أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد الحسين شعبان - أور أو -مدينة القمر- والشبكة العنكبوتية















المزيد.....

أور أو -مدينة القمر- والشبكة العنكبوتية


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2182 - 2008 / 2 / 5 - 10:18
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


المستقبل - الاثنين 21 كانون الثاني 2008 - العدد 2852 - رأي و فكر - صفحة 19
تعتبر أور من أكثر المدن أهمية في تاريخ البشرية، فقد ذُكرت في "العهد القديم"، وكثير من المؤرخين والباحثين يعتقدون أنها موطن النبي ابراهيم، كما وردت في كتب التاريخ باسم "قميرنا" أي مدينة القمر.
تم تأسيس أور، موطن السومريين، قبل أكثر من 4000 آلاف عام ق.م، فهي من أقدم المدن في التاريخ، حيث أسست حضارة مهمة وعرف سكانها نظام الري وطوروا الزراعة وعملوا في صناعة المعادن، كما عرفت شكلاً أولياً من أشكال الكتابة، إضافة إلى نظام البناء والأختام الاسطوانية التي تعتبر بمقاربة للنظام المصرفي الحديث، نوعاً من السندات المالية أو نظام الشيكات، باعتماد عمق الاصبع في الطين المخبوز على شكل طابوق يؤشر إلى مقدار النقود التي يستلزم استحصالها.

أور هي جزء حيوي ومتميّز من حضارة "بلاد ما بين النهرين" أو بلاد الرافدين أو كما كانت تكنّى باسمها السومري "بلاد الشمس"، أي "بحر دجلة والفرات" كما أطلق عليه مؤسس بحور وأوزان الشعر العربي، الخليل بن أحمد الفراهيدي.

مثلت أور أولى الحضارات في بلاد الشمس السومرية التي تعاقبت عليها الحضارات البابلية والأشورية، والحضارة العربية¬ الاسلامية يوم أصبحت بغداد مركز الإشعاع الفكري وقبلة العلم والثقافة، حيث صانت الفكر اليوناني من الضياع.

للأسف الشديد تعرّضت أور والمدن السومرية التاريخية للنهب والسرقة والتخريب منذ أكثر من عقد ونصف من الزمان، أي منذ العام 1991 وما بعده ولا سيما بعد احتلال العراق عام 2003. لم يكن اللصوص تجاراً أو سرّاقاً وحسب، بل كانت تقف وراءهم جهات دولية منظمة بهدف الاستحواذ على آثار وحضارة بلاد الشمس، ولم تسلم جدران المدينة نفسها من التصدع بفعل استخدام آليات القوات العسكرية وأسراب المدرعات والعربات.
إذا كانت الحرب عاراً فلعلّ العار الأشد خزياً هو نهب المواقع الاثرية المتبقية من مهد الحضارة الانسانية، وقد استخدم السرّاق بعض "العمال" الذين تدربوا سابقاً على عمليات الحفر والتنقيب، حيث استغلت معرفتهم لسرقة وتدمير العشرات، بل المئات من القطع الأثرية التي لا تقدر بثمن!!.

تقول عالمة آثار: إن الجنس البشري يفقد ماضيه حين تسرق لوحة مسمارية أو تمثال أو قطعة مجوهرات، ليتم بيعها والاحتفاظ بها وحرمان مئات الملايين من البشر من التمتع بها.. فهل يريدون أن يصبح البلد بلا تاريخ ولا سيما ان هناك نحو نصف مليون موقع اثري ومعلم تاريخي وحضاري منها نحو عشرة آلاف موقع مهم، كلها تؤشر لعظمة الإنسان في هذه البلاد الخصبة والغنية بالموارد والطاقات والإبداع والثقافة والبشر. وفي مدينة أور أو "مدينة الناصرية" حالياً (محافظة ذي قار) يوجد أكثر من 840 موقعاً سومرياً تعرضت غالبيتها إلى سرقة منظمة ومنهجية.

لقد تم بناء قاعدة عسكرية أميركية في مدينة أور لمدة خمس سنوات وأصبحت الجدران تتصدع بفعل وزن العربات الثقيلة وأصواتها الصاخبة، الأمر يعتبر حسب وصف أحد المختصين، مواقع تتعرض إلى ما يشبه الزلزال.
كما بنى الاميركيون قاعدة في بابل بهدف حماية المواقع كما ادعوا، لكن الضرر الذي لحق ببابل كان ضرراً بليغاً وحتى غير قابل للإصلاح، حيث تم جرف بعض المواقع بالجرافات لبناء مواقع لقيادة قوات التحالف في المنطقة.
وأسهم الاحتلال في تدمير هائل للتاريخ إلى حد تجاوز مسألة سرقة المتاحف والمواقع الاثرية والمكتبات التي تعرضت للنهب والتدمير، حين امتدّ إلى سبعة مواقع أثرية قامت قوات الاحتلال باستخدامها منذ نيسان 2004 بما فيها موقع "الملوية" الشهير في سامراء "سرّ من رأى" التي بناها المتوكل واستمرت حتى شباط 2006 عند تفجير مرقدي الإمامين علي الهادي والحسن العسكري الذي بناه الناصر صلاح الدين.

