أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فلاح أمين الرهيمي - حديث الروح(15)















المزيد.....

حديث الروح(15)


فلاح أمين الرهيمي

الحوار المتمدن-العدد: 2211 - 2008 / 3 / 5 - 10:59
المحور: سيرة ذاتية
    


ما بعد المهرجان
بعد عودتنا من المهرجان سلمت ألينا جوازات السفر بعد وصولنا ميناء اللاذقية مباشرة،فوجدناها خالية من تأشيرة الدخول الى الاتحاد السوفيتي،مما يعطي صورة لكل من يرى جواز السفر بان صاحبه لم يغادر الأراضي السورية،وبعد أكثر من أسبوع جاءني الى الفندق الأستاذ حميد مرزة احد مسئولي الوفد وسال عني صاحب الفندق فجاء احد عمال الفندق وطرق باب غرفتي عندما فتحت الباب أشار الى الشخص الذي جاء لمقابلتي،فرحبت به فسألني عمن معي في الغرفة فأخبرته بوجود الأستاذ محمد شرارة،فامسكني من يدي ودخل معي الى الغرفة وعندما شاهده شرارة نهض مرحبا به فجلس بيننا بعد أن أغلق الباب ونهضت لأجلب له فنجان القهوة فرفض وكان وضعه غير طبيعي وارتسمت على وجهه علامات القلق وبعد أن جلس اخذ يداعبنا ويسألنا عن المهرجان ثم تطرق الى الموضوع الذي جاء من اجله فقال:بالرغم من الاجراءت الاحترازية المتخذة لسرية المشاركين بالمهرجان وعدم تأشير الجوازات إلا إن السفارة العراقية استطاعت الحصول على أسماء المشاركين في المهرجان عن طريق السفارة العراقية في دمشق التي دفعت الرشوة لأحد موظفي ميناء اللاذقية الذي غادر الوفد عن طريقه وقد سلم السفارة أسماء جميع المشاركين وقد أرسلنا جماعة عن طريق الدول التي لها حدود مع العراق فالقي القبض عليهم بمجرد دخولهم العراق،وقد استأجروا دار كبيرة لإسكان من بقي في دمشق من أعضاء الوفد والبقاء فيه حتى انجلاء الموقف في العراق،وقد منعنا الجميع من السفر،وهناك احتمال بقائنا عدة أشهر،لذلك استأجرنا هذه الدار لأن بقائهم في الفنادق يكلفهم كثيرا،وان الكثيرين منهم قد شحت الأموال لديهم،لذلك يجب أن تتركوا الفندق وتذهبوا للسكن في الدار،وقد رفض الأستاذ محمد الذهاب معنا وقال انه سينتقل للسكنى مع صديق لديه شقة وهو لاجئ سياسي في دمشق أما أنا ففضلت السكن في الدار فغادرت الفندق وذهبت معه الى الدار الواقعة في سوق الحميدية السوق التجاري الكبير في دمشق وهو بالقرب من الجامع الأموي في حي سكني من إحياء دمشق القديمة،وفيه مساحة كبيرة تتوسطها نافورة يبلغ محيطها ثلاثة أمتار وتحيطها شجيرات ألرازقي السوري ذي الرائحة العطرة،والساحة مفتوحة وفيها شجرة خضراء زاهية،وتتكون الدار من طابقين يحتوي كل طابق على ثمانية غرف إضافة لساحة كبيرة مع المنافع الكافية لعدد كبير من النزلاء،وقد خصص الطابق العلوي للنساء،والعوائل التي خصص لكل منها غرفة مستقلة،أما نحن الشباب والعزاب فقد افترشنا ارض الغرف بمجموعات كل مجموعة تتكون من ستة أشخاص،وكان للحزب الشيوعي السوري والشبيبة والطلبة الدور الكبير في مساعدتنا سواء بتوفير الدار أو تأثيثها بالا فرشة والكراسي والطاولات والكنبات وأواني الطعام والصحون النحاسية الكبيرة لغسل الملابس(طشت) إضافة الى عشرات الكتب السياسية والأدبية والتاريخية ووسائل اللهو مثل الطاولي والدومينو والورق وغيرها من الوسائل البريئة،وكان للأخوات الفاضلات الساكنات معنا فضل