أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فلاح أمين الرهيمي - حدسث الروح(17)















المزيد.....

حدسث الروح(17)


فلاح أمين الرهيمي

الحوار المتمدن-العدد: 2215 - 2008 / 3 / 9 - 00:39
المحور: سيرة ذاتية
    


اعتقالي بعد العودة إلى العراق
في الشهر الأول من سنة 1958 اتصلت تلفونيا بعائلتي في الحلة واخبرنهم عن رغبتي بالعودة الى العراق،وحددت لهم اليوم الذي أغادر فيه سوريا بواسطة الطائرة التي تصل عصر ذلك اليوم مطار المثنى في بغداد،وذهبت الى السوق واشتريت بطانيتين لاستعمالهما في المعتقل،وبعد الظهر ودعت رفاقي في الدار الكبيرة كما كنت قد أودعت هدايا المهرجان التي جلبتها من موسكو وبعض الكتب الماركسية التي اشتريتها من دمشق الطبعة الروسية لدى صديقي صاحب فندق قصر الشام في دمشق محمد بدوي وطلبت منه أن يحتفظ بها في محل أمين لحين عودتي في ظروف غير هذه الظروف،فاخبرني انه سيأخذها الى بيتهم ويحتفظ بها،واستأجرت سيارة الى المطار اصطحبني الأستاذ سليم احمد مرزة واثنان لم تسعفني الذاكرة على تذكر اسميهما،وكان ذلك اليوم الخميس،وعند وصولنا المطار ودعت رفاقي الذين جاءوا لتوديعي وركبت الطائرة المتوجهة الى بغداد وبعد ساعتين هبطت الطائرة في مطار المثنى،فدخل شخص بعد توقفها الى بهو الطائرة وسال عن اسمي ووضع الجامعة في يدي وأنزلني من الطائرة فحملت الحقيبة وهو حمل البطانيتين،فشاهدت المرحومين والدي وأخي واقفين خلف الحاجز الفاصل عن ساحة المطار، وخرجوا بي من باب ثانية فسمعت من المجاميع الكبيرة من أقاربي صوت بكاء ونحيب وقد بدأت الشمس بالمغيب ولاح خيط اسود في السماء فركبنا سيارة صغيرة كانت واقفة في الباب الذي خرجنا منه وسارت بنا بسرعة فوصلنا الى بناية بالقرب من شاطئ دجلة فعرفت إني في مديرية الأمن العامة(مديرية التحقيقات الجنائية)وعند بابها جاء شخص وحمل الحقيبة والبطانيتين معا ودخلنا البناية وتجاوزنا بيتين وأدخلني الى غرفة يجلس فيها شخص على كرسي وإمامة منضدة،وكانت البناية قديمة وبعد قليل سحبني الشخص الذي رافقنا من المطار وارتقينا سلما وعند الوصول الى باحة واسعة أدخلني الى غرفة كبيرة وكأنها غرفة للضيوف حيث تحيطها الأرائك وكان فيها شخص أشيب الرأس قد تجاوز الخمسين بقليل وقد عرفت فيما بعد انه بهجت العطية فسألني عن عمري وعن مهنتي وغادرنا المكان الى غرفة أخرى اصغر من الغرفة السابقة وكان يجلس فيها شخص قصير القامة شديد الصرامة سيء الأخلاق فقام من مكانه واقترب مني وامسكني من رباط العنق وصفعني على وجهي وتلفظ بكلمات بذيئة نابية من التي يتلفظها أبناء الشوارع ممن ساءت تربيتهم ثم أمر بإخراجي من الغرفة وقد عرفت فيما بعد انه رفيق توفيق مدير امن بغداد، وأخذوني الى الطابق الأرضي وأدخلوني الى الغرفة الأولى التي تركت فيها حقيبتي وشاهدت الشخص يفحص جواز سفري وكان شخص آخر يقف خلفي فضربني ضربات متوالية على راسي ووجهي واخذ يوجه لي الركلات المتلاحقة وحينما التفت إليه وجدته اعضب الكف وكان يضربني بيه العضباء وكانت ضرباته قاسية فأدمت فمي ووجهي وأخذت الدماء تجري بغزارة على ملابسي وإنحاء جسمي،فرفع الشخص الآخر الذي يفحص جواز السفر رأسه (ويبدوا انه ضابط التحقيق)وأشار الى الشخص الذي يضربني بالتوقف وسألني أين كنت فأجبته إني مريض ومنذ سنة 1955 كنت أسافر الى سوريا ولبنان وأقيم في مصايفها وأعالج نفسي وأعود الى العراق،ثم سألني عن الأشخاص الذين اعرفهم في العراق والذين كنت معهم في مهرجان موسكو فأجبته إني لم أغادر سوريا سوى سفرة الى لبنان ثم عدت الى سوريا أما موسكو فلم أراها في حياتي مطلقا،عندها ضربني الشخص المعوق ضربة أطارت الشرار من عيني وقال لي تكلم واخبرنا عن سفرتك الى موسكو،ونهض