ما هكذا تورد الإبل
ما هكذا تورد الإبل يا سماحة السيد عبد العزيز الحكيم، من دون أن يكون هناك سبب يدعوك، ومن دون أن تكون عليك ضغوط تذكر، ومن دون تفويض من الشعب العراقي، ومن دون تفويض من مجلس الحكم، ومن دون منطق تستند إليه، ومن دون أن يكون لك سند واحد من شعبنا، هكذا، وبتفريط مطلق لحق الشعب ومستقبله، تعلن، ياسماحة السيد، إن لإيران حق بالتعويضات!!!!
عجبا! هكذا وبدون مقدمات وبلا سبب، تقر بحق غير موجود وأنت الرئيس الدوري لمجلس الحكم العراقي وبتعويضات ما إنزل بها من سلطان! بل العكس تماما!!!
عجيب هذا الزمن الذي يستحق أن يكون اللحظات الأخيرة من كامل الزمان!
أهي علامات الساعة؟
لا ندري من سيدفع تلك التعويضات المزعومة؟ هل هو الشعب؟ أم ستدفع من حسابكم الخاص؟ وحتى لو كانت من حسابكم الخاص، فإن العراق أولى بها، تلك التي تدعي إنها تعويضات وتريد أن تدفعها لإيران!!!!
ما هكذا يتصرف الرؤساء يا سماحة السيد عبد العزيز، فلو لم تك منا بمثابة الأخ الأكبر، ومن أكبر المتضررين، لكان لنا في الشأن مقال يشق الآذان، عاصف لا يأبه لشيء.
حمل الأمانة ثقيل
ألم تعلمك السنون يا سماحة السيد، ولا كتب السماء والآباء، إن حمل الأمانة ثقيل؟
إلم تعرف إن الله حق، وها أنت من يفرط به وأنت من الله ولي لرسول!
إذا لم تكن أهلا لما أنت فيه، ففي العراق رجال تهتز الجبال لخطوهم إن مشوا، ولك بالمقابر التي ملئت بأهلنا خير شاهد ومبلغ، فلو لم يكن العراقي صلبا هكذا، لما إحتاج سفاح العراق أن يملئ الأرض بأجساد الرجال.
يبدو أن التفريط بما لشعبنا من مال وثروة قد أصبح سنة لكل من إعتلى العرش، ولو كان لسويعات!
حتى ولو كان الكرسي بثلاثة أرجل، وحتى لمن قدم على مذبح الحرية قوافل من الشهداء من أمثال سماحة السيد الحكيم!
مازال الطريق طويل يا سيدي، وها أنت ذا تعلن من أوله، إنكم لا تستطيعون حمل الأمانة.
نعم، فالأمانة أثقل من الجبال، وأمانة شعب العراق أثقل من كل الأمانات، فإما أن تكون جديرا بها، أو أن تنسحب لمن هو أقدر منكم وهذا ليس بعيب، بل هو الشجاعة بعينها، ومعرفة الحق هي معرفة الله، فإتق الله بنا يا سماحة السيد الجليل، نحن شعب عانى من الظلم ما عانى، وأنت الذي في الصميم منا، فكيف تفرط بالأمانة من السويعات الإولى لولاية مؤقتة قد إنيطت بكم؟!
دفاعا عن الوطن
لم أكن أتمنى أن أكون يوما محاميا للشيطان، ولكن لو كان الأمر يتعلق بالوطن فلا مانع من ذلك، لأن الأسلحة التي بأيدينا شحيحة، فكل ما نملك هو المداد وأذكار التاريخ، فما بالك والتاريخ قريب وليس ببعيد.
قبل كل شيئ إن إتفاقية ال 75 كانت فعلا مجحفة بحق العراق، لأنها قد إبرمت والعراق في وضع أضعف مما كان عليه الشاه، وللبعث المقبور برامج لتصفية الخصوم كانت بالنسبة للبعث تستحق التفريط، وهو ما دأبوا عليه حتى آخر يوم من حكمهم الجائر. لذا كانت هذه الإتفاقية المجحفة بحق العراق وجميعنا يعرف ذلك.
