أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فلاح أمين الرهيمي - حديث الروح(19)















المزيد.....

حديث الروح(19)


فلاح أمين الرهيمي

الحوار المتمدن-العدد: 2203 - 2008 / 2 / 26 - 09:30
المحور: سيرة ذاتية
    


العمل في جريدة صوت الفرات
أصدرت منطقة الفرات الأوسط للحزب الشيوعي العراقي جريدة تنطق باسم المنظمة للتوسع الكبير في أعضائها ولأنها تغطي مساحة كبيرة تلك الأيام تمتد تنظيما من المحمودية شمالا وكربلاء غربا والنعمانية شرقا والديوانية جنوبا بحدودها الإدارية التي تشمل محافظة المثني حاليا ومن ضمنها النجف التي كانت يومها من أقضية لواء كربلاء، وكان رئيس تحريرها المناضل الشيوعي وشهيد الحزب والحركة الوطنية حسن عوينة البطل الذي واجه طغيان البعث ببسالة منقطعة النظير وأعطى مثلا رائعا للشيوعي الحقيقي في مواجهة المحن والمصاعب، وقد كلفت بان أكون محاسبا للمجلة وكان مكتبها في الطابق الثاني لبناية مكونة من طابقين تقع في محلة المنتجب في الجامعين تحيط بها المقاهي والأسواق وأهالي الجامعين النجباء الذين رفدوا الحزب بكل ما يستطيعون من دعم مادي ومعنوي ومشاركة في بناء الحزب وديمومته، والآن أصبحت جزء من شارع الإمام علي وكنت اذهب إلى المكتب صباحا حتى الواحدة بعد الظهر لأعود إلى مكتب اتحاد الشعب القريب من مكتب الجريدة،وأقوم بما يتطلبه المقر من أعمال بما فيها خدمة الرفاق والزائرين باعتبار المقر بيت الحزب الذي على الجميع العناية به والاهتمام بإدارته وأتذكر ذات يوم بعد عودتي من الجريدة دخلت مقر اتحاد الشعب فوجدت الشهيد البطل كاظم الجاسم والذي تعرفت عليه قبل ثورة تموز بكثير فكنت اجلب له الشاي من المقهى المجاورة وأؤدي له ما يتطلب الأمر من خدمات وكان يعاملني معاملة رائعة لما اتصف به من صفات ندر أن تتوفر في إنسان آخر،كان حلو الطباع لطيف المعشر متواضعا ذو شخصية محبوبة ومحترمة من الآخرين ترتسم على وجهه أمارات التصميم والصرامة والإرادة القوية،وتتجسد فيه الروح الإنسانية،وكان متعبا ومرهقا من الأعمال الكثيرة التي تناط به يرتدي اللباس العربي ويحيط به الرفاق وكان يتكلم مع الرفاق حول ضرورة تقديم طلب رسمي لإقامة مقر علني للحزب الشيوعي العراقي،وكان الفقيد من ضمن الموقعين على طلب إجازة الحزب وعندما أنهى حديثه نهض للسفر إلى أهله في منطقة البو شناوة وكنت عازما على الذهاب إلى بيتنا فرافقته في الخروج من المكتب ورجوته أن يرافقني إلى بيتي لتناول طعام الغداء فوافق رحمه الله ولم يخيب أملي لأني كنت أحبه واحترمه كثيرا وأتذكر لحد الآن ملابسه الأنيقة التي يرتديها وشكله المحبب إلى النفس فوافق وذهبت وإياه إلى بيتنا وجلس في غرفة الضيوف فطلبت منه أن يأخذ راحته فنزع كوفيته وعقاله وعباءته وغسل يديه ووجهه واتيت له بما تيسر من الطعام ،فقال لي رحمه الله مازحا:إن البرجوازية تحفر قبرها بيديها بانحياز أبنائها إلى جانب الكادحين ،مشيرا بذلك إلى انتمائي لأسرة ميسورة الحال ،بعد ذلك خرجنا فذهب إلى أهله وعدت إلى مكتب اتحاد الشعب لأداء ما يتطلبه الموقف من أعمال.
وكان عملي في الجريدة يتركز في الأعمال التالية:
1- الذهاب إلى دوائر الدولة ومؤسساتها من اجل الإعلانات لنشرها في الجريدة لما فيها من إيراد مادي يساعد على بقاء الجريدة وإدامة صدورها.
2- جمع المقالات السياسية والأدبية والثقافية والذهاب بها إلى المطبعة في النجف.
3- الصور التي تنشر في الجريدة اذهب بها إلى مكتب اتحاد الشعب في بغداد لتطبع على الزونكغراف الذي بواسطته تطبع الصورة على صفحات الجريدة فأسلمهم الصور لأذهب بعد يومين لاستلام الزونكغراف ودفع أجور العمل!!
