أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - حمزة الجواهري - النفط العراقي بين الهواجس المشروعة والتطير – خامسا أسلوب لتحاشي خصخصة















المزيد.....

النفط العراقي بين الهواجس المشروعة والتطير – خامسا أسلوب لتحاشي خصخصة


حمزة الجواهري

الحوار المتمدن-العدد: 645 - 2003 / 11 / 7 - 01:00
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


إن من الأمور الأكثر حساسية بالنسبة للعراقي والذي يحمل بطياته الكثير من الهواجس المشروعة، هو موضوع الخصخصة، وذلك لأن المفهوم قد أسيء له في معظم بلدان العالم والعراق بالذات، كان من الدول التي أساءت أكثر من غيرها له، فالخصخصة التي جرت في الزمن البعثي، كانت تعني نقل ملكية القطاع العام، الذي يمس حياة المواطن العراقي أو لا يمس، إلى شلة من آل العوجة من أبناء وأبناء عمومة صدام، فحولوا العراق إلى ملكية خاصة لهم. ففي واقع الأمر يمكن تحاشي مسألة الخصخصة تماما بأسلوب ربما يكون أفضل من الخصخصة نفسها، ويؤدي نفس الغرض المطلوب منها.
يمكن أن يتم ذلك بإجراء إعادة هيكلة للقطاع النفطي بشكل عام في الدولة، يتم من خلالها فصل جميع خدمات الدعم للعمليات الإنتاجية عن الشركات الأم، وتأسيس شركات خدمية لدعم الشركات المنتجة. وهذا النوع من إعادة الهيكلة سيجعل من الشركات المنتجة أن تكون هي السيد والمستفيد الوحيد من هذه العملية.

يلي هذه المرحلة مرحلة أخرى تتمثل بترقية هذه الشركات الخدمية الصغيرة المملوكة من قبل الدولة لكي تكون بوضع يسمح لها بالمنافسة. المرحلة التي يجب أن تصاحب هذه المرحلة تتمثل بتوقيع عقود مع شركات خدمية عالمية ووطنية لتقديم خدمات مماثلة وبالشروط والمواصفات التي تجدها الشركات المنتجة مناسبة لها.

بهذا الأسلوب يمكن تحاشي الخصخصة بشكل كامل. ولكن لو لم تستطع هذه الشركات الخدمية المملوكة من قبل الدولة الصمود أمام منافسة القطاع الخاص سواء كان أجنبي أو محلي، فإنه يتوجب، إما خصخصتها أو تبديل إدارتها بأخرى تستطيع أن تنافس من ناحية التقنية العالية والأسعار، وبغير ذلك، فلا جدوى من هذه الشركات التي ستشكل عبئا على الدولة يجب التخلص منه.

إن الخدمات التي تقدم للشركة المنتجة أو حتى إحدى الشركات الخدمية، تشكل مجمل الأعمال التي تقوم بها الشركة عدى التشغيلية منها، تلك التي يجب أن تبقى بيد الشركة المنتجة للنفط أو الغاز والتي تتحمل عبئ تطوير حقولها المملوكة من قبل الدولة، وإن كان بمساعدة من الشركات الأجنبية والخدمية، مشروطا ذلك بعدم المساس بما تحت الأرض من خيرات.

كما أسلفنا في الحلقة السابقة، إن أشكال الدعم الفني التي توفرها شركات النفط في العراق لنفسها غير كافية من ناحية، ولم تعد تواكب التطور الحديث من ناحية أخرى. وبذات الوقت أن أهمية هذا الدعم ليس من السهل التجاوز عليها لأنها في النهاية تؤثر على كمية المنتج الإجمالي من الحقل، أي نسبة الاستخلاص والتي يمكن مضاعفتها إلى مرتين أو يزيد وذلك باستعمال أساليب الإنتاج المتطورة والتي يتطلع لها المهندسين والفنيين العراقيين منذ زمن بعيد.

الشركة الأم تبقى هي المسئولة عن العمليات الإنتاجية وإدارة الحقول والمكامن إدارة فنية دقيقة من خلال والتفرغ لهذه المهمة فقط، ولا شأن لها بإدارة الخدمات التي لها من المتطلبات الكثير، هذا فضلا عن داء التضخم الوظيفي الذي ينهش بجسم هذه الشركات والذي بدوره يشل أي نوع من أنواع التطور الممكنة في الشركة. بهذا الأسلوب فقط تكون الشركات الجديدة لديها من الحيوية ما يسمح لها بالانطلاق لما هو أبعد وأرقى من حيث مستوى العمل.