صحيح إن هذا الإجحاف ما كان يجب أن يجر البلدين إلى حرب ضروس تستمر لثماني سنوات، ولكن يجب أن لا ننسى أن هناك أسباب أخرى يمكن أن تكون مدعاتا لحرب، كان لإيران بها يد اليد الطولى، فهي من بدأت بالتحرش، وهكذا ولحمق صدام البعثي كانت الحرب، إي لا يجب أن تسقط مسؤلية إيران بذلك، فهي من بدأ الحرب فعلا.
تصدير الثورة، كانت هي البدعة التي جاء بها الإيرانيون، وربما أنت يا سماحة السيد أعرف مني بها وبتفاصيلها الدقيقة. هذا المذهب الجديد على الإسلام قد جاء للتو، آن ذاك، على يد رجال الثورة الإيرانية، التي باركناها جميعا ومازلنا نباركها لو تخلت فعلا عن هذا المبدأ الذي لا يمكن أن يفضي إلى شيء سوى الفوضى في المنطقة والعالم.
إيران هي من يجب أن يعوض العراق عن نتائج تلك الحرب المدمرة التي فاقت بها خسائر العراق ما يزيد على ثلثنائة مليار دولار.
دول الجوار التي تضامنت مع صدام لوقف التصدير السيء الصيت للثورة ودفعته إلى أبعد الحدود، لكي يحارب بالنيابة عنها، ووقفت بجانبه لا حبا به ولا حبا بالعراق، بل حبا بأرضها وشعوبها وثرواتها من الهدر وبنيانها من التهديم ومستقبلها من الضياع، فوعدته وأخلت به. المعتوه الغبي صدام لم يستطع أن يقرأ الواقع قراءة صحيحة، فقتل شعبه وراح يصفي المزيد من العراقيين الشرفاء بحرب داخلية بشعة، مدعوما بدول الجوار دعما معنويا وسياسيا قويا.
لكن الأمر لم يستمر هكذا إلى الآبد، وبعد توقف الحرب، أغرق من دعموا صدام سوق النفط العالمية بالنفط المنتج من حقولهم حتى أصبح سعر البرميل الواحد خمسة دولارات، لكي لا تستطيع إيران ولا العراق أن تقوم لأي منهما قائمة، خصوصا وإن الإثنين كانا قد خرجا للتو من تلك الحرب الضروس التي دامت ثماني سنوات متتالية دون توقف، خرجا منها وهم منهكين والبنى تحتية مدمرة وديون هائلة ترتبت عليهما.
فليس العراق وإيران وحدهما المسؤل عن كل شيء، أبدا، لا يجب أن نضع اللوم فقط على صدام رغم دمويته وحمقه وننسى مسؤلية الآخرين، فدول الجوار الجغرافي كانت هي الأخرى مسؤلة عن كل ما جرى من مآسي لشعوب المنطقة والعراقيين بالخصوص، حيث إن الجميع كانوا من المتضررين، عراقيين وإيرانيين وكويتيين وسعوديين. ولكن من دفع ثمن غزو الكويت هو الشعبين العراقي والكويتي فقط، هذا صحيح، ولكن من دفع ثمن الحصار الذي دام إثنا عشر عاما كان الشعب العراقي لوحده، ومن دفع ثمن الحرب الأخيرة هو الشعب العراقي لوحدة، ومن دفع حروب صدام الداخلية للتصفية العرقية، بدعم من دول الجوار الجغرافي، كان العراقيين فقط، في حين كان الجميع من المتسببين بها والمحرضين عليها والضالعين بها.
وهكذا نرى إن شعب العراق هو الشعب الوحيد الذي يستحق التعويضات، وهناك الكثير من الأدلة والأحكلم الدولية والعرفية التي نستطيع أن نوردها والتي تؤكد ما ذهبنا إليه من أن الشعب العراقي هو الشعب الوحيد الذي يستحق التعويض وليس شعبا آخر على الإطلاق.
