أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالاله سطي - نهاية التاريخ العربي















المزيد.....

نهاية التاريخ العربي


عبدالاله سطي

الحوار المتمدن-العدد: 2238 - 2008 / 4 / 1 - 02:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هل يمكننا الحديث عن نهاية التاريخ في العالم العربي؟ هل حالة الانحصار والاندحار الديمقراطي التي تعاني منها المنطقة العربية تدل عن موتها دون قيامة؟ كيف تتأكد نظرية فوكوياما في العالم العربي يوما بعد يوم؟ إلى متى يبقى مشروع الإصلاح السياسي العربي رهين خطابات وشعارات جوفاء ما قتلت ذبابة؟ إن إثقال أنفسنا بهذه التساؤلات هو يحملنا حملا على ضرورة الغوص في لجج الإشكال الديمقراطي العام في العالم العربي. ففي الوقت الذي يؤكد فيه المنضرين في علم المستقبليات على أن المستقبل لا ينذر إلا للتكتلات التي تفوق نسبة نموها الديمغرافي 200 مليون نسمة.ولنا في الاتحاد الأوربي إسوة حسنة في ذلك. حيث أن البدان التي خرجت من الحرب العالمية الثانية مدمرة منكسرة، نست كل خلافاتها التي وضعتها جانبا، وسارعت إلى تدشين إصلاحات ماكروسياسية وماكرو اقتصادية في إطار لحمة متكاملة متوازنة. فكانت النتيجة إقامة اقتصاد قوي وسوق حرة، وعملة موحدة، وعلاقات وطيدة يحكمها ويؤسسها منطق المصلحة المشتركة، القائمة على المركزية الأوربية. فكم من دولة أوربية كانت حتى وقت قريب متخلفة عن ركب التنمية تحكمها أنظمة سلطوية قمعية، أضحى ناتجها القومي الإجمالي اليوم يفوق نظيره في جل دول العالم العربي،وتعتبر إسبانيا أقرب مثال لذلك.وسيكون من الخطأ التكهن في كون هذه النتائج وليدة الصدفة أو الحظ، بل هذه الدول وضعت منذ البدء من أولوية أولوياتها تحرير الفرد وتحرير الإنسان من قيود الاستبداد والاستعباد، لاعتباره أسمى رأسمال تقوم عليه الحضارة المعاصرة. ثم اعتبرت المؤسسات الدستورية هي المكان الفاصل مابين الصراعات والاحتكاكات السياسية، وأي خروج عن قواعد اللعبة الديمقراطية هو بمثابة خرق للعدالة الإنسانية وللقيم التي تؤسس عليها الحضارة المعاصرة.
وفي معرض تشخيصنا للواقع العربي والحال هذه، تؤدي بنا المؤشرات التي نسجلها على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية. إلى نتيجة واحدة وواحدة هي حالة الأزمة. التي تبرز أسمى تجلياتها في أشكال التمزق والتشرذم والعصبية والاستبداد الذي ما ألف أن ضيع على الشعوب حقوقها في العيش الكريم. ولعل المؤشرات التي تصدرها التقارير الدولية في مجالات الحرية والتعليم والحكامة الاقتصادية دليل شافي وعافي عن حالة الأزمة هذه، التي جعلت العديد من الباحثين يصلون إلى حد نعت العالم العربي بالثقب الأسود. هذا التوصيف الذي يماثل حالة الثقب الأسود الموجود في الفضاء والذي يمثل نقطة إنجذابية تجعل كل من يقترب منها يدور في فلكها بدون قدرة على التحرر من هذا الفلك. فالعالم العربي منذ تاريخه الطويل حيث انكفأ وانطفأ بريق حضارته الموسومة بالقوة والامتداد الجغرافي الكبير، ومعالم الفكر والعلم الذي قامت على أساسه الحضارة الغربية الحالية. أضحى يجر أذيال الانبطاح والانحدار إلى أدنى المستويات. والتاريخ المعاصر لا يزال يبقي العالم العربي على الهامش حيث أن هذا الأخير يبقى عاجزا كل العجز عن صناعة الحدث لا دوليا ولا وطنيا.وهذا التردي يؤدي بنا إذا حاولنا التفكير في مستقبل هذا بلدان العالم العربي إلى الملاحظات التالية:

