرر في (النيويورك تايمز) في مقال له عام1977 ان الوفد الكردي قابل في واشنطن ريجارد هلمس مدير CIA ومساعد كسنجر ريتشارد كندي حيث تلقوا وعدا بالحصول على اسلحة من الغنائم السوفيتية بما قيمته 5ملايين دولار. وعندما عادوا الى طهران وعدهم الشاه بأنه سيقوم بتزويدهم بنفسه بهذه الاموال اذا اخلف الامريكون او تلكئوا.
شجعت المساعدات الامريكية البرزاني على كشف ماهو خفي ولم يتردد الامريكيون عن ذلك بعد ان طلبوا منه في البداية ان يكون تعاونهم سريا وعبر شاه ايران. ففي مقابلة مع جريدة (الواشنطن بوست) في 22-حزيران يونيو 1973 طلب البرزاني من الولايات المتحدة ان تقدم مزيدا من المساعدة العسكرية والدعم السياسي والانساني للقضية الكردية ..ومع اشتعال المعارك مع القوات النظامية تزايدت الامال امامه بعد ان اطمأن لدعم القوة العظمى والرهان على مساندتها لمشروعه القومي حيث قال (اذا كانت المساعدات الامريكية كبيرة بمافيه الكفاية فسنتمكن من استعادة كركوك وتسليم ادارتها الى شركة امريكية )!!
عندما قدم السكرتير الصحفي لصدام حسين ترجمة لهذه المقابلة مع قائد الحركة الكردية انتابته نوبة غضب شديد وسارع الى التصريح فورا عبر وكالات الانباء قائلا بأن على الجميع ان يدركوا ان هذا الوطن سيبقى ابد الابدين موحدا في اطار حدوده الحالية ولن نفرط بشبر منه مهما كان الثمن واضاف (لو ان يدي اليمنى هي التي ستوقع على التنازل عن كركوك فانني سأقطعها دون رحمة )!!!.
كان نائب الرئيس العراقي يدرك حراجة الموقف الذي يواجهه الانقلابيون بعد عملية تأميم النفط وتشديد الحصار الامريكي البريطاني على صادرات النفط العراقية وعدما اندلعت حرب تشرين عام 1973 فان الملا مصطفى البرزاني بفطنته السياسية فرض هدنة من جانبه في كردستان تعبيرا عن تضامنه مع الدول العربية التي سبق لمبعوثه جلال الطلباني زيارتها قبل عدة سنوات وبعث رسالة للبكر يبلغه فيها بأستعداده لاستئناف الحوار معه مضحيا بعلاقته مع اصدقائه الذين قدموا له الدعم السري على مدى سنوات طويلة .
يشير اسد الله غلام رئيس البلاط الشا هنشاهي في كتابه عن تفاصيل تلك الفترة الحرجة ان ريتشارد هلمس وهنري كسنجر كانا متفقين على عدم الزج بالاكراد في تلك الحرب لاشغال الجيش العراقي وان الشاه قد اقتنع بوجهة نظرهم هذه بعد ان تلقى وعودا من بغداد باعادة النظر في اتفاقية 1937 بشأن شط العرب وانه لن يعرقل توجه الجيش العراقي الى الجبهة السورية والمصرية. مما يطرح امكانية وجود تفاهم سري بينه وبين صدام للتفاهم بشأن شط العرب ربما نكثه صدام بعد انتهاء تلك الحرب التي سمحت بارسال اغلب سلاح الجو العراقي وثلثي القوات المدرعة وخمس الوحدات البرية الى جبهة القتال ضد اسرائيل وهو مالم يكن ليتحقق دون ضمانات ايرانية وموافقة كردية كان يفترض ان تثير مخاوف الاكراد وحذرهم وتوجسهم بشأن حقيقة نوايا كل من طهران وواشنطن,وعلى اية حال فأن هذا الموقف المبدئي والاخلاقي للملا مصطفى البرزاني خلال تلك الحرب لم يثمن من قبل كثير من الساسة والكتاب العراقيين .

