|
هل من المحظور على المسلمين الترشيح لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية ؟
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 2163 - 2008 / 1 / 17 - 02:49
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ماذا لوأن رويال ، مرشحة الحزب الإشتراكي في الإنتخابات الرئاسية الفرنسية الأخيرة ، 2007 ، قامت ، و في لحظة أحست فيه بضعف موقفها الإنتخابي ، بالهجوم الشخصي على ساركوزي ، بالتركيز على الجانب اليهودي منه ، مسلطة الأضواء على جده لأمه ، و الذي ولد يهودياً ، ثم تحول فيما بعد إلى المسيحية الكاثوليكية ، ديانة الأغلبية في فرنسا ، و تزوج مسيحية كاثوليكية فرنسية ؟؟؟
و رجاء لاحظ إنني في هذا السؤال الإفتراضي ، لم أذكر إسم جان ماري لوبين ، العنصري المتطرف الأهوج ، و لا إسم حزبه الصغير المنبوذ ، و إنما ذكرت إسم رويال ، الرزينة الهادئة ، التي ترشحت بإسم ليس فقط أحد أكبر حزبين في فرنسا ، بل و الحزب الذي يفترض إنه يمثل تقاليد و قيم الثورة الفرنسية ، بأكثر مما يمثلها أي حزب كبير أخر في فرنسا ، تقاليد حرية – إخاء – مساواة ، و قيم إعلان حقوق الإنسان و المواطن ، و ما إلى ذلك من التراث الإنساني للثورة الفرنسية ، و تراث نابليون بونابرت ، أو نابليون الأول ، في رفضة لتقوقع الأقليات و إنفصالها عن التيار العام .
ألم يكن من البديهي أن يكون رد الفعل هو الإستهجان الفرنسي الشعبي ، و تعالي صيحات الغضب و الإستنكار من كل حدب و صوب ، ليس على مستوى فرنسا فقط ، بل و على المستوى العالمي ، و ربما أعلن حزبها تبريه منها ، و إضطرت تحت الضغط للإنسحاب ، و تنتهي حياتها السياسية للأبد ، و يصبح إسمها ، كلما ذكر ، مثير للإستنكار و الإشمئزاز .
و شخصياً ، كإنسان يؤمن بأن الدين مسألة شخصية بين المرء و ربة ، كنت ممن سيستنكرون إدخال مثل تلك المسائل في الإنتخابات ، أو في أي مسألة عامة .
المثال الذي ضربته آنفاً ، حدث بالفعل مؤخراً ، و إن كان في الولايات المتحدة ، و ليس فرنسا ، و بطلته هو السيدة هيلاري كلينتون ، التي تتنافس على ترشيح أحد أكبر حزبين بالولايات المتحدة ، الحزب الديمقراطي ، و المفترض ، و لو نظرياً ، إنه الممثل الأقوى لقيم التسامح و التعايش ، قيم الإنسانية التي تتمثل في إعلان الإستقلال الأمريكي ، و التعديلات العشرة الأولى في الدستور الأمريكي ، و التي تعرف بقائمة ، أو وثيقة ، الحقوق ، و التي يتصدرها التعديل الأول و الذي ينص على حرية الأديان ، و عدم تدخل السلطة في تلك المسألة .
فريق السيدة هيلاري كلينتون و كما أرى ، إنتهك تلك القاعدة ، و التي أصبح متعارف عليها ، و هو عدم التدخل في مسألة الدين ، و شن حملة إعلامية تتهم ، إن كانت هذه تهمة ، باراك أوباما ، المتنافس الأخر ، بأن له جدة مسلمة ، من ناحية أبيه الكيني ، و الذي توفي عندما كان باراك في سنواته الأولى ، و إنه ، أي المرشح باراك أوباما ، و حين كان يعيش في أندونيسيا مع والدته و زوجها الثاني الأندونيسي ، درس بمدرسة إسلامية .
فهل أصبح وجود جانب إسلامي لمرشح سياسي ، إن صح وجود هذا الجانب ، أمر محرم في أمريكا ، أو خطير على الأمن القومي الأمريكي ، تجعل منه السيدة كلينتون و فريقها الإنتخابي ، قضية خطيرة ؟
هل لو كانت هذه الجدة ، أو تلك المدرسة ، بوذية أو يهودية أو هندوسية ، هل كانت ستصبح قضية تثيرها حملة السيدة هيلاري ؟؟؟
على إن اللوم لا يقع فقط على هيلاري كلينتون و طاقم حملتها ، بل و يقع أيضاً على المرشح أوباما ، الذي و إن كان له الحق في إيضاح موقفه الديني الشخصي ، إلا إنه كان يجب أن يصعد القضية لما هو أكبر من مسألة شخصية ، إلى قضية قومية تتعلق بموقف هيلاري و المجتمع الأمريكي من الحريات الشخصية التي يضمنها الدستور الأمريكي ، و يصبح تعليقه على تلك القضية هو السؤال : هل هناك تمييز ضد دين بعينه ، وضد معتنقيه ؟ هل كل معتنقي الأديان على قدم المساواة في تصنيف الأمن القومي الأمريكي و المجتمع الأمريكي ؟ هل من المحظور على المسلم الأمريكي ، أو أي مواطن أمريكي له خلفية أو جانب إسلامي ، أن يترشح للرئاسة ، أو أن يشغل منصب حساس أو مرموق بالولايات المتحدة الأمريكية ؟
لقد كان من واجب أوباما أن يكون رد فعله على قضية كهذه ، تتعلق بالحرية الشخصية ، كرد فعله الفوري و الشرس على السيدة كلينتون ، حين إنتقصت ، بعض الإنتقاص ، من قدر الدكتور مارتن لوثر كينج . حين جعلت من حلم مارتن لوثر كينج ، في تحقيق حلم الدولة التي يتساوى فيها جميع المواطنين في الحقوق ، ممكن التحقيق بواسطة الخطوات العملية التي إتخذها الرئيس الديمقراطي الأسبق ليندون جونسون .
