سعد هجرس
الحوار المتمدن-العدد: 2223 - 2008 / 3 / 17 - 08:12
المحور:
الادارة و الاقتصاد
مؤشرات الاقتصاد الكلي مهمة بلاشك. وتقارير الهيئات الدولية الكبري عن اقتصاد اي دولة لا تقل أهمية. لكن لا هذه المؤشرات ولا تلك التقارير تغني عن رأي المواطن العادي. فالحالة المعيشية لهذا المواطن هي الترمومتر الحقيقي للأوضاع الاقتصادية. وهذه الحالة المعيشية ليست حالة "ميتافيزيقية" وإنما هي مسألة "واقعية" يمكن ـ ويجب ـ قياسها مترجمة في "كم" و "كيف" الطعام الذي يستطيع توفيره لأسرته في الوجبات اليومية الثلاث، وفي تكلفة التعليم المتاح لأبنائه وبناته، وفي فاتورة العلاج الذي تتوفر فيه شروط الحد الادني من الآدمية له ولعائلته وفي قيمة تذكرة المواصلات العامة التي يحتاجها.. إلي آخر ذلك من ضروريات الحياة، والتي تمثل في الوقت ذاته حقوقاً أساسية للإنسان في اي مكان.
ودرجة تلبية هذه الحقوق الأساسية للغالبية العظمي من السكان هي احدي المعوقات الرئيسية لمناخ الاستثمار في البلد المعني.
ولذلك فانه لا يجب التهوين من الأثر الاقتصادي، والاجتماعي، السلبي لمسألة مثل أزمة رغيف الخبز في مصر، أو اعتبارها مجرد أحد هموم قطاع من المصريين لا شان للاقتصاديين بها، خاصة بعد أن أصبح الحديث عن هذه الأزمة مادة لوكالات الانباء العالمية وقنوات الإذاعة والتليفزيون الأجنبية، ومنها _ علي سبيل المثال لا الحصر- هيئة الإذاعة البريطانية التي نشرت علي موقعها علي شبكة الانترنت تقريراً مروعاً عنوانه "الرصاص والمولوتوف والسكين في معارك الخبز في مصر" وتحت هذا العنوان التراجيدي رصد التقرير مظاهر مخيفة ومفجعة من بينها أن الأزمة الحالية التي يشهدها رغيف الخبز في مصر قد أدت إلي " تكدس المستهلكين أمام الأفران، وفي بعض الأحيان يضم الطابور الواحد أمام بعض المخابز أكثر من خمسين أو ستين شخصاً معظمهم من ربات البيوت. ويستمر الحال لساعتين أو أكثر للحصول علي 15 أو 20 رغيفا. بعض هؤلاء السيدات يذهبن إلي المخبز في الرابعة فجراً لحجز مكان متقدم في الطابور، اي قبل بدء عمل المخبز بثلاث أو أربع ساعات تقريباً. وفي أسبوع واحد فقط كتبت الصحف المصرية عن أكثر من حادثة متعلقة بطوابير العيش " راح ضحيتها قتلي وجرحي ووصل الحال في إحدي هذه الحوادث أن "عثرت الشرطة في حي الدقي الراقي بالجيزة علي عشرات من زجاجات المولوتوف الحارقة كانت معدة للاستخدام من قبل مجموعة من الأفراد ضد مجموعة أخري بسبب الخلاف علي الخبز، لكن اعتذار المجموعة الثانية في الوقت المناسب دفع المجموعة الأولي إلي ترك الزجاجات في الشارع أمام بعض السفارات الهامة.. هذا بالإضافة إلي عشرات المشاجرات اليومية .. والاحتجاجات المتكررة ..."
ونحن لسنا بحاجة إلي قراءة تقارير مراسلي هيئة الإذاعة البريطانية أو غيرها، لأننا نري هذه المشاهد المحزنة والمحبطة كل يوم وفي كل الأحياء وفي كل المدن وفي كل المحافظات.
ولاشك أن فشل حكومة الدكتور احمد نظيف في إيجاد حل جاد وسريع لمشكلة رغيف الخبز يلقي بظلاله علي ماعدا ذلك من قضايا، وليست قضية الإصلاح الاقتصادي استثناء منها.
وربنا يستر!
#سعد_هجرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