يشير عراب السياسة الامريكية كسنجر الى ان القرار الخاص بمنع الاكراد من شن الحرب على العراقيين خلال حرب تشرين اكتوبر 1973 تم في ضوء اتفاق الاراء بين وكالة المخابرات المركزية والسافاك الايراني لاعتقادهم بأن الاكراد كانوا سيهزمون وكان الهدف الوحيد هو تحييد فرقتين عراقيتين في الشمال. وقد دافع البرزاني عن موقفه انذاك مشيرا الى ان التحرك الكردي كان رهينا بالموقف الايراني ,واصيب الشاه بالخيبة لانه توقع ان تقوم اسرائيل بسحق الجيوش العربية وبضمنها الجيش العراقي خلال ايام على غرار مافعلته عام 1967 وهو مايصفه الجنرال موشيه باركوخيه الذي قاد الحرب ضد القوات العراقية والسورية في الجولان قائلا( كانوا يتصورون اننا سنقلب الدنيا خلال الحرب رأسا على عقب وسرعان ما اتضح لهم اننا لسنا اسودا مثلما كانوا يتصورون ).
يفسر الدكتور محمود عثمان هذا الامر في مقابلة مع جريدة (اللوموند )الفرنسية في 14-نيسان-ابريل 1974 بقوله:- لو ان الاكراد شنوا هجوما شاملا على القوات العراقية انذاك لظهروا وكانهم على استعداد لطعن الامة العربية في الظهر .
في تلك الفترة سعى صدام حسين الى فرض شروطه وتفسيره الاحادي على اتفاق اذار وحسم قضية كركوك نهائيا وكان هناك قناعة لدى البكر بأن بغداد بامكانها سحق التمرد الكردي بعد ان ارتفع تعداد الجيش العراقي الى اكثر من 85 الف مقاتل مزودين باحدث الاسلحة السوفيتية ووصلت معلومات استخبارية للبرزاني تؤكد بان الجيش العراقي حصل على اسلحة كيمياوية من السوفيت يعتزم استخدمها ضد الاكراد, وترسخت قناعة لدى عدد من القادة الاكراد البارزين ان الشاه لايؤيد اقامة حكم ذاتي في كردستان العراق وان هدفه فقط استخدامهم لانهاك العراقيين وإضعافهم ليرضخوا امام مطاليبه لكن البرزاني تصور ان واشنطن قد يكون لها رأي مخالف وصدق وعود مبعوث CIA الذي ابلغه (ان الادراة الامريكية تؤيد طموحاتكم المشروعة وانها جاهزة لمساندتكم ضد بغداد ).
لم يكن البرزاني مطلعا على المباحثات السرية بين بغداد وطهران التي بدات عام 1972 وشهدت جولة اخرى في نيسان ابريل 1973 دون ان يتمكن الطرفان من احراز تقدم خاصة بعد ان ازدادت حدة المعارك في كردستان, وتباطأت شحنات العتاد والسلاح السوفيتي لبغداد, وسقط عشرات الالاف من كلا الجانبين في حرب عصابات لم يعتد على خوضها الجيش العراقي بمثل تلك الشراسة والدموية.
وتدخلت اطراف عربية ودولية بين طهران وبغداد.... وقبل صدام شروط شاه ايران وتعهده بوقف دعم التمرد ومنع الاكراد من الحصول على كركوك.
ودفع الاكراد الثمن غاليا بين حسابات الشاه وحسابات نيكسون وحسابات صدام حسين الى درجة ان الشاه هدد البرزاني في طهران بضرورة القاء الاكراد لسلاحهم والا فانه هو الذي سيشن عليهم الحرب هذه المرة .

ربما يكون الدكتور محمود عثمان الذي قابل مع البرزاني وشفيق القزاز محمد رضا بهلوي في 11 اذار مارس 1975 افضل شخصية تكشف الحوار الذي دار بينه وبين شاه ايران ووصف مشاعر الخيبة والاحباط الذي وجد الاكراد انفسهم في مواجهتها.

كان عليهم اما الهروب الى ايران او الاستسلام للقوات العراقية او القتال حتى الموت وقد شعروا بان احلامهم قد تبددت.... حينها صرح البرزاني بان المعركة قد انتهت وقد غادر جنوده دون ان يهزموا في ساحة المعركة ولكنهم هزموا في الساحة السياسية
لقد القى قائد الحركة الكردية اللوم تارة على الروس وتارة على السياسة العالمية واخرى على شاه ايران, وقد جرت ثلاث محاولات فاشلة لاغتياله خلال اقامته في طهران .
كان الرجل في الثانية والسبعين من عمره عندما قابل الشاه ولم يكن يتصور كيف يمكن ان يتواصل نظال الاكراد بدون قيادته, وقد فرض عليه الايرانيون عزلة تامة وعندما وصل الى نيويورك للعلاج من مرض السرطان الذي اصيب به منع من مقابلة الصحفيين ولم يتمكن ابدا من لقاء كسنجر حتى وفاته في اذار عام 1979وهو جالس على كرسي متحرك لتنتهي اسطورة اكبر قائد قومي في الشرق الاوسط اجبر حتى اللد اعدائه على رفع قبعته تحية له.

ان صحفيين بارزين كان لهم صلات بالدوائر العليا في بلادهم ابدوا اعجابهم الشديد بالبرزاني مثل شميدت من جريدت نيويورك تايمز وديفد ادمسن من جريدة الواشنطن بوست وايريك رولو من صحيفة اللوموند وبريماكوف مسئول المخابرات السوفيتية في المنطقة انذاك .
نقل رفات البرزاني الى طهران ودفن في قرية اشتوبية الكردية الحدودية وشيع جثمانه نصف مليون كردي, وفي عام 1993 تم نقل رفاته الى قريته في كردستان العراقية .
في السنوات اللاحقة احكمت السلطة المركزية قبضتها الحديدية على العراق وبضمنه كردستان ووضع صدام حسين خطة طويلة الامد للحيلولة دون ضم كركوك الى الاقليم حيث وزعت استمارات على جميع سكانها تحمل سؤالا واحدا (هل انت عربي ام كردي ؟).
عيّن صدام ثلاثة وزراء اكراد في الحكومة ومنح عبيد الله البرزاني درجة وزير وعضو في اول برلمان حال اعلان الحرب على ايران في ايلول –سبتمبر-1980 بعد الغائه لاتفاقية الجزائر لتصحيح خطأه القاتل الذي برره بانقاذ كركوك من السقوط بأيدي البرزاني.

