|
العفو عندَ المَقدِرة
زهير دعيم
الحوار المتمدن-العدد: 2315 - 2008 / 6 / 17 - 10:37
المحور:
الادب والفن
في سهل جميل أخضر بين أحضان الطبيعة الجميلة ، عاشت فرس وأتان عيشة سعيدة ، مليئة بالاحترام المتبادل والتقدير . وكان للفرس مهر صغير جميل يُدعى " مهرون" ، وللأتان جحش صغير أسمته "حمرون" ، وكان مهرون وحمرون صديقين حميمين يلعبان دومًا في ربوع الطبيعة الجميلة . وكان لكلّ من الفرس والأتان قطعة من الأرض تقع الواحدة بجانب الأخرى . زرعت الفرس حقلها الصغير بالملفوف ، في حين زرعت الأتان حقلها بالخسّ ، على أن تأكل إحداهما من منتوج حقلها وتبيع ما تبقّى. لم تعجب الجيرة الحسنة التي ربطت الفرس بالاتان ، الثعلب المكّار السّاكن في المغارة القريبة ، فقرّر أن يضرّ بهذه العلاقة ، فتسلّل في إحدى الليالي إلى حقل الاتان المزروع بالخسّ ، وقلع وأتلف الكثير ، وحَمَلَ معه بعض الخسّات ورماها في حقل الملفوف ، وعاد إلى مغارته ينتظر طلوع الفجر بشوق . في الصباح الباكر حملت الأتان كعادتها فأسها واتجهت نحو حقل الخسّ ، لتقلع الأعشاب الضّارة ، وكم كانت مفاجأتها كبيرة حين رأت الخراب الذي أصاب حقلها ، فترسّمت الأثر حتى قادتها قدماها إلى حقل جارتها الفرس ، فرأت الكثير من الخسّ مرميًا هناك ، فتأكّد لها أنّ هذا العمل من فعل الفَرَس ، فأخذت تصرخ وتلوم جارتها على فعلتها ، والفرس المندهشة تنكر وتقسم انها لم تقم بهذه الفِعلة الشنعاء . وفي الليلة الثانية ، وكانت ليلة حالكة السّواد ، تسلّل الثعلب إلى حقل الملفوف ، وعاثَ به فسادًا ، وحمل كالمرّة السابقة بعض المنتوج ورماه في حقا الخسّ . تأكّدت الفرس في صبيحة اليوم التالي أنّ جارتها الأتان ، هي التي قامت بهذا العمل ، فصرخت بها من بعيدٍ ,اتهمتها بالانتقام والتخريب. تكررت أعمال الثعلب حتى أصبحت العلاقة بين الجارتين سيّئة جدًا ، فلا صباح الخير ولا مساء الخير ، بل نظرات محمومة. على انّ هذه العلاقة السيئة لم تؤثّر على صداقة مهرون وحمرون فظلا صديقين حميمين ، وان تضايقا من سوء العلاقة التي تربط أهلهما . فكّر مهرون وحمرون طويلا في حلِّ المشكلة ، وأخيرًا قرّرا أن يفعلا شيئًا. عندما حلَّ المساء أخذا يحفران سِرًّا بين حقليها حفرة كبيرة وعميقة ، غطياها بالقشّ ، ثم عاد كل واحد إلى بيته ، وناما حتى الصّباح والأفكار تدور في رأسيهما الصغيرين. وعندما طلع صباح اليوم التالي ، وكعادتها هبَّت الفرس والأتان تتفقدان حقليها وتتوقعان تَلَفًا جديدًا . وما أكبر المفاجأة حين سمعا من بعيد صُراخًا واستغاثةً آتيًا من الحدّ الفاصل بين الحقلين ، فتوجهتا إلى هناك لتجدا الثعلب المكّار يبكي ويصرخ في الحفرة العميقة. تعانقت الجارتان وسالت دموع الفرح من أعينهما ، خصوصًا عندما حضر مهرون وحمرون وكشفا السرَّ وأخبرا والدتيهما من أنهما كانا متأكديْنِ بأنّ هناك فتنة. وكم كبر مهرون وحمرون في عينيّ الوالدتين ، حين اقترحا أن يُخرجا الثعلب من الحفرة ويسامحانه ، فالعفو عند المَقدِرة!!. أدارت الفرس وجهها نحو حقلها ، وأنزلت ذيلها الطويل إلى الحُفرة ، فامسكَ به الثعلب وخرج وهو يعتذر ويدعو لمهرون وحمرون بطول العمر . عاد الثعلب إلى مغارته منكّس الرأس ، وهو يتعهّد بانه لن يعود إلى خُبثه وحيله !!! ثم افترشت العائلتان التراب وراحوا يأكلون بنهم مرة من الخسّ وأخرى من الملفوف .
#زهير_دعيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
غاندي:الموعظة دُرّة التّاج
-
القِلادة الذهبيّة
-
المعمدان الشّاعر
-
الفستانُ الليلكيّ
-
كأس أوروبا....شهر عسلٍ مُصفَّى
-
بُكرا مع الأيام
-
موقفٌ رجوليٌّ
-
الاعتراف
-
هل رأيتم حبيبي ؟
-
راكعة
-
راكعةٌ
-
الأصدقاء الثلاثة -قصة للأطفال
-
سائلي طيفي
-
الله المحبّة ...أيْنَ أجدهُ ؟
-
عُرسٌ في الارض وخمرةٌ من السّماء
-
بُستان الجثسيماني والزيتونة العتيقة
-
دم أخيك يصرخ اليَّ
-
حان الوقت لتغيير السُّلّم !
-
الحقل الأغلى
-
جارة القَمَر مرّة اخرى
المزيد.....
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
-
مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل
...
-
لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش
...
-
مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|