هناك خدمات عالية التطور من حيث رقي التكنلوجيا المستخدمة ومستوى الدعم الفني المتمثل بخبرات عالية التخصص، مثل هذه الأنواع من الخدمات لا يمكن للشركة أن توفرها تحت أي ظرف كان، فربما تحتاج الشركة المنتجة إلى خدمة معينة من هذا النوع لمرة واحدة أو مرتين خلال عام واحد، فتوظيف الخبرات المناسبة لها سيكون خسارة كبيرة للشركة. ولكن توفير هذه الخدمة من قبل الشركة المتخصصة سوف لن يكون كذلك، لأنها ستقدم خدماتها لجميع الشركات وربما على مستوى العالم، فالمتخصصين في هذه المجالات، في أغلب الأحيان يعملون في أماكن مختلفة من العالم وليس لهم مكان محدد. بنفس المعنى التنلوجيا التي تكون مناسبة لغرض معين ليس بالضرورة يتم شرائها لسببين، أولا لأنها ستكون بعدة فترة من الزمن، تكنلوجيا يوجد ما هو أحدث منها، وثانيا إذا تم شرائها من أجل عملية أو عمليتين ستكون الكلفة النهائية لها عالية جدا، وبالنهاية تكون الجدوى الإقتصادية منها منخفضة جدا، وهذا هو السبب الذي يدفع بالشركات عن العدول عن ترقية الأجهزة والمعدات التي تستخدمها في العملية الإنتاجية. إن وجود مثل هذه التكنلوجيا لدى الشركات الخدمية سيكون على العكس تماما من حيث الجدوى الإقتصادية، وذلك لأنها توفر تلك الخدمات للعديد من الشركات المنتجة في آن واحد. إن هذا بدوره أيضا يساهم بترقية الشركات التي مازالت مملوكة من قبل القطاع العام والذي سيحاول جاهدا من أجل بلوغ مستوى معقول من المنافسة مع تلك الشركات لأن الإثنين، الشركة ذات الملكية العامة والأخرى ذات الملكية الخاصة، يعملون بعقد واحد ويخضعون لمنافسة بعضهم البعض. المستفيد من الأفضل في النهاية سيكون هو الشركة الأم، وهذا هو الهدف المنشود بعينه في نهاية الأمر.

بهذا الأسلوب يمكن إدخال عدة شركات لمنافسة الشركة المملوكة للدولة، لتدفع بهذه الشركة لما هو أفضل، من ناحية، وتوفير ما لا يمكن لشركات القطاع العام توفيره من ناحية أخرى. فالشركة المملوكة من قبل الدولة والتي لا تستطيع أن تصمد أمام المنافسة وتخسر، إن هذا يعني، إدارتها غير مؤهلة وليس من المجدي الاستمرار بعمل مثل هذه الشركة. ولكن لو كانت تلك الشركة مازالت تحت مضلة الشركة المنتجة، كما هو الحال في العراق حاليا، فالشركة ستقبل بما يقدم لها من خدمات صاغرة ولا تستطيع أن تفعل شيئا غير الشكوى والتذمر الغير مجدي في كثير من الأحيان.

إن هذا الأسلوب من شأنه أن يجعل من منتجي التكنلوجيا هم من يسعى لإرضاء الشركات المنتجة العراقية، فلو كانت تلك الخدمات تحت مضلة الشركة الأم، سيكون العكس صحيحا. فالسوق الحرة تجعل من المنتجين في خدمة السوق، والسوق المغلقة تجعل من المستهلكين خدما للمنتج، وهذا على ما أعتقد، سيكون من أهم الأسباب التي تعزز السيادة الوطنية وليس العكس. فإننا من تجربة الحصار التي مرت، لا حظنا إن العراق لم يرى أي جديد مما يحتاجه، وبذات الوقت مرت ليبيا بنفس الظروف من حصار، ففي الأيام الأولى، بل وقبل أن يفرض عليها الحصار، قد تم تحجيمه بما يخدم الشركات الخدمية والمنتجة في آن واحد، وذلك لكون ليبيا تنتهج هذا النوع من الهيكلة التي ورثتها واستمرت عليها من الشركات التي تمتلك الإمتيازات النفطية فيها، وهذا هو ما يحصل حاليا في إيران، الذي تسميه الولايات المتحدة أحد أركان محور الشر، فهذا النوع من التكنلوجيا لم يتأثر بأي حصار من أي نوع كان، فالمهندس الإيراني مازال يتعامل مع التكنلوجيا من أي مصدر يشاء، فإننا نجد كبريات الشركات الخدمية مثل شلمبرجر وغيرها مازالت تعمل في إيران وليبيا من دون أن تتوقف ولو ليوم واحد.

كما أسلفنا، إن انقطاع العراق عن ما هو جديد من تكنلوجيا في سوق الخدمات النفطية والتي تراكمت على مدى السنين الطويلة للحرب ومن بعدها الحصار، صار هناك تراكم كبير جدا من هذه التكنلوجيا والخبرات التي تعمل عليها، وهذا ما ليس للعراق قبلا به، لا من ناحية توقير تلك التنلوجيا ولا من ناحية توفير الخبرات اللازمة لتشغيلها والاستفادة منها، فتوفير الاثنين من قبل الشركات المنتجة العراقية قد يحتاج إلى عقد من الزمن، هذا إذا استطاع أن يوفر الأموال اللازمة لشرائها، وبالتأكيد ليس بالكامل، وعندها سيضطر المهندسين والفنيين الإكتفاء بالموجود، أو ما استطاعوا توفيره، وقبول النتائج مهما كان شكلها. إن هذا النوع من العمل ليس الذي يجب أن يسعى إليه العراق الذي هو بحاجة لسباق مع الزمن لسد الفجوة بينه وبين ما وصل إليه العالم من تقدم.