لم تمضي ايام قليلة حتى استدعى عبيد الله البرزاني لمقابلة الرئيس صدام حسين منتصف الليل ... لم يعد بعدها ابدا... ولم يكن حظ شقيقه لقمان افضل منه كما تم تصفية محمد حبيب كريم وهو من اكثر المقربين للملا مصطفى البرزاني ,هؤلاء جميعا لقوا نهاية تراجيدية لانهم لم يصغوا لنصائح قائد الحركة الذي تنبأ خلال مقابلة اجراها معه مراسل جريدة (الفيغارو)الفرنسية في كانون الاول ديسمبر 1972 ان يقوم صدام بتصفية قادة الانقلاب و بضمنهم احمد حسن البكر لكن ابنائه والمقربين منه ومن بينهم ادريس لم يصغوا كثيرا لنصائحه الا بعد فوات الاوان.
طويت صفحة مريرة من تأريخ العراق ....لتفتح صفحة اخرى لا تقل عنها دراماتيكية ودموية ووحشية .

(يتبع الجزء الرابع ).
بخارست



كركوك وديعة....... ام خديعه؟!
الجزء الثالث
(نحن نرغب في استمرار لهيب التمرد الكردي في العراق شريطة ان لا يتحول هذا اللهيب الى حريق كبير )محمد رضا بهلوي

د.عزيز الدفاعي
[email protected]


الشرق الاوسط قلب الدنيا .....وبلاد الرافدين ضميرها ...ولازال المؤرخون والمفكرون مندهشين لسبب اختيار الله لهذه البقعة من الارض دون غيرها لتكون مهبط للانبياء والرسل والديانات السماوية الثلاث .
لعل مايميز الصراعات والحروب في هذه البقعة ان قادتها يصرون دائما على انهم ينفذون قدرا الهياً حين يمسكون بالسلاح باليد اليمنى... والكتاب المقدس باليد اليسرى .......ولهذا السبب فان الصراعات تتسم بالدموية ....ولا تكون لها نهاية .!

شعوب هذا الجزء من العالم يؤمنون جميعا بان الدين لله .......الا انهم متفقون بنفس الدرجة على ان الارض ليست للجميع...! خاصة عندما تكون تلك الارض طافحة بالنفط .... وهنا لايتحقق أي نوع من السلام الا ذلك الذي تفرضه قوة السلاح لا قوة العدل والتفاهم... لذا يكون سلاما يخبئ تحت جلده الاحقاد والضغائن .
لقد اتسمت العلاقة بين صدام حسين (مهندس السلام )والملا مصطفى البرزاني بهذا النوع من الريبة وعدم الثقة .....و كركوك لم تكن القشة التي قصمت ظهر البعير ولكنها المقصلة التي انهارت بعنف لتجعل كلا القائدين يفكر ليل نهار للانقضاض على خصمه اللدود لاازاحته من اللعبة باي ثمن كان .
شكلت العلاقة بين (القائد- المكان ) عنصرا جوهريا في تطورات القضية الكردية اغفله الكثير من الباحثين .فمشروع الدولة الكردية بحكم الاختناق الخارجي للجغرافية التي جعلت الدولة الاتاتوركية والفارسية تمارس نوعا من القمع والتغييب القومي المفرط ضد الاكراد في كلا البلدين جعل من كركوك محورا اساسيا في المشروع المستقبلي الجاذبي والمحرض لملايين الاكراد في العراق .وبالتالي فان المطالبة بها تنبع من حاجة هذه الدولة المستقبلية الى موارد مالية كبيرة سيجعل من استخدام السجلات العثمانية والاحصائات مسألة غاية في الحساسية ستقود حتما الى التصادم والاضطراب المستمر مع المركز مادامت الدولة العراقية منذ التأسيس قد اخذت وجها قوميا .
لولا نار كركوك ووهج حرائقها ربما ما اضطر البعثيون للتوقيع على اتفاقية 11-اذار عام 1970 وهذا امر افتراضي فقبل عام من ذلك التأريخ تعرضت مصافي النفط في كركوك لهجوم واسع شنه المقاتلون الاكراد وادى الى تدمير عشر وحدات من الاثني عشر وحدة خاصة بالتصفية التي كانت تجهز مصفاة بانياس السورية وطرابلس اللبنانية بالنفط .
وقد كشفت صحيفة( الديلي تلغراف) البريطانية في 11-اذار 1969ان العراقيين وبناءا على معلومات دقيقة يتهمون ايران ودولة اخرى (صديقة)للاكراد بالوقوف وراء هذه العملية, وبعد حوالي عشرة اسابيع أي في ايار من نفس العام نشرت جريدة( الساندي تايمز)تقريرا مفصلا بقلم (جون كيلر اكن) اكد فيه هذه المعلومات وكشف عن اسم الضباط الذين قاموا بتنفيذ هذه العملية التي سقط فيها المئات من الجنود العراقيين الذين حاولوا صد الهجوم على مصافي كركوك .وبلغت خسائر المصفاة عشرة ملاين جنه استرليني واوقفت المحطة عن العمل لعدة اسابيع .
بعدها طلب البرزاني من البكر وعدا بتنفيذ اقتراح رئيس الوزراء الاسبق عبد الرحمن البزاز عام 1966 محذرا من ان مقاتليه لن يتورعوا عن العودة مجددا لمهاجمة حقول النفط في كركوك مالم يتم تخصيص قسم من عوائدها لتطوير كردستان التي كانت تعاني من حالة تدهور اقتصادي بسبب استمرار الجيش العراقي في حرق الاراضي الزراعية كلما اندلع القتال بين الطرفين .
كان الهدف من هذه العملية الضغط على الدول المالكة لشركة نفط العراق لاجبارها على دفع اموال للبرزاني مقابل عدم تكرار قصف كركوك اضافة الى انهاك الاقتصاد العراقي واضعاف قدرته على تمويل الحرب ضد الاكراد فيما يتمثل الهدف الثالث بجذب الاهتمام العالمي بالقضية الكردية .
لابد من الاعتراف هنا ان القيادة العراقية انذاك تشكلت من قادة عسكريين كبار كانت لهم خبرة سابقة في التعامل مع الملف الكردي مثل الرئيس البكر ونائبيه حردان وعماش فيما ضمت ايضا قادة الانقلاب الامنيين وهم صدام حسين وسعدون شاكر وناظم كزار الذين بدأو بتسلم هذه الملفات دون خبرة مسبقة. ومن هنا فأن رؤية (مجلس قيادة الثورة)كانت متباينة وغير متجانسة ازاء كيفية التعامل مع الملف الكردي .
لقد اراد صدام حسين استغلال الملف الكردي في تلك المرحلة التي دشنت ظهوره الصاعد على ساحة الحزب والدولة لابراز حضوره كقيادي بارع قادر على حسم صراع دموي يمتد لعشرات السنين مع الاكراد انهك الدولة والجيش العراقي رغم انه كان ممسكا في ذات الوقت بملف الحدود الكويتية وغالبا مااسر للمقربين منه غضبه الشديد على موقف البكر وعماش عام 1963 متهما اياهم بالاعتراف بالكويت مقابل 30مليون دولار .
بين حلم ضم الكويت.... ومخاطر التفريط بكركوك ...يواجه الطموح القيادي وسط صقور الانقلاب اشكاليات كبرى وحساسية مفرطة بسبب التصادم بين القائدين العربي والكردي وكان على البرزاني استحضار هذا التحدي في علاقته مع بغداد خلال اصراره على تطبيق المادة 14 من الاتفاقية ذات الصلة بكركوك.وتمسكه بمبدأ كل شيء او لاشيء الذي اثبت في النهاية خطورة ووعورة الطريق الذي اختطه قائد الحركة الكردية في تعامله مع خصم مراوغ وشرس لايتورع عن القيام بأي شيء من اجل الفوز باللعبة .

