أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - غريب عسقلاني - الشربيني المهندس يدرج الصور















المزيد.....

الشربيني المهندس يدرج الصور


غريب عسقلاني

الحوار المتمدن-العدد: 2229 - 2008 / 3 / 23 - 09:00
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


غريب عسقلاني - مقاربة نقدية
الشربيني المهندس يدرج الصور

الشربيني المهندس كاتب مؤرق، يبحث عن وسائل للخروج من الأزمة، وهو المدرك لدرجة الذهول، كيف تأخذ العتمة العالم العربي إلى قرار الهاوية في زمن العولمة, والشربيني يدخل المواجهة بسلاح الوعي والفن, بلغة شاعرة لبنية فنية بصرية ترصد التفاعلات فيما تتدحرج الصور، تقفز بين السطور على الورق، ما يأخذ القارئ إلى الحيرة مرة والى الغموض مرة أخرى، وفي بعض الحالات يقف الكاتب مع القارئ أمام المبهم فيذهب إلى التاريخ يستدعيه على مائدة الحاضر لاستشراف العبر، أو يعود إلى جذور الحكايات يتداولها من جديد، وعندما تتكاثر النوائب يذهب إلى جلد الذات لدرجة الذبح والنزيف, فهل ما يقدمه كاتبنا تفكيكاً للواقع بهدف إعادة ترتيبه على صورة فسيفساء مقبولة لصورة الإنسان العربي، بعد أن شوهتها عوامل الهدم وكشطت عن وجهها عناصر البهاء الايجابي.
في قصة باب صغير..يبحث الجد بين الفضائيات عن الأخبار ضارباً عرض الحائط برغبة الحفيد في الفرجة على السوبرمان الذي يسكن التلفزيون فتظهر صور حلب الشهباء والخوف والهلع يصيب أهلها، والفوضى تضرب أطنابها فيها بعد أن حاصرها التتار، فيما القاضي يتأمل ويفكر ويعتصم بالحكمة الأثيرة " جبان يعيش خير من شجاع تحت التراب والأيام دول.." لذا لابد من الخروج من الحالة التي جعلت عبده الغلبان يتجرأ ويطلب يد ابنته بالتفاوض مع الأعداء, وجعلته يقبل فتح باب صغير يعبر منه بعض جنود التتار لاعتقال نائب السلطان وأعوانه الذين رفضوا الاستسلام, مقابل تعينه (القاضي) حاكماً شرعياً للمدينة..
تتدحرج الصورعلى الشاشة ويطول الحصار، ويفرض الأعداء شروطاً أخرى، مثل جمع السلاح من الخاصة لضمان عدم موالاتهم لنائب السلطان وفرض جزية تفوق قدرات الأهالي, ما جعل الباب الصغير كبيراً مفتوحاً على مصراعيه وجعل التتار يعيثون فساداً ونهباً، ويصادرون مزارع المشمش لتحصيل الجزية, وفي الصور يهرب القاضي بعد أن نُهب بيته وذُبحت جاريته واغتصبت ابنته, ويصحو الجد على مشاكسة حفيده الذي خطف الريموت كنترول لاستدعاء السوبرمان الذي لاشك سينتصر على التتار.
لكن الشربيني لا ينتظر السوبرمان, فيأخذنا الى اقاصيصه القصيرة جداً, وعلى إيقاع سريع..فنرى الطائرات تطرز جسد الطفل الذي قذف الحجر, لكن الطفل وعلى جناح لغة أشبه بالشعر يطير نحو سرابه الأبيض يحلم بالسلام مع الحمام (قصة غارة) ونشاهد الدبابة وهي تهرس الشاب الذي يصلي الفجر حاضراً فيختلط رعب الموت مع صوت المؤذن (قصة صلاة) فيما نرى ابراهام لنكولن كاسف البال يراقب أحفاده بقيادة بوش يعيثون فساداً في حواري العراق، يقدمون خدماتهم للصهيونية التي زينت لهم أن الصيد في العراق سهل، ويغيب عنهم أن من يطلب الحرية صيد مستحيل (قصة تمثال الحرية) ونرى كيف يداهم ذوي الأردية البيضاء والزرقاء البيوت بحثاً عن مجنون فلا يعثرون عليه، فيعتقلون الشاعر الذي تسلق جدائل القصيدة ويسجلوا نصراً فاشلاً (قصة اختفاء البدائل)
الصور تتدحرج ما يجعل القارئ في حالة لهاث، ولأن المهندس يدير لعبته فإنه ينجح في استثمار بعض الوقت مع الحكايات ربما تساعده في ترتيب الصور من جديد ففي قصة عقدة وشنيطة..يحدث الكلب حفيده عن أصول الأصوات, يوم كان الثعلب على وفاق مع صديقه الحمار, يتبادلان الرأي والمشورة حتى داهم الثعلب أرض الجوار وطرد منها الدجاج إلى أرض الكلاب، فاقترح الحمار على الكلب اللجوء إلى الذئب الأحمر الذي رعى المفاوضات وأقام منطقة عازلة، ورسم خارطة للطريق، وأعطى للثعالب الحق في التهام بعض الدجاجات وأعطى الذئب حق الاقامة الدائم في المنطقة, ومع مرور الوقت هاجم الذئب الحمار محاولاً افتراسه فأخذ يصرخ ها..ها وبذلك ظهر النهيق لأول مرة, فأخذ الكلب يستنجد مذعوراً هو..هو وبذلك ظهرالنباح, وفي قصة ثنائية خيال مآتة يتنفس..يأتي الكاتب على سيرة الأسد الذي أكل الثور الأبيض, ويستدعي ثوار العالم العربي من جميلة أبو حريد وعرابي ويوسف العظمة وعمر المختار وميشل عفلق وأبو القاسم الشابي الذين أُكلوا يوم أكل الثور الأبيض, ولأن الغول امتطى ظهر العنقاء سقط في برزخ بين الواقع والحلم ,ما جعل القائد العربي المغوار ينحاز إلى مصالحة..
