أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - توفيق أبو شومر - هل أصبح الرعب هو التجارة الإعلامية الرابحة؟1















المزيد.....

هل أصبح الرعب هو التجارة الإعلامية الرابحة؟1


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 2203 - 2008 / 2 / 26 - 02:05
المحور: الصحافة والاعلام
    


أعبِّرُ في البداية عن أسفي لعرض هذه الصورة المُرعبة، ومما يشجعني على عرضها، أن قُراء المقالات من الراشدين الكبار دائما:
عرضتْ قناة فضائية عربية مشهورة، تدخل ضمن البرمجة العادية في كل البيوت العربية، ضمن القمرين العربيين الإعلاميين، عرب سات ونايل سات يوم 8/2/2008م فيلما غريبا، ملخصه أن طبيبا شرطيا يطاردُ قاطعي الرؤوس بالسيف !
ليست المناظر المرعبة في الفيلم فقط، هي لحز الرأس حتى يطير بعيدا عن الجسد بسيف قاطع، ولا للحصان السريع الذي يحمل الجثة المقطوعة الرأس، ولا للجثة بلا رأس عن بعد، ولكن الأبشع؛ كان لمنظر الشرطى الذي يتفقد عن قرب الرقبة المقطوعة الرأس في لقطة مكبرة للرقبة وهي مملوءة بالدم، ويخرج منها صرصارٌ كبير!
ولم يبق من الرعب شيئا لم تصوره عدسة الفيلم، التي دخلت مع الجثة غرفة لتشريح جثة إمرأة مقتولة منذ زمن بعيد، وبعد شق البطن، غرق وجه الشرطي الطبيب بدم مولودها، لأن المرأة كانت حاملا.
هذا اكتشاف الفيلم المرعب والمقرف والمثير للنفور والاشمئزاز.
إذا كانت الصورة القلمية مفجعة، فما بالكم بصور الكاميرا !
وبعد أربعة أيام أعلن وزراء الإعلام العرب عن وثيقة لتنظيم البث الفضائي في 12/2/2008م، حاولت أن أفحص الوثيقة، فوجدت أنها وثيقة إعلامية (أكاديمية) تقليدية تشمل كل البنود والقوانين الإعلامية التي تُنظم الإعلام، والتي تتضمنها القوانين الإعلامية المنشورة ولكن الجديد في الوثيقة، أن الوثيقة تنصُّ في بندها الأول على تجنُّب تناول القادة بالتجريح، وتحريم التحريض !
ومن يقرأ الوثيقة وبنودها فإنه يحس بأن بقية البنود التي وردت بعد البند الأول كانت (ديكورا) تجميليا للبند الرئيس السابق، وهو منع التعرض للرؤساء والشخصيات بالتجريح، حتى لو كانت الشخصيات تملك قنوات بثٍّ على نمط البث المرعب الذي أشرتُ إليه في البداية !
وأعود إلى مدلولات بث الرعب في الفضائيات العربية وأتساءل:
ما غاية الفضائية العربية من عرض هذا الفيلم؟ هل هدفها التسلية، أم الرعب؟
وإذا كان الهدفُ، هو إثارة الرعب، فما الغاية من إثارة الرعب في الإعلام؟
إن أبسط مباديء الإعلام تنصُّ على تحريم وتجريم عرض مثل هذه الأفلام، لما فيها من رعب، لغرض إحداث الرعب، وليس للتعليم أو التدريب، أو التثقيف، بعد التحذير.
كما أن أبسط مباديء الإعلام، أن تُعلن القناةُ الفضائية، إذا أصًرَّتْ على عرض الفيلم، تحذيرا قبل العرض ينصُّ على فداحة المناظر التي ستعرض في الفيلم!
وبما أن الفضائية لم تُطبِّقْ هذه الأبجديات الإعلامية، إذن فقد كانت ترمي إلى هدفٍ واحد فقط ، وهو جعل المناظر البشعة أمرا عاديا ولا يثير النفور، وكان يجبُ على الآباء والصحفيين والتربويين والكُتَّاب، وكل قطاعات المجتمع المدني، أن ترفع شكوى ضد هذه القناة، وتطالب القمر الصناعي الحاضن لهذه القناة، بأن يوقف بثها !
كلنا يعرف نتائج تفشي مناظر العنف في المجتمع، وكيف أنها تُنجبُ جيلا عنيفا، يحرق مَن حوله، يدمِّر الوطن، ويقضي على منجزاته، وأكثر مجتمعٍ يعاني من العنف هو مجتمعنا الفلسطيني، فكثيرٌ من أطفالنا في المدارس يحملون في حقائبهم الدراسية آلات حادة، وهم يعشقون حمل السلاح واستخدامه!
حتى إعلامنا الخبري، لم يعد يحفل بعرض أشلاء الضحايا، وقطع اللحم المتناثرة، بعد حادث من الحوادث، أو قصف طائرة، وليس غريبا أن يهجم الأطفال على السيارة يجمعون الأشلاء، ويعرضونها أمام الكاميرا، وهناك تنافسُ بين القنوات في التقاط هذه المناظر المروعة، باعتبارا سبقا صحفيا !