4- توزيع الصحيفة على المكتبات في الحلة ودوائر الدولة من اجل الاطلاع على إعلاناتهم المنشورة في الجريدة وتوطيد العلاقة بين الجريدة وتلك الدوائر وكنت أقوم بجمع مبالغ الاشتراكات والإعلانات.
كان الشهيد الراحل حسن عوينة يأتي بصورة متفاوتة إلى مكتب الجريدة ويجلس على مقعد وكأنه احد الزائرين،وحينما انهض ليجلس هو مكاني يرفض ذلك بشدة ويقول لي أنت مسئول الجريدة وأنت صاحبها وانأ أزورك مثل الضيف الذي يزور صديقه،وكان في منتهى التواضع والأدب الجم،فهو كما يعلم الجميع اللولب المحرك والداينمو التي لا تعرف الكلل أو الملل في العمل الحزبي والإشراف على الجريدة ولكنه لتواضعه يحاول التقليل من أهميته وإعطاء الآخرين حجما ليجعلهم أهلا للمسئولية ويدفعهم للعمل المتفاني من اجل ديمومة الجريدة وتقدمها،وكانت أخلاقه العالية مثال لأخلاق الشيوعي الأصيل المتسم بنكران الذات وكنت اسمع منه النصائح والكلمات التي لا زالت محفورة في ذاكرتي ونفعتني في مستقبل الأيام لما فيها من عبر وعضات تنفع في حياة الإنسان العملية ولا زلت أتذكر احد أقواله المأثورة المنطلقة عن عقل مدرك وإيمان مطلق بالعقيدة والمبادئ وإنماء العلاقة الحميمة قال:على الشيوعي حينما يضع رأسه على الوسادة وقبل أن يغمض عينيه لينام أن يستعرض ما قدم في يومه وما سيقدم في غده، إنني الآن استذكر أولئك الرجال العظام وأتخيلهم بإشكالهم ونبرات صوتهم أولئك الخالدين في ذاكرة الناس وبطون الكتب وإسفار التاريخ حينما تستعرض الأجيال القادمة هذا السفر النضالي القيم لرجال صدقوا على ما عاهدوا وقدموا أرواحهم قربانا للمبادئ والمثل العليا التي امنوا بها وأنجزوا مهمتهم ومسئوليتهم من خلال القرار والاختبار وإيمانهم الذي لا يتزعزع .
في احد الأيام تكلم معي مسئولي الحزبي على انفراد خلال مؤامرة وتمرد الشواف في الموصل في آذار 1959 قائلا:أنك تمتلك مسدسا ودار الرفيق جواد كاظم محمد جواد "وكان مسئول محلية بابل" يقع بالقرب من داركم وان الحزب يكلفك بمرافقته وحمايته في ذهابه وعودته لوجود مؤامرات تستهدف اغتيال القيادات الحزبية، وفعلا ذهبت للراحل الرفيق جواد واتفقت معه على كل ما يرغب ويريد فكنت اذهب إلى دارهم صباح كل يوم في الساعة الثامنة ونغادر البيت سوية نجتاز الطرق والأسواق إلى مقر اتحاد الشعب أو إي مكان آخر وكنت عندما اذهب إلى بيته واطرق الباب يدعوني للدخول فأتناول الشاي وإذا كان جاهزا نغادر البيت وكان يرفض أن أسير ورائه ويطلب مني أن أسير إلى جانبه ويقول لي أنت رفيقي وأخي واستعيب أن تسير خلفي وحينما ارفض ذلك وأقول له إني مكلف بحمايتك ويجب أن أسير خلفك لكي أراقب الناس كان يغضب ويتجهم وجهه ويقول إذا لا تسير إلى جانبي سأرفض مرافقتك،وفعلا كنت أسير بجانبه وبعد القضاء على المؤامرة وهدوء الأوضاع انتهت مهمتي وعدت إلى عملي الطبيعي.
وفي احد الأيام كنت متواجدا في مقر اتحاد الشعب فجاء الرفيق باقر إبراهيم الموسوي،وكان عندما يريد الخروج من المقر للتجول في المدينة أو قضاء حاجة يطلب مني مرافقته،فطلب مني مرافقته فذهبت معه إلى إحدى الغرف المجاورة البعيدة عن أنظار المتواجدين في المقر وتكلم معي قائلا: يوجد شخص غريب ونريد له مأوى وسكن وطعام لمدة عشرة أيام وسوف تكون الواسطة بيني وبين هذا الشخص ويجب أن لا يعلم به حتى مسئولك الحزبي،فوافقت على الأمر وقلت له إن هذا الشخص سيسكن في دارنا وهذه الدار شبه فارغة لأننا نسكن غيرها ولا تتردد عليها عائلتي إلا عند الضرورة أو جلب بعض الحاجيات وانه