أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - جهاد علاونه - الفقراء والأغنياء















المزيد.....

الفقراء والأغنياء


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2145 - 2007 / 12 / 30 - 12:40
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


تتمتع القلة النادرة من النبلاء والإرستقراطيين بالكماليات غير الضرورية , بينما تفتقر الغالبية المسحوقة إلى أهم الضروريات في حياتها .
ويعيش الأغنياء في بروجهم على حساب العمال والشغيلة الذين يصنعون بعرقهم رأس مال الأغنياء , بينما يعيش الفقراء وهم السواد الأعظم من الناس في بيوت أسقفها من رمال مالحة وفيها نسبة الرطوبة أعلى من المستوى العادي .

ويأكل الأغنياء لحوم العجل بينما تtjتفتقر غالبية الناس إلى الصواص والدواجن والخضروات , ويأكل الأغنياء من تعب العمال ويثرون على حسابهم ويتقدمون نحو مجتمع مدني مناهظ للعمال ومصالح الطبقات المحكومة , ويركض الناس الفقراء بسرعة لمنازل الأغنياء للإصلاح بينهم إذا ما دب بين الأغنياء خلاف , بينما يرفض الأغنياء النهوض من مقاعدهم الإسفنجية للإصلاح بين الفقراء و لا حتى لمجرد معرفة ما نوعية خلافاتهم.

ويقدم مثل هذه الأدلة (جان جاك روسو ) وغيره من الفلاسفة الإجتماعيين ويؤمنون من أن الأغنياء يتقدمون نحو مجتمع مدني بينما الفقراء والمتعبون من الناس لا تنتقل للمجتمع المدني وتبقى على طبيعتها متصالحة مع طبيعة الإنسان الحجري الساذج الذي لا يقبل بأن يأكل لحم أخيه , بينما يأكل الأغنياء لحوم الفقراء وتعبهم وعرق جبينهم .
ويستفيد الأغنياء من بساطة الناس وسذاجتها ويثرون على حساب الفقراء في أيام المواسم الدينية ويتاجر الأغنياء بالسياحة الدينية وتنتفخ كروشهم بينما الفقراء يعانون من تسديد ديونهم المترتبة عليهم في المواسم والأعياد الدينية .

فالمجتمع المدني ما زال في مرحلة طفولية مقلوبا رأسا على عقب والحضارة التي نتحدث عنها ما هي إلاّ حضارة تقوم على نظام القسوة والبطش والكيد والغدر والتسلط على ممتلكات الغير والقتل والتعذيب والغزو والقرصنة بكافة أشكالها البحرية والبرية والإلكترونية .
وإن المجتمع الذي نصفه بأنه مجتمع قديم متخلف نجده في بعض الجوانب متلائم مع الطبيعة وغير خارج عنها , وفي تعريف دقيق للقيلسوف السوري القديم (إمليخ)للإنسان قوله :
إن الإنسان لا ينظر للطبيعة على أنها متميزة عنه بل يراها تشاركه في كل خصائصه.
وكان الإنسان قديما لا يستطيع التحكم بمصادر الطبيعة لذلك كانت الطبيعة هي التي تقود الإنسان ولم يكن الإنسان قائدا عظيما لها ولا حتى قائدا بسيطا بل كان تابعا عظيما للطبيعة , فلم تكن للإنسان قدرة على تغيير مجرى الأنهار ولم تكن له قدرة على حفر الآبار أو بناء السدود أو تحسين الصناعات العلفية وكان الإنسان لهذه الأسباب عابدا للطبيعة وكان طيب القلب بفعل حاجته الماسة للناس ولمجتمعه وكانت الروابط الأسرية بين الناس على درجة عالية من المفهومية والتعاون والإشتراكية المشاعية البدائية .
فالإنسان غير المدني هو إنسان طيب والإنسان المدني إنسان غير طيب خبيث وهو ذئب لأخيه الإنسان .
وبرغم من طيبة الإنسان القديم غير أن طيبته لم تفلح في صناعة العلاجات الطبية ولم تفلح طيبة الإنسان القديم في إجراء عمليات جراحية أو صناعة سفينة وبارجة أو بصناعة طائرة أو مركبة فاخرة كل هذه الأمور هي من صنيع الإنسان التقني وهذه الأمور هي اتي حسنت حياة الناس وعملت على التخفيف من حدة التوتر والخوف من الطبيعة وقسوتها فقد كانت الطبيعة وما زالت تقسو كثيرا على إبنها الإنسان بفعل عوامل التدمير الطبيعية مثل الفيضانات والزلازل والبراكين , وحين تقدم الإنسان سيطر بقوة عقله على الطبيعة وسخرها لخدمته وحلت بالطبيعة كارثة كبيرة وتحولت الطبيعة إلى وسيلة لخدمة الإنسان .

وبهذا أنهى الإنسان على إسطورة الطبيعة المقلقة له وأصبح هو القائد العظيم لها وهي تابعة لخدمة الآلة والسيارة والطائرة والصاروخ وهذه الأمور هي خادم الإنسان .
وتحول البشر جميعا إلى طبيعة النبي سليمان الذي كانت تجري الريح بأمره والبرق والرعد بأمره والجن والإنس بأمره فالإنسان التقني اليوم حل محل النبي سليمان وأصبحت جميع الناس تنتقل من مكانها إلى مكان آخر بسرعة تزيد عن سرعة الرياح التي كانت تنقل النبي سليمان .

