أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - عمار ديوب - التحولات الليبرالية وارتفاع أسعار المازوت والغاز















المزيد.....

التحولات الليبرالية وارتفاع أسعار المازوت والغاز


عمار ديوب

الحوار المتمدن-العدد: 2295 - 2008 / 5 / 28 - 08:25
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


جاء رفع أسعار المازوت والغاز في سورية، تتويجاً لسياسة اقتصادية ليبرالية ،ملخصها التحول نحو اقتصاد السوق الحر.وإذ كانت أكذوبة اقتصاد السوق الاجتماعي قد أنجزت دورها في تعمية عيون الفقراء وسهلت ذلك التحول، فإن الأسعار الأخيرة التي تسببت بارتفاع أسعار مختلف المواد وأزمة في مادة الخبز، أظهرت أن سوريا لم تعد أم الفقراء كما أشار أحد الصحفيين الذين واكبوا مؤتمر القمة العربية الأخير-وهذا قبل رفع سعر المازوت والغاز- وربما أصبحت تسير حثيثاً كي تعرّف نفسها كبلد للجوع، وأنها أصبحت كأخواتها من الدول العربية تتبنى اقتصاد السوق الحر، وبما يتوافق مع سياسات البيوتات المالية الدولية، واستجابة للعولمة المتوحشة واشتراطات السوق الامبريالية، وتحقيقاً لمصلحة طبقة ليبرالية جديدة في سوريا.
دخلت سوريا بوابة الليبرالية بشكل واضح مع القانون رقم عشرة عام 1991، ولكنها لم تكن يوماً خارج سياق السوق الرأسمالية. وهي في العقد الأخير تشهد تحولاً قانونياً ليبرالياً في بنية الدولة، من كونها دولة مركزية "رأسمالية الدولة"، لها هيمنة على الاقتصاد والمجتمع والسياسة، إلى دولة مركزية "دولة رأسمالية رثة وتابعة" بدون هيمنة على الاقتصاد، مهمتها حماية الاقتصاد الحر والانفتاح على السوق العولمية واحتكار هذا التحول. ولذلك نستطيع القول :تتحول سورية نحو حرية السوق وتقييد المواطنين وإفقارهم.لتصبح الليبرالية السورية تساوي حرية السوق فقط.
طالت موجة اللبرالية والخصخصة والانفتاح على السوق العالمية بدون شروط كل الدول العربية من أقصاها إلى أقصاها. ووصل ارتفاع الأسعار داخلياً إلى أسعار عالمية، لكن بقيت الدخول محلية بامتياز. وهو ما أحدث التفجر الاجتماعي في معظم دول العالم، ووقع بعض الفقراء قتلى بعد جوعٍ شديدٍ. وفي عالمنا العربي كان لمصر النصيب الأكبر من الإضرابات والاحتجاجات والمظاهرات. وقد شهدت عام 2006 و2007أكبر عدد إضرابات في كل دول العالم. أما بقية الدول العربية فإنها لا تزال تشهد إضرابات متفرقة(في المغرب واليمن والأردن والخليج ولبنان والعراق). وفي سوريا ورغم الإفقار الشديد والأزمة الاقتصادية وانخفاض الأجور لم تمارس الفئات الشعبية إضرابات حقيقية سوى احتجاجات جزئية ومحدودة، وأحياناً توقف عن العمل بسبب ارتفاع أسعار المازوت، ولكنها لم تتحول إلى احتجاجات منظمة(سائقي السرافيس والأفران والفلاحين في الحسكة).
الهام في الموضوع: أن الوعي الشعبي العلماني أصبح في طور الفهم، وأن الفئات الشعبية بدأت تعي أن هذه السياسات الليبرالية هي لصالح الأثرياء وضد الفقراء.وهذا الوعي يتحول ليكون مطابقاً للواقع الذي يتكون. وبالتالي يكشف القصد من أقوال الفريق الحكومي_متصدري السياسات الليبرالية رغم أنها سياسة للسلطة وليست لهم فقط-عن أوضاع صعبة سيواجهها الفقراء.
الجدير ذكره أن البنك الدولي يؤكد أن موجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية، أي الخاصة بقوت الفقراء ستبقى مرتفعة إلى عام 2015، ونضيف بأن الدولة الأمريكية ترمي سفن الأرز في البحار لبقاء أسعار الأرز مرتفعة. وتشهد الدول المتقدمة ما يسمى بالوقود الحيوي من خلال معالجة المواد الغذائية كالقمح والأرز. وهذا ما يزيد الطين بلة، ويساهم في تزايد أعداد الفقراء على مستوى العالم؟!
سورية ليست ككثير من دول العالم ،فهي بلد فيه زراعات أساسية "الزيتون والقمح والفستق الحلبي والقطن والحمضيات واللوزيات". وكذلك النفط والغاز وغير ذلك. فما هو مبرر كل هذه الارتفاعات في الأسعار والانخفاضات في الأجور؟! هل تأثرأ بالأسعار العالمية، وإذ كان الأمر كذلك ألا تتأثر سوريا بالأجور العالمية؟! إن فقر الشعب السوري عائد فقط إلى آليات الفساد والنهب الحكومي والكمبرادور المتحالف مع السلطة. وهؤلاء مجتمعين يكادون يحولون سوريا إلى بلد بلا شعب، وشعب بلا قضية، وقضاياه الأساسية في غربة عنه، واغترابه يصل حدود الخروج الجماعي من سورية، وكلمة سورية أصبحت بالنسبة له تساوي الذل والهوان والجوع والظلم؟!.