يقع مباشرة في شارع أبو القاسم،وحدد الساعة الرابعة من اليوم التالي قرب منتزه الشعب موعدا لاستقباله،فانتظرته في الوقت المحدد وجاءت سيارة بيضاء وكان فيها الرفيق الموسوي جالسا إلى جانب السائق وفي الخلف الرجل الغريب فنزل من السيارة وهو يحمل حقيبة صغيرة ورافقته إلى بيتنا وأسكنته الطابق الثاني بعد أن هيأت له سريرا وفراش وانية الماء وبجوار الغرفة توجد المغاسل وسألته عن احتياجاته وكان لديه راديو صغير وضعه على الطاولة الموجودة بجانب السرير وأخبرته إن ترددي عليه سيكون كل ساعة أو ساعتين وغادرته ليأخذ راحته وذهبت إلى والدتي وشقيقاتي وزوجة أخي وأخبرتهم بتواجد الرجل في بيتنا وكنت أتردد عليه كل ساعة تقريبا واسأله عن احتياجاته فيعطيني رسالة اذهب بها إلى الرفيق الموسوي وكذلك حينما يعطيني الموسوي رسالة أوصلها إليه وكنت اجلب له الفطور والغداء والعشاء وقد علمت من خلال الرفاق والإنذار الذي حدث بوجود مؤامرة تستهدف النظام الجمهوري في العراق،كما أن هذه الإنباء جاءت متزامنة مع طلب الرفيق الذي في بيتنا من الرفيق الموسوي تامين خارطة دقيقة ومركزة لمدينة الحلة، تحتوي على مراكز الشرطة ومواقعها والساحات العامة والشوارع والدوائر الحكومية،وحينما عرض الموضوع علي أخبرته بوجود رفيق في إحدى التنظيمات التي اشرف عليها يعمل رئيس مساحين في مديرية التسجيل العقاري في الحلة ،فذهبت إلى الدائرة وطلبت منه بتكليف من الحزب هذه الخريطة ورجوته بان لا يعلم بها أي إنسان حتى مسئوله الحزبي وفعلا بعد يومين ذهبت إلى الدار التي كان يستأجرها رئيس المساحين الأستاذ حسين شهاب ألعبيدي في الفرع المجاور لمديرية الرعاية الاجتماعية فسلمني الخارطة المفصلة وكان طولها متر ونصف وعرضها متر واحد فأخذتها مسرعا إلى البيت وسلمتها للشخص المختفي في دارنا،وعرضها على السرير واخذ ينظر إليها ولاحظت علامات الرضا والسرور ارتسمت على وجهه وبعد أربعة أيام اخبرني الرفيق الموسوي بمرافقة الشخص إلى المكان الأول باب المنتزه في الساعة الرابعة عصرا وستأتي سيارة بيضاء ويذهب بها وفعلا في الموعد المحدد ذهبنا إلى المكان المتفق عليه فجاءت السيارة البيضاء فصافحني وقبلني وشكرني على الرعاية والضيافة وقال إن الحزب الذي فيه مثلكم أيها الرفاق لن يموت وسيبقى سنديانة وارفة في العراق العزيز،وركب السيارة وعاد من حيث أتى،ولحد الآن لم اعرف من هو ذلك الشخص أو ما هو عمله في المدينة،ولم احدث بذلك احد حتى اليوم.
وفي ذات يوم طلب مني لمرحوم والدي المجيء إلى العلوة والعمل معهم بسبب مرض احد الكتاب وإجراء عملية له،فامتثلت لأمره وقمت بالعمل معه،فجاءني ذات يوم الشهيد الراحل كامل نعمة واخبرني عن مداهمة الشرطة والأمن لوكر الحزب في حي الإبراهيمية القريب من علوة المخضرات وطلب من الذهاب إلى هناك لمعرفة الأمر واستطلاع الوضع لأنه لا يستطيع الذهاب خشية إلقاء القبض عليه وقد اخبر الحزب فطلبوا منه الاتصال بي،فطلبت منه أن يجلس في المقهى المجاورة وينتظرني فركبت الدراجة الهوائية العائدة لأحد عمال المحل وذهبت استطلع الأمر وبينما أسير بالقرب من حسينية ابن إدريس قرب الجبل لمحت الراحل أبو هشام يحمل مروحة منضدية فأسرعت واقتربت منه وطلبته منه أن يتبعني إلى إحدى الشوارع الفرعية فتبعني واخبرني بمداهمة البيت وانه استطاع الإفلات من الأمن فأخذت المروحة منه وأعطيته دراجتي وذهبت إلى المقهى التي مقابل العلوة حيث ينتظرني الشهيد كامل وأعطيته المروحة لتسليمها للحزب وإعادة الدراجة الهوائية،وفعلا قبل الظهر جاء الشهيد كامل ومعه الدراجة الهوائية.




