أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غريب عسقلاني - المخيم والعزف على وجع قديم















المزيد.....

المخيم والعزف على وجع قديم


غريب عسقلاني

الحوار المتمدن-العدد: 2208 - 2008 / 3 / 2 - 11:04
المحور: الادب والفن
    



المخيم والعزف على وجع قديم
"قراءة في ذاكرة يحى رباح الأولى"
ماذا يعني المخيم في وجدان الشعب الفلسطيني؟
وكيف ترسبت هذه الظاهرة في وعي المبدع الفلسطيني، خاصة عند جيل الكتاب الذين تفتح وعيهم على أسئلة النكبة في الخمسينات، وكيف تطورت صورة المخيم بتطور الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في المجتمع الفلسطيني, وهل تبلور المخيم كيانا سكانيا اجتماعيا له تقاليده وعلاقاته وأعرافه، وهل يملك مجتمع المخيم مواصفات تميزه عن مجتمع المدينة أو مجتمع القرية او مجتمع البادية.
هذا الخليط من الناس الذين اقتلعوا من مدنهم وقراهم، ومضارب عشائرهم كيف تجاوروا على اختلاف منابتهم وعاداتهم وثقافاتهم، واندمجوا في نسيج اجتماعي له همومه المشتركة، وله أسئلته أيضاً.
المخيم هذا المكان الطارئ الذي غافل التوقعات, وأصبح واقعا له أجندته وتواريخه، ومحطاته التي قطعت من عمر الفلسطينيين أكثر من نصف قرن. ما هي الأسئلة الأولى عندما كانت الأولوية الحفاظ على الذات والهوية، وهل ما زال السؤال على توهجه، وقد رحلت عن الدنيا أجيال خبرت البلاد وأخذت معها حكاياتها، ماذا تبقى منها للأبناء والأحفاد، وماذا أضاف اللاحقون.. هل مازالوا على التمسك بمفاتيح البيوت الأولى، وتحريز الكواشين والمواثيق والحجج، وحتى أحجبة العرافين ومجاذيب الأضرحة وعشاق أولياء الله الصالحين، وهل تبلورت في المخيم عادات جديدة، أبعد من عادات الكوانين وبطانيات الإعاشة، وكيف توصل الناس إلى لهجة هجينة تنازل فيها الناس عن بعض لهجاتهم واكتسبوا مفردات فرخها واقع الحال، شكلت قواسم مشتركة تعبر عن روح الحالة.
أسئلة تفتح البوابات على الحياة الفلسطينية، وتتمحور حول جوهر المعاناة، وتفرض الإجابات من خلال المواجهة.
فكيف استقبل المبدع هذه الأسئلة، وكيف تفاعلت فيه، وتبلورت حكايات وصور، وتشيأت إبداعا فنياً جسدت حياةً من وحي الحياة، وناوشت معادلات يفرضها الواقع، ولأن الحياة من خلال الأدب، حياة مصادق عليها إذا امتلكت أدواتها، فإن الحكاية شهادة يصعب دحضها، كما يقول القاص يحيى رباح "فهي اجتياز للذاكرة الجماعية وهي المحارة المختبئة في الأعماق تختفي فيها اللآلئ الثمينة"
هل هي ذاكرة المخيم؟
أم هي الحياة كما يفرضها واقع اللجوء؟
أم هي ذاكرة الإنسان الفلسطيني الذي مازال وبإصرار يعيد إنتاج النكبة ويؤكد حضورها في وعي الأجيال؟
هذا ما نحاول الاقتراب منه في شهادة القاص المعروف يحيى رباح الذي يستعيد ذاكرة المخيم في قطاع غزة في قصصه القصيرة باقتدار وتميز
بـائـع الحكـايـات فـي المخيـم:
شاهر الماضي بائع الحكايات في المخيم (ياله من بائع) يستعيد حادثة سوق المخيم مع الشاويش السوداني (النوبي) عكنون وفرقة الهجانة، وكيف عاقب عكنون(السلطة) السوق لأن واحداً من الناس (السمبك) الصياد المحترف المعروف طلب منه أن يتزحزح عن بسطت, ليتمكن من بيع بضاعته قبل ان تضربها الشمس وتفسد..كيف استبد الشاويش به وكيف قاومه الناس بالحجارة، وانتصروا على عنجهيته، وسجلوا انتصاراً جماعياً يصلح سلعة مطلوبة يسوقها بائع الحكايات, فالناس اصطفوا حول رمزهم السمبك الذي سبق أن اصطاد وباقتدار سمكة القرش اللعينة.
وفي المخيم يرصد رباح الناس الفقراء وقد حاصرهم البحر، والأرض المالحة التي لا تنبت غير الأعشاب الشوكية الفقيرة، ومقام سيدنا الخضر ملاذ المحرومين والمحتاجين اللائذين بالكرامات، يصدقون تحول ابن المخيم الإشكالي "محمد عبد الدايم مهيوب" الى الشيخ المهيوب، ذلك الشرطي القديم وكاتب العرائض، والمقامر، والسكير، الذي يكسب الرهان ويختفي سبعين يوماً ليعود إليهم الشيخ المهيوب ، الذي يغرق في الدور ولا يستطيع الخروج منه، يتماهى مع رهانه ويغيب إلى وعي آخر، وكأن "الناس لا يحبون الحقيقة يستصعبونها، يهربون منها إلى غرائب ينسجونها من وحي خيالهم والى أوهام يصنعونها ويصدقونها قبل أن يصدقها غيرهم..."
فـي البـدء كـانت الحكـايـة:
وفي المخيم يتناقلون قصة اختفاء زاهر النعماني الصبي الأشقر الأنمش الجميل ،الذي اختقى ليلة الإعصار وفشلت كل الجهود في العثور عليه، ولكنه لم يغادر ذاكرة الناس، وحل في كيان صديقه شاهر الماضي، وكأن شاهر الماضي الغائب لابد أن يعود حتى يعود معه زاهر النعماني، ويشطب حالة الغياب القصري أو حتى القدري.
ولأنها الأقدار، تشكل معطيات الواقع في المخيم، وتسم سلوكهمل فإنهم يميلون إلى الحكاية ويتعلقون بالأوهام وينسجون معها علاقة مصادقة تعتمد على البراءة أساساً ، وفي هذه المناخات يتم استيعاب الدبشي الذي توحمت أمه على جمل فأتى إلى الدنيا بجسد يشبه الجمل وتوقف نموه العقلي عند حدود الطفولة, هذا الكائن الغرائبي يفرض حضوره على المخيم، فهو الطيب المبروك "ابن الصدفة" أو ابن الوهم سيان.
وكما يفرض الدبشي حضوره فان "ذيب البحيصي" مغني المخيم وحاديه، يطلق مواويله، فلا تملك الإفراج انسجامها وبهجتها بعيداً عن صوته الذي يرطب جفاف الحياة في المخيم، يلعب معه ويكمله "أبو خالد الجربوع المطرب اليافاوي" الذي يستحضر على الجانب الآخر ليالي العجمي ومباهج روبين ومواسم أيام زمان "وسقى الله أيام زمان".
أما المصارع أبو خليل البطل والذي فقد جمهوره وملاعبه يقوم على تدريب الصغار على فنونه وألعابه، ويتمسك بمسئوليته عن جيل سيلعب دوراًُ مؤجلاً ولكنه مطلوب.
وفي المخيم لا يملك الناس غير "منتدى مقهى أبو غليون" حيث يطلق رواده حكايات المخيم, وينتظرون عودة فارس اليبناوي الذي ترك زوجته الجميلة "تمام العصفوري" التي ما زالت تنتظر على يقين من عودته يوما.
وهكذا يمتح كاتبنا من ذاكرة حزينة اكتوت بنار الفجائع والخيبات المتلاحقة ما فرض على الفلسطيني صراعا مع الآخر, ومع واقع اللجوء حيث يتربص الموت والإلغاء, ومن هنا يطل السؤال الحارق الطازج:
إلى متى يظل الشتات حالة والمخيم جغرافيا؟
وكأني به يقول أن المخيم حالة طارئة مرفوضة يجب التمرد عليها واعتبارها عتبة انطلاق نحو الوطن, وهنا تتجاوز القصة القصيرة عند يحى رباح حدود التسجيل إلى الدهشة السوداء من كابوس الحاضر, ما يجعل المستقبل قضية مؤرقة.. أليس كذلك؟؟
----------------