الملاحظة الأولى: إن حالة الاستبداد والخضوع غير الطوعي للشعوب، هو حبس للثقافة العربية التي هي من جنسها يقوم بعبع للاستبداد، وإذا رجعنا للتاريخ العربي العميق نجده قائم في ممره على منطق السلطوية والخضوع الطوعي أحيانا والمكره أحيانا أخرى. وهذا ما تؤكده الدراسات الباترياركية التي تصف النظام العربي العربي الحالي بحالة الأب داخل الأسرة، حيث يعتر هذا الأخير هو العنصر المركزي بين أفراد الأسرة ولا كلمة تعلو فوق كلمته. فهو صاحب القرار في تصريف أمور البيت الاقتصادية والاجتماعية، وأي خروج عن هذه القرارات هو خروج عن طوع الأب والتقاليد الأسرية.
الملاحظة الثانية: إن النظام السياسي العربي هو لا يزال نظاما تقليديا على درجة تدفعنا إلى التشكيك في وجود مقومات الدولة بمعناها الحديث. فمنطق القبيلة والغنيمة والعقيدة لا زالت تعتبر ثالوث قوام هذه الأنظمة، حيث إذا أسقطناها على الواقع الحالي للعالم العربي نجد هذه المفاهيم لا زالت حاضرة وإن بدرجة أقل خفة وبشكل أكثر تطورا، إلا أن اقتصاد الريع الذي يمثل تصريف الغنيمة في السابق هو الذي يسيطر على المنظومة الاقتصادية العربية الحديثة. ومنطق القبيلة أيضا نجد أبرز تجلياته في العلاقات الاجتماعية المعاصرة، حيث لا زال مفهوم شيخ القبيلة وأعيان القبيلة يلعب دورا محورا ومركزيا في التحكم في العلاقة بين الحاكم والمحكوم...ومنطق العقيدة وهذا الذي لا غبار عليه أيضا نجد توصيفاته في الوضعية حاضرة وبكثافة في سلوكات الفرد والحاكم، الذين يشكلان علاقة الراعي والرعية انطلاقا من أساس كلكم راعي وكلم مسؤول عن رعيته.
الملاحظة الثالثة: كون الأنظمة السياسية العربية هي أنظمة تندرج ضمن دول الثالث، وبالتالي هي أنظمة تابعة للدول المركز التي تبقى تتحكم في المنظومة الدولية، التي يحكمها منطق المركز والهامش. هذا التوصيف يحيلنا على النظرية الماركسية التي تقسم المجتمع إلى طبقة سائدة وطبقة مسودة، طبقة برجوازية وطبقة برولتارية. حيث تسيطر الأولى على معظم وسائل الإنتاج وتبقى الطبقة الثانية مجرد منمية لمنتوج هذه الوسائل، الشيء الذي يزيد الطبقة الأولى نموا وغنا ويبقى الطبقة الثانية على حالها. هذا المنطق يجد ذاته في عالم اليوم حيث تسيطر القوى العالمية المتمثلة في الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا على مجمل ثروات العالم عسكريا وسياسيا، مما يبقي دول العالم الثالث و من ضمنها الدول العربية على الهامش.الشيء الذي يحافظ على علاقة التبعية وينميها، وأي خروج عن هذه التبعية يعني الخروج عن قانون الأقوى مما يؤدي إلى التعرض لكل أشكال التنكيل والحصار والتدجين...

هذه الملاحظات تحيلنا على فرضيتين:
الفرضية الأولى: تدفعنا للتفكير مليا عن حالة خضوع الشعوب العربية لأنظمة سلطوية تبخس الفرد أبسط حقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية. هنا يجيبنا إتين دي لا بويسيه في كتابه مقالة حول العبودية المختارة، والذي يلخص فيه فكرة الخضوع الشعبي الطوعي للأنظمة الاستبدادية. فمن يحرس هذا الطاغية المتجبر ومن يوفر له تلك الأموال الطائقة التي ينعم بها هو وحاشيته. أليست الشعوب المستضعفة. فلماذا تفعل ذلك في الحالة التي هي تعيش في حضيض المجتمع. هذه هي حالة الاستعباد الطوعي التي تجسد الوضعية العربية وهي الحالة التي استمرت منذ القدم حتى تشكلت ركيزة أساسية في المخيال الثقافي للإنسان العربي كما رأينا سلفا. وكل التحليلات لازالت لم تنذر بالإنقلاب عن هذه الثقافة السلطوية والخضوع الطوعي الذي يجعل المواطن حبيس المقال الرسمي للنظام السياسي.

الفرضية الثانية: سيكلوجية الإنسان العربي هي سيكولوجية منهزمة، وأي تطلع للمستقبل هو تطلع محاصر بالريبة والخنوع. حتى الأمل في التغيير هو تضاءل بدرجة كبيرة، لدرجة التسليم بواقع الحال، الذي يقوم على منطق ليس في الإمكان مما كان.وبالتالي عملية الإصلاح والتغيير حتى و إن دشنت في العالم العربي ستبقى رهينة لمنطق الأنظمة المتحكمة في زمام الأمور، ولا يوجد ما يدل على غير ذلك في الفضاءات العامة بالبلدان العربية.

هاته الفرضيات تحيلنا على استنتاجين:

