أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هادي الحسيني - رحيل محمود درويش خسارة كبيرة














المزيد.....

رحيل محمود درويش خسارة كبيرة


هادي الحسيني
(Hadi - Alhussaini)


الحوار المتمدن-العدد: 2372 - 2008 / 8 / 13 - 04:17
المحور: الادب والفن
    



في رحيل الشاعر العربي الكبير محمود درويش يكون المشهد الشعري العربي عامة والفلسطيني خاصة قد منية بخسارة فادحة لا يمكن تعويضها على المدى القريب ، فقلب درويش الذي انتصرعلى جسد الشاعر فجأة بعد سنوات طويلة من الصراع مع الموت قد خانه في اللحظات الاخيرة ! لكن درويش الذي جعل من الشاعر في داخله ان ينتصر على الموت منذ ما يزيد على العقدين من الزمان بعد ان اجرى اول عملية جراحية لقلبه عام 1984 ومن ثم عانى الكثير من اللآلام في اضطرابات القلب حتى اجريت له في باريس عملية اخرى في العام 1998 ليستقر ذلك القلب ويمد الشاعر بالمزيد من القوة والتحدي في صراعه الشجاع للموت ، وكان دائماً يقف بصلابة امام هذا الموت ويعرف ان حتفه قادم لا محال ، ولعل قصيدته الطويلة ( جدارية ) التي وصف فيها علاقته بالموت كانت هاجس الصراع معه . لقد شكل درويش مدرسة شعرية خاصة به تقف لها الشعرية العربية برمتها باعجاب شديد للمنجز الشعري الثر الذي ظل محافظاً على قصيدته ذات النكهة الخاصة الممزوجة بالحب والموت والحرب والألم والتشرد واللوعة والفراق ، كما تمكنت قصائد درويش ان تأخذ دور المقاومة على مدى سنوات الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين ، وكانت الفعل المحرض لمواصلة مقاومة الاحتلال في اصعب واشد الظروف ضراوة على الشعب الفلسطيني ، حتى أن قصائده شكلت ذعراً واستفزازاً للحكومات الاسرائيلية المتعاقبة الامر الذي تعرض للاعتقال مرات عديدة ونفيه لسنوات طويلة جراء ما عبرت عنه تلك القصائد وبصدق عن كل جراحات الوطن المضرج بدماء ابناءه .

وحين تعرفنا على هذا الشاعر الفذ يوم كنا صغارا كانت اولى مجلداته الشعرية تنتشر في مكتبات بغداد التي كانت عامرة بالكتب وقد دخل هذا الشاعر الى قلوبنا بسهولة وبساطة قّل ما تنتاب المتذوق للشعر في بداياته ، فقصائده الخالدة التي نحفظها على ظهر قلب مثل سجل انا عربي وسرحان يشرب القهوة في الكافتريا ومديح الظل العالي والعشرات غيرها كانت شعلة تضيء دروب الحرية والنضال ، وكان شعر درويش مزيجاً رائعاً تفوح منه رائحة المقاومة لتحرير الارض والتحريض على مقاومة المحتل ، بينما تلوّح لك الحبيبة من بعيد في كل قصائده الثورية ليقدم تركيبة متجانسة من الموت في طريق النضال والحب المفرط للارض والحبيبة ، انه الشاعر الذي تمكن بقدرته الابداعية الناردة ان يقدم للقاريء العربي قصيدة حديثة بطريقة تختلف عن قصيدة الرواد وما تلاهم من الاجيال والتطورات التي واكبت القصيدة العربية في كل مراحلها . إلا ان درويش انفرد بقصيدته وظل محافظاً على لونها وطابعها المميز ولذلك فقد اسس مدرسة حديثة في الشعر العربي ، مدرسة خاصة بالقصيدة الدرويشية التي كانت ومازالت هرماً شعرياً يقف جنباً لجنب مع هرم القصيدة الكلاسيكية التي ختمها شاعر العرب الاكبر الجواهري بعد رحيله عام 1997 .

ولعل رحيل شاعر عملاق بحجم محمود درويش في تلك الايام كان بمثابة صدمة للوسط الثقافي العربي لم يفق منها بعد ، درويش الذي جعل من قضية شعبه ووطنه فلسطين قضيته المصيرية وطاف بها في كل دول العالم وعّرف بمأساة شعبه من خلال قصائده التي غيرت بشكل ايجابي خارطة الاحتلال وخارطة الشعب الجريح . وقد ترجمت قصائده الى اغلب لغات العالم وخلال مشواره الشعري الطويل نال درويش عشرات الجوائز العربية والعالمية لقاء ابداعه في الشعر عن استحقاق حقيقي لمنجزه الذي سيبقى شعلة ادبية وثورية في الطريق الى الحرية ، لقد استطاع الشعر منذ قرون طويلة ان يقوم بتخليد ثورات كبرى وان يحفز عليها وهكذا فعل الشعر في تاريخنا العربي وفي تاريخ اوربا بشقيها الغربي والشرقي ، وكان محمود درويش شاعر الثورة الفلسطينية الذي تمكن من تخليد نضال فلسطين على مدى ستين عاماً من تاريخ الاحتلال الاسرائيلي الموغل بالقتل والدمار والحروب والخراب ومصادرة الاراضي وغض الطرف عن الحقوق الشرعية لهذا الشعب .

لقد رحل محمود درويش على غفلة من قلبه في الوقت الذي مازال يحلم بعودة الديار الى اهلها في مدنه وقراه الفلسطينية . وكان الشعب العربي بنخبه المثقفة وغير المثقفة تواقاً لسماع محمود درويش لان قصائده هي الرئة التي تتنفس منها كل الشعوب العربية التي ترزح تحت طائلة الظلم والقهر والاستبداد جراء استحواذ الانظمة الشمولية على مقدراتها ، ان رحيل شاعر كبير بحجم درويش الذي لم يمهله قلبه اكثر من ذلك يعد خسارة كبيرة بحق ..



#هادي_الحسيني (هاشتاغ)       Hadi_-_Alhussaini#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ترحيل نقابة الصحفيين العراقيين الى مثوى الطائفية !
- اسرائيل تنتصر لقتلاها !
- الاكراد في خيارين أحلاهما مّر !!
- 14 تموز الثورة الخالدة في ضمائر العراقيين
- المشجب السافل!
- الى اين تذهب اموال العراق الطائلة ؟
- التصفيات الجسدية للصحفيين العراقيين !
- نص صاف يستذكر عذاباته
- لقاء طالباني - باراك والتبرير الغبي لمكتب الرئيس
- الموصل تحت رحمة الميليشيات !!
- وزير التربية يطلق النار على الطلبة العزل !!
- محاولات تمرير قانون النفط !!
- أسود الرافدين ، أخزيتمونا !
- قناة الفرات ، ومجاهدي خلق ، والدفاع عن ايران !
- القتلة ، فاصل ونعود !
- جابر الجابري الوكيل الادرد
- زيباري والاتفاقية الامريكية
- رثاء متأخر
- قناة العراقية قليلا من المهنية
- الى الشهيد الناقد علي عبد الحسين مخيف الدعمي


المزيد.....




- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هادي الحسيني - رحيل محمود درويش خسارة كبيرة