أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فلاح أمين الرهيمي - حديث الروح(5)















المزيد.....

حديث الروح(5)


فلاح أمين الرهيمي

الحوار المتمدن-العدد: 2191 - 2008 / 2 / 14 - 11:55
المحور: سيرة ذاتية
    


في غمرة النضال
ليس البحث والدراسة وحدهما تؤدي الى معرفة الحقيقة والظواهر التي هي حقائق خارجية بصرف النظر عن صورها الذهنية عندنا،لأننا لا نعرف هذه الحقائق والظواهر الا بطريقتنا الخاصة وطبيعة حواسنا التي هي الوسيلة الوحيدة التي نملكها للوصول الى المعرفة لتلك الحقائق والظواهر للواقع الموضوعي،وإنما تلعب الصدفة دورها في اكتشاف الحقيقة’ فالصدفة وحدها هدت نيوتن لاكتشاف قانون الجاذبية عندما سقطت التفاحة من الشجرة،والعالم جيمس واط اكتشف البخار من حلال تخلخل وارتفاع غطاء الإناء نتيجة الغليان،وكذلك انتمائي وانحيازي الى جانب الجماهير جاء نتيجة شعور داخلي بمدى الغبن والظلم الذي تنوء تحته الطبقات الشعبية الفقيرة،رغم كوني من عائلة ميسورة الا إن اختلاطي بالطبقات الشعبية جعلني اشعر بمعاناتها،وكانت الظروف الاقتصادية التي أناخت بثقلها على المواطنين أثناء الحرب العالمية الثانية بسبب جشع التجار وربط الاقتصاد العراقي بالماكينة الحربية الغربية ،وترك آثار مأساوية على حياة ومستوى معيشة الشعب،وجعله يعيش دون مستوى خط الفقر فانتشرت البطالة والجوع والفقر والأمراض فدفع ذلك الوضع المأساوي الشاب محمد الذي كان عضو في اللجنة المركزية كما جاء في كتاب الأستاذ حنا بطاطو عن الحالة السياسية والاجتماعية في العراق،وكان في ذلك الوقت مدرسا لمادة الفيزياء في ثانوية الحلة فكان يتردد علينا وعلى أقاربه يجمع منهم التبرعات المادية والعينية ،وكان دوري أن أضع المواد المادية مثل الشاي والسكر والملابس في أكياس واحملها على دراجتي الهوائية وأقوم بإيصالها إلى بيتهم القديم الذي يقع في دربونة مقابلة للشارع الذي توجد فيه قاعة المعارف في محلة الأكراد،وحينما اطرق الباب يفتحه أحد الأطفال،فكنت ادخل الى البيت وإنا احمل الكيس،وكان الراحل الحاج عبد اللطيف الحاج محمد مطلب والمرحومة عمتي يرحبون بي ويسألوني عن صحة والدتي،ثم اجلس ليقدم لي ما يتيسر من فاكهة أو حلويات،وكان الى جانبي أولاده المرحومين عبد الستار وعزيز وضياء ثم أعود الى دارنا.
كان الراحل محمد عبد اللطيف فكه النفس لطيف المحضر تأنس لقربه وتستوحش لبعده لا يفارقه المرح او تغادر وجهه الابتسامة يلتهب عاطفة فينطلق حديثه وألمه من أعماق قلبه وكنت عندما العب مع الصبيان في الحارة القريبة من دارنا واراه من بعيد اترك اللعب واعدو الى أهلي مبشرا بقدومه،وعندما يأتي ألينا يقبلني ويمد يده الى جيبه ليخرج النستلة او الفواكه ويقدمها لي وفي بعض الأحيان يأتينا وأنا في البيت،وكان يشاهدني وعيوني مغرورقة بالدموع،لغياب والدتي ،فكنت أرى الألم مرتسما على وجهه الجميل،وتتحول ابتسامته الى اكتئاب فينقبض صدره ويملأ قلبه الحزن العميق،وكأن منظري المؤلم يذكره بآلام الشعب من الجياع والأيتام والمحرومين والفقراء،فيحاول مداعبتي والمزاح معي ليعيد الفرح والسرور الى قلبي،ويبعد الألم والحزن والوحشة عني،وله الفضل في مواصلتي الدراسة في المدرسة والمواظبة على الدوام فيها،ونجاحي وتقدمي في الحياة،فتحول العرفان بالجميل الى حب طاغ وألفة عجيبة،وكان يأتينا بشكل مستمر كل يوم جمعة،فكنت أنتظر الجمعة بفارغ الصبر لأراه وأجلس معه،وفي سنة 1949 وكان الفصل شتاءا حيث اذهب الى المدرسة الغربية للبنات التي كانت قريبة من بيتنا،فانقطع عن زيارتنا الأستاذ محمد،ومرت الأيام دون أن أراه أو اسمع خبره،فكان الحزن يتسرب الى قلبي،وكنت أرى والدي وجدي وأخي يتحدثون ويذكرون أسمه في كلامهم،وعندما أقترب منهم يسكتون،فسألت شقيقاتي فلم أظفر بجواب،وكنت أقضي وقتي في المدرسة أو اللعب مع الأطفال،واسأل أخي بعض الأحيان عنه فكان جوابهم أنه اعتقل لنشاطه السياسي،فازداد الغموض عندي وكنت حينما أتذكر والدتي وغياب الأستاذ محمد أشعر بالحزن والأسى فأقف في باب الدار،وكان المرحوم جواد ملا كاظم الرهيمي يمر من أمامي في طريقه لدارهم المجاورة لنا،فيسلم على أو يمزح معي،وكنت أراه دائما يحمل جريدة في يده،وكان يعمل كاتبا في محلنا،وفي أحد الأيام تجرأت وسألته عن معنى سياسي التي أعتقل الأستاذ محمد بسببها، وسرت معه حتى بابهم فقال لي(أعتقل محمد لأنه شيوعي)وتركني ودخل الى بيته، بعد أن شاهد أحد أقاربي قادما من بعيد وكان يحاربه ويكرهه لأنه من جماعة صالح جبر وينتمي الى حزب الأمة الاشتراكي،والمرحوم جواد شيوعي،فعدت الى أهلي وأنا أفكر بمعنى الشيوعية،وكنت اعلم أن اللصوص والقتلة والمجرمين هم الذين يدعون السجون فهل الشيوعية نوع من هذه الجرائم،وأن الأستاذ محمد ليس من هذا النوع من الرجال الذين يسرقون أو يقتلون،فكيف يكون مع القتلة والمجرمين،وبقيت أفكر وأحاور نفسي لإيجاد حل لهذا اللغز الذي حيرني وأبعد النوم عن عيني،وانتظر بلهفة أن يحل الصباح لأذهب الى العلوة والتقي المرحوم جواد ليشرح لي هذا اللغز الذي حيرني وهو(الشيوعية) فذهبت مبكرا الى العلوة وكان العمل ضعيفا في يوم ألجمعه وموسم الشتاء لقلة المزروعات،فاقتربت منه وطلبت منه أن يشرح لي معنى الشيوعية،فضربني بلطف على كتفي وطلب مني التريث وعدم التكلم بالأمر أمام الآخرين،فتركته وذهبت الى المكتب وجلست الى جانب المرحوم والدي وأخي،وقبل حلول الظهر أغلقنا المحل وغادرنا العلوة،فرافقت المرحوم جواد عند ذهابه لأن طريقنا واحدا،وحدثني في الطريق بصوت خفيض حتى لا أكاد اسمعه وعندما يرى بعض الناس يلتزم الصمت فقال (أن الشيوعية تعني القضاء على الفقر والجهل والمرض والأمية والحرمان والاستغلال والبطالة وجميع الناس تعيش بسعادة ورفاه واستقرار وأمان ،وان واردات النفط وخيرات العراق التي تستحوذ عليها الدول الاستعمارية وعملائها تعود للشعب لينعم فيها العراقيون،وتبنى فيها المدارس والمستشفيات والمعامل،ولا يبقى إنسان فقير وآخر غني،وكل يعمل ويعيش دون أن يكون هناك تمايز بين الشعب)وعندما وصلنا الى بيوتنا دخل كل منا داره،وإنا أسائل نفسي وأحاورها عن نوع وإنسانية هؤلاء البشر،وكيف يدخلون السجون وهم على هذا الفكر النافع للمجتمع،وفي الجمعة الثانية ذهبت الى العلوة وكان رأسي محشو بالأسئلة والاستفسارات فوقفت الى جانبه وأخذت أسأله بصوت مرتفع وكان المرحوم أخي يقف بجانبي فسمع كلامي وكان يعرف أن المرحوم جواد شيوعي فسحبني الى الغرفة وكنت أخاف منه وأخشاه لقسوته معي،ويضربني بعض الأحيان،فطلب مني عدم التكلم مع جواد وعلي تركه والابتعاد عنه،وهددني بعقوبة قاسية إذا رآني واقفا معه يوما ما،فأطعت كلامه ولم أكلم المرحوم جواد ثانية.



