أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عمار ديوب - من نكبة فلسطين إلى نكبة العرب















المزيد.....

من نكبة فلسطين إلى نكبة العرب


عمار ديوب

الحوار المتمدن-العدد: 2369 - 2008 / 8 / 10 - 11:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تمرّ الذكرى الستون لنكبة فلسطين واحتلالها من قبل الحركة الصهيونية في واقع عربي شديد التعقيد،أبرز ملامحه: اعتراف الأنظمة العربية بإسرائيل والاستعداد الكامل لعقد اتفاقيات سلام معها.و حالة انقسام محلي على أسس مذهبية ماهوية تلغي الهوية الوطنية،أو الهوية الجمعية.إضافةً إلى تعميق التجزئة والقطرية العربية وأدلجة مقولات "الوطنية" السورية أو "الوطنية الفلسطينية" أو غيرها، كبديل عن القومية العربية.وفي فلسطين تتم عملية إلغاء الهوية الوطنية وانقسامها إلى هويتين إحداهما إسلامية والأخرى سلطوية في الضفة وهي تطبّع تطبيعاً كاملاً مع الدولة الصهيونية وبشروط الأخيرة وبدون غزة واللاجئين والقدس؟!
يهيمن كذلك على هذا الواقع في اللحظة الراهنة، الاحتلال الأمريكي على العراق ويَعمل على تصنيع نظام سياسي وقانوني طائفي ومذهبي وإثني مستثمراً ومسعراً بنى خامدة أو ذات استمرارية تاريخية.يقابله وضده تندلع حرب داخلية متعددة الأشكال: مذهبية وطائفية وإثنية وجزئياً ضد الاحتلال.ويرى المفكر عبد الإله بلقزيز*"نعم،قد تكون فتننا وحروبنا الأهلية المعاصرة على مثال فتننا وحروبنا في الماضي،منذ ثلاثينات القرن الهجري الأول،على صعيد دينامياتها الداخلية ورموزها .لكنها –أبداً –ليست امتداد لها ولا نتيجة." إضافة لتعمق الخلافات بين العرب والكرد وقد تكون هوية كركوك مستقبلاً - كردية أو عربية أو تركمانية - بمثابة الفتيل المفجر لهذه الخلافات وهناك شبه تهجير جماعي للطائفة المسيحية على اختلاف مذاهبها من العراق كما جرى بالضبط منذ أكثر من قرن، حيث تم تهجير جماعي وقتل للأرمن في زمن الاحتلال العثماني وبتواطؤ بريطاني آنذاك. وهو ما جرى في فلسطين،وهذه مشكلة مشتعلة في عموم المشرق العربي.أي مشكلة الأقليات القومية والدينية وعلاقتها بالا كثريات القومية والدينية.
تعاني أيضاً معظم الشعوب العربية من سياسات ليبرالية وخصخصة وانفتاح على السوق العولمية بدون شروط وطنية أو محلية - كما كان يقول المرحوم عصام الزعيم - تحمي بالحد الأدنى أمنها الغذائي وثروتها الحيوانية كما تفعل أمريكا وأوروبا. وبالتالي تتعمق التبعية إقتصادياً والخضوع سياسياً للدول الامبريالية.وهو ما يسهّل "عملية السلام" بين الأنظمة العربية وإسرائيل ويدعم مشروع الاحتلال الأمريكي في العراق والهيمنة على منطق الشرق العربي بصورة عامة.
إذن، نكبة فلسطين ليست خاصة بالشعب الفلسطيني بل هي نكبة عامة للعرب.فجميع الشعوب العربية ابتليت بأنظمة تكاد أن تقارب في تخلفها وتخليفها للداخل العربي دور إسرائيل في فلسطين من تهجير وقتل وسجن وتهويد للدولة الصهيونية ..إضافة لتراجع مستوى التعليم وتقدم الجهل وظهور أغلبية فقيرة ونزع السياسة وانتشار الأصولية والطائفية وتراجع دور المرأة وانخفاض مستوى الحريات الشخصية .وبالتالي تشهد الدواخل العربية حالة من التذرير والتفتيت،يصح معها القول:إن في كل قطر عربي أقطار عربية بحسب المذهبيات والطوائف والعشائر و الاثنيات.