إجراءات الحكومة التي اتخذتها، إجراءات وقرارات عبثية وخطيرة، وهي تدمر الزراعة والصناعة معاً. حيث أن موسم القطن يحتاج إلى الماء بكميات كبيرة الآن. والسؤال ماذا سيفعل الفلاحون الفقراء؟ ونتساءل أيضاً هل في الوزارة السورية وزير للزراعة؟ وإذا كان موجوداً ألا يعلم متى يحتاج القطن إلى الماء؟ ربما لا. والصناعيين هل يمكنهم تحمّل الأسعار المرتفعة ؟!. ويشار هنا أن وزير الصناعة وجه الصناعيين إلى استخدام مادة الفيول لأنها لا تزال مدعومة بعكس المازوت ؟! فهل يعقل أن يوجه وزير في حكومةٍ ألغت الدعم الصناعيون نحو مادة غير مدعومة؟ ألا يستطيع رفض تغيير أسعار المازوت سلفاً أو وضع اشتراطات تخص الصناعيين بما يؤمن مادة مازوت رخيصة الثمن؟ ونضيف هل ستستطيع صناعاتنا الضعيفة والهامشية أن تنافس الصناعات الأجنبية في ظل ارتفاع أسعار المواد اللازمة لتلك الصناعات؟ وطبعاً لن تستطيع ذلك كما هو معروف وهو أمر لا يحتاج إلى براهين. وهو ما يؤشر إلى تدهور فعلي في أوضاع الصناعة والصناعيين والفلاحين والعمال. ولذلك أستطيع القول أن سوريا تتجه نحو كارثة اجتماعية حقيقية هذه المرة.
هذه الأوضاع تفترض من غالبية الشعب السوري الاحتجاج والتظاهر ورفض السياسات الليبرالية التي ما تنفك تفرض. وينبئنا رئيس الوزارة أن أسعار المازوت لا تزال مدعومة بنسبة خمسين في المائة، وهذا يعني أنها سترتفع مستقبلاً. وبالتالي تحذروا منذ الآن وخذوا العلم ؟! ولكن القمع والتسلط هو الذي يمنعهم من التعبير. وبمعنى آخر أصبح الوضع الاجتماعي والاقتصادي متفجر والنظام السياسي أشد قمعاً. وبالتالي وفي ظل هذه الشروط وبغياب قوى حداثية فإن التفجر وبدلاً من أين يكون سلمياً وعاماً قد يصبح عنيفاً وطائفياً ومذهبياً.وهنا مركز الخطورة.
علّق الكاتب أبي حسن على هذه الأوضاع بعنوان" لماذا لا تحال حكومة العطري إلى محاكم أمن الدولة؟" وكتبت سعاد جروس عنوان آخر"تفخيخ الخبز". والنقابي بدر الدين شنن"مجزرة معيشية جديدة". وكتب عبد الله علي نص شاعري جميل" الحب في زمن المازوت !!" وكتبت مية الرحبي عن أوضاع المرأة والجندر وقسائم المازوت. وتقريباً تكاد مجلة "الاقتصادية" تكتب بشكل أسبوعي عن الموضوع. وآخرين تناولوا المشكلة، وهي تتفاعل عند الكتاب والباحثين وأصبح الموضوع حديث الناس وشغلهم الشاغل. وإذ نعود لأبي حسن فإننا نؤكد معه إن هذه الحكومة إما أن تلغي قوانين الطوارئ ومحكمة امن الدولة وكل القوانين الملحقة بها، والتي تمنع الاحتجاج السلمي والمدني بصفة خاصة. وإما أن تتحول هي إلى محكمة أمن الدولة بحجة مخالفتها للقوانين الاشتراكية ووهن نفسية الأمة والمواطنين. وبالتالي نؤكد كما كثير من الكتاب السوريين أن هذه القرارات أشد عبثيةًً وكارثيةً بأوضاع البلد من أي مخالفة سياسية لقوانين الطوارئ التي تعمل بها الدولة.
ما تم من زيادة في الأجور والتي تحددت بـ25 بالمائة لا تعوض شيء، ولا تضيّق الفارق بين الأسعار والأجور. وإذ كان من زيادة لها معنى فيجب أن تكون خمسمائة بالمائة. وبعدم تحقق ذلك فإن الزيادة التي تمت هي رشوة صريحة لإغلاق الأفواه، أتت متزامنة مع ارتفاع أسعار المازوت والغاز وكل المواد الأولية. وهو نفس ما فعلته معظم الدول العربية من دول الخليج إلى مصر إلى اليمن إلى الأردن. ولذلك نؤكد أن هناك سياسات إفقار للأغلبية الشعبية في جميع الدول العربية.
المواجهة المدنية في سورية ضد سياسات السلطة تتطلب قوانين مدنية، تنظم العلاقة بين الشعب والسلطة. ولذلك لا محيد أمام السلطة عن إطلاق الحريات العامة والتحول الديمقراطي، وإلا لن يكون السوريون إلا طوائف سياسية ومذاهب وقوميات متصارعة. ولن يكونوا بالطبع منخرطين في نقابات واتحادات وجمعيات وأحزاب وروابط حداثية لتغييبها بصفة خاصة.
أخيراً وكي أكون واقعياً وفظاً فإن سوريا ستشهد مزيداً من اللبرلة والإفقار الشديد، وتدميراً للزراعة والصناعة. وربما ستشهد احتجاجات حداثية، فهل تستطيع الأحزاب والقوى الحداثية الانسجام مع نفسها بكونها تدعي التعبير عن الشعب بطرح مشكلات هذا الشعب المفقر؟!