- بلدي اللي فيها مراتي..
ويعود إلى مقولة سعد زغلول الشهيرة في زمن سكن الغول قلب المدينة المقدسة، وتمطي وتنطع فيما فارس بني خيبان يخرج من كامب ديفيد حاملاً غصن الزيتون, ويحفظ رواية أخرى للتاريخ بعد ضياع زهرة المدائن، وينظر بعين حولاء إلى أطفال الانتفاضة, فيقع في غبش الرؤيا فالماء الأبيض مسح عينه اليمنى, والماء الأزرق مسح اليسرى, فاهتزت الحمامة خلف السواد.
الحالة حارقة تشوي نخاع العظم, وتحرق عصب الدماغ، والمرأة في قصة بسمة خاصة, تحمل طفلها هاربة من الدمار الذي لحق الحدائق المعلقة في السويس والفالوجا, وتربع في فلوجة العراق، وأقام السور الواقي بعد قتل آخر أشجار الزيتون. المرأة ترفع طرف ثوبها فيظهر لها زوجها الشهيد وابنها البكر يركبان عربة ملائكية بيضاء, والقصة هنا محمولة على لغة شاعرة, تأخذ الأزمنة من مساحات الفجيعة إلى نوافذ النور, تبحث عن خلاص..
في قصة النوارس..نرى الراوي في يوم راحته على مقهى فاروق الثاني يتحسس رسالة قديمة مازالت في جيبه، تحف إليه حبيبته بعد طول غياب تواسيه.
- هي هزيمة فقط يا باشا
تودع الحبيبة النوارس الحائرة فتدرك أن النكسة حيث يموت الحب، فيما يتذكر أصدقاء الجبهة في الدفرسوار أيام الحرب، حيث كان للبوح طلاوته وشفافيته في حضرة الموت المتوقع كل لحظة وها هي حبيبته تذهب إلى غير رجعة تاركة إياه مع الذكريات وقد خلت السماء من النوارس البيضاء, وفي قصة همسات في ضوء شاحب, يبحث البطل عن وظيفة، وعندما يحين موعد المقابلة لا يجد سيارة تقله إلى المكان، فيركب هواجسه ويسير على طريق المشاة، فتحاصره العتمة ويعتصم بالحلم، حيث يأتي البيت مع الوظيفة والعروسه.. يمر من أمامه فتى يقود سيارة فارهة يسابق شاحنة, فيما الرجل غائص في تهويمات تأخذ القارئ من فضاء المشهد الخارجي إلى أعماق الذات, حيث لا شيء غير ضوء شاحب يشير إلى أمل مقتول, يصرخ كالمدوغ:
- لن يستغفلني الضوء الشاحب بعد الآن.
مؤكداً أن الأضواء الشاحبة تبتلع الإنسان الذي تتمحور مطالبة حول همومه الذاتية. ولابد من حلول جماعية للأزمات بإيجاد البدائل.كما تشير قصة منحنيات إلى الموظف محدود الدخل وهو يصارع تكاليف الحياة ودخوله في دائرة الفقر، ما يحث صديقه الغني إلى مساعدته, فيعيد النظر في مقولة الخط المستقيم أقصر مسافة بين نقطتين، ويرى أن المستقيم عبارة عن عدة منحنيات متجاورة، وكأني بالشربيني المهندس يحذر من اختلال الموازين التي تأخذ الإنسان إلى التيه فيقع ضحية أزلية للفقر وكأنه يعيد سيرة سيزيف من جديد.
وبعد:
فالكاتب مهموم لوعية بمواطن الداء، يجتهد في البحث عن مخرج, لذلك نراه يلتقط عذابات صديقته الكاتبة الفلسطينية بشرى أبو شرار من خلال ما تقدمه في قصصها ورواياتها، والتي تجعل الجرح على نزف طازج وجد في المقاومة حلاً عملياً. يتبناه هو أيضاً ويطير إلى بشرى المؤازرة في قصة بشرى رسائل.
وأخيراً يا من دحرج الصور في الأزقة والطرقات، وطيرها في الفضاء رسائل نذير فانك قدمت ما يميزك عن غيرك, مدفوعاً برغبة التحديث والتجديد في فن القص, ما جعل الصور تنبض بقوة دفع الحياة، وما جعل بعض الصور(وهي قليلة على كل حال) تقف عند حد المبادرة، لأن اللهاث خلف غير المألوف قد لا يحقق الألفة ويقف بالنص عند حافة البحيرة يختبر وجهه في مرآة الماء لكن ثمة أعشاب كثيفة تحول دون ذلك, ما يجعل القارئ حائراً بين المعنى والمبني رغم دحرجة الصور.. أليس كذلك