الشخص من كرسيه وطلب مني فتح حقيبتي ففتشها واحتفظ بجواز سفري وأشار الى ذلك الشخص بأخذي الى المعتقل،وكانت يداي مطلقة من الجامعة فحملت البطانية بعد أن طلبوا مني ترك الحقيبة في غرفة ضابط التحقيق وأدخلني الى غرفة فيها شخص واحد وأغلق الباب وكان ذلك الشخص نائما والوقت قد قارب العاشرة مساء ففرشت البطانية على الأرض وجلست عليها وتدثرت بالثانية ولم انم تلك الليلة من شدة البرد،فجلس الشخص الموجود معي في الغرفة واقترب مني وعرفت من كلامه انه كردي فاخذ يسألني عن سبب توقيفي فأخبرته أنهم مشتبهين بي، وبقيت مع هذا الشخص خمسة أيام فاخبرني انه قضى في هذا المكان أكثر من شهر بمفرده وكان يشغل نفسه بانتزاع خيوط من ملابسه ويربطها في مسامير توجد في الغرفة ويمارس عملية قتل الحرمس والبق الموجود في الغرفة وكان بعض الأشخاص يأتون وينظرون ألينا ثم يكلمونه بسخرية عن عدد البق الذي اصطاده فكان يواجههم بالصمت وهو جالس على بطانية من بطانيات السجن،وفي احد الأيام سمعت ضجيج في ساحة المعتقل فوقفت في مكاني فشاهدت من خلال الشباك الشهيد الراحل المحامي كاظم جعفر الصفار والى جانبه احد ضباط الأمن يتكلم معه وحينما شعر إن الشخص معوق اليد يحاول ضربه انتهره ورفع يده لضربه ولكن الضابط الآخر أشار الى المعوق بتركه،وكان رحمه الله شجاعا جريئا باسلا حدثني عندما كنت معه في سوريا عن كثير من مصادماته مع رجال الشرطة وكيف كان يواجههم بشجاعة وتحدي، وذهبوا به الى غرفة ثانية ولم يتسنى لي الالتقاء به ومعرفة سبب اعتقاله،وفي اليوم التالي جاء احد شرطة الأمن وطلب مني مرافقته فخرجت معه وأدخلني الى غرفة وجدت فيها المرحوم أخي مع الحاج جليل الشكرجي جالسين فسلمت عليهم ووقفت أمام الشخص الذي يرتدي الزي المدني وكان طويلا بدين الجسم يجلس على كرسي وأمامه منضدة أنيقة رصت فوقها الأوراق والأضابير،وقد عرفت فيما بعد انه معاون مدير الأمن العام واسمه فزاع العاني وكان ضابط امن في الحلة وسألني عن طلبي وحاجتي فشكرته ثم دق الجرس وجاء شرطي الأمن وأعادني الى المعتقل،وفي اليوم التالي نقلت الى مركز شرطة الكاظمية وكان المعتقل عبارة عن قاعة كبيرة تحت الأرض وكانت معي حقيبتي والبطانيتين فوجدت في المعتقل عدد من الرفاق الذين كانوا معي في المهرجان فرحبوا بي واستبدلت ملابسي التي اتسخت بسبب الدماء ،وارتديت البيجاما وكان احد الشرطة يجلب لنا الكباب أو الدجاج وغيرها من الاحتياجات التي نحتاجها من السوق القريب من مركز الشرطة لقاء مبلغ يعطى له، وكان معتقلنا الجديد أكثر حرية وراحة نفسية بعد أن وجدت بعض الرفاق وكنا نقضي الوقت في الأحاديث العامة دون التطرق الى المهرجان والأمور الأخرى خشية وجود بعض المندسين أو عملاء الأمن،وبعد ثلاثة أيام جاء احد الشرطة وطلبني فرافقته الى غرفة فوجدت ابن عمي وزوج شقيقتي جالسا في الغرفة فنهض وعانقني واخبرني بإطلاق سراحي،فطلب مني ضابط الشرطة ارتداء ملابسي وجلب حاجياتي،فذهبت الى المعتقل وأخبرت رفاقي بإطلاق سراحي وارتديت ملابسي وودعتهم بعد أن أخذت حقيبتي وتركت البطانيتين الى احد رفاقنا من مدينة البصرة وأهله لا يعلمون بوجوده واعتقاله وغادرت المعتقل ورأيت ابن عمي يعطي الشرطة بعض النقود،وكانت سيارة صالون متوقفة أمام باب المركز فركبنا بها ووصلت الى أهلي قبل الظهر،فاستقبلني أهلي بالزغاريد ونثر الحلوى وكانت احتفالية رائعة حضرها الأقارب والأحبة والأصدقاء.
وفي صباح اليوم التالي ذهبت الى المدرسة فاخبرني الراحل عبد الحسين حبانة بان اسمي قد شطب وان الامتحان على الأبواب ولا يحق لي الاشتراك به،واعتبرت تلك السنة سنة رسوب،وبما إني دون سن التجنيد الإلزامي فيحق لي الدوام في السنة التالية،وبذلك ضاعت سنة أخرى من حياتي الدراسية.



