أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - رمضان متولي - مأزق المبرراتي














المزيد.....

مأزق المبرراتي


رمضان متولي

الحوار المتمدن-العدد: 2299 - 2008 / 6 / 1 - 07:59
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


تصريح الدكتور عبد الأحد جمال الدين في منتصف الأسبوع الماضي بأن الصحفيين المصريين "جميعا" كذابون "ويسيئون لسمعة مصر" تضمن تحريضا مباشرا للسلطة لشن هجوم جديد على حرية التعبير. المشكلة أنه لم يأت بدليل في اتهامه الصحفيين المصريين "كلهم" بالكذب إلا تغطية أحداث المحلة التي تعمدت فيها أجهزة الأمن منع الصحفيين من التغطية كما قبضت على أحد الصحفيين الأمريكيين ومترجمه، ثم أفرجت عن الصحفي الأمريكي بسرعة ولكنها احتفظت بمترجمه المصري لعدة أيام.

ولأن الدكتور جمال الدين يسبق اسمه لقب علمي رفيع، يحق لنا أن نتساءل أي نوع من "الدكتوراه" التي حصل عليها وتسمح له بتجاهل أبسط قواعد المنهج العلمي عند إصدار هذه الأحكام المطلقة. لابد أن يكون الرجل قد قام بجمع "كل" المادة المنشورة "لجميع" الصحفيين المصريين بلا استثناء ومقارنتها بالواقع الذي لا يعرفه أحد سواه فاكتشف أن "كل" الصحفيين كذابون! وإلا فإن هذه التهمة ينبغي أن ترتد على صاحبها.

أما نغمة "الإساءة لسمعة مصر" التي تتردد كثيرا على ألسنة رموز السلطة، فقد أصبحت نغمة ممجوجة، خاصة وأن الصحفيين ليسوا كتلة واحدة، وإنما هناك صحفيون يوالون السلطة ويدافعون عنها ويحاولون تجميل صورتها عمال على بطال ولكنهم لا يجدون من يصدقهم لأن الواقع ببساطة يكشفهم في أغلب الأحوال، وأصبح القراء – إذا كان لهم قراء - يتعاملون معهم بحذر شديد، وغالبا ما يصفونهم بأنهم أبواق السلطة. كما أن كثيرا من المؤسسات الحقوقية في مصر والخارج تتابع ما يجري في مصر وترصده وتنشر تقاريرها على الرأي العام وترسلها إلى الحكومة المصرية، مثل العفو الدولية ومؤسسة هيومان رايتس ووتش، ويكفي الاطلاع على تقرير واحد من هذه التقارير لنعرف بالضبط من هم الذين يسيئون إلى سمعة مصر – من يرتكب الجرائم في حقها أم من ينشرها ويطالب بالتحقيق فيها.

علاوة على ذلك، فإن مصطلح "سمعة مصر" نفسه أصبح فارغا من أي مضمون حقيقي بعد أن أصبح رموز النظام يطابقون بين "مصر" وبين السلطة التي تحكمها. وينبغي أن يتم تعديل المصطلح إلى "سمعة السلطة الحاكمة في مصر". وسمعة السلطة أصبحت فعلا في الحضيض، ولكن ليس بسبب ما ينشره الصحفيون المعارضون لها والمستقلون، وإنما بسبب ممارسات هذه السلطة نفسها.

فالصحفيون لا يحكمون البلاد بالطوارئ لمدة ثلاثة عقود تقريبا، ولم يضربوا القضاة بالأحذية، لم يوقعوا صفقة الغاز مع إسرائيل ولم يخفوا عن الرأي العام وعن أعضاء البرلمان بنود هذه الصفقة، الصحفيون لم يدافعوا عن تجديد الطوارئ مثلما فعل الدكتور مفيد شهاب، ولم يقمعوا الإضرابات السلمية للعمال، ولم يهدموا بيوت الفقراء، لم يعذبوا الناس في أقسام الشرطة ولم يعتقلوا الآلاف لسنوات دون توجيه اتهام أو محاكمة. هل يستطيع الدكتور جمال الدين أن ينكر كل هذه الممارسات التي أثبتتها أحكام قضائية ووثائق وتصريحات حكومية؟ أم أن كل هذه الممارسات لا تكفي لكي تسيئ إلى سمعة السلطة في مصر وتنزل بها إلى الحضيض؟