-------
* تدحرج الصور مجموعة قصصية للقاص السكندري الشربيني المهندس اصدار جماعة القصة -الاسكندرية 2005



#غريب_عسقلاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسائل الزاجل الأسير إلى زكي العيلة
- سمندل فؤاد الحلو
- رسائل الزاجل الأسير إلى سهيلة بورزق
- هواجس ما بعد الليلة الأخيرة
- مساحات على لوح اسود
- العري عند الحقائق الأولى
- المخيم والعزف على وجع قديم
- الواقعي والمتخيل في قصص القاص الفلسطيني عمر حمش
- البحث عن أزمنة بيضاء - 11 -
- البحث عن أزمنة بيضاء -10 -
- البحث عن أزمنة بيضاء - 9 -
- البحث عن أزمنة بيضاء - 8 -
- البحث عن أزمنة لبضاء -7 -
- البحث عن أزمنة بيضاء - 6 -
- البحث عن أزمنة بيضاء -5 -
- البحث عن أزمنة بيضاء -4 -
- البحث عن أزمنة بيضاء -3 -
- البحث عن أزمنة بيضاء - 2 -
- البحث عن أزمنة بيضاء - 1 -
- عطش الندى - قصة فصيرة


المزيد.....




- أوروبا ومخاطر المواجهة المباشرة مع روسيا
- ماذا نعرف عن المحور الذي يسعى -لتدمير إسرائيل-؟
- من الساحل الشرقي وحتى الغربي موجة الاحتجاجات في الجامعات الأ ...
- إصلاح البنية التحتية في ألمانيا .. من يتحمل التكلفة؟
- -السنوار في شوارع غزة-.. عائلات الرهائن الإسرائيليين تهاجم ح ...
- شولتس يوضح الخط الأحمر الذي لا يريد -الناتو- تجاوزه في الصرا ...
- إسرائيليون يعثرون على حطام صاروخ إيراني في النقب (صورة)
- جوارب إلكترونية -تنهي- عذاب تقرحات القدم لدى مرضى السكري
- جنرال بولندي يقدر نقص العسكريين في القوات الأوكرانية بـ 200 ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية: انتصار روسيا سيكتب تاريخا جديدا لل ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - غريب عسقلاني - الشربيني المهندس يدرج الصور