فإدخال خدمات لم تكن موجودة أصلا، وهي كثيرة ومتنوعة وغالية الثمن، أمر مستحيل على العراق في الوقت الحالي إلا من خلال توفير الخدمات النفطية في سوق مفتوحة للمستثمر سواء كان وطنيا أو أجنبيا، وهذا الأمر أجده من الضرورات الموضوعية والتي لا يمكن العبور عليها أو تجاوزها.

قد يتصور المرء إن هذا النوع من السوق المفتوحة، وليس الخصخصة بالمعنى الحرفي للكلمة، يمكن أن يخل بالمبادئ العامة و من الثوابت الوطنية. لكن من خلال المرور على تلك الثوابت الواحد بعد الآخر، لم أجد منها واحدا يتعارض مع هذا الأسلوب بالعمل من توفير الخدمات النفطية في سوق مفتوحة للمنافسة.

إن مثل هذه الخدمات لا يمكن أن تدخل هكذا بدون أن تتحكم بها الشركات المنتجة من أجل ضمان مصالحها، فإطلاقها ليس دائما من مصلحة المنتج بل أحيانا سيكون المنتج عرضة للإساءة من قبل الشركات في السوق، وقد لا يجد مرة من يقدم خدمة معينة لو إنه احتاجها في وقت ما. فالارتباط مع هذه الشركات بعقود لتقديم خدمات محددة النوع والحجم وبقيمة محددة للعقد خلال فترة زمنية محددة، سيلزم الشركات بتوفير إحتياجات تلك الشركات المنتجة. على ضوء العقود، ستوفر الشركات الكادر الوظيفي وباقي المستلزمات من أجهزة ومعدات ومواد وورش للعمل ومخازن ملائمة وما إلى ذلك من مستلزمات.
العقود أيضا تجعل من هذه الشركات ملتزمة بثوابت الشركات المنتجة من سلامة صناعية ومحافظة على البيئة، وكذا توفير خدمات تدريب وتأهيل للكادر التابع للشركة المنتجة لكي يتعامل مع تلك الخدمات بفاعلية وكفاءة عالية.

* مهندس نفط متخصص بإنتاج وتطوير حقول النفط والغاز



#حمزة_الجواهري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النفط العراقي بين الهواجس المشروعة والتطير – رابعا الخصخصة ف ...
- دول الجوار توصي بنزع الأكباد بعد قتل الأطفال
- النفط العراقي بين الهواجس المشروعة والتطير- ثالثا أشكال الاس ...
- النفط العراقي بين الهواجس المشروعة والتطير - ثانيا الثوابت ا ...
- النفط العراقي بين الهواجس المشروعة والتطير- أولا تجاوزات الب ...
- ليتهم ينقبون عن النفط على حسابهم ليطمئن الأخ علاء اللامي على ...
- الحرب على الإرهاب والأخوة الأعداء
- اتضحت معالم المؤامرة الإيرانية في العراق الجديد
- الأتراك قادمون، فأين المفر؟
- نظام ديمقراطي أم العزف على أوتار مقطعة؟
- أخطر مؤامرة على العراق تنفذ على يد غسان سلامة والأمم المتحدة
- سلاما إلى أرض العراق – 3 - إرهاب بين النهرين
- سلاما إلى أرض العراق – 2 - ثرثرة فوق النهرين
- سلاما إلى أرض العراق – 1 - قصة العودة من المهجر
- ما بعد العملية القيصرية لولادة التوأم السيامي- فصل المشرع ال ...
- من إشكاليات مشروع الديمقراطية في العراق
- العراق الجديد والجامعة العربية
- الحرب القادمة على أرض العراق
- مصر ترى إن مجلس الحكم ليس شرعيا وصدام هو الرئيس الشرعي للعرا ...
- الجامعة العربية - كيان منافق مشروع سياسي قومي يحمي الأنظمة ع ...


المزيد.....




- -بأول خطاب متلفز منذ 6 أسابيع-.. هذا ما قاله -أبو عبيدة- عن ...
- قرار تنظيم دخول وإقامة الأجانب في ليبيا يقلق مخالفي قوانين ا ...
- سوناك يعلن عزم بريطانيا نشر مقاتلاتها في بولندا عام 2025
- بعد حديثه عن -لقاءات بين الحين والآخر- مع الولايات المتحدة.. ...
- قمة تونس والجزائر وليبيا.. تعاون جديد يواجه الهجرة غير الشر ...
- مواجهة حزب البديل قانونيا.. مهام وصلاحيات مكتب حماية الدستور ...
- ستولتنبرغ: ليس لدى -الناتو- أي خطط لنشر أسلحة نووية إضافية ف ...
- رويترز: أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية بقيمة مليار دولار لأو ...
- سوناك: لا يمكننا أن نغفل عن الوضع في أوكرانيا بسبب ما يجري ف ...
- -بلومبرغ-: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات على 10 شركات تت ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - حمزة الجواهري - النفط العراقي بين الهواجس المشروعة والتطير – خامسا أسلوب لتحاشي خصخصة