أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر حمّش - العودة الى مجدل عسقلان / قصة قصيرة














المزيد.....

العودة الى مجدل عسقلان / قصة قصيرة


عمر حمّش

الحوار المتمدن-العدد: 2253 - 2008 / 4 / 16 - 06:11
المحور: الادب والفن
    



عمر حمّش في فجر حائر هبّت العجوز إ
في فجر حائر!
سحبت ثوبا مخبوءا منذ عقود
في نول المجدل نسجه المقصوفُ
تخرجه الآن موشّى، أخضر، فأحمر
جنّة فنار
القبّة على الصّدر الضّامر مربّعة
وعلى الرأس المرتجّ المِنديلُ حرير
وتعود أمّ التسعين مهرولة
إلى مَجدلِ عَسقلان!
قررت العودة إلى أخرِ مشهدٍ في الدنيا
دبكة معقودة قُدام البحر!
تحجلُ فيها
في وادي النّملِ!
وتهزُّ الصدر النافر َبذات الثوب
أمام الزوج
في عُرسٍ راقصٍ لبنتِ الجيران!
رأته الآن يجيء!
على خاصرته يعقد يُمناه
ويحرك ساقيه
يتمايلُ، ثمّ يحتدّ
ليدقّ الأرضَ
بضرباتٍ موزونة!
والى الزفة يجيء القصفُ!
القصفُ يجيء!
القصفُ !
القص!
فْ!
تمزقت الزفةُ، والحشدُ تناثرَ!
وتحتَ التوتةِ همدتْ مذهولة!
ببطنِ الجذع!
الآن تعودُ، فيبتسمُ الفجر!
قالت ليدِها العجفاءِ، وهي تلوح:
ندم الشيطانُ!
قالت ليدها: خرجَ اليهودُ!
تاب منْ لا يتوبُ !
ورأت العجوزُ ورودا تسكنُ عينيها !
فهتفتْ متراقصةً:
الدنيا ورد!
ورد!
ور
د!


* * * * *


وعصفور في الفجرِ ينادي!
الابن يصرخ، فيهُبوا !
خرجت العجوزُ!
فعلتها !
هرولَ للصندوقِ المتصديءِ!
فما وجد المفتاح!
قالت: سأعود!
الابنُ دوما متهيئ، والكنّةُ، والأحفاد !
فعلتها !
هاموا في الطرقات، انضمّ اللاجئون!
إذاعات صاحتْ، ومساجدُ صارت تعلن!
البناتُ وصلنَ مع الأزواج!
تباعدوا واقتربوا، تعاتبوا، وتشاجروا !
صاحَ الابنُ: هلكنا!
الفصائلُ خجلى جاءتْ، والأحزابُ
أصحابُ لِحى، وعلمانيون!
لكنّ الشمسَ ابتعدتْ!
في حلقِ الابنِ اللهبُ
وفي ساقيهِ اشتعلتْ نار!


* * * * *

الشيطانُ زيّن لها شعبا يعود!
جموعا محملةً، وجموعا تسير!
رقصوا على رجف الطبول!
وفي الرأس المهتزّ احتدّت زغاريد!
شوشانا الصفراء في الغيم أيضا جاءت!
هيّا شوشانا
خذي ما جلبتي!
خذي معك استر، خذي راحيل!
وجاءت أواخر أيام!
شوشانا في المجدل تقبض رأس البصل مقابل دلو الرمل!
يا شوشانا هاتي الرمل، لأجلي بعض أوان!
ابتعد الرمل يا شوشانا!
ابتعد الرمل!
شوشانا تشترط أن تقبض رأس البصل!
لتتمّ الأمر!
هيّا شوشانا إلى بلاد المروك عودي!
أزف الوقت!
يا مروكية عودي!
وشوشانا خلف سياج، كانت ترقص يوما مع راحيل:
إحنا بنات الهاجانا
سبع ملوك ما تلقانا
صيّفنا في فلسطين
وشرق الأردن مشتانا!
وتصيح العجوز الآن
مشهرة المفتاح!
هذا نحن يا شوشانا!
جئنا
نحضن دورنا
ونقبّل باحات جامعنا المملوكيّ!
يا شوشانا!
والعائدة صارت تتحسس جنبات الجامع!
فتأتي خطوات الغائب!
يتبختر بحزامه الشاميّ
وعلى الكتف تستلقي عباءته!
وعن بعد بعيد لثمت مواطئ قدميه!
و جنبات الديوان!
الشارع المؤدي للميدان!
شجرة زينة استندت عليها معه !
ورأت باب الدكان، كائنا كما كان!
رأت البيع فيه والشراء!
من حوانيت يافا بضاعته!
وحرير الأنوال!
ولحظات صفوة كانت تأتي!
يغلق المقصوف الباب، ليأخذها صبيّة بعمر الورد!
بتشممها!
ويشعل فيها النار!
وتعود شوشانا مع اليهوديات تغني!
محمد مات!
مات، مات!
خلّف بنات!
بنات!
فينشقّ القلب!
شوشانا كانت تصفق مع المجلوبات الكفوف!
وللصبيّة يهززن عجيزات يائسات!