ركلَ إعلام الألفية الثالثة بالحذاء، كل القوانين الإعلامية التقليدية البائدة التي تُحرِّمُ الرعب، وأصبح يرى في العنف، وعرض أفلام الرعب وسيلة من وسائل الدعاية، التي تُدرُّ الربح الوفير على تلك القنوات ! فقد أصبح ( الأكشن) العنفي هو المصدر الرئيس للربح الإعلامي، وكلما كان الأكشن مرعبا، تكدَّس الربح !
ولا يخفى على أحدٍ علاقة الترويج الإعلامي (للرعب) بالتجارة العالمية في الألفية الثالثة، فقد أصبح الرعب أحد أكبر مصادر الدخل في كثيرٍ من الدول، التي أسست اقتصادها على تجارة الرعب، وليست أدوية الرعب ومطلوباته الأخرى من المهدئات والمُنشِّطات والمُدمنات والمنومات، هي فقط التي تزيد الدخل وتنشط الاقتصاد، بل إن صناعة الأسلحة، وتكنلوجيا القتل، هي أكثر الصناعات ربحا.
وانضمتْ شبكة الإنترنت إلى جوقة العنف والرعب، لتحقيق الغاية نفسها، وهي الربح المالي، وكان من نتائج ذلك أن ظهرت طائفةٌ من (المُغرِّرين) ممن يلبسون أردية الدين، والدين منهم براء، تستغل فراغ النفوس من الثقافة والفكر لتُساهم في نشر العنف والرعب في نفوس الشباب وجذبهم، لتحقيق ربحٍ مادي بطريق ملتوٍ، فهناك موقع خاص لمن يرغبون في الانضمام إلى المنتحرين، مع وصف لطريقة الانتحار والموت الطوعي، وهناك في شبكة أخرى وصفٌ لكيفية الإعدام والقتل والتفخيخ، وصناعة المتفجرات والأحزمة الناسفة، وهناك ما هو أغرب وأعجب،مناقشات تدور حول إمكانية قطع رؤوس المعارضين باستخدام المناشير الكهربية !
فقد ألغتْ العولمةُ أهداف إقامة مجتمعات سعيدة يسودها الوئام، التي كانت شعارات ثورات التحرر في العالم، في القرن السالف، وأصبحت شعاراتها الجديدة، (تجرنة) كل الأنشطة الإنسانية، بأدخالها في القطاع التجاري، وإلغاء المحظورات التقليدية، التي تُبطيء من النشاط التجاري، أو تناقض هذا النشاط، أو تقف عقبة في وجهه !
ولعل أبشع ما في هذا الأمر، أن يخضع الإعلام، لسطوة التجارة، ويتحول من إعلام يبثُّ رسالة سامية ديموقراطية حُرّة، إلى عربةٍ في مقدمة قطار التجارة العالمية، تحمل بوقا، تبشر بوصول هذا القطار، وتزيح ما قد يعترضُ طريقه من عقبات، وهذا ما يحدث اليوم !
ونتيجة لغياب رسالة الإعلام السامية المقدسة، فقد أحسُّ كثيرٌ من المغامرين والتجار، باستسهال ركوب قطار الإعلام، ما دام شرطه الوحيد، هو أن يملك الشخص مالا فقط، أي أن يكون ( إعلاماليا)، مما جعل أباطرة الإعلام في الألفية الثالثة، هم أصحاب رؤوس الأموال، وليس أصحاب رؤوس الأفكار والمباديء والرسالات ! وهؤلاء معروفون بغاياتهم الرئيسة، المتمثلة في مضاعفة الربح المالي في دقائق معدودة، فكل ركائز الإعلام عندهم، يجب أن تدخل من ثقب (البورصات المالية) بغض النظر عن المضامين والرسالات، والمباديء والغايات !
ويبدو أن تجار العولمة نجحوا في (شرعنة) إعلام الرعب، بحيث صار الرعبُ شرعيا، وعاديا ومقبولا ومستساغا، ولا بأس عليه، وحتى لا نصل إلى مرحلة تفشِّي هذه الظاهرة فإنني أقترح:
أن تُجبَر كل فضائية على تأسيس لجنة استشارية من الواعين والمثقفين وعلماء النفس والاجتماع والآباء والمربيين، تقوم بدور متابعة برامج الفضائية، وأن يُعتبر تشكيل هذه الهيئة أساسا للحصول على الترخيص.
وأن نُشجع على تأسيس اتحادات للقنوات الفضائية، أو اتحادات لمجموعات من القنوات الفضائية المتشابهة، بحيث تضع هذه الاتحادات مشاريع قوانين لأخلاق المهنة الإعلامية، ومن أبجديات أخلاق المهنة، حظر كل البرامج التي تشجع العنف، أو تجعله أمرا عاديا مقبولا في المجتمع، من أجل أطفالنا ومستقبل أجيالنا.
وأن تلتزم الدول التي تملك الأقمار الصناعية، بأن تتعهد القنوات التي يحملها القمر باحترام القوانين التي تنص على عدم إثارة الرعب، لهدف الإثارة والتجارة!