#عمار_ديوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نكبة فلسطين نكبة عربية
- عرض كتاب مستقبل الحرية
- الاستقلال الذي يُشتهي ولا يأتي
- التدخل الأمريكي والاستعصاء العربي
- الفقر الموحّد والأنظمة المتعدّدة
- القمة العربية عربة على طريق
- الطائفية في الكويت ،هل من حل
- واقع الكتاب العربي جزء من أزمة الواقع العربي
- في آفاق المسألة الفلسطينية
- ضرورة النقد ضرورة العقل
- في نقد المعارضة السورية: ضرورة الانسحاب لا التجميد
- لسنا أصحاب ضمير أو عقل
- ماذا يفعل بوش في المنطقة
- حوار مع الأستاذ مازن كم الماز- من أجل استنهاض جديد لقوميات ا ...
- بعض أزمات سوريا في العام 2007 وبداية 2008
- بعض من أخطاء إعلان دمشق
- حركة كفاية والاحتجاجات في مصر
- سوريا تودّع مفكرها الأهم المفكر عصام الزعيم
- في آفاق الحوار المتمدن
- دولة واحدة ديموقراطية أم دولة ديموقراطية علمانية


المزيد.....




- قرش يهاجم شابًا ويتركه ليهاجمه آخر بينما يحاول الهرب.. شاهد ...
- اكتشاف شكل جيني جديد لمرض ألزهايمر يظهر في سن مبكرة
- نتنياهو: إسرائيل يمكنها -الصمود بمفردها- إذا أوقفت الولايات ...
- شاهد: إجلاء مرضى الغسيل الكلوي من مستشفى رفح إلى خان يونس
- دراسة: الألمان يهتمون بتقليل الهجرة أكثر من التغيّر المناخي! ...
- رغم الاحتجاجات.. إسرائيل تتأهل لنهائي مسابقة الأغنية الأوروب ...
- البنتاغون قلق من اختراق روسيا لمحطات -ستارلينك- واستغلالها ف ...
- الدفاعات الروسية تسقط صاروخين أوكرانيين استهدفا بيلغورود غرب ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صواريخ أطلقت من رفح باتجاه إسرا ...
- العراق يدعو 60 دولة إلى استعادة مواطنيها من ذوي عناصر -داعش- ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - عمار ديوب - التحولات الليبرالية وارتفاع أسعار المازوت والغاز