يشير قياديون بعثيون منشقون ان ناظم كزار وسعدون شاكر وصدام حسين الذين اداروا الملف الامني بحزم ودموية وقسوة خشية تكرار تجربة عام 1963 كانوا يعيشون دوما هاجس المؤامرة وقد اصبحوا اكثر حذرا بعد ابعاد النايف والداوود رجلي المخابرات البريطانية في العراق, ونجح السوفيت مبكرا في كسب ثقة القيادة العراقية بعدما كشفوا خلايا تجسس ايرانية واسرائيلية في بغداد والبصرة والموصل أضاف لها الانقلابيون اسماء من يشكون بولائهم الداخلي فتم اعدامهم تحت نصب جواد سليم .....نصب الحرية !!!
حدد البرزاني في المقابلة التي اجراها معه جواد الامير مراسل جريدة (اللوموند)الفرنسية حدود كردستان بالسليمانية واربيل ودهوك واصر على كركوك مسهبا في الحديث عن اهميتها وكرديتها, اضافة الى المناطق التي تسكنها غالبية كردية في الموصل وديالى, ووصف البكر والبعثيين بأنهم ذئاب لايستطيع التفاوض معهم او الجلوس الى مائدة المفاوضات والتوقيع على أي اتفاق معهم .
لا احد يستطيع الجزم حتى هذه اللحظة فيما اذا كان صدام وراء محاولة اغتيال ادريس البرزاني الذي سرب له مجهولون وجود مخطط لاغتياله قبل يوم من تنفيذ العملية حيث هرب سرا قبل ان يبزغ الفجر وفي الصباح اطلق مجهولون عيارات نارية من اسلحة رشاشة على السيارة التي كان البكر قد اهداها له .
ان عملية اغتيال الملا مصطفى البرزاني عام 1971 لازالت حتى هذه اللحظة لغزا محيرا حيث لم نعثر على أي وثيقة او كتاب يعيننا في كشف اسرارها .
فهل كانت من تدبير مشترك بين صدام حسين وناظم كزار؟ام ان الاخير هو الذي دبرها لاجهاض اتفاق اذار والنيل من صدام حسين بعد ان شعر كزار بتنامي قوته حين اصدر اوامره بتصفية عشارات الالاف من الشيوعيين والبعثيين الموالين لدمشق .
لعل البيان الذي اصدره ناظم كزار عشية محاولته الانقلابية عام 1973 للاستحواذ على السلطة وتصفية البكر وصدام والذي حمل فيه بشدة على حكم التكريتيين وما وصفه بالتنازلات التي قدمت للاكراد مايزيد من الشكوك في ان يكون هو وراء محاولة اغتيال البرزاني .لذلك ارسل صدام حسين الدكتور احمد عبد الستار الجواري للاطمأنان على سلامة البرزاني ولكي يضمن عدم فشل بيان اذار الذي يعني فشلا شخصيا له.
ثم عاد فارسل وزير التعليم الدكتور احمد عبد السلام عبد القادر مبعوثا الى الزعيم الكردي في 13 تشرين الاول- اكتوبر 1971 ليوضح له ان( السيد النائب)منهمك منذ اشهر لمعرفة هوية الجهة التي دبرت حادث الاغتيال وقد سبق للقيادة القطرية لحزب البعث ان اصدرت بيانا القت فيه المسؤلية على من اسمتهم بعملاء الامبريالية بانهم يقفون وراء حادث الاغتيال لنسف اتفاق اذار .
قال البرزاني :ان هذه الحقيقة دليل على مدى شهامة السيد النائب وكدليل على مشاعري الصادقه تجاهه ارجو ان تسلم له هذه الهدية مني وهي نسخة نادرة وقديمة من تفسير القران الكريم. كانت الهدية مغلفة بورق رسمت عليه حروف عربية .
حين قدم الوزير الهدية ووضعها على طاولة صدام حسين قائلا: هذه هدية من البرزاني انها نسخة نادرة من تفسير القران ارسلها اليك .....!!
اتقدت عينا صدام بالحذر والتوجس وطلب من الوزير ان يفتحها بنفسه قائلا: الا تظن ان البرزاني ....وقبل ان يكمل كلامه انفجرت الهدية واندفع الحرس الى المكتب واطلقوا النار فورا على الوزير .
في 15-تموز 1972 اجرى مراسل لوكالة الانباء العراقية مقابلة مع البرزاني وادار مسجله وبدا الحوار لكن احد الحراس شك في حركة غريبة قام بها هذا الصحفي فأستأذن من البرزاني وكانت شكوكه في محلها حيث اعترف الصحفي بانه كلف بمهمة اغتيال الملا مصطفى البرزاني بناءا على اوامر من وزير الداخلية ومدير الامن العامة .