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرة أخرى .. إحراق مكتبة جمعية الشبان المسيحيين في غزة !
- ملاحظات حول تقرير البنك الدولي عن التعليم في العالم العربي !
- العرب ... يطلبون حق اللجوء الإعلامي للقنوات الأجنبية !
- إسرائيل إما أنها في حالة حرب... وإما أنها تستعد للحرب !
- باراك أوباما....وعشق إسرائيل !
- ازدهار النظام الوراثي في الألفية الثالثة
- بين تربية العقول ... وتربية (العجول) !
- تنبَّهوا واستفيقوا أيها العربُ !
- من إسرائيل دولة يهودية ... إلى إسرائيل دولة [ اليهود]!
- قتل النساء بادّعاء الشرف جريمة بشعة تُخلُّ بشرف الرجال !!
- الإعلاميون العرب والتسلية على أسماء الشخصيات الأجنبية !
- الإعلام ...لواء مدرع في سلاح الشركات متعدية الجنسيات !
- الإعلام العربي ... كلام حتى الموت !
- هل ستصبح غزة تحت وصاية حلف الناتو ؟!
- إعلان براءة إيهود أولمرت بعد لاءاته الثلاثة !
- الحوار المتمدن نافذة لأكسجين الحريات
- هل الوطن العربي هو الذي يُهاجَر منه .. لا إليه ؟!
- هل يملك الفلسطينيون حق رفض حضور مؤتمر أنابولس؟
- لماذا يخسر العربُ الحروب ؟!
- إحالة غزة إلى التقاعُد !


المزيد.....




- نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية ...
- شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
- دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
- نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص ...
- اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
- رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي ...
- الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق ...
- شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
- ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
- وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - توفيق أبو شومر - هل أصبح الرعب هو التجارة الإعلامية الرابحة؟1