لكل نظام في العالم مجموعة ممن يحملون درجات علمية أو يتخصصون في مجال من المجالات مهمتهم أن يدافعوا عن سياساته ويمرروها ويساهموا في صنعها – هم حراس أيديولوجية النظام. ولا يستطيع هؤلاء أن يلعبوا الدور المنوط بهم إلا إذا كان للسلطة شرعية سياسية تقوم عليها ونظام قانوني وأخلاقي تتقيد به. وهنا يكمن المأزق الذي يعاني منه أيديولوجيو السلطة لدينا حيث لا شرعية سياسية بعد التلاعب بالدستور، وتزييف الانتخابات والاستفتاءات، وتسفيه المؤسسات النيابية والقضائية، وقمع التنظيمات السياسية سواء كانت قانونية أو غير قانونية، وحيث لا يتقيد الجهاز التنفيذي للدولة، وخاصة أجهزة الأمن، بأي مبادئ قانونية أو أخلاقية في ممارساتها. فالقوانين، بما في ذلك قانون الطوارئ نفسه، لا تطبق إلا بشكل إنتقائي، ويتم طبخها بأسلوب يطلق يد هذا الجهاز التنفيذي للتعسف بلا حدود من ناحية وبما يسمح بتجاوزها بلا حدود أيضا من ناحية أخرى، والأمثلة على ذلك كثيرة لايتسع المجال لذكرها، ففي مصر كل شيء ممنوع وكل شيء مباح.

وهكذا فإن مأزق حراس أيديولوجية النظام لدينا يكمن في أن السلطة في مصر لا تتيح لهم الفرصة لطرح أي منطق متماسك عندما يدافعون عن ممارساتها. وبالتالي تأتي تصريحاتهم شائهة لكي تكمل المشهد في "كوميديا سوداء" وعرجاء أيضا، ففي هذه المسرحية العبثية لم يعد المتفرجون ينفعلون مع الممثلين أو يتأثرون بالمشهد، ولأن الجمهور مازال عاجزا عن تحطيم المسرح وقذف المهرجين السذج بالكراسي وقشر الفول السوداني، يستطيع هؤلاء الممثلون أن يلعبوا أدوارهم التافهة وهم يصرخون ويقهقهون ويؤدون حركات بهلوانية ويختالون بأنفسهم في نشوة من يظن أن أنات الجماهير التي قيدت وكممت أفواهها ما هي إلا صيحات إعجاب بالأداء السخيف.



#رمضان_متولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نماذج من الإضراب الجماهيري(3)
- ضد العولمة
- ما هو البديل؟
- نماذج من الإضراب الجماهيري (2)- تأليف توني كليف
- نماذج من الإضراب الجماهيري - تأليف توني كليف
- بلادنا رغم أنف الحاكمين
- المحلة ورهان السلطة
- التنكيل بالمحلة لإرهاب الفقراء
- 6 أبريل على بوابة الأمل
- ثقوب في قبضة -الأخ الأكبر-
- عذرا يا شيخنا – نرفض الشهادة!
- رأسمالية وطنية وأخرى تابعة!
- معادلة الحرية
- لن نتسول حقوقنا يا رئيس الوزراء!
- قيادة نقابية أم موظف في جمعية دفن الموتى؟
- أبطال المعارك الوهمية
- الشرعية والقانون
- كاليجولا يحاصر الهواء
- حكومة رجال الأعمال لن تحمي مصر من استيراد التضخم
- مجلس الدكتور سرور


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - رمضان متولي - مأزق المبرراتي