لقد اتسمت العلاقة بين صدام حسين والملا مصطفى البرزاني بانها كانت نوعا من التحدي بين رجلين اتسم كل منهما بالشدة وقوة الشكيمة والعناد والاصرار وهو مازاد من تعقيدات الحوار بينهما.
في كل مرة تشتعل فيها الحرب في كردستان كان امام بغداد خيارين وهما اما التفاوض مع الاكراد او مع ايران وكانت الحكومة تميل دائما الى التفاهم مع طهران بهدف تجفيف منابع التمرد .

تقول الباحثة عفرة بنجور التي انجزت العديد من الدراسات عن الحركة الكردية ان اتفاق اذار كان بمثابة تحدي لايران وتركيا وسوريا التي كانت تخشى دائما من المطالب الكردية على اراضيها ولذلك فان هذه الدول قد استخدمت الجغرافية والدين والمياه للتاثير بقوة على جميع التفاهمات بين الاكراد والحكومة العراقية .
لقد ادرك البرزاني منذ فترة مبكرة ان صدام حسين قد لجا الى اسلوب احتواء مقررات اذار الجوهرية منها رغم المكاسب الاخرى ذات الصلة بتأسيس الجامعات والمجلس التشريعي الكردستاني وحرية الاعلام وتدريس اللغة الكردية في المدارس العربية وغيرها الا انه في مقابل ذلك بدا بخطة تسفير منظمة للاكراد والتركمان من كركوك ولجأ لاحقا الى استمالة عدد من القيادات الكردية بهدف احداث انشقاق في قيادة الحركة حيث قرب اليه عبيد الله البرزاني وابن شقيق البرزاني الشيخ احمد اضافة الى ضباط وقادة سياسيين من امثال هاشم عقراوي وعزيز عقراوي وعبد الستار طاهر شريف وغيرهم .
كان البرزاني يتطلع دوما الى دور امريكي لدعم قضية شعبه لانه كان يدرك طبيعة ودوافع الدعم الايراني المحدود لهم وقد بعث في الثاني من شباط عام 1972 رسالة الى وزير الدفاع في احدى الدول الشرق اوسطية قال فيها :لاشك انك مطلع على الموقف الامريكي تجاه القضية الكردية ومكانة هذه القضية في السياسة الامريكية في الشرق الاوسط وللاسف البالغ فأن هذه السياسة لم تتغير ولا اتوقع ان يطرا عليها تغير كبير .
في تلك الفترة دخل السيوفيت بقوة على خطوط الطول والعرض في السياسة الخارجية العراقية حينما كانوا يستعدون للتوقيع على اتفاقية صداقة وتعاون استراتيجي مع بغداد التي وجدت نفسها بحاجة الى حليف دولي لدعم مشروعها السياسي القومي خاصة وانها كانت في مرحلة مفاوضات مع شركات النفط الغربية التي اممت اسهمها في النفط العراقي في حزيران من نفس العام .

