أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غريب عسقلاني - البحث عن أزمنة لبضاء -7 -















المزيد.....

البحث عن أزمنة لبضاء -7 -


غريب عسقلاني

الحوار المتمدن-العدد: 2195 - 2008 / 2 / 18 - 08:26
المحور: الادب والفن
    


قبلـة علـى رأس لطيفـة

اليوم موعدي مع لطيفة
واليوم أخذتكِ من بطن الغيمة، كنتِ طفلة,رأيتكِ تطردين النعاس عن جفنيكِ، وتقذفين بالنوم بعيداً، تغسلين وجهك بماء الفجر,تلبسين فستاناً قصيراً يحرر ساقيكِ، تدسين قدميكِ الصغيرتين في صندل صيفي ناعم.اليوم أنتِ امرأة صغيرة تسكنكِ العصافير. تسحبيني من يدي أسير على خطاكِ ولا أتعثر. فنحن, أنا وأنتِ وهي على موعدٍ.
في الصباح أخذتكِ إلى مكتبي حيث أعمل، تعرفتِ على مساحتكِ وأخذتِ مكانكِ، وجلستِ تضعين ساقاً على ساق، تفرقعين بلالين لبانتكِ بين شفتيكِ، تمضغين بعضاً من حكاية. وفي الحكاية غادرتِ فستانكِ، وتحررتِ من صندلكِ الصيفي ومضيتِ إلى غيمة الوقت تكبرين وتكبرين و...امرأة أصبحتِ تقطع المسافات، تجتاز الدروب، وتمارس الانتظار عند المحطات طقس حياة، تقبضين نغمات صوتك، ترسمين حدود الضحكات، تمارسين اللهاث.
الصبايا في مكتبي هتفن :
- شمس تعود
قلت:
- شمس هناك غافية على ذراع البحر
لملمت فرحتي، وأخذتها جرعة على الريق، هل جربتِ يا شمس كأساً من فرح وعلى الريق.ما يضج فيّ ما رأيته في عينيك خلف زجاج نظارتكِ رأيت لهفة نساء غزة لدفقة فرح والوقت حصار.
هل أصعد على خجلي وأسرُ إليكِ ؟
اليوم اختبأت تحت جفنيكِ ورأيت معك(فهل رأيتِ مثلي) دمعة الفرح على بياض عين سكرتيرتي، وهل رأيتِ عصفور الرقص يكتسي ريشاً في صدرها، وهي تضع صورتكِ على بساط المكتب تحت لوح الزجاج.
كنتِ امرأة تنام في البلور، لم أحتمل سجنكِ تحت جلد الزجاج. قرأت السكرتيرة حالتي فاقترحت ان تكرمكِ داخل برواز أنيق. سألتكِ :
- ما رأيك يا شمس؟
عبرت خاصرتي، وتربعت على عين قلبي، معاتبة همستِ :
- من تمشي حافية على حبل الهواء، لا تقيدها مساحات الصور.
وجلست صورة على مكتبي تضعين ساقاً على ساق، وتطلبين كما الأميرات شبرات ملونة سقطت منك سهواً في الطريق إلى مدرسة المأمونية.
لماذا طريق المأمونية، لماذا الشبرات؟ أشياؤك المدهشة تعود بي إلى بطن الغيمة، حيث تعودين طفلة، تزغزغ الطفل البعيد الذي كنته، فقرصت رأس خدك، وفركت جلد وجهك، صعد الدم نافراً إلى وجنتيك، فتغلفتِ بخجل مفاجئ. فأخذتك في جيبي مجموعة صور ومشيت دروب الرمل، لم أعثر على شبراتكِ، حتى وقفت عند باب دار.
ناداني صوت متعب رخيم يحثني على الدخول :
- تفضل يا بني.
عند أول الممر وقفت، وكانت في انتظاري عند حافة البراندة، ترتدي شالاً صوفياً في عز الصيف:
- أهلاً وسهلاً..
في ذات الحجرة جلسنا وكنا ثلاثة. أنتِ وأنا ولطيفة. سيجارتي وسيجارتها تتعانقان دخان يتلوى، يتصاعد، يتجاذب، يتداخل جديلة تمضي في ذات المسار، وأنتِ تصعدين مع جديلة الدخان، وعند السقف تتحل الجديلة الى سحابة فضية، تخرجين منها تزقزقين مثل عصفور جائع، تلوذين بها، تأخذكِ إلى ما بين نهديها الشائخين،ترضعكِ بقايا عافيتها، فيعود إليكِ ريشك، وتشعرين بالدفء بعد طول صقيع، تجلسين بيننا صامتة تتلقفين ما يتناثر من أطراف الحكاية.
قامت لطيفة لتأتي بالقهوة سمعت صوتكِ يعاتبني :
- لماذا عدت بي إليها يا غريب.
طيبة قهوتها وطيب حديثها.لا شعور غير الامتلاء في حضرتها. قالت لطيفة، قبل أول رشفة من فنجانه :
- كيف حال شمس؟
فوجئت.عن أي شمس تسأل، فأنا ما زلت عند عتبة روايتها وبدايات الفصول وجدت نفسي أخرج من الورطة قلت :
- غريبة تقتات على الحكايات.
رأيت الدمعة تطفو على صوتها، أشعلت لها سيجارة، هدأت قليلاً وقالت:
- الهروب ما تفعله شمس.
- ربما هروب إلى الأمام يا سيدتي
- كيف؟
- تخفف عنها أثقالها لتنطلق من جديد