#فلاح_أمين_الرهيمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث الروح(18)
- حديث الروح(6)
- حديث الروح(1)
- حديث الروح(2)
- حديث الروح(3)
- حديث الروح(4)
- حديث الروح(5)
- العراق الجديد و الإنسان المهمش
- الديمقراطية و التنمية البشرية
- من يحسم جدل نهاية التاريخ ... الاشتراكية أم صدام الحضارات ؟
- الديمقراطية والتجديد ركنان أساسيان في النظرية الماركسية
- خاتمة المطاف
- التطور اللارأسمالي والتحول إلى الاشتراكية(1)
- التطور اللارأسمالي والتحول إلى الاشتراكية(2)
- الماركسية اللينينية
- وفاة لينين
- مفهوم الليبرالية
- هل انتهى الصراع والنزاع في المجتمع حتى ينتهي التاريخ ؟
- المصالح البورجوازية وأساليبها في الاستغلال والتجديد والتغير
- هل ينتهي التاريخ بصدام الحضارات وإعادة بناء النظام العالمي ؟


المزيد.....




- ما هي صفقة الصواريخ التي أرسلتها أمريكا لأوكرانيا سرا بعد أش ...
- الرئيس الموريتاني يترشح لولاية رئاسية ثانية وأخيرة -تلبية لن ...
- واشنطن تستأنف مساعداتها العسكرية لأوكرانيا بعد شهور من التوق ...
- شهداء بقصف إسرائيلي 3 منازل في رفح واحتدام المعارك وسط غزة
- إعلام إسرائيلي: مجلسا الحرب والكابينت يناقشان اليوم بنود صفق ...
- روسيا تعلن عن اتفاق مع أوكرانيا لتبادل أطفال
- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فلاح أمين الرهيمي - حدسث الروح(17)