وقد ارسل السوفيت وفودا كثيرة للبرزاني وطلبوا من قادة الحزب الشيوعي العراقي ايضا اقناعه بالتفاهم مع بغداد وانهاء التمرد الذي سيقوض هذه الاتفاقية وقد رغب البرزاني الاطلاع عليها قبل توقيعها لكن موسكو رفضت ذلك وتم التوقيع على اتفاقية الصداقة والتعاون الاستراتيجي بين الاتحاد السوفيتي والعراق في 9-نيسان ابريل 1972 ووعد القادة السوفيت بعرض المطالب الكردية امام بغداد لكن ذلك لم يسفر عن أي نتيجة بسبب عقدة كركوك بالدرجة الاولى حينها اعتبر البرزاني بان هذه الاتفاقية تأتي على حساب شعبه مبديا مخاوفه من الدعم العسكري السوفيتي الهائل الذي سيستخدم بالدرجة الاولى ضد الاكراد مثلما تصور .
اعتقد القادة الاكراد ان التوجهات السوفيتية ترمي الى اضعاف قوتهم واجهاض نضالهم لكن لم يكن يدور بخلدهم ان دخول السوفيت على الخط سيجلب معه ايضا تدخل امريكيا, طالما حلموا به , في ظل الحرب البارده ,وقد فسرت تلك الاتفاقية في واشنطن على انها محاولة من الكرملين لتطويق ايران اهم قواعدهم بالمنطقة.
ان هنري كسنجر يروي في كتابه(سنواتي في البيت الابيض)ان ايران جعلت الصداقة مع الولايات المتحدة الامريكية بمثابة مجال حيوي للتعبير عن سياستنا الخارجية حيث تواءمت نظرة الشاه مع الامريكيين دوما. وامرت وزارة الدفاع الامريكية بمنح طهران كل ما تحتاجه من سلاح كرد فعل على تدفق السلاح السوفيتي على بغداد .
خلال المباحثات التي بدات بين واشنطن وطهران تردد الامريكيون في البداية في دعم الاكراد خشية من ردود الفعل العربية التي كانت ستتهمهم بدعم اقلية متمردة وهو ماسيهيء للاتحاد السوفيتي فرصة لمهاجمة السياسة الامريكية وايغال صدور السعودية وباقي الدول المنتجة للنفط على السياسة الامريكية ويخلق مشاكل لاسرائيل وايران .
ويشير كسنجر ان سفير بلاده في طهران انذاك عارض بشدة تقديم الدعم للاكراد .لكن لم يمضي شهران حتى وافق الرئيس نيكسون على التعاون مع الشاه لمنح الدعم والتأييد العسكري والسياسي للاكراد لاعلان الحكم الذاتي وتقديم الاسلحة لهم واشار (ان مثل هذه المساعدات من شأنها ان توجه الى العراقيين ضربة شديدة دون الدخول معهم في حرب مباشرة ).

وارسل نيكسون مبعوثه جون كونولي لابلاغ الشاه بأستجابة البيت الابيض لسياسة دعم الاكراد.
في حزيران 1972 توجه وفد كردي لمقابلة الشاه وخرج البرزاني مسرورا بعد هذه المقابلة .وقد كشف الصحفي الامريكي وليام سافير المحرر في (النيويورك تايمز) في مقال له عام1977 ان الوفد الكردي قابل في واشنطن ريجارد هلمس مدير CIA ومساعد كسنجر ريتشارد كندي حيث تلقوا وعدا بالحصول على اسلحة من الغنائم السوفيتية بما قيمته 5ملايين دولار. وعندما عادوا الى طهران وعدهم الشاه بأنه سيقوم بتزويدهم بنفسه بهذه الاموال اذا اخلف الامريكون او تلكئوا.
شجعت المساعدات الامريكية البرزاني على كشف ماهو خفي ولم يتردد الامريكيون عن ذلك بعد ان طلبوا منه في البداية ان يكون تعاونهم سريا وعبر شاه ايران. ففي مقابلة مع جريدة (الواشنطن بوست) في 22-حزيران يونيو 1973 طلب البرزاني من الولايات المتحدة ان تقدم مزيدا من المساعدة العسكرية والدعم السياسي والانساني للقضية الكردية ..ومع اشتعال المعارك مع القوات النظامية تزايدت الامال امامه بعد ان اطمأن لدعم القوة العظمى والرهان على مساندتها لمشروعه القومي حيث قال (اذا كانت المساعدات الامريكية كبيرة بمافيه الكفاية فسنتمكن من استعادة كركوك وتسليم ادارتها الى شركة امريكية )!!
عندما قدم السكرتير الصحفي لصدام حسين ترجمة لهذه المقابلة مع قائد الحركة الكردية انتابته نوبة غضب شديد وسارع الى التصريح فورا عبر وكالات الانباء قائلا بأن على الجميع ان يدركوا ان هذا الوطن سيبقى ابد الابدين موحدا في اطار حدوده الحالية ولن نفرط بشبر منه مهما كان الثمن واضاف (لو ان يدي اليمنى هي التي ستوقع على التنازل عن كركوك فانني سأقطعها دون رحمة )!!!.
كان نائب الرئيس العراقي يدرك حراجة الموقف الذي يواجهه الانقلابيون بعد عملية تأميم النفط وتشديد الحصار الامريكي البريطاني على صادرات النفط العراقية وعدما اندلعت حرب تشرين عام 1973 فان الملا مصطفى البرزاني بفطنته السياسية فرض هدنة من جانبه في كردستان تعبيرا عن تضامنه مع الدول العربية التي سبق لمبعوثه جلال الطلباني زيارتها قبل عدة سنوات وبعث رسالة للبكر يبلغه فيها بأستعداده لاستئناف الحوار معه مضحيا بعلاقته مع اصدقائه الذين قدموا له الدعم السري على مدى سنوات طويلة .
يشير اسد الله غلام رئيس البلاط الشا هنشاهي في كتابه عن تفاصيل تلك الفترة الحرجة ان ريتشارد هلمس وهنري كسنجر كانا متفقين على عدم الزج بالاكراد في تلك الحرب لاشغال الجيش العراقي وان الشاه قد اقتنع بوجهة نظرهم هذه بعد ان تلقى وعودا من بغداد باعادة النظر في اتفاقية 1937 بشأن شط العرب وانه لن يعرقل توجه الجيش العراقي الى الجبهة السورية والمصرية. مما يطرح امكانية وجود تفاهم سري بينه وبين صدام للتفاهم بشأن شط العرب ربما نكثه صدام بعد انتهاء تلك الحرب التي سمحت بارسال اغلب سلاح الجو العراقي وثلثي القوات المدرعة وخمس الوحدات البرية الى جبهة القتال ضد اسرائيل وهو مالم يكن ليتحقق دون ضمانات ايرانية وموافقة كردية كان يفترض ان تثير مخاوف الاكراد وحذرهم وتوجسهم بشأن حقيقة نوايا كل من طهران وواشنطن,وعلى اية حال فأن هذا الموقف المبدئي والاخلاقي للملا مصطفى البرزاني خلال تلك الحرب لم يثمن من قبل كثير من الساسة والكتاب العراقيين .