ما وصفناه أعلاه يعتبر حالة عربية عامة.وبالتالي لا يوجد تقدم في أي قطر عربي على قطر عربي أخر وكل تجارب عالمنا العربي من مشرقه إلى مغربه من "ليبرالية" إلى "اشتراكية" أدت إلى ذات السياق.وهذا ما يطرح ضرورة التعامل الجدي مع أزمة الواقع العربي وأسباب النكبة وعوامل إستمراريتها.وبالتالي أين سبب التخلف ولماذا لم نتجاوزه وندخل في مرحلة التقدم وتحرير الأراضي المحتلة.وقبل ذلك ومن أجل ذلك ،لا بد من الإشارة إلى مجموعة قضايا ، تحدد هذه المشكلة وتضعها في سياقها التاريخي:
في المنهج:
لا يمكن دراسة أية ظاهرة"كالنكبة"إلا في سياق دراسة الشروط التاريخية التي كونت الواقع العربي وكذلك دراسة طبيعة الطبقات الاجتماعية التي تبدلت في أنظمة الحكم العربية انطلاقاً من منتصف القرن التاسع عشر وحتى الآن .وهذا التحديد يتضمن لحظة خروج الاحتلال العثماني ودخول الاحتلال الغربي في كامل العالم العربي محملاً باتفاقيات تقسيم المنطقة وزرع إسرائيل ودعمها في فلسطين.وبالتالي ، ما أدى إلى هذه النكبة هي هذه الشروط التاريخية وطبيعة الطبقات التي قادت عملية التحولات في عالمنا العربية وأدت إلى النكبات والهزائم.
في السياسة:
لم يعتبر أي نظام عربي نفسه ممثلاً لقيم الديمقراطية أو العلمانية أو المواطنة.وما تحقق جاء في سياق الأنظمة "الملكّية أو القومية أو الإمارات السلطانية أو الجمهورية"التي أعطت كل السلطات لرئيس الدولة.وبالتالي لم يتم فصل السلطات بعضها عن بعض،ولم تسيّر شؤون دولنا مؤسساتياً وقانونياً. وكان دائماً الجيش تابعاً لرئيس الدولة أو أن رئيس الدولة هو القائد العام للقوات المسلحة .إذن أنظمتنا العربية سمتها الغالبة شمولية وتسلطية في معظم دول العالم العربي .وقد ألغت جميع مظاهر الحياة السياسية ونزعت السياسة عن المجتمع واحتكرتها بما يخدم مصالحها.بالمقابل تمت عملية تصفية دقيقة لكل العناصر والشخصيات والحركات والأحزاب التي كانت تُضمر أو تحمل مشاريع الديمقراطية أو العلمانية أو المواطنة أو الماركسية. وهو ما أدى إلى ظهور الطائفية السياسية و المذهبيات العشائر.وبالتالي فُقدت الهوية الوطنية التي تشكلت في زمن الاحتلال وضده ،قبل الحرب العالمية الثانية،وأثناء الاستقلال السياسي الشكلي.وبعد هذا الاستقلال. لتصبح الهوية المحلية ،مع ترسخ الدولة القطرية، أشكال اجتماعية ما قبل حداثية.ويرى الباحث جاد الكريم الجباعي** " أن "الجماهير" لا تنتمي إلى الوحدة ولا تنتمي، بالقدر ذاته، إلى الدولة القطرية، بل إلى البنى والتشكيلات الموروثة عن القرون الوسطى". وهو ما أذن لتصاعد التأخر تخلفاً والتخلف تبعيةً والتبعية بنية كلية معيقة للتقدم العام.