إيران لم تكتف بالذي جرى للشعب العراقي كنتيجة لسياستها وحمق صدام وهمجية نظامه، بل راحت لما هو أبعد من ذلك بكثير جدا، فراحت تتعاون مع صدام على تهريب المشتقات والنفط العراقي لصالح الدكتاتور وأبناءه مقابل إتاوة مقدارها ستة دولارات للبرميل الواحد، فقط من أجل إصدار ما يسمى بالمانيفست الإيراني لتلك الثروة المهربة، ومازال النظام الإيراني يفعل ذلك مع المهربين العراقيين لحد الآن.
فمن يستحق التعويض؟ هل هو إيران أم الشعب العراقي يا سماحة السيد؟
إن النظام دأب على تهريب النفط العراقي بمعونة إيران خلال فترة تمتد لعشرة سنوات، بما يعادل نصف مليون برميل يوميا من الخام والمشتقات، وهذه الكميات تقدر قيمتها بحدود خمسة وأربعين مليار دولار، وهذا المبلغ فقط لفترة العشر سنوات، يضاف له ما يعادل بضعة مليارات منذ سقوط النظام ولحد الآن، أي المجموع سيكون خمسون مليار دولار، وهذه فقط خسائر العراقيين من النفط الخام والمشتقات التي تهربت عبر إيران وبمساعدة الحكومة الإيرانية. كلها لنا الحق بها ويجب أن تدفعها إيران بالإضافة إلى الثلثمائة مليار قيمة خسائر العراق خلال الحرب التي تسببت بها إيران ودول الجوار.
كل هذا ولم نحسب لحد الآن الأرواح التي زهقت والتعويضات التي يجب أن يدفعوها إلى أهالي الضحايا والتي لا تقدر بثمن.
لم يقف الأمر عند هذا الحد بالنسبة لإيران، فتجاوزات الحدود في الفترة الأخيرة، وأرسلت الإنتحاريين من فلول الطالبان والقاعدة وإرهابيوا ما يسمى بفيلق القدس والتي تسببت بالكثير من الضحايا من الأبرياء العراقيين، كان ورائها الحكومة الإيرانية وبالخصوص ما يسمى بالتيار المتشدد منها وما لعبه من دور قذر في العراق ومازال يلعب هذا الدور لحد الآن.
لا يضيع حق وراءه مطالب:
إن إيران بتلك المطالب المزعومة التي أقر بها سماحة السيد الحكيم، سامحه الله، تحاول أن تلوي يدي العراقيين لمزيد من الإبتزاز القذر، في حين، الذي يجب أن يدفع التعويضات هم وليس نحن، وسيكون هذا واقعا إن عاجلا أم آجلا، ولا يضيع حق وراءه مطالب.
بهذه السياسة من دول الجوار سوف لن يكون هناك إستقرار في المنطقة، وهذا ما تتمناه جهات كثيرة.
إن الإصرار على دعاوى باطلة بالتعويضات من قبل دول الجوار، ما هو إلا نوع من الضغوط السياسية التي لا تفضي إلا إلى عرقلة إقامة نظام ديمقراطي في العراق وإعاقة عملية إعادة البناء وإنعاش الإقتصاد العراقي المنهار. إن التخلي عن العراق غارقا بالديون من قبل دول الجوار والإصرار على دعاوى باطلة بتعويضات لهو أمر يعني القضاء مستقبل العراق، في حين هم من يجب أن يقف مع الشعب العراقي لا أن يعيق حركته.
لينا نحن العراقيين أطنان من الوثائق التي تركها النظام المقبور، تحمل الأسرار التي تعرفها دول الجوار قبل غيرها. لذا من الضروري فتح تلك الملفات لتعرف كل دول الجوار حجمها الحقيقي ومدى الجرائم التي إرتكبتها بحق شعبنا طيلة حكم البعث المقبور. بهذه الملفات الجديدة يمكن للعراق أن يسجل أكثر من سابقة تاريخية بإسترجاع الحقوق من خلال القانون الدولي.
فهناك حالات كثيرة في التاريخ سميت "سابقة"، لأن ليس هناك ما يسبقها، لنسجل هذه السابقة مادام الحق معنا.