فقط لأن هيلاري جعلت من جونسون شريكاً على قدم المساواة لمارتن لوثر كينج ، أو حتى مجرد شريك ، ثار المجتمع الأفريقي الأمريكي ، وله الحق في ذلك ، و ثار معه باراك أوباما . أما حين إتهمته بأن له أقارب مسلمين ، و إنه درس في مدرسة إسلامية ، صح ذلك أم لا ، فكان الرد فقط هو النفي ، و التأكيد بعدم وجود هذا الجانب ، و مرت المسألة ، بالنسبه له ، و لطاقم حملته ، مرور الكرام .
كما أن اللوم يقع أيضاً على المجتمع الإسلامي بالولايات المتحدة ، كهيئات و منظمات ، و يقع أيضاً على المسلمين الأمريكان كأفراد ، لأنهم لم يصلوا بالقضية إلى نفس المستوى الذي نجح فيه المجتمع الأفريقي – الأمريكي ، و الذي نجح في إيقاف هيلاري في موقف حرج ،و بسرعة مذهلة ، و أجبرها على أن تقف لتشرح مراراً و تكرراً ما كانت تقصده ، بإسلوب هو أقرب للإعتذار منه للتوضيح .
المجتمع الإسلامي الأمريكي يحتاج إلى مارتن لوثر كينج مسلم ، يقود نضاله من أجل المساواة و رفع التمييز ، و مسيرات مليونية سلمية في واشنطن .
ليس المطلوب تظاهرات تحرق صور هيلاري ، و لا تهديدات إرهابية ، فالأفضل السكوت لو كان هذا هو الإسلوب الذي سنحتج به كمسلمين . إنما المطلوب حملة منظمة بإسلوب حديث ، تتفق و قوانين و قواعد الدولة الأمريكية و مجتمعها ، كالإسلوب الذي تبناه الأفارقة الأمريكان ، و نجح ، و كنفس الإسلوب الذي تبناه ، و يتبناه ، يهود الولايات المتحدة و العالم ، و أثبت نجاحه المتواصل ، و لا مانع من مزج أساليب المدارس المختلفة .
لا بأس من أن نتعلم من غيرنا ، و أن نحاكي أساليبهم الفعالة في البداية ، ثم سيأتي الوقت الذي سنبدع فيه ، و نتفوق ، و يحتذي الأخرون حذونا .
بوخارست – رومانيا
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل يعد ج. د. بوش الإيرانيين برئيس مثل أبو جيمي ؟
-
لقد حطموا الذكاء المصري ، إنهم يريدونا عبيد
-
لن نقف أمام تكايا آل مبارك
-
مخاوفنا مبررة ، فالحرية الإقتصادية ليست مطلقة
-
هكذا يجب التعامل مع آل مبارك
-
نصب تذكاري لضحايا مذبحة المهندسين
-
يعقوب صنوع أديب الحرية
-
الأغنياء و المساتير أيضاً يثورون
-
هم الذين كفروا و صدوكم عن المسجد الحرام
-
لا يا بلد شامبليون، الحضارة المصرية لم تبن بالسحر
-
يا راكب القارب، تعال نصنع أوروبا في مصر
-
حتى لا يساء للقرآن، إبحثوا عن بديل لكلمة إرهاب
-
مبارك و بوتين، الفارق بين من فرط و من إسترد
-
مبارك و بوتين، لا وجه في المقارنة بين من فرط و من إستعاد
-
الجمهورية المصرية الثانية، هكذا ستقوم
-
أحمدي نجاد، لا فارق بينك و بين آل سعود و آل مبارك
-
لماذا أقف مع الأفرو ضد الجنية؟
-
الخطوة القادمة شريحة تحت الجلد
-
ماذا لو ان عرفات في غير عرفات؟؟؟
-
حالة الطوارئ الباكستانية هل تختلف عن المصرية؟؟؟
المزيد.....
-
إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو
...
-
الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
-
شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية
...
-
أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
-
آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ
...
-
-الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي
...
-
صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته
...
-
سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا
...
-
بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|