يشير عراب السياسة الامريكية كسنجر الى ان القرار الخاص بمنع الاكراد من شن الحرب على العراقيين خلال حرب تشرين اكتوبر 1973 تم في ضوء اتفاق الاراء بين وكالة المخابرات المركزية والسافاك الايراني لاعتقادهم بأن الاكراد كانوا سيهزمون وكان الهدف الوحيد هو تحييد فرقتين عراقيتين في الشمال. وقد دافع البرزاني عن موقفه انذاك مشيرا الى ان التحرك الكردي كان رهينا بالموقف الايراني ,واصيب الشاه بالخيبة لانه توقع ان تقوم اسرائيل بسحق الجيوش العربية وبضمنها الجيش العراقي خلال ايام على غرار مافعلته عام 1967 وهو مايصفه الجنرال موشيه باركوخيه الذي قاد الحرب ضد القوات العراقية والسورية في الجولان قائلا( كانوا يتصورون اننا سنقلب الدنيا خلال الحرب رأسا على عقب وسرعان ما اتضح لهم اننا لسنا اسودا مثلما كانوا يتصورون ).
يفسر الدكتور محمود عثمان هذا الامر في مقابلة مع جريدة (اللوموند )الفرنسية في 14-نيسان-ابريل 1974 بقوله:- لو ان الاكراد شنوا هجوما شاملا على القوات العراقية انذاك لظهروا وكانهم على استعداد لطعن الامة العربية في الظهر .
في تلك الفترة سعى صدام حسين الى فرض شروطه وتفسيره الاحادي على اتفاق اذار وحسم قضية كركوك نهائيا وكان هناك قناعة لدى البكر بأن بغداد بامكانها سحق التمرد الكردي بعد ان ارتفع تعداد الجيش العراقي الى اكثر من 85 الف مقاتل مزودين باحدث الاسلحة السوفيتية ووصلت معلومات استخبارية للبرزاني تؤكد بان الجيش العراقي حصل على اسلحة كيمياوية من السوفيت يعتزم استخدمها ضد الاكراد, وترسخت قناعة لدى عدد من القادة الاكراد البارزين ان الشاه لايؤيد اقامة حكم ذاتي في كردستان العراق وان هدفه فقط استخدامهم لانهاك العراقيين وإضعافهم ليرضخوا امام مطاليبه لكن البرزاني تصور ان واشنطن قد يكون لها رأي مخالف وصدق وعود مبعوث CIA الذي ابلغه (ان الادراة الامريكية تؤيد طموحاتكم المشروعة وانها جاهزة لمساندتكم ضد بغداد ).
لم يكن البرزاني مطلعا على المباحثات السرية بين بغداد وطهران التي بدات عام 1972 وشهدت جولة اخرى في نيسان ابريل 1973 دون ان يتمكن الطرفان من احراز تقدم خاصة بعد ان ازدادت حدة المعارك في كردستان, وتباطأت شحنات العتاد والسلاح السوفيتي لبغداد, وسقط عشرات الالاف من كلا الجانبين في حرب عصابات لم يعتد على خوضها الجيش العراقي بمثل تلك الشراسة والدموية.
وتدخلت اطراف عربية ودولية بين طهران وبغداد.... وقبل صدام شروط شاه ايران وتعهده بوقف دعم التمرد ومنع الاكراد من الحصول على كركوك.
ودفع الاكراد الثمن غاليا بين حسابات الشاه وحسابات نيكسون وحسابات صدام حسين الى درجة ان الشاه هدد البرزاني في طهران بضرورة القاء الاكراد لسلاحهم والا فانه هو الذي سيشن عليهم الحرب هذه المرة .

ربما يكون الدكتور محمود عثمان الذي قابل مع البرزاني وشفيق القزاز محمد رضا بهلوي في 11 اذار مارس 1975 افضل شخصية تكشف الحوار الذي دار بينه وبين شاه ايران ووصف مشاعر الخيبة والاحباط الذي وجد الاكراد انفسهم في مواجهتها.