#فلاح_أمين_الرهيمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق الجديد و الإنسان المهمش
- الديمقراطية و التنمية البشرية
- من يحسم جدل نهاية التاريخ ... الاشتراكية أم صدام الحضارات ؟
- الديمقراطية والتجديد ركنان أساسيان في النظرية الماركسية
- خاتمة المطاف
- التطور اللارأسمالي والتحول إلى الاشتراكية(1)
- التطور اللارأسمالي والتحول إلى الاشتراكية(2)
- الماركسية اللينينية
- وفاة لينين
- مفهوم الليبرالية
- هل انتهى الصراع والنزاع في المجتمع حتى ينتهي التاريخ ؟
- المصالح البورجوازية وأساليبها في الاستغلال والتجديد والتغير
- هل ينتهي التاريخ بصدام الحضارات وإعادة بناء النظام العالمي ؟
- الصعود والتطور السلمي في الوصول للسلطة للسلطة(2)
- لمحات مضيئة في رحاب الاشتراكية الخلاّقة
- الديالكتيك منطق الحركة
- لمحات مضيئة من كتاب ( رأس المال )
- دور الحزب الشيوعي في أنجاز المرحلة الوطنية الديمقراطية والوص ...
- الصعود والتطور السلمي في الوصول للسلطة(1)
- وحدة القوى الوطنية ضمانة أكيدة لمستقبل سعيد


المزيد.....




- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...
- جهاز كشف الكذب وإجابة -ولي عهد السعودية-.. رد أحد أشهر لاعبي ...
- السعودية.. فيديو ادعاء فتاة تعرضها لتهديد وضرب في الرياض يثي ...
- قيادي في حماس يوضح لـCNN موقف الحركة بشأن -نزع السلاح مقابل ...
- -يسرقون بيوت الله-.. غضب في السعودية بعد اكتشاف اختلاسات في ...
- -تايمز أوف إسرائيل-: تل أبيب مستعدة لتغيير مطلبها للإفراج عن ...
- الحرب الإسرائيلية على غزة في يومها الـ203.. تحذيرات عربية ود ...
- -بلومبيرغ-: السعودية تستعد لاستضافة اجتماع لمناقشة مستقبل غز ...
- هل تشيخ المجتمعات وتصبح عرضة للانهيار بمرور الوقت؟


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فلاح أمين الرهيمي - حديث الروح(5)