*يحى رباح, إعلامي فلسطيني معروف, عمل في الإذاعات الفلسطينية في عدة عواصم عربية, وعمل سفيرا لفلسطين في اليمن لفترة طويلة,يكتب المقالة السياسية وله عمود يومي في صحيفة الحياة الجديدة التي تصدر من رام اللة, له عدة مجموعات قصصية بالإضافة لكتب أخرى في الشأن الفلسطيني, يقيم الآن في غزة ومتفرغا للعمل الصحفي والإعلامي



#غريب_عسقلاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الواقعي والمتخيل في قصص القاص الفلسطيني عمر حمش
- البحث عن أزمنة بيضاء - 11 -
- البحث عن أزمنة بيضاء -10 -
- البحث عن أزمنة بيضاء - 9 -
- البحث عن أزمنة بيضاء - 8 -
- البحث عن أزمنة لبضاء -7 -
- البحث عن أزمنة بيضاء - 6 -
- البحث عن أزمنة بيضاء -5 -
- البحث عن أزمنة بيضاء -4 -
- البحث عن أزمنة بيضاء -3 -
- البحث عن أزمنة بيضاء - 2 -
- البحث عن أزمنة بيضاء - 1 -
- عطش الندى - قصة فصيرة
- شهادات في زمن الحصار
- أعواد ثقاب في ليل حالك
- أفشالومي الجميل
- حكايات الغربة -2 -
- حكايات الغربة -1 -
- حكايات في واقع الحال -3 -
- حكايات في واقع الحال - 2 -


المزيد.....




- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غريب عسقلاني - المخيم والعزف على وجع قديم