#فلاح_أمين_الرهيمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث الروح(7)
- حديث الروح(8)
- حديث الروح(9)
- حديث الروح(10)
- حديث الروح(11)
- حديث الروح(12)
- حديث الروح (13)
- حديث الروح(14)
- حديث الروح(15)
- حديث الروح(16)
- حدسث الروح(17)
- حديث الروح(18)
- حديث الروح(6)
- حديث الروح(1)
- حديث الروح(2)
- حديث الروح(3)
- حديث الروح(4)
- حديث الروح(5)
- العراق الجديد و الإنسان المهمش
- الديمقراطية و التنمية البشرية


المزيد.....




- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...
- جهاز كشف الكذب وإجابة -ولي عهد السعودية-.. رد أحد أشهر لاعبي ...
- السعودية.. فيديو ادعاء فتاة تعرضها لتهديد وضرب في الرياض يثي ...
- قيادي في حماس يوضح لـCNN موقف الحركة بشأن -نزع السلاح مقابل ...
- -يسرقون بيوت الله-.. غضب في السعودية بعد اكتشاف اختلاسات في ...
- -تايمز أوف إسرائيل-: تل أبيب مستعدة لتغيير مطلبها للإفراج عن ...
- الحرب الإسرائيلية على غزة في يومها الـ203.. تحذيرات عربية ود ...
- -بلومبيرغ-: السعودية تستعد لاستضافة اجتماع لمناقشة مستقبل غز ...
- هل تشيخ المجتمعات وتصبح عرضة للانهيار بمرور الوقت؟


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فلاح أمين الرهيمي - حديث الروح(19)