كبير في غسل ملابسنا وطهي الطعام،حيث تجلت الروح الرفاقية بأحلى مظاهرها في هذا الانسجام والتواصل النبيل البعيد عن الإطماع والأثرة وحب الذات،ولابد أن أشير لأمر مهم في حياتنا النضالية إننا كنا ننظر لرفيقاتنا نظرة أخوية بريئة تختلف عن نظرة الرجل للمرأة،ونتعامل معهن بروح خالية من كل ما يسيء الى العلاقات الرفاقية ويجعلها تأخذ منحى آخر،وكانت التربية الحزبية الرصينة وراء نمو الأخلاق الفاضلة لدينا البعيدة عن الإساءة والنظرة غير البريئة، وكنا نقضي الوقت في الدار بالعب الدومينو أو الطاولي أو المطالعة،وكان يسكن معنا مجموعة من الأخوة الأكراد،وكان احدهم ضخم الجسم لطيف المعشر لا يمل من النكتة والدعابة وإضفاء جو من المرح على حياتنا،وكان معنا الشهيد البطل صبيح سباهي شقيق الرفيق المؤرخ عزيز سباهي صاحب العقود المضيئة في تاريخ الحزب الشيوعي،وقد اشترى الرفيق صبيح من موسكو آلة عود صغيرة هدية لأحد الأطفال الذين يجيدون العزف على العود فكان يضفي على أيامنا أفانين من البهجة والمرح والسرور،وكان الرفيق صبيح قد جعل من غرفته إذاعة لنقل الأغاني والإخبار أطلق عليها تظرفا إذاعة الجمهورية العراقية،وأسمى دارنا الجمهورية العراقية،وفي أوقات مختلفة نجلس في غرفته وهو يحمل بين يديه ملعقة كبيرة(جفجير) ويجعله أشبه بالحاكية ليبث من إذاعته الأغاني والإخبار،وكانت كلماته ونكاته تثير فينا المرح والضحك وله الفضل الكبير في إضفاء البهجة على حياتنا وإزاحة الهموم والآلام عن نفوسنا،وكانت تجري في ساحة الدار حفلات غنائية يشارك فيها بعض أعضاء الوفد أو فرق فنية سورية،وتقدم بعض التمثيليات الهادفة المسلية،وأتذكر حفلة أقيمت في الدار بمناسبة زواج الرفيق الشهيد عبد الرحيم شريف من إحدى الفتيات التي معنا في الوفد العراقي وقد حضر بعض المطربين والفنانين السوريين واستمرت حتى فجر اليوم التالي قدمت فيها أجمل الأغاني السورية ورددنا الأناشيد الوطنية الباعثة على الأمل والتفاؤل بالغد الجميل البسام.
كما كان يزورنا ويتفقدنا بعض الشخصيات السياسية السورية والعراقية كما أخذت تزورنا وتتردد على دارنا بعض العوائل التي ترتبط بعلاقات قربى مع أعضاء الوفد وقد قدموا من العراق بعد أن تسربت أسماء المشاركين في الوفد،وكان المرحوم والدي يرسل لي النقود عن طريق احد التجار في دمشق وهو من أصدقاء الحاج كاظم علوان السباك، وعملائه التجاريين،وكان الرجل عندما اذهب أليه وأزوره يعطيني مبلغ من المال حتى إذا لم تصل أليه الحوالة المالية،وكنت مع الآخرين نقدم المساعدات المالية الى المسئولين والمشرفين على أمور الوفد من الذين شحت لديهم النقود بسبب طول البعد عن الأهل واضطرارهم للبقاء فترة لم تكن محسوبة سابقا،وفي أوائل أيلول افتتح معرض دمشق الدولي الذي اشتركت فيه الكثير من الشركات العالمية،ذهبت الى فندق قصر النيل اسأل عن رسالة أو خبر أو من سأل عني،فوجدت رسالة من المرحوم حبيب سعيد العزاوي طلب فيها حضوري مساء أي يوم الى كازينو في معرض دمشق الدولي تحاذي نهر بردى،وفي عصر ذلك اليوم ذهبت الى هناك فوجدت الراحل حبيب جالسا فسلمت عليه وكان معه المرحوم تركي الذي كان لاجئا سياسيا قي سوريا وهو شقيق عسكر الذي كان يعمل مضمدا مع الدكتور أمين الرفاعي،وجيء