|
التشخيص : قصة قصيرة
صبيحة شبر
الحوار المتمدن-العدد: 2235 - 2008 / 3 / 29 - 09:28
المحور:
الادب والفن
أصبحت فرحة هذه الأيام ، مستبشرة ، أتفاءل بالخير الذي يغمر الغد ، ويحيط بالعمر القادم فيحيله الى جمال اسر ، اغني بكل قوة وادع نسمات الهواء العليلة تداعب وجنتي ، آن لي أن افرح ، وان أعانق الأحباب ، مهنئة إياهم بانبثاق فجر جديد لا الم فيه ، بعد أن ولت المعاناة ، وأشرق السرور في حياتي ،بعد ان يئست من إمكانية اندمال جروح نفسي ، ومتاعب روحي ، وأوجاع البدن ابتسم الطبيب مداعبا : - اضحكي للدنيا ، زالت متاعبك ، وولت عنك الأسقام نبأ سعيد طالما انتظرته بلهفة كبيرة ، ان تزول أوجاعي ، وان اهرق قناني الدواء الكثيرة المتراكمة من حولي ، فقد استطعت أخيرا ان اقضي على متاعبي الصحية ، واخفف من أسقام روحي - كنت مواظبة على استعمال الدواء كما نصحتك قناني كثيرة تتراكم من حولي ، وتأمرني بالانصياع لها ، و التقيد بما يقوله الطبيب ، وإلا انقلب الحال علي ، وولت صحتي ، وابتسم المرض الخبيث ساخرا من محاولاتي الكثيرة لوأده دواء حين الاستيقاظ ، حبات تحت اللسان ، تذوب ببطء كبير ، ودواء آخر في تمام الساعة العاشرة صباحا ، ودواء ثالث بعد طعام الغداء مباشرة ، ودواء رابع في الرابعة مساء ، وآخر قبل الإخلاد الى النوم ، أحاول دائما الحرص على التوقيت ، لئلا اقع في مضاعفات لا امن شرها ، اليوم فقط بعد مرور سنوات ثقيلة طوال ، يبشرني الطبيب ، أنني أحرزت تقدما ملموسا في وضعي الصحي ، وانه حان لي أن اضحك للدنيا ، التي طالما عبست في وجهي ، وارتني وجهها الكالح ، وطبعها اللئيم ، فرح كبير لاعهد لي به يهيمن على نفسي ، فاشعر ان شلالات من البهجة ، تحيطني بذراعيها الحانيتين ، وتطوقانني بما عهدت فيها من دفء اسر ، رحماك ربي ، يا من تغير الحال الى نقيضها في لحظة واحدة ، سوف افتح مسامي جميعا لاستقبال الفرحة الكبيرة ، التي حلت أخيرا بأرضي ، وابتسمت مرحبة بقدومها الي ، بعد هذا الحرمان الطويل ، ألا ، أهلا بشروق الشمس التي ظننت انها آفلة دوما - يمكنك ان ترمي بقناني الدواء بعيدا ، لقد برئت ، ولكن احتفظي بدواء واحد ، ريثما يتم الاطمئنان التام على صحتك ، سوف أحولك الى لجنة طبية مختصة ، للبت في أمرك ، مجرد شكليات ، ويغلق ملفك المرضي ، وتتحقق الفرحة الكبيرة ، وتزرع أرضك شتلات من الأمل ،، والثقة المنشودة ، سوف أكون في شعور من الغبطة والفخر ، أنني استطعت ان أقاتل الداء في أعماقك ، لأحولها إلى بساتين من الصحة والهناء. سعدا لي ، وبشرى أزفها لكل من واساني في محنتي ، وأرسل لي كلمات تشجيع ، في مصابي الجلل ، ونصحني ان أتسلح بالصبر والثبات ، فهما خير سلاح لمقاومة الآفات الفتاكة ، والسموم القاتلة ، وضمان أكيد للبرء من الإمراض الخطرة التي لاعلاج شاف لها رسائل سأدبجها بيراعي ، شاكرة من كتب لي ، كلمات تحمل النصح والإرشاد ، وأنا أتلوى ، كغصن شجرة ، أصابتها الريح العاتية ، فقطعتها من الجذور ، سأعلن للجميع ، من كان صادقا منهم أو مرائيا ، انني استطعت بالصبر الذي وصفوه لي ، ان استرد عافيتي ، وان أعود الى عهد