1 ـ إن الوضع السياسي العربي المتردي لن يتجاوز في ظل شروط اللعبة السياسية الحالية التي تقوم عليها معظم الدول العربية، ثم إن أي محاولة كبس حرية الفرد وخنق مال تحركه لن يؤدي إلا لكثير من الفوضى التي لن تجد لها بديل دون فكر ورؤية قويمة للمستقبل، الشيء الذي يغيب عن الفضاء العام. وبالتالي على المنظرين السياسيين إعادة النظر في صيغ وأطروحات النهضة السياسية اللازمة والملائمة للخروج من هذا النفق.
2 ـ العلاقة بين الحاكم والمحكوم في المنطقة العربية، تعيدنا لذلك النقاش الفلسفي القديم الذي يدور حول فكرة من يحدد من، هل المجتمع يحدد الدولة أم الدولة تحدد المجتمع؟ هذا النقاش الذي يغيب عن الساحة الفكرية العربية، يجيبنا على معطى أساسي في معادلة السلطوية التي تحكم منطق الدولة في العالم العربي. حيث لازالت الدولة تتحكم في المشهد العام بالبلاد الشيء الذي يجعل منطقها هو الساري المفعول في دواليب الحكم، وأي محاولة خروج عن هذه المعادلة تعرض صاحبها للأدوات القمعية التي تحتكرها هذه الأخيرة.بيد أن والحال هذه بدأت تظهر في البلدان العربية بعض بؤر الانفتاح السياسي المفروض من الخارج، الشيء الذي يجب أن ينتبه له الباحثون السياسيون من أجل تنمية فكرة تحديد المجتمع للدولة، التي تعتبر قوام الدولة الديمقراطية الحديثة.

هذه الاستنتاجات تحيلنا على نتيجة واحدة ووحيدة تكمن في كون حالة الانحباس والتقهقر العربي، في وضع دولي تتحكم فيه قوى وتكتلات متقدمة، مقابل جمود وسبات لا تنفيه أي قراءة للمشهد السياسي العربي العام. الشيء الذي يؤدي بنا للحديث عن نهاية التاريخ العربي الذي سيستقر على حال التخلف هذا. لماذا؟ لأن التاريخ أثبت منذ القدم أن الدول التي تتطلع للمستقبل مشرق هي من تبحث عن هذا المستقبل، وهذا ما ينفيه واقع وحال المنطقة العربية. فحتى الإصلاحات التي تطبل وتزمر بها بروبجندة العربية تبقى إصلاحات فوقية ميكرو سياسية في منأى عن أي تغيير جذري عميق يمس جوهر الإشكال العام. فالديمقراطية لها مقومات وشروط محددة، أي نعم تختلف باختلاف البيئة المطبقة فيهان بيد أن حتى مبشرات هذه المقومات والشروط غائبة تماما عن الساحة العربية، قد تنقص مقالتنا بعض المؤشرات والأرقام التي قد تدعم فرضيتنا، لكن واقع الحال واضح وقد تسأل أي مواطن عربي عن حالة الوضعية العربية سوف يجيبك بنفس المنطق الذي اعتمدناه في تحليلنا. فالتاريخ انحصر عند ذات وضعية التخلف والانهيار التام لقيم الديمقراطية وأخلاقيات الحوار الاجتماعي، حيث الأنظمة أحكمت قبضتها على زمام الأمور، والأرصدة العربية في جميع المجالات السياسية الاقتصادية والاجتماعية هي في تنازل حثيث، وأي مبادرة من هذا الجانب أو ذاك لإصلاح ذات الصدع تبقى أضعف من حدوث ذلك.



#عبدالاله_سطي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سؤال التغيير السياسي في المغرب
- إلى أين يسير المغرب؟
- المغرب وحالة استعطاف الديمقراطية3
- المغرب وحالة استعطاف الديمقراطية2
- المغرب وحالة استعطاف الديمقراطية
- ريش الطير لا يطير...
- خمس أطروحات حول انتخابات 7 شتنبر 2007
- الدستور المغربي لا يمنح للملك السلطة المطلقة في تعيين الوزير ...
- عن أي انتخابات تتحدثون..
- الانتخابات مشات وجات والحالة هي هي
- لننتخب الدستور
- العلاقة بين السلط في النظام السياسي المغربي 2/2
- العلاقة بين السلط في النظام السياسي المغربي 1/2
- -أحكم أربي أحكم-
- استراتيجية التنمية البشرية في المغرب8
- استراتيجية التنمية البشرية في المغرب7
- استراتيجية التنمية البشرية في المغرب6
- استراتيجية التنمية البشرية في المغرب5
- استراتيجية التنمية البشرية في المغرب4
- استراتيجية التنمية البشرية في المغرب3


المزيد.....




- القضاء المغربي يصدر أحكاما في قضية الخليجيين المتورطين في وف ...
- خبير بريطاني: زيلينسكي استدعى هيئة الأركان الأوكرانية بشكل ع ...
- نائب مصري يوضح تصريحاته بخصوص علاقة -اتحاد قبائل سيناء- بالق ...
- فضيحة مدوية تحرج برلين.. خرق أمني أتاح الوصول إلى معلومات سر ...
- تظاهر آلاف الإسرائيليين في تل أبيب مطالبين نتنياهو بقبول اتف ...
- -فايننشال تايمز-: ولاية ترامب الثانية ستنهي الهيمنة الغربية ...
- مصر.. مستشار السيسي يعلق على موضوع تأجير المستشفيات الحكومية ...
- طالب جزائري يخطف الأضواء في برنامج للمواهب بروسيا (فيديو)
- مقتل شخص وإصابة ثلاثة آخرين في إطلاق نار بحفل في مدينة نيويو ...
- احتجاج مناهض للحرب في غزة وسط أجواء حفل التخرج بجامعة ميشيغا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالاله سطي - نهاية التاريخ العربي