لنا بقدح من شاي يسمى زهورات،فاخبرني انه جلب لي حقيبة ملابس شتائي و(150) دينار،واتفقنا على اللقاء صبيحة اليوم التالي لاستلامها،فتوجهت إليه صباحا حيث اتفقنا على اللقاء في المقهى التي يتواجد فيها العراقيون في ساحة المرجة،ومن هناك ذهبنا الى شقة كانت تعود لأحد معارفهم السوريين تسمى أم محمد،تعمل موظفة في مطار دمشق الدولي ثم غادرته بعد أن أخذت المبلغ والأوراق وطلب مني زيارته في الشقة،ذهبت بعدها الى المنزل الذي اسكن فيه وقد التقيت مصادفة بأحد الشيوعيين القدامى واسمه عبد الأمير الحداد من أهالي الكاظمية كان مسئولا لمحلية بابل ومختفيا في احد البيوت الحزبية سنة 1953،وقد جاء لدمشق بعد أن ترك الحزب الشيوعي،وزار دمشق في تلك الفترة قريبي وحبيبي ورفيقي الدكتور محمد عبد اللطيف مطلب فرافقته طيلة بقائه في دمشق،وسافرنا معا في رحلة الى لبنان،وتجولنا في مصايفها الجميلة،عدنا بعدها الى دمشق،وذات يوم كنا نتجول في احد شوارع دمشق فالتقينا بالراحل الدكتور علي جواد الطاهر الأديب والناقد المعروف ومعه شخص آخر لم اعرفه فسلمنا عليه فقال لنا انه ذاهب لزيارة الشاعر محمد مهدي ألجواهري بناء على موعد سابق في احد مقاهي دمشق وخيرنا بالذهاب معه فرحبنا بذلك لأنه كان من أجمل أمانينا اللقاء بالشاعر الكبير،وعندما وصلت المقهى شاهدته من بعيد يقرأ إحدى الصحف ويضع على رأسه طاقيته الشهيرة(العرقجين) وقد وضع قدم على أخرى،وعندما اقتربنا منه وسلمنا عليه نهض مرحبا بنا فقدمنا إليه المرحوم الطاهر قائلا له:هل تعرف هذا الشخص مشيرا الى المرحوم محمد عبد اللطيف،فقال له ألجواهري هذا الوجه المليح الطيب ليس غريبا عني،ثم توجه بالكلام الى محمد قائلا الم تكن أنت الشخص الذي جلب لي موضوعا كتبه الشهيد الراحل فهد عن الأحوال المعاشية للشعب العراقي بعد الحرب العالمية الثانية لنشره في الجريدة التي أصدرها فقال له نعم أنا فضحك ألجواهري وقال أتذكر كل ذلك جيدا،وجلسنا فنادي على نادل المقهى طالبا منه إحضار شاي الزهورات،وبعد قضاء ثلاث ساعات بصحبة ألجواهري الكبير تمتعنا بأحاديثه الرائعة ونكاته الجميلة،وإشعاره الذائعة،ثم قال لنا سأغادر دمشق في الأيام المقبلة لأن والدتي مريضة وطلبت رؤيتي قبل وفاتها،ثم قال بانفعال شديد سأذهب أليهم وليفعل نوري السعيد ما يشاء،وبعد برهة من الوقت غادرنا المقهى وذهب كل منا الى حال سبيله.



#فلاح_أمين_الرهيمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث الروح(16)
- حدسث الروح(17)
- حديث الروح(18)
- حديث الروح(6)
- حديث الروح(1)
- حديث الروح(2)
- حديث الروح(3)
- حديث الروح(4)
- حديث الروح(5)
- العراق الجديد و الإنسان المهمش
- الديمقراطية و التنمية البشرية
- من يحسم جدل نهاية التاريخ ... الاشتراكية أم صدام الحضارات ؟
- الديمقراطية والتجديد ركنان أساسيان في النظرية الماركسية
- خاتمة المطاف
- التطور اللارأسمالي والتحول إلى الاشتراكية(1)
- التطور اللارأسمالي والتحول إلى الاشتراكية(2)
- الماركسية اللينينية
- وفاة لينين
- مفهوم الليبرالية
- هل انتهى الصراع والنزاع في المجتمع حتى ينتهي التاريخ ؟


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فلاح أمين الرهيمي - حديث الروح(15)