أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - رمضان متولي - على إسمك يا جاهين














المزيد.....

على إسمك يا جاهين


رمضان متولي

الحوار المتمدن-العدد: 2313 - 2008 / 6 / 15 - 10:40
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


النخل في العالي والنيل ماشي طوالي
معكوسة فيه الصور، مقلوبة … وأنا مالي
يا ولاد أنا ف حالي زي النقش في العواميد
زي الهلال اللي فوق مدنه بنوها عبيد
وزي باقي العبيد بجري على عيالي

أبيات الشاعر والفنان النابغة صلاح جاهين التي كتبها منذ عقود في ملحمته الشهيرة "علي إسم مصر" قدم فيها صورة لهذا البلد القديم قدم الحضارة نفسها، الذي تقلبت فيه الأحوال من حال إلى حال لكنه لم ينضب أبدا ولم يعجز أبدا عن إنجاب هذا النوع من الأبطال الذين لا يذكرهم التاريخ ولا تحفر أسماؤهم مثل الفراعين على أعمدة المعابد والمسلات، هذا النوع من الأبطال العاديين جدا والذين تطاردهم الشرطة في أزقة الأحياء الفقيرة وفي حواري القرى، تغتصب أراضيهم وكرامتهم، وتهدم بيوتهم الهزيلة التي لا نجد لها أثرا في الحفريات ولا تجذب اهتمام السائحين وعلماء الآثار.
مصر اللي عمر الجبرتي لم عرف لها عمر
وطلع لقاها مكان مليان عوام وزعر
جعيدية غوغاء يجيبوا تملي وجع الراس
وخليط أفارقه هنادوة روم ملل أجناس
والترك في القلعة والمماليك خدودهم حمر

صلاح جاهين أكد أن هؤلاء الأبطال لا يولدون إلا في النكسات ودون أن يلتفت أحد إلى وجودهم، لا ترك القلعة ولا مماليك السلطان، فهم يشبهونك ويشبهونني، ويشبهون ذلك العامل الذي قتل برصاص السلطة الطائش في أحد الإضرابات، يشبهون ذلك الفلاح الذي سلبت أرضه واقتيد إلى المأمور ليضرب بالفلقة أمام زوجته وأبنائه. وقد يكون هؤلاء الأبطال من نسلك أنت الذي تبيع المناديل وتمسح العربات في إشارات المرور. هؤلاء الأبطال يولدون في لحظة ويصنعون التاريخ ولا يلمعون كالشهب في الأحداث الجسام، إنهم يولدون في صمت ودون أن تقام الاحتفالات الصاخبة لمولدهم، ويصنعون الأحداث الكبرى دون أن يعوا تماما ما يفعلون، إنهم أبطال المعارك الكبرى وصناعة المصائر الذين لا تسجل الأحجار مآثرهم، ولا يولدون إلا عندما يسود الإحباط واليأس، وقد استطاع جاهين أن يصف لحظة الميلاد في ملحمته الخالدة:
القاهرة في اكتئاب والأنس عنها غاب
من عتمة تخرج لعتمة كأنها في سرداب
أو قرية مرمي عليها ضل هجانة
الحظر م المغربية بأمر مولانا
ومصر في الليل بتولد والبوليس ع الباب

هكذا ينبغي أن نتعلم أن مسألة انتظار البطل المخلص الذي يجب أن يكون شخصية لامعة أو مرموقة لها مآثرها ما هي إلا خدعة ضرورية نلجأ إليها تعبيرا عن عدم إدراكنا بأن أبطالنا الحقيقيين هم نحن أنفسنا، لكن التجربة بجميع عناصرها الموضوعية والذاتية لم تفرض علينا بعد أن نواجه مأساة المعركة، وهي المأساة التي لا يمكن لأحد أن يحدد نتائجها سلفا، ولأننا أبطال عاديون جدا، لا نخوض المعارك من أجل المعارك، ولا نأبه بأن يخلد التاريخ أسماءنا، نحاول باستمرار أن نتجنب المواجهة، وكلما وجدنا صخرة نختبئ وراءها من العواصف نتشبث بها حتى تحاصرنا الأعاصير من جميع الاتجاهات:
مصر الرمال العتيقة وصهدها الجبار
والنيل كخرطوم حريقه وحيد في وسط النار
في إيدين بشر نمل رايحه وجاية ع الضفة
فيهم مطافي وفيهم كدابين زفة
وفيهم اللي تعالى وقال أنا حكمدار

لكن العاملة التي انكفأت وانحنى ظهرها أمام آلات النسيج في المحلة، وزميلها الذي احترق وجهه أمام صهد الأفران في مصنع الحديد والصلب، والفلاح الذي تشققت قدماه ويداه والتهبت وجنتاه من لفح الشمس وأصبح هزيلا كأعواد الحطب من طغيان السلطة، يولدون من جديد أبطالا في معارك الضرورة لا يخدعهم الكذابون، ولا تفل عزيمتهم مياه المطافي ولا يردعهم غرور الحكمدار.





#رمضان_متولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جمهورية الغاز
- مأزق المبرراتي
- نماذج من الإضراب الجماهيري(3)
- ضد العولمة
- ما هو البديل؟
- نماذج من الإضراب الجماهيري (2)- تأليف توني كليف
- نماذج من الإضراب الجماهيري - تأليف توني كليف
- بلادنا رغم أنف الحاكمين
- المحلة ورهان السلطة
- التنكيل بالمحلة لإرهاب الفقراء
- 6 أبريل على بوابة الأمل
- ثقوب في قبضة -الأخ الأكبر-
- عذرا يا شيخنا – نرفض الشهادة!
- رأسمالية وطنية وأخرى تابعة!
- معادلة الحرية
- لن نتسول حقوقنا يا رئيس الوزراء!
- قيادة نقابية أم موظف في جمعية دفن الموتى؟
- أبطال المعارك الوهمية
- الشرعية والقانون
- كاليجولا يحاصر الهواء


المزيد.....




- البيت الأبيض يدعو إسرائيل إلى إعادة فتح المعابر إلى غزة
- مسيرة -لانسيت- الروسية تدمر منظومة استطلاع أوكرانية حديثة في ...
- البيت الأبيض: إسرائيل أبلغتنا بأن العملية العسكرية في رفح مح ...
- -ولادة بدون حمل-.. إعلان لطبيب نسائي يثير الجدل في مصر!
- تبون: ملف الذاكرة بين الجزائر والمستعمر السابق فرنسا -لا يقب ...
- في الذكرى الـ60 لإقامة العلاقات بين البلدين.. أردوغان يستقبل ...
- تسريب بيانات جنود الجيش البريطاني في اختراق لوزارة الدفاع
- غازيتا: لهذا تحتاج روسيا إلى اختبار القوى النووية
- تدعمه حماس وتعارضه إسرائيل.. ما أبرز بنود اتفاق وقف إطلاق ال ...
- في -قاعة هند-.. الرابر الأميركي ماكليمور يساند طلاب جامعة كو ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - رمضان متولي - على إسمك يا جاهين