* * * * *

كأسطوانة دار الابن، ونشف الحلق
ارتجّت ساقاه!
العتمة صارت غولا، وليس في مرمى العين أمل!
عادت العجوز!
كيف تعود؟
كان يقول:
اليهود في المجدل يا أمّي !
تصرخ دوما شاردة:
يا شيخ عوض!!
ومقام الشيخ!
لم تأته الدراويش منذ عقود!
ويراوده خاطر أن يخبرها :
عراة يأتون الضريح!
صار خلوة بهم تضجّ!
بالبحر شيخنا يستجير
فيناديه البحر
والشيخ يردّ:
خذني!
تصيح:
دستور يا شيخ!
لكنّ الشيخ يغور!
يهوي أسفل سيقان المخمورين!
يلاطمه نباح وشبق الموتورين!
وتلتاع العجوز!
أعود لساعة سعيّ في وادي النّمل!
وأموت راضية على رأس الضريح!
ووادي النمل بطاح يا أمّي
بلا جموع!
بلا أغان، ولا طقوس!
العجوز لا تسمع من الدنيا سوى الطنين!
وليس في عينيها سوى المشهد الأخير!
في صدر الابن وقفت أفعى تنوح
ثمّ صارت تصيح!



* * * * *


المفتاح !
تتصلب يدها على المفتاح!
بعد قليل ترى ( هربيا ) !
ستوقف فيها هذي الجموع!
تصلي شاكرة ربّ الكون المعبود
تخطو أوّل خطوة في الفردوس!
لا تأكلّ الجميز، بل تمتص!
تتذوق بلسان صائم قطرا عاد!
وبكت العجوز لمرأى (هربيا )!
وأشهرت حدّ المفتاح كسيف !
ورأت ( بربرة ) بعدها على خطوات!
فغنّت بصوت صادح:
بربراوي يا عنب!
وأشاحت بيدها منتشية:
يا عنب
يا ع
ن
ب
وارتمت على رمل الدالية الأولى!
تعانق باكية في غصنها الذهب!
لكن عسقلان هتفت:
تعالي!
فصاحت مصعوقة تجري:
يا مجدل!
وانطلقت العجوز بلا حشود
إلى الحدود المدرعة!
في عينيها الزغاريد!
وفي رأسها رجف الطبول!
وفي العتمة كانت عيون
تربض في قصبة حديد!
فيها أولاد من شوشانا !
ومن وراحيل!
قناصة يعتلون الثكنة العالية!
أبناء عجيزات يوما تراقصن!
غنين:
محمد مات!
مات، مات!
خلّف بنات
بنات!
وانفجر الصوت!
والعجوز ترنحت مشرقة
في الليل!
نامت، ترنو مبتسمة!
وحدّ المفتاح المشهر بيدها
يتراقص مثل سيف!

روائيّ وقاصّ من فلسطين
1- 3 - 2008
[email protected]



#عمر_حمّش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من لهيب الذاكرة المهاجرة
- علاج / قصة قصيرة جدا
- شبق / قصة قصيرة جدا
- سراج / قصة قصيرة جدا
- قصص قصيرة
- دنيا الحمير / قصة قصيرة
- عفريت الفضة / قصة قصيرة
- عودةُ كنعانَ / قصة قصيرة
- سيف عنترة
- حكاية عمران مع لوح الصفيح / قصة قصيرة
- عذراء حارتنا
- تابوت
- منْ يغلقُ النافذة ؟
- خيط القمر / قصة قصيرة
- حمامة الفتى / قصة قصيرة
- جوادٌ أبيض / قصة قصيرة
- ابن آدم/قصة قصيرة


المزيد.....




- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...
- فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد ...
- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...
- تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ ...
- مصر.. الفنانة إسعاد يونس تعيد -الزعيم- عادل إمام للشاشات من ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر حمّش - العودة الى مجدل عسقلان / قصة قصيرة