في الاقتصاد:
لم تستطع الدول العربية خلال ستين عاماً من عمر النكبة إنشاء سوق قومية مشتركة؛ والتي هي أساس أية دولة قومية حديثة كما هي تجربة أوروبا بعد انتصار الثورة الفرنسية الكبرى.وبالتالي بُنيت اقتصاديات قطرية، كررت كثير من الصناعات في الأقطار المختلفة!عدا عن بقاء الصناعة تحويلية وهامشية ومحدودة في إطار الاقتصاد الكلي الزراعي.وما تم من وحدات هامشية كالوحدة بين سوريا ومصر، تبين أنها تخدم مصر إقتصادياً وسياسياً وتضعف سوريا.وهو ما أدى سريعاً إلى تدميرها وتلاشيها .ربما فقط لعبت تصفية الملاكين الكبار دوراً هاماً في تدمير الوعي التراتبي ونقل الوعي إلى وعي مدني حديث يساوي بين الأفراد.وهذا ما تم بواسطة الإصلاح الزراعي وهو إجراء رأسمالي ولا علاقة له بالاشتراكية إلا في الدول التي لم ينجز فيها،فأنجزته الدول "الاشتراكية".وفي عالمنا العربي لم يكن إلا شكلياً ومحدداً بسقف ملكية معين.وبالتالي لم يتم توزيع الأرض إلا بصورة مشوهة، أدت لاحقاً وبسبب سياسات الدول العربية إلى بيع أقسام كبيرة من أراضي صغار الفلاحين إلى ملاكين جدد.
إذن لم تنجح الصناعة وتراجعت الزراعة وعادت الشريحة التجارية لتتسيّد مشهد الاقتصاد المتخلف ولتكون وسيط ووكالات للشراكات المتعدية الجنسيات؟!
في القومية:
تشكلت المسألة القومية في سياق الرد على سياسات التتريك العثمانية وكذلك ضد الاحتلال الغربي وظهرت تأثراً بالدول القومية الأوروبية من خلال الترجمات ولا سيما عن الألمانية .ويشير الباحث فيليب خوري*** في كتابه أعيان المدن والقومية العربية"اتخذت القومية العربية مكانها كايديولوجيا مهيمنة في سورية وبلدان عربية أخرى بعد الحرب العالمية الأولى"ص153.وبالتالي لم تكن مرتبطة بما سمي بتيارات "المشروع القومي" ولاسيما الناصرية أو البعث ،ولكن ومع تصاعد هذه الحركات وتشددها الإيديولوجي تم احتكار هذه المسألة لصالح هذه الحركات. وبتحولها إلى أنظمة حكم قضت على كل ما يخص سعي المشروع القومي الموحد للدول العربية في دولة واحدة.لتتساوى مع الأطروحات السابقة للبرجوازية التقليدية حيث كانت القومية بالضد من الآخر وكأيديولوجيا جامعة ومؤمنة للمصالح .وبالتالي أبدت التيارات القومية نفسها كدول قطرية.وهو ما أظهر المسألة القومية بالأساس كمسألة فكرية في قضية طبقية لا كقضية فوق مصلحة الطبقات أو أنها قضية لصالح جميع الطبقات.أي أن الذي ساد مع المشروع القومي هو مشروع الطبقة البرجوازية الصغيرة.سواء أكان ذلك بواسطة العسكر أو بواسطة ثورات أو نتيجة ثورات أو نتيجة إخفاقات كبرى كالنكبة.ولذلك ونتيجة التجربة الواقعية، فإن المسألة القومية تعتبر قضية في مشروع طبقي.وكانت سابقة للاستقلال ولاحقة عليه ولا تزال تطرحها جماعات وأحزاب وهي هامة لمختلف الطبقات الاجتماعية.ولكن ولأن واقع الطبقات معقد ومتشابك وهي كثيرة التحول في بلادنا العربية، فإننا لا نستطيع تحديد هذه الطبقات بدقة. ونظراً لهامشية الطبقات الرئيسية كالبرجوازية الكبيرة والعمالية فإن البرجوازية الصغيرة والمشهورة بسرعة حركتها وكثرة مشاريعها وتنوع أيديولوجيات مثقفيها، استطاعت التقاط أهم قضية في عالمنا العربي قبل النكبة وبعدها .وأقصد المسألة القومية ووظفتها بالضد من إسرائيل والأنظمة التي خسرت الحرب ضد إسرائيل.وبذلك استفادت منها في سياق مشروع-قومي- كان آنذاك يتكامل.ولذلك نقول لا معنى للقضية القومية إن لم تطرح في سياق مشروع طبقي ما.وقد كانت جزءاً أساسياً في مشروع النهضة الأوربية واستفادت منها البرجوازية الأوربية في بناء دولتها القومية العلمانية.وفي واقعنا العربي كانت حصان طروادة للطبقات البرجوازية الصغيرة المتضررة آنذاك من حكم البرجوازية التقليدية ومن ضعف الطبقة العاملة فاستخدمتها ،وصفّت حساباتها مع الطبقات القديمة .وبذلك استطاعت استبدال نفسها بها. وبالتالي وبسبب غياب التوحيد القومي ،وبقاء الاستيطان الإسرائيلي وتهويد الأخير أو ما سُمي يهودية الدولة الإسرائيلية. وعدم وجود حل للمسألة الفلسطينية ضمن إطار دولة واحدة تجمع العرب واليهود في دولة واحدة ديمقراطية علمانية. لا تزال القضية القومية قضية هامة وأساسية في أي برنامج سياسي لمختلف الطبقات العربية عدا عن كونها لا تزال مسألة أساسية في الصراعات الفكرية والإيديولوجية الدائرة بين المثقفين العرب.
