|
حمامة الفتى / قصة قصيرة
عمر حمّش
الحوار المتمدن-العدد: 2171 - 2008 / 1 / 25 - 08:21
المحور:
الادب والفن
كان الفتى : قام الفتى في المخيم يؤرجح الذراع ، كان الفتى مشعا بضوء الله ، ساطعا كنجمة الصباح . وقال الفتى : هنا سقط الرفيق ، هنا خرجت روح من خلف روح من خلف روح . وعندما جاءوا هتف الفتى : أقفلوا الطريق ، أن حكم الله الأبدي أن تسد الشوارع عليهم وتقطع الطريق .
دنيا الله : دنيا الله هجوم الناس على ثكنة الأغراب ، دنيا الله قرميد مجنون يتطاير خلف العربات .. ألواح صفيح تتمزق في الجري ثم صفير وزعيق وتصفيق يدوى لانقلاب العربة الغبيّ . قال الناس : - كمن الفتى لها وفى اللحظة الحرجة سحب الحبل ، فهرولت صفيحة الزبالة عظيمة ، رهيبة إلى عيني السائق . وقال الناس : - زاغت إطارات العربة المرعوبة ، فانفجرت في العينين قنبلة الجير الملفوفة بورق المدارس. وقالوا : - هاج المجنون الأعمى ، فوقفت عربته صارخة على إطارين ثوان ثم أنهدت. وقال الشاهد : - هجم الفتى ، وفى بطن العربة المقلوب سمعنا صراخا بلغتين ثم رصاصا يصن ، وهدوءا لثوان . وقال : - أعقب ذلك أمطار حجارة ثم هجوم الناس الكاسح . دنيا الله في المخيم نار حمراء تأكل عربات الأغراب ، وتلون الرمل بلون الدم الفاقع . الله يعطى والله يأخذ ، وللرّب في خلق الفتى شؤون ومواقف .
الشهيد : القمر يا دنيا قمر ، والشمس لازالت .لا يتغير تكوين كونه الله ، هذا حال لا يتغير إلا أن شاء الله . وعلى الأكف كان الفتى . وقال الشاهد : - في لحظة رفع الفتى ذراعه وصاح : القمر والشمس يتجاوران . وأقسم الشاهد : - أن الناس في عجب صاحوا : القمر والشمس فلكان في السماء يلتقيان ! واستمر الشاهد : على الأكف قال الفتى : هذه منحة من عند الرب ، وهذا أمر الله أن يستمر الطعن . وأقسم الفتى : أن الليل انقضى ، و أن النهار منذ الآن يتمدد . ونام الفتى ..! قال الشاهد : -على الأكف نام الفتى ، فجاءته حمامة لا أحد من قبل مثلها رأى ، ظّلت ترفّ فوق الصّدر الدامي وتخفق ، ونحن نجرى من شارع إلى شارع . قال الشاهد : - حين حوصرنا سمعناها تنادى ، اتركوه ! أقسم الشاهد وشدّد : - طار الفتى من أيادينا ثم حلّق ، ترفّ الحمامة فوقه كالقائد . وقال الشاهد : - أما الأغراب فحملقوا فاغرين .
الجثة : حلّق الفتى وحلّق ، ثم لف في حلقات موزونة ، وتصاعد تحت الحمامة ، حتى اقتربا من قرص الشمس . ويقول الشاهد : - احترنا هل ذهب الفتى أم جاءت إليه الشمس . ويقول : - أخر صورة كانت دورات لجسد الفتى أسرع من أن تتبعها . فصار الجسد قرصا ضوئيا ، ابنا للشمس . وهتف الخلق : ما عادت لدينا جثة للفتى . وقال الخلق : بعث الفتى قبل البعث . و قال الشاهد : أما الأغراب فوقف ضابطهم يرتعد لدوران الجسد الموزون والجند تداعوا على الجدران وهم يتصايحون.
الضريح : القمر والشمس ملكان يتربعان والناس لم يفارقوا المكان . أعلن الناس : - لا يمكن ألا يكون للفتى ضريح . وقالوا : - في ذات الموقع وتحت الشمس والقمر. وجاء الكل ونشأ الضريح . أقسم الشاهد أن ذات صباح ، جاءت حمامة الفتى ولم تبرح بلاط الضريح ، وأن شيخ الزاوية صاح : تعالوا يا ناس لتروا كيف تكتمل نعم الله على عبادة الصالحين . قال الشاهد : - ركضوا فوجدوها .. بيضاء ثلجية ، وعيناها فيهما حور ، لم تأبه لهم ولم تغادر ،ظلّت عذبة ترنو بعينيها الساحرتين ، حتى الصّبية مدوا الأكف ولامسوها،لحظتها زغردت النسوة وسحج الرجال الأكف في الأكف ، وغنى كلّ الناس. قال الشاهد : - غنى الناس ثم هزجوا ، ثم انتظموا في الحشد اليومي وهجموا . قال الشاهد : هجم الناس على أولى عربات الأغراب ، فطارت الحمامة على الرؤوس ، والناس تدافعوا تحتها كل يتمنى أن يكون اليوم قد حان دوره .
#عمر_حمّش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جوادٌ أبيض / قصة قصيرة
-
ابن آدم/قصة قصيرة
المزيد.....
-
نيكول كيدمان تصبح أول أسترالية تُمنح جائزة -إنجاز الحياة- من
...
-
روحي فتوح: منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطي
...
-
طرد السفير ووزير الثقافة الإيطالي من معرض تونس الدولي للكتاب
...
-
الفيلم اليمني -المرهقون- يفوز بالجائزة الخاصة لمهرجان مالمو
...
-
الغاوون,قصيدة عامية مصرية بعنوان (بُكى البنفسج) الشاعرة روض
...
-
الغاوون,قصيدة عارفة للشاعر:علاء شعبان الخطيب تغنيها الفنانة(
...
-
شغال مجاني.. رابط موقع ايجي بست EgyBest الأصلي 2024 لتحميل و
...
-
في وداعها الأخير
-
ماريو فارغاس يوسا وفردوسهُ الإيروسيُّ المفقود
-
عوالم -جامع الفنا- في -إحدى عشرة حكاية من مراكش- للمغربي أني
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|