يسأل البعض أين حقوق الإنسان؟، وهم على حق بالطبع، فالعديد من المنظمات الدولية بما فيها العربية لم تتحرك بما يجدر لها القيام به، سواءً بوجه الانتهاكات الجسيمة والفادحة التي سببها الاحتلال لحقوق الإنسان أو إزاء سرقة الآثار والمتاحف، بما يثير تساؤلات مشروعة حول دورها ومستقبلها.

تجدر الإشارة إلى أن ذلك يعد خرقاً سافراً وصارخاً للشرعة الدولية لحقوق الإنسان ولاتفاقيات جنيف لعام 1949 وبروتوكول لاهاي لعام 1954 حيث نصت المادة الخامسة من الفصل الاول منه على تحريم استخدام المواقع الاثرية التاريخية كقواعد عسكرية. وإذا كانت الولايات المتحدة تتذرع بعدم التوقيع على هذه الاتفاقية والعديد من اتفاقيات حقوق الإنسان، رغم الصخب والادعاء بالدفاع عنها، فإن كل من استراليا وهولندا وإيطاليا وبولندا وغيرها التي أرسلت قواتها إلى العراق للمساهمة بقوات التحالف من الدول الموقعة على هذا البروتوكول، بما يضعها إضافة إلى الولايات المتحدة وبقية قوات التحالف أمام المساءلة الدولية والتعويض عمّا لحق بالعراق من أضرار، خصوصاً الاعتداء على قواعد القانون الدولي الإنساني!!.

وأسهمت بعض الميليشيات المسلحة التي تسيطر على المناطق الأثرية في بيع وتهريب الآثار لتجار في الداخل والخارج، خصوصاً وأن بعض الذين تقدموا بطلبات لشراء أراض كانت تقع ضمن المناطق الأثرية بحجة بناء معامل أو للاستثمار، حيث وضعت اليد على مكتشفات مدفونة تحت الارض، وقد شملت تلك المواقع مناطق مثل زقورات عكركوف قرب بغداد.

ورغم استعادة بعض القطع الأثرية من جانب السلطات العراقية، لكن شاحنات وسيارات وقوارب وربما طائرات حملت الكثير من الآثار المنهوبة ووصلت إلى الولايات المتحدة وبريطانيا واسرائيل وأوروبا بشكل عام واليابان وحتى إلى بعض البلدان العربية كما هي دولة الامارات العربية، الأمر الذي يستوجب حملة دولية لمتابعة المنهوبات الاثرية المسروقة من المواقع والمتاحف العراقية واستعادتها.

ان شبكة دولية عنكبوتية تشتغل منذ حين لتهريب الآثار العراقية وخصوصاً بعد الاحتلال عام 2003، وهي تستخدم حالياً عشرات من السرّاق المحترفين والمدرّبين على استخراج الآثار، وهؤلاء يقومون بعملهم لقاء مبالغ كبيرة، لكنهم في الوقت نفسه وهم يعملون بطريقة غير شرعية وغير نظامية وبشكل سري، يقومون بتدمير العشرات والمئات من القطع والتحف الأثرية حين يقومون بالتنقيب بشكل عشوائي ودون اعتبار أخلاقي أو وازع من ضمير أو وجدان، كما يذكر الصحافي البريطاني روبرت فيسك في صحيفة الاندبندنت.
هل ستبقى أور "مدينة القمر" وبقية المناطق الأثرية، بدون حماية قانونية دولية؟. ومتى سيدفع "النهّابون" ثمن أعمالهم التخريبية؟.

إنها صرخة في وجه من ادّعى ان ما جرى ويجري في العراق له وجه متحضر وإنساني وديمقراطي!!.

(*) كاتب عراقي



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جورج حبش: الاستثناء في التفاصيل أيضاً!!
- صورة المجتمع المدني بين التصادم والتواؤم
- دولة مواطنة أم مواطنة دولة ؟!
- المجتمع المدني بين الاقرار والانكار !!
- راية الليبرالية الجديدة!!
- العقدة النفطية في المشكلة العراقية!!
- العلاقات العراقية- الامريكية .. والعودة الى نقطة الصفر!!
- اللاجئون العراقيون : مسؤولية من؟
- سيناريوهات الاجتياح التركي للاراضي العراقية!!
- سيناريوهات الوجود أو الانسحاب الامريكي من العراق!!
- العدالة الانتقالية وذاكرة الضحايا!!
- شط العرب.. وصاعق التفجير!!
- هل الديمقراطية مثالية؟!!
- المكتب البيضاوي: انه الاقتصاد يا غبي!!
- التنوع الثقافي والنخب الفكرية والسياسية!
- العرب والتنمية!!
- العراق: من إرث الماضي الى تحديات المستقبل
- العرب ومفارقات العولمة
- القضية العراقية بين التدويل والتأويل
- الدولة العراقية: سياقات التماسك والتآكل


المزيد.....




- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد الحسين شعبان - أور أو -مدينة القمر- والشبكة العنكبوتية