في الدين:
لم يفصل أي نظام عربي الدين عن السياسة والدولة والقانون.فبقي الدين ومذاهبه، أساس التشريع والمصدر الأساس فيه.وفي بعض الدول العربية شُكلت الدول وفق التوزع الطوائف، كلبنان في زمن الاحتلال الفرنسي. وتعاد الكرة في العراق في زمن الاحتلال الأمريكي.ولا تشذ أية دولة عربية، وبدون احتلال ، عن استخدام الدين واللعب به كايديولوجيا مستترة أو معلنة خدمة لمصالح الطبقات المسيطرة.ولكن وأيضاً تعبيراً عن ضعفها وهامشيتها اتجاه المهمات الملقاة على عاتقها كطبقات حاكمة.وفي بعض الدول العربية؛ كسورية ينص الدستور أن يكون دين رئيس الدولة الإسلام. وفي غيرها يمنع أن يكون قادة الجيش من غير أصحاب الطائفة الكبرى.وفي مسألة الزواج يمنع الزواج المدني وهو محصور في الزواج الديني الطائفي .وإما الرافضين له والخارجين عليه، فإن أي زواج يقيمونه ويكون بين أفراد من طوائف متعددة لا بد أن يصبح أفراده أو ذريتهم من الأغلبية الدينية أو يتحايلون على القانون بأشكال تساوي بين الزواج والدعارة وتسجيل الأولاد وفق واقعة التعايش بين الزوجين. والملفت في هذا الموضوع ،أنه بإمكان الرجل من الطائفة المسيحية تسجيل زواجه من امرأة مسلمة كنسياًً ولكن من غير الممكن تسجيله في المحاكم الشرعية وفقاً للأحوال الشخصية إلا مسلماً! ويتدخل التشريع الديني في كل قضايا المجتمع.حتى في مجال المصارف والبنوك فهناك ظاهرة البنوك الإسلامية في كل الدول العربية. وأيضاً تغلق المحلات التي تبيع الخمور وأيضاً إلزام المرأة التستر ولبس الثياب الطويلة؟!.وبالتالي وفي ظل هذه الأوضاع ، فإن هناك تصاعد للهويات الماهوية الطائفية وهيمنة للمشروع الديني بصورة عامة .وبالمعنى السياسي يلحظ ذلك في تنامي المجموعات الجهادية وتزايد أعداد الأصوليين السياسيين البرلمانيين في مختلف البرلمانات العربية.عدا عن تمركزهم في مواقع أقل شأناً في مختلف مؤسسات الدولة.
هذا التقدم يقضي على كل منجزات الحداثة المشوهة وهو بسبب تشوهها والوجه الثاني لها.وبالتالي يعتبر المشروع الأصولي ضد مشروع الحداثة بالكامل أي ضد المواطنة والعلمانية والمواطنة والديمقراطية العلمانية والاقتصاد الصناعي. وهو مع النص على حساب العقل ومع الزعيم المؤله على حساب الأفراد. وبمعنى آخر النص والأدق الفتوى الدينية مالكة كل الحقائق وأصحابها هم الأسياد وظل الله على الأرض،وهم فقط لهم السلطة والحاكمية على الشعب.