الصحة والشباب ، اللذين سلبا مني ، ووضعت اليد عنوة على ما أتمتع به من ارادة قوية ، لايفلها حتى الحديد هنيئا لي ، أنني استطعت ان اجعل الطبيب المداوي ، يسترد ثقته بما وصفه لي من علاج طويل الأمد - احتفظي بدواء واحد ، لجنة مختصة سوف تنظر في حالتك ، وتمنحني شهادة تقدير انني استطعت ان أشفيك من المرض اللعين الذي أستوطنك. وقت قصير ، وتنتهي معاناتي ، واستطيع ان اضحك بملء فمي ، ان ارقص مستبشرة ككل المخلوقات الناطقة ، وان أعانق من أحب ، وان استقبل الشمس بعيون مفتوحة . اللجنة الطبية سوف تراني الآن ، وتختم مؤيدة ما وجده الطبيب المعالج ، من ثورة في صحتي ، وسوف أعوض ما فاتني ، الدنيا ما زالت تفتح ذراعيها ، مرحبة بعودتي إليها بعد غياب أرغمت عليه، ، وليس بمحض إرادتي ، الا اضحكي أيتها الحياة معي ، ورحبي برجوعي الى أحضانك الحانية ، وصدرك الدافيء ، وأفيائك الجميلات يأتيك صوت ينادي : - السيدة سهاد تحليلات قليلة ، أشعة وتحليل للدم ، وينتهي كل شيء ، وتعودين ظافرة مبتهجة ، لأنك انتصرت على جيوش العدوان التي عاثت فسادا في جسدك ونفسك. - انتظري قليلا لا تضرك لحظات من الانتظار ، وأنت واثقة أن الغلبة لك ، بعد ان اشتدت المعاناة ، وأقضت مضجعك الجراثيم ترتع في دمك ، ولا من منقذ يقيك من عدوانها الأليم. - السيدة سهاد ، يؤسفنا ان نخبرك ان تقرير الطبيب المعالج ، تنقصه الدقة العلمية ، وإننا بحاجة الى إجراء الفحوصات ومن جديد على حالتك ، فأنت تزدادين سوءا
صبيحة شبر 13 مارس 2008
#صبيحة_شبر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شاعر شغل الناس
-
أبو العلاء المعري والمقابر الجماعية
-
وجهة نظر
-
احتفالات عيد المرأة العالمي في السفارت العراقية
-
الى امرأة في بلادي
-
الجثمان : قصة قصيرة
-
بالاحضان يا عامنا الجديد
-
الناس والكتابة
-
لقاء : حوار عن مجموعة قصصية
-
اشهار ..قصة قصيرة جدا
-
حقوق المواطنة وواجاتها
-
حوار
-
منطق : قصة قصيرة جدا
-
حرية رأي : قصة قصيرة جدا
-
الزمن الحافي : رواية مشتركة عن العراق قبل دخول القوات الامري
...
-
العانس : قصة قصيرة
-
احتفال تقييم : قصة قصيرة
-
رأي في - مؤسسة - الحوار المتمدن
-
التابعة : قصة قصيرة
-
وجاهة :قصة قصيرة
المزيد.....
-
“ثبتها للأولاد” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد لمشاهدة أفلام
...
-
محامية ترامب تستجوب الممثلة الإباحية وتتهمها بالتربح من قصة
...
-
الممثلة الإباحية ستورمي دانييلز تتحدث عن حصولها عن الأموال ف
...
-
“نزلها خلي العيال تتبسط” .. تردد قناة ميكي الجديد 1445 وكيفي
...
-
بدر بن عبد المحسن.. الأمير الشاعر
-
“مين هي شيكا” تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر القمر الصناعي
...
-
-النشيد الأوروبي-.. الاحتفال بمرور 200 عام على إطلاق السيمفو
...
-
بأكبر مشاركة دولية في تاريخه.. انطلاق معرض الدوحة للكتاب بدو
...
-
فرصة -تاريخية- لخريجي اللغة العربية في السنغال
-
الشريط الإعلاني لجهاز -آيباد برو- يثير سخط الفنانين
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|