ويشاهد الإنسان الرياضة والفطبول من عبر القارات بسرعة تزيد عن سرعة الجن الذين أحضروا لسليمان عرش الملكة بلقيس .

وبرغم كل تلك الفروقات بين الناس وبين الطبيعة وقسوة الحضارة من جهة غير أن الإنسان سعيد جدا بإنتصارات عباقرته وعقليته التي سخر بها الطبيعة لخدمة الإنسان .
ولكن ما هي المعضلة اليوم :؟
إنها معضلة سطوة الحضارة وقسوة الأغنياء بكيدهم للعمال والشغيلة والمستخدمين الذين يعيشون على أقل الضروريات فقط للإحتفاظ بحقهم في الحيا ة بينما يعيش الأغنياء على الكماليات غير الضرورية ويأكلون الطعام للإحتفاظ ليس بالحياة وحدها بل بالحياة الكريمة والناعمة والهادءة .
ويستهلك الأغنياء في اليوم الواحد من الكماليات بأسعار باهظة أكثر مما يستهلكه الفقراء في شهر كامل أو سنة كاملة وتنفق عائلة واحدة على بيتها في شهر واحد أكثر مما تنفقه آلاف العائلات الفقيرة والمستورة مجازا .
إن الحضارة قد زادت من عمر متوسط الإنسان ورفعت من مستواه الذهني وأشبعت رغباته المكبوتة والذين نتحدث عنهم وعن الضروريات هي في الماض قبل 100عام لم تكن ضروريات بل كانت كماليات فالتلفزيون في بيوت جميع الفقراء والإتصالات في كل منزل عام 2007م كانت نسبتها لكل فقير معدم أكثر من أربعة خطوط رقمية متعددة الشركات وأصلها لشركات متعددة الجنسيات.

والأدوية التي يتناولها الإنسان الفقير والمعدم هي اليوم في جميع منازل الفقراء والأبنية التي يسكنها الإنسان العامل البسيط كانت تحلم بها أباطرة روما وأمراء المانيا والملوك والخلفاء العرب ,من تدفئة منزلية وصرف صحي وطلاء وبلاط وملاط وقسارة وزجاج فاخر وكنبات ذات مظاهر رائعة في الديكورات .
ويركب الفقراء سيارات سواء أكانت بالأجرة أو خصوصية بما لم يستطع أن يحلم بركوبها شعراء الرومنسية في القرون الوسطى .
ويلبس الإنسان الفقير من الثياب في الإسبوع الواحد بما لم يستطع أن يتخيله الشعراء والرسامون والنحاتون في قصصهم عن الجان والعفاريت في قصص ألف ليلة وليلة .

وتتمتع المرأة الفقيرة اليوم بملابس لم تستطع أن تلبس مثلها الأميرات في أوروبا وعشيقات هنري الثامن عشر.

رغم كل ذلك ما زال الفقراء يعيشون في جزر شبه معزولة عن بروج الأغنياء العاجية في المدن والعواصم العالمية



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هكذا يعبدون الله
- أسرار عيد 25-12- في كل عام
- المجتمع المدني
- يجوز للمرأة تعدد الأزواج
- الزمن السعيد على حسب نظرية أنشتاين
- غيرة الرجل الشرقي
- بناء المساجد والعقارات الصحية والثقافية في الوطن العربي
- كل عام يا عرب ونحن هكذا
- قتل المواهب العربية
- إكرام الميت تأجيل دفنه
- الحب : عام ألفين وأخضر ميلادي
- أسباب تكفيري في جامعة محمد بن سعود2
- الحوار المتمدن : مكسب معنوي ومربح ثقافي
- أسباب تكفيري من جهة جامعة محمد بن سعود(1)
- يا عمي يا طاغيه
- 20100م:خطيب يخطب بالناس
- غياب التنظيم الأسري بيئة مناسبة لإستبداد الحكام العرب بالعرب
- الكساد الإجتماعي العربي
- الإستعمار الغربي أفضل من الإستقلال الشرقي
- المثقف الناجح في الدول العربية


المزيد.....




- غروزني تشهد افتتاح معرض لغنائم العملية العسكرية الروسية
- ماذا تخفي الزيارة السرية للرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد إ ...
- ألمانيا- تأييد لتشديد القانون الجنائي لتحسين حماية السياسيين ...
- -ليس وقت الاحتفالات-.. رئيس بلدية تل أبيب يعلن إلغاء مسيرة ا ...
- روسيا.. العلماء يرصدون توهجا شمسيا قويا
- برلماني روسي: الناتو سيواصل إرسال عسكريين سرا إلى أوكرانيا
- كيم يهنئ بوتين بالذكرى 79 لانتصار روسيا في الحرب العالمية ال ...
- -في يوم اللا حمية العالمي-.. عواقب الصيام المتقطع
- اتفاقية التجارة الحرة بين الصين وصربيا تدخل حيز التنفيذ في ا ...
- للمرة الـ11.. البرلمان الأوكراني يمدد -حالة الحرب- والتعبئة ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - جهاد علاونه - الفقراء والأغنياء