كان عليهم اما الهروب الى ايران او الاستسلام للقوات العراقية او القتال حتى الموت وقد شعروا بان احلامهم قد تبددت.... حينها صرح البرزاني بان المعركة قد انتهت وقد غادر جنوده دون ان يهزموا في ساحة المعركة ولكنهم هزموا في الساحة السياسية
لقد القى قائد الحركة الكردية اللوم تارة على الروس وتارة على السياسة العالمية واخرى على شاه ايران, وقد جرت ثلاث محاولات فاشلة لاغتياله خلال اقامته في طهران .
كان الرجل في الثانية والسبعين من عمره عندما قابل الشاه ولم يكن يتصور كيف يمكن ان يتواصل نظال الاكراد بدون قيادته, وقد فرض عليه الايرانيون عزلة تامة وعندما وصل الى نيويورك للعلاج من مرض السرطان الذي اصيب به منع من مقابلة الصحفيين ولم يتمكن ابدا من لقاء كسنجر حتى وفاته في اذار عام 1979وهو جالس على كرسي متحرك لتنتهي اسطورة اكبر قائد قومي في الشرق الاوسط اجبر حتى اللد اعدائه على رفع قبعته تحية له.

ان صحفيين بارزين كان لهم صلات بالدوائر العليا في بلادهم ابدوا اعجابهم الشديد بالبرزاني مثل شميدت من جريدت نيويورك تايمز وديفد ادمسن من جريدة الواشنطن بوست وايريك رولو من صحيفة اللوموند وبريماكوف مسئول المخابرات السوفيتية في المنطقة انذاك .
نقل رفات البرزاني الى طهران ودفن في قرية اشتوبية الكردية الحدودية وشيع جثمانه نصف مليون كردي, وفي عام 1993 تم نقل رفاته الى قريته في كردستان العراقية .
في السنوات اللاحقة احكمت السلطة المركزية قبضتها الحديدية على العراق وبضمنه كردستان ووضع صدام حسين خطة طويلة الامد للحيلولة دون ضم كركوك الى الاقليم حيث وزعت استمارات على جميع سكانها تحمل سؤالا واحدا (هل انت عربي ام كردي ؟).
عيّن صدام ثلاثة وزراء اكراد في الحكومة ومنح عبيد الله البرزاني درجة وزير وعضو في اول برلمان حال اعلان الحرب على ايران في ايلول –سبتمبر-1980 بعد الغائه لاتفاقية الجزائر لتصحيح خطأه القاتل الذي برره بانقاذ كركوك من السقوط بأيدي البرزاني.

لم تمضي ايام قليلة حتى استدعى عبيد الله البرزاني لمقابلة الرئيس صدام حسين منتصف الليل ... لم يعد بعدها ابدا... ولم يكن حظ شقيقه لقمان افضل منه كما تم تصفية محمد حبيب كريم وهو من اكثر المقربين للملا مصطفى البرزاني ,هؤلاء جميعا لقوا نهاية تراجيدية لانهم لم يصغوا لنصائح قائد الحركة الذي تنبأ خلال مقابلة اجراها معه مراسل جريدة (الفيغارو)الفرنسية في كانون الاول ديسمبر 1972 ان يقوم صدام بتصفية قادة الانقلاب و بضمنهم احمد حسن البكر لكن ابنائه والمقربين منه ومن بينهم ادريس لم يصغوا كثيرا لنصائحه الا بعد فوات الاوان.
طويت صفحة مريرة من تأريخ العراق ....لتفتح صفحة اخرى لا تقل عنها دراماتيكية ودموية ووحشية .

(يتبع الجزء الرابع ).
بخارست



#عزيز_الدفاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كركوك وديعة.... ام خديعة ؟!
- كركوك وديعة ....ام خديعة؟! الجزء الاول
- اعتذار تيودور جيفكوف ومسدس خضير الخزاعي !
- اغتيال( قمر) شيراز!!!
- المالكي......في مواجهة المالكي !!!
- المشهداني ..امام الامبراطور عاريا !
- هل ستعلو راية العباس(ع)....علماً للعراق؟!
- العراق في الحقبة الامريكية (الجزء السابع)
- العراق في الحقبة الامريكية (الجزء السادس)
- العراق في الحقبة الامريكية (الجزء الخامس )
- العراق في الحقبه الامريكيه(الجرء الرابع)
- العراق في الحقبه الامريكية (الجزء الثالث)
- العراق في الحقبة الامريكية(الجزء الثاني)
- العراق في الحقبة الامريكية
- الحسابات الخاطئة في العلاقات السعوديةمع العراق
- هل تستحق الكويت آن نموت من اجلها؟!!
- اول فرحة منذ سقوط الصنم
- !!!عراق ....بلا نفط
- من اعدم الزعيم عبد الكريم قاسم؟*
- ولا عزاء للشعراء... !!


المزيد.....




- مخيّمات المهاجرين في تونس: صفاقس.. -كاليه- التونسية؟
- منظمات إغاثة: عملية إسرائيل في رفح تعطل الخدمات الطبية
- منظمات إغاثة دولية: تعطل الخدمات الطبية بعد بدء إسرائيل عملي ...
- الأمم المتحدة تنتقد قرار إخلاء مدينة رفح وتعتبره -غير إنساني ...
- الجيش الأمريكي يعلق على اعتقال جندي أمريكي في روسيا
- صحيفة إسرائيلية: السجون لم تعد تتسع للمعتقلين الفلسطينيين
- NBC: اعتقال عسكري أمريكي في روسيا
- إعدام دفعة جديد من المدانين بـ-جرائم إرهابية- في العراق
- عاجل | مكتب نتنياهو: مجلس الحرب قرر بالإجماع استمرار العملية ...
- اليونيسيف تحذر : الهجوم البري على رفح الفلسطينية سيهدد 600 أ ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - عزيز الدفاعي - كركوك وديعة....... ام خديعه؟!