أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - غريب عسقلاني - أجندة غزة وشطب الذاكرة- 4-















المزيد.....

أجندة غزة وشطب الذاكرة- 4-


غريب عسقلاني

الحوار المتمدن-العدد: 2143 - 2007 / 12 / 28 - 01:17
المحور: القضية الفلسطينية
    


تداعيات ما بعد انتفاضة الأقصى -1 -

قوس الربابة على وتر مقطوع " ا "

غزة هي الحالة
الجغرافيا المصادرة، المطرودة من جفاف صحراء النقب إلى حضن المتوسط, جرف من يابسة فقيرة، ترقد على بعض ماء عذب، وكثير من ماء مالح تسرب ومازال يتسرب من البحر، يقتل نهر الماء الجوفي كلما شدنا الجنوب إلى رحاله ..
سواف وتلال وبطون رملية تكونت بفعل جيولوجيا قديمة وحديثة، رمال زحفت على الأرض المجاورة شرقاً، طمرت تربة وأشجار ومدن وقرى لترقد غزة على منجم حضارات وتواريخ خيل للعابثين أنها طُمست.. وكأن قتل الأشياء عادة حميدة ، وفعل مبرر .
في الفاجعة الأولى طورد الناس حتى وصلوا إلى السوافي، سويت الرمال وصارت أمكنة شبه معمورة، بعض خيام وأكواخ، وبيوت صفيح تمددت وسميت مخيمات لاجئين، تبلورت فيها الأجيال، تناسخت وتناسلت وأصبح المخيم واقعا سكانياً، لا هو بالمدينة ولا هو بالقرية أو الكفر أو النجع أو البادية, لكنه المرجل الذي تفاعلت فيه كل الأمكنة، ولم تفقد خواصها إندغمت الحالات ولم تندمج، اختلطت ولم تنصهر أو تذوب، وشكلت ظاهرة سكانية لها حضورها ومقومات وجودها، لها أهدافها وأحلامها, استخلصت هذه الكتل البشرية مبرراتها وسيرت صيرورتها لتصبح كيانا اجتماعياً وحالة حاضرة، تشد الدارسين وتدهش المراقبين، وتحير علماء الاجتماع ومحترفي تأويل السيسولوجيا .
في غزة تتجاور المدينة والقرية والمخيم، يحدث الاندغام لدرجة التكامل، ويُطرح السؤال المشترك .
ما معنى أن تكون هنا والوطن خلف بوابة على مرمى حجر، أو على مدى رشقة نظر، العين ترى واليد ترشق، والحمولة عبوات حقد وبأس وتمرد، العبوة حجر بقي على الأرض ينتظر اللحظة.
حجر هامشي مرفوض يسكن أديم الأرض، ينتظر لحظة توهج، لا تدري القبضات الغاضبة أن حجارة الأرض، نتف من صخورها، تحدث فعلا كالمعركة وهو ليس بمعركة، ثورة وهو ليس بثورة، انفجار امتد انفجارات متتالية لم تهدأ بعد .. اندفاع جيوش بلا رتب أو مراتب، كل الناس من كل الطوائف والشرائح والأعمار، الكهل والرجل والشاب والطفل والأمهات والأجنة في بطون الحوامل .
ما الذي حدث وما زال ؟
وعلى أي المعادلات تسير الحالة وتتبلور الأحوال ؟
لا معادلة غير حتمية الصدام
ولا قانون غير فانون الانتفاضة التي عثرت على وسائلها ..
لا ميزان بين قوى العظم واللحم الآدمي وبين البارود وفولاذ الدبابات والعربات المجنزرة, ولا اختراق غير ما تحدثه الحجارة في بنية الوجدان الإنساني، وما تصنعه القذائف والمقذوفات في العظم واللحم .
لا توصيف فالوصف أقصر من الموصوف، والحدث تجاوز الوعي المقدر والتوقع المحتمل، فالأمر تجاوز منطق الرؤيا, فوران يتجاوز درجات الغليان الفيزيائية, وانفجار على مقياس لا يقيس انشطار أنوية الدمار الشامل، لأن الانفجار هذه المرة، دمر الأفكار والمقولات والأسس التي قولبت طاقات الشعوب والجامعات المضطهدة .
الحالة هنا تقرر قانوناً جديدا هو قانون الانتفاضة الشعبية، والشعب الفلسطيني هو المبادر والمتفجر ..
الانتفاضة سياق حياة في غزة المحاصرة بين بوابتين من حديد وبارود، غزة منفية أقصى جنوب الخارطة، تقطعها السيارة في نصف ساعة على طول 45 كيلو متراً وعرض ثمانية كيلومترات، تتمدد وتنكمش مع شهيق زفير المعاناة اليومية، وغزة رئة استوعبت هواء الكون وطيرته رسائل غضب، فالانتفاضة أصبحت أهم معالم الحياة تحت وطأة الاحتلال، وهي الوسيلة الوحيدة المتاحة لأن الظلم استشرى ، والرياح أتت بما لا يتفق مع مرافئ السفن ومحطات الوصول المنتظرة، ولأن الزمن العربي الإسرائيلي لم يتلقط اتجاه بوصلة الناس، تكرست الانتفاضة جهد مشروعاً ومفتوحاً على كافة الاحتمالات، فهي الملاذ لشعب ما عاد يمتلك من مقومات الحياة غير الرغبة في الحياة على جغرافيا محددة في كنف دولة وتحت راية .
تلك بواعث المواجهة، وفي المواجهة تتعدد الصور والوجوه، ويتجلى وجه الله ووجه الوطن مهما تنوعت الأفكار والبرامج، ومظاهر القصور والمتاهات المتوقعة التي لم تشكل استثناء ولا يكرس الانفصام الذي يقود إلى الانفصال أو الاقتتال مهما تعقدت مظاهر الخصومة، وهذه خصوصية مفاجئة، وعلى الباحثين في علوم الاجتماع السياسي دراستها واستخلاص عبرها، لأنها جوهر الحالة وهي الطريق إلى بلورة نظرية الحاجة والمتاح، والموجود والممكن، والتجاوز عند الضرورة، والتريث قبل الانفجار، والتشظي الذي يلتئم لوحة غير سيريالية ، وإن بدت اشد غرابة. فالحياة في هذا الوطن غرائبية عجائبية، لا تتمنطق بقوة الشياطين وأدوات اللاواقعي والخيالي .. الحياة قفزت عن واقعية الأشياء وأوجدت ممارسات مفاجئة تدهش الآخرين، والحمد كل الحمد لوسائل الإعلام المسموعة والمرئية، والشكر كل الشكر لكرامات تكنولوجيا ثورة المعلومات التي تصدر الخبر عند وقوعه, وتقف بالمرصاد للتأويل والتكذيب ، فالصورة سيدة الموقف، والجغرافيا المصادرة تصبح باتساع الدنيا تثير الأسئلة في فضاءات المعمورة
وفلسطين تطرح الأسئلة
***
سواد النