أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام إبراهيم - حكاية من النجف لحمودي عبد المحسن عالم النجف المكتظ بأساطير الجنوب العراقي















المزيد.....

حكاية من النجف لحمودي عبد المحسن عالم النجف المكتظ بأساطير الجنوب العراقي


سلام إبراهيم
روائي

(Salam Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 2386 - 2008 / 8 / 27 - 09:21
المحور: الادب والفن
    


يواصل الكاتب العراقي حمودي عبد المحسن محاولاته في كتابه السادس ـ حكاية من النجف ـ دار فيشون ميديا ـ السويد ـ 2008 في البحث في الموروث الشعبي الحكائي المتعلق بمدينة ـ النجف ـ المقدسة لدى شيعة العراق لوجود ضريح الإمام علي بن أبي طالب فيها. فبعد أن حاول في قصصه السابقة وكتبه توظيف الأساطير القديمة، سومرية وبابلية، ويونانية، أو كتابة نصوص أقرب إلى الحكاية منها إلى الرواية كـ ـ الدفان والغجري ـ دار المنفى ـ السويد ـ في تجارب تنتمي إلى الثقافة النظرية أكثر من أنتمائها إلى الواقع والتجربة، يحاول في ـ حكاية من النجف ـ توظيف تجربته الحسية عبر تقليب قصص نشأته في تلك المدينة، فجاء النص أكثر حرارة وحيوية من نصوصه السابقة.
يفتتح الكاتب النص بمقتطف من كتاب "مروج الذهب ومعادن الجوهر" للمسعودي يدور حول رؤية الإمام علي إلى الدنيا التي يراها فاتنة خادعة أخرها الموت في نص يبين زهد الإمام. وهذا النص له علاقة عضوية بكاتب المخطوط ـ مهدي ـ والد الشخصية المحورية "سلام". فمن خلال المخطوطة التي يعثر عليها ـ سلام ـ (الجندي العراقي الهارب من جبهة حرب الكويت قبيل انتفاضة أذار 1991) في سرداب بيت أهله الذي يجده مهجورا، ولا نعلم لِمَ هو مهجور وأين ذهب ساكنيه فالنص لم يخبرنا بذلك. فمهدي والأسم أيضا ذو دلالة في الإرث الشيعي كون يقترن بالإمام الغائب (مهدي المنتظر)، يعمل سقاءً لزوار ضريح الإمام وهذا العمل يرتبط عضويا مع زهد اٌمام.
يعود الشخصية المحورية ـ سلام ـ إلى بيت أهله بعد هزيمة الجيش العراقي في حربه مع قوات التحالف حاملا سلاحه، فتفتح له امرأة جميلة الباب يتبين تالياً أنها محض أخيلة، فيقوم برمي بندقيته في بئر البيت والنزول إلى السرداب ليبحث في المكتبة التي خلفها أبيه فيعثر على مخطوط بأسم ـ ملائكة الرحمة ـ كتبه أبوه وخبأه في صندوق مع وصية بعودة أملاكه والمخطوط لولده سلام الذي يمكث في قسم النص الأكبر في السرداب وهو يقرأ المخطوطة، في لعبة سردية مألوفة جدا لكثرة النصوص التي أستخدمت هذه التقنية في البناء الخارجي للنص.
المخطوط مؤلف من 12 فصلاً، والعدد له علاقة بالشيعة الأثنى عشرية وأشهر السنة، حاول الكاتب من خلال هذه المخطوطة مزج الثراث الميوثولوجي الشيعي وأمثولة مقتل الحسين باسطورة الكتب المقدسة حول نزول آدم من الجنة من خلال رحلة السقاء ـ الروحية ـ في أغماءة طويلة في يوم قائظ وسط الصحن الحيدري، هذه الرحلة تكتظ بالطقوس الشيعية الشعبية، العزاءات، التطبير، مشاهد المقتل، حوارات في السماء عن الخير والشر وحكايات من مقابر النجف وعمليات قتل غامضة تجري في تلك المتاهة لم يبين لنا الكاتب عن ما هيتها، مضاف إلى طقوس توزيع الماء على الزوار العطاشى. كما نطل في بعض مفاصل النص على حياة السقاء ـ مهدي ـ الحقيقية من خلال تعرضه للإعتقال زمن صدام حينما منع طقوس العزاءات الحسينية في سبعينيات القرن الماضي كما في الفصل العاشر من المخطوطة ص 112 وفي هذه الصفحة نجد عرضا مكثفا لما فعله البعث منذ 1963 بالشعب العراقي حيث أرتبط تاريخة بأقصى العنف السلطوي العراقي.