- أنت تقول. ربما. والعمر قطع محطاته الجميلة.
- أن تحقق انتصاراً، يعود العمر من جديد.
رشفت فنجان القهوة بنهم، وحدقت فيّ تطلب الصراحة :
- عند شمس العمر يقدر بالألم.
- وكيف يقاس العمر، يا لطيفة.
ارتعشت أصابعها قالت :
- الآن أجرّب تقدير العمر، بالقدرة على النسيان.
ورفعت صورتكِ، أصبحتِ بيننا :
- حتى النسيان فشلت في استدراجه. فشلت في ترويضه.
قلبها يا شمس يرعش بالحقيقة. ودخان سيجارتها يسكن فوق رأسها سحابة فضية تتوهج. لطيفة امرأة جميلة مختالة، الخال الكبير على صفحة خدها ينبض يغرى بالقبل، هل تصدقين أنني رأيت خالها في غيمة الدخان يكبر يتبرعم ويتنفخ، ويتشكل مثل بطن يتهيأ للولادة، ورأيتكِ فيه ترفسين تستعجلين الخروج، عشت حالة عجيبة، وراقبت عملية الميلاد، ورأيتكِ كيف تشقين الخال على صفحة خدها، تخرجين الى الدنيا صامتة. بلا صرخة ميلاد. ووقفت أنا شاهد عليك كيف تكبرين وتصبحين امرأة منسوخة من امرأة، استغثت فلم أجد غير فارس على جدار الغرفة، يمارس الفرحة على استحياء، كان حزيناً يطلب الصفح والمغفرة. ضبطتني وأنا مع فارس قالت :
-هي أكثر من يشهبني من بناتي السبع وهي أكثر من يعذبني غيابها.
- ربما لأنها أخذت خطأ قطار التيه.
- صدري ما عاد يتحمل المناورة، كأنك تحمل خبراً يا رجل.
ما الذي أعرف فيك يا شمس، ابعد من امرأة، تكتب نفسها صباح مساء، وتعجن رغيف يومها من لحمها تتزود به، ولا تقدر على مضغه، فتعيده من جديد، وتشكله رواية أو قصة، ما الذي أعرف عنك سوى امرأة تنام على وسائد الماضي لتصطاد فراشات الفرحة بعيداً عن من غادر الفراش وترك ظله بارداً. ما رأيت فيكِ أبعد من امرأة تسعى لتحقيق ذاتها وتبحث عن أشلاءها في الدروب.غريبة عن الهواء والأرض والبحر والناس، تلوذين بمن رحلوا وتعيشين اليتم.لا أدري لماذا وجدتني أقول :
- تاهت بعد ذهاب فارس، ربما كان ملاذها الأخير.
فجأة لم تعودي بيننا يا شمس، امتطيت سحابة الدخان الى سقف الحجرة ودخلت الغيمة، صرت عابسة، وعدت طفلة حرون.
صوت لطيفة يصلني يتوسل :
- هل تعود شمس الى حضني..؟!
- أخبرتني في زيارتي الأخيرة لها، عن شوق يعود إليها، وأنها ستأتي في الموسم القادم..
تمتمت لطيفة:
- متى يكون الموسم القادم؟
نهضت مودعاً، أجلستني الى جوارها التصقت بي راجية أن أبقى لمساحة سيجارة أخيرة قلت :
- هل تحدثيني عنه..عفواً عنهما؟.
نظرت إلى الحائط حيث يتربع القاضي وفارس متجاوران. قالت وقد زحفت زهرة سيجارتها الى جلد أصابعها :
- الوجع يفسد الشوق، في المرة القادمة أتهيأ ربما أكون أكثر حضوراً.
عند طرف البراندة، اخذتها الى صدري، بقايا امرأة خفيفة مثل ريشة، قبلت رأسها وحبست دمعه. وقبل أن أغلق الباب ورائي وصلني صوتها :
- لا تنس سجائرك عندما تأتي، سيكون بيننا فناجين قهوة..
- وحكايات.



#غريب_عسقلاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البحث عن أزمنة بيضاء - 6 -
- البحث عن أزمنة بيضاء -5 -
- البحث عن أزمنة بيضاء -4 -
- البحث عن أزمنة بيضاء -3 -
- البحث عن أزمنة بيضاء - 2 -
- البحث عن أزمنة بيضاء - 1 -
- عطش الندى - قصة فصيرة
- شهادات في زمن الحصار
- أعواد ثقاب في ليل حالك
- أفشالومي الجميل
- حكايات الغربة -2 -
- حكايات الغربة -1 -
- حكايات في واقع الحال -3 -
- حكايات في واقع الحال - 2 -
- أجندة غزة وشطب الذاكرة -10 -
- حكايات في واقع الحال - 1 -
- بيضاء مثل القمر - قصة قصيرة
- أجندة غزة وشطب الذاكرة - 9
- حكايات عن واقع الحال
- أجندة غزة وشط الذاكرة - 8 -


المزيد.....




- الضحكة كلها على قناة واحدة.. استقبل الان قناة سبيس تون الجدي ...
- مازال هناك غد: الفيلم الذي قهر باربي في صالات إيطاليا
- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غريب عسقلاني - البحث عن أزمنة لبضاء -7 -