وبتزامن ذلك مع تراجع لقيم الحداثة وللقوى العلمانية،فإن واقعنا العربي يشهد استبدال المشروع" القومي" والماركسي بالمشروع الديني وأيضاً اعتماداً على البرجوازية الصغيرة والمتضررين من البرجوازية الكبرى.وأما الليبرالية العربية مع مثقفيها فإنها لن تستطيع إلا الاعتراض الشكلي والهامشي نظراً لافتقادها إلى مشروع وطني مستقل وعدم قدرتها على ذلك حتى لو وعت ذلك قياداتها الثقافية. وذلك بسبب العولمة المتوحشة وفتحها للأسواق العالمية والسيطرة عليها وتكييفها بما يتناسب معها وبسبب وجود إسرائيل في المنطقة والنفط كمادة إستراتيجية لتطور العولمة الاقتصادية نفسها.
في التعليم:
مع الاستقلال كانت أعداد المتعلمين ضئيلة ومحصورة تقريباً بين أبناء العائلات المدينية وبعد الاستقلال ولا سيما منذ الخمسينيات توسع التعليم كمياً. وفي بلدان التحرر الوطني والقومي تعمم ما سُمي التعليم العام وأصبح عندها أولاد الريف والفقراء يتلقون تعليمهم بدون تكاليف مادية تذكر. وبالفعل رفع التعليم من مستوى الوعي والتعقلن لفهم مختلف الظواهر أو كانت من نتائجه تأمين عمل في إطار الدولة. ولكنه تراجع مع تعزز دور الدولة القطرية. ويشير المفكر الجزائري الهام محمد أركون إلى أن التعليم العربي في واقعه الراهن يؤسس منهجياً للجهل لا للمعرفة وفرق الطيب تيزيني أستاذ الفلسفة في جامعة دمشق بين التعليم والثقافة، وأشار المفكر السوري صادق جلال العظم وكذلك محمد عابد الجابري إلى رداءة التعليم الفلسفي ما قبل الجامعي ونضيف الجامعي كذلك . وبالتالي تراجع التعليم كمياً ونوعياً وتزايدت أعداد المتسربين من المدارس وتقدمت الأمية لتصل لأعداد تتجاوز ربع سكان الوطن العربي.هذا في الوقت الذي تهيمن فيه الإمبراطورية الأمريكية على معظم توجهات الدول العربية وتتحكم فيها. و توصف إسرائيل بالامبريالية الصغرى وتركيا وإيران تحتل أجزاء من الدول العربية وتطبع الأخيرة العلاقات معهما.وبالتالي ليس هناك من تعليم أو ثقافة جادة"أو سياسة" وما هو موجود لا يعدو أن يكون عملية فك الحروف وتعلم الحساب وبعض المهارات البسيطة تأميناً لمصلحة أو لعمل ما.-وهذا شبيه بما كان يوصي به الإمام الغزالي بخصوص العلم حيث العلم محدد في القرآن الكريم واللغة العربية والحساب من اجل التجارة!-.هذا في الوقت الذي تتسابق فيه الدول المتقدمة في ميدان الثورات العلمية والتقنية والرقمية.
في الحرب والهزائم:
خسرت الدول العربية معركة الاستقلال حين بقي سياسياً وشكلياً ولم يقطع مع اتفاقيات التقسيم كسايكس بيكو وغيرها. وتعززت إسرائيل بحدوث النكبة وبتشكل الإمارات والأقطار العربية والأنظمة الشمولية والتسلطية.وتكررت الخسارة حين الهزائم المتكررة .وهو ما أذن بنهاية المشروع "القومي" والبدء بالقطرية كدول ومشاريع سياسية ولم تكن حرب ال1973 خارج السياق .ثم ومع دخول إسرائيل على لبنان وخروجها منه بقوة المقاومة وبحسابات الخسارة والربح عند إسرائيل، لم تستطع المقاومة مراكمة الانجازات لتتحول إلى مقاومة طائفية تعزز النظام الطائفي بدلاً من أن تكون مقاومة وطنية تقود عملية تغيير النظام الطائفي.وبالتالي أصبحت حروبنا التي ننتصر فيها والتي نخسر بها حروب ضد التقدم العربي. ولصالح المشروع الأمريكي والصهيوني.وليس أدل على ذلك من نتيجة حرب تموز الأمريكية 2006على لبنان.حيث وبالرغم من فشل التخلص من حزب الله وانتصار الأخير ببقائه على أرضه وبكامل عتاده .تم التبرؤ من هذا النصر من قبل القوى الأخرى بحجة أن الحرب حرب حزب الله وهو يقودها لصالح إيران والدولة السورية.والخلاصة من ذلك،أنه ورغم أهمية إفشال مهمة إسرائيل لم يسمى ما تم نصراً. وفي النصف الأول من أيار عام2008 دخل لبنان في أكبر انقسام سياسي على أسس مذهبية وهو يكاد يقف في مهب العاصفة والحرب الأهلية.ويؤكد الباحث محمد كامل الخطيب، إن**** "كل مشروع دولة دينية وطائفية يدفع إلى الحرب الأهلية كما علمنا التاريخ،بل وينتجها" ص91. وهذا ما يشير إلى أننا لا نراكم إلا الفشل الذريع والنكبات والهزائم.ونفس الأمر ينطبق على فلسطين،فبالرغم من انسحاب إسرائيل من غزة، وقع الحسم العسكري الحمساوي لتتحول أراضي ال1967 إلى دولتين أو سلطتين متنازعتين تحت الاحتلال!