هذه الرحلة التي تشبه دورة العام في المخطوط وزع فيها الكاتب تفاصيل مقتل الحسين في العاشر من عاشوراء معتمدا على مصادر تاريخية أوردها في نهاية الكتاب في مقاطع وضعها الكاتب بين قوسين، مضاف إلى أن وصفه لذلك الحدث التاريخي جاء أميناً للوقائع وناقلاً للمشهد المعاد تمثيله كل عام في مدن الجنوب العراقي إذ تستحيل أيام عاشوراء إلى أيام أسطورية تجعل الجميع في حالة من الخدر والحزن والتفاعل مع تلك القصة القديمة التي خُذِلَ فيها الحسين على أرض كربلاء.
القصة الثانية التي حاول الكاتب مزجها هي قصة الخلق، لكن من زاوية الموروث الشيعي حيث تكتظ الأساطير المتعلقة بفعل الخلق ممتزجة بوجود الأئمة الأثني عشر، فيجعل ـ مهدي رسول ـ السقاء يصعد إلى السماء في فعل يشبه وجود ـ آدم ـ ليعود ثانية إلى الأرض محملا بمهمة القضاء على الغاوي ـ أبليس ـ. فينجح في قتله في الفصل ـ الحادي عشر ـ من المخطوط في السرداب، وهذا الحدث والمبنى المتخيل لا يتناسب مع الواقع الحقيقي لمعادلة الخير ـ الشر، ولا مع الواقع الأسطوري في التراث الديني حيث وجود أبليس هو ضرورة لأستمرار الحياة على الأرض كونها مكانا لأختبار الإنسان، لذا فقتل ـ أبليس ـ أضعف وهج الحياة المتحدمة في النص وأطفأها.
الحكايات الشعبية الأخرى التي مزجها الكاتب بهاتين القصتين تتعلق بالنظرة الشعبية إلى الحيوانات الأليفة وعلاقتها بالجن كالقطط والأفاعي، والأشياء كالخرز وكف العباس، والعديد من التفاصيل التي سمعناها كحكايات في طفولتنا من جداتنا وأمهاتنا، مضاف لقصص المقابر وأسرارها التي تكون عادةً مادة للحكايات في مدينة فيها أكبر مقبرة في العالم كالنجف.
تخلف قراءة النص مناخاً خاصا في الذاكرة، فلغة الكاتب لغة منتقاة بعناية بسيطة وعميقة وتراكيبها خفيفة متناسبة مع مناخ الفاجعة وأحداث النص، وهنا مقتطف يبين ما ذهبت إليه:
( في ذلك الوقت لم ينس كيف تسلل خلسة إلى البئر، ووقف يحدق فيه بغية أن يرى أضواء المشاعل والأقنعة البيضاء، كانت الدموع تتوهج في عينيه إذ رغب أن ينزل إلى البئر، يقتحم أسوار المدينة المسحورة، يحطم أبوابها، يسير في طرقاتها المتعرجة، يتجاوز الحرس ويرى الثعبان، فزعت جدته حين رأته قرب البئر وسألته بخفوت: ماذا تريد أن تفعل؟
ـ أريد أن أنزل إلى البئر.) ص17.
لكن اللغة والحكايات وحدها لاتكفى لبناء نص. فالمفترض أن تكون مدلولات الحكاية الشفاهية او الأسطورية متناغمة مع غرض النص وتيمته، وهذا ما أفتقد إليه النص، فرغم ألفه الحكايات عن الجن والقطط والثعابين إلا أن في مواضع عديدة لم تكن ذات مدلول يعمق تيمة النص، كما هو الحال مع القطط الشريرة، كما أن بعض الحوادث كمقتل المرأة في المقبرة بدت غير مفهومة وغامضة لم تلقِ الضوء على مسار النص وشخصياته، وهذا يضاف إلى ملاحظتنا عن عملية قتل ـ أبليس ـ.
أجد هنا أن من الضروري على الكاتب أن يكون واعياً لمدلولات الحكاية وأستخدام الأسطورة في بنيتة سرده، وإلا ستؤدي إلى خللٍ في البناء كما هو الحال في ـ حكاية من النجف ـ
الملاحظة الأخيرة التي أود ذكرها هو شحوب زمن النص ـ زمن سلام الجندي المخذول العائد من الحرب ـ فلا نلمس ونحس من هذا الزمن إلا شتات مبعثر لا يشبع مذاق القارئ وطموحه المعرفي، كما أن الكاتب أعتمد التعمية على الأبعاد الأجتماعية لشخصية ـ سلام ـ في حاضره وحاضر المدينة زمن الدكتاتورية، فلو خاض في هذا الجانب لرأينا بشر النجف في تلك اللحظة التاريخية المفصلية في تاريخ العراق، ولما بقى النص يشبه الحكاية بل لأرسى نصا روائيا جديدا عن العراق المعاصر، إذ لا أجد مبررا للتعمية والكتابة المغلفة والأقنعة لكاتب يعيش في منفى سويدي، بل أجد ان التجربة العراقية الدموية تحتاج إلى المزيد من النصوص الكاشفة والصريحة التي قد تصل بنا إلى نص فني يجعلنا نستوعب هذه المذابح المستمرة والخراب المقيم.
مع كل هذه الملاحظات فأن ـ حكاية من النجف ـ خطوة أخرى في مسار الكاتب الذي أتوقع أن يعثر على نصه الحقيقي لا سيما أن لديه تجربة حياتية مثيرة جدير به كتابتها والبحث فيها.



#سلام_إبراهيم (هاشتاغ)       Salam_Ibrahim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -دنيا -علويَّة صُبح خلاصة حياة لا الحياة في تفاصيلها
- منجز القصة العراقية
- بيت النمل-* مجموعة هيفاء زنكنة القصصية المنفي كائن هش.. لا ع ...
- حضن هو الدنيا#
- دروب وغبار رواية جنان جاسم حلاوي عن العراقي التائه الباحث ...
- أرباب الرعب
- طوبى للعراق الموحد في صف أدرس فيه العربية في كوبهاجن كمتطوع
- وجهك المأمول حجتي رسالة عاشق مخذول تحول إلى سكير حالم حتى قا ...
- حوار بين الشاعر علي الشباني وسلام إبراهيم
- قولبة شخصيات النص في أبعاد معدة سلفاً رواية أيناس لعلي جاس ...
- أقواس المتاهة مجموعة عدنان حسين أحمد القصصية المغزى في النص ...
- بنية روائية تؤسطر الوقائع وتدفعها إلى حافة الجنون قلعة محمد ...
- المنفى هو منفى أبدي بعد مجيء الطير مجموعة إبراهيم أحمد القصص ...
- بنية قصصية تبحث عن دلالتها بالرمز -ما يمكن فضحه عن علاقة أبي ...
- كتاب يهجو الطغاة ويعرض لصريخ الضحايا مصاطب الآلهة مجموعة محم ...
- مجلس جالية أم مجلس أحزاب الجالية؟!
- المولود في المنفى كائن مكونٌ من الحكايات -أمسية صيفية-* مجم ...
- المنفي ميت حي -البيت الأخضر - مجموعة عبد جعفر القصصية
- قاب قوسين مني- مجموعة -هدية حسين- القصصية تصدع بنيان المجتمع ...
- أصغي إلى رمادي لحميد العقابي الذات حينما تدمرها الطفولة والح ...


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام إبراهيم - حكاية من النجف لحمودي عبد المحسن عالم النجف المكتظ بأساطير الجنوب العراقي