خاتمة:
نخلص من كل ما تقدم أن نكبة فلسطين أصبحت نكبة عربية بامتياز وأن الشعوب العربية منقسمة إلى طوائف ومذهبيات سياسية وتتنازعها مشكلات إثنية وقومية. وهناك دول محتلة وأراضي عربية محتلة من قبل إيران وتركيا. وأنظمة شمولية تسلطية وطائفية سياسية تقود أكثر من نظام عربي. وانتخابات مُعلبة تصور وكأنها هي الديمقراطية!تؤدي إلى فوز قوى الإسلام السياسي مع هامش لأقلية علمانية لا تكاد تذكر.إضافة إلى إفقار وأمية تطال الأغلبية الشعبية من سكان الوطن العربي.
*راجع عبد الإله بلقزيز في مقالته "الفتن والحروب الأهلية إكسسوارات تقليدية".
**راجع جاد الكريم الجباعي في مقالته "الجذور التاريخية لانفصال مفهوم الأمة العربية"
***انظر فيليب خوري في كتابه"أعيان المدن والقومية العربية"ص153
****انظر محمد كامل الخطيب في كتابه "وردة أم قنبلة"ص91



#عمار_ديوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النضالات الواقعية المفتقدة
- دولة ديمقراطية علمانية واحدة لا دولة إسرائيلية مهيمنة
- قراءة في كراس طريق الانتفاضة
- الدولة الطائفية ليست بديلاً عن الدولة الواحدة الديمقراطية ال ...
- عن الطائفية والعلمانية في لبنان
- سمير قنطار مقاوماً
- الديمقراطية والقومية في المشروع الماركسي
- علاقة القطري بالقومي ومسألة الهوية والالتباس في المفاهيم نقد ...
- اليسار الفلسطيني: يمين ويسار معاً
- في نقد مشروع تأسيس رؤية سياسية فلسطينية
- في نقد نقد الدولة الديمقراطية العلمانية
- ندوة فكرية حوارية حوّل كتاب سلامة كيلة -الماركسية والقومية ف ...
- النظام الطائفي الهش يفتقد الهيمنة الطائفية
- التحولات الليبرالية وارتفاع أسعار المازوت والغاز
- نكبة فلسطين نكبة عربية
- عرض كتاب مستقبل الحرية
- الاستقلال الذي يُشتهي ولا يأتي
- التدخل الأمريكي والاستعصاء العربي
- الفقر الموحّد والأنظمة المتعدّدة
- القمة العربية عربة على طريق


المزيد.....




- ترامب: جامعة كولومبيا ارتكبت -خطأ فادحا- بإلغاء حضور الفصول ...
- عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف منفذي هجمات سيبرانية
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...
- رئيس الوزراء الفلسطيني يعلن حزمة إصلاحات جديدة
- الاحتلال يقتحم مناطق بالضفة ويشتبك مع فلسطينيين بالخليل
- تصاعد الاحتجاجات بجامعات أميركية للمطالبة بوقف العدوان على غ ...
- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عمار ديوب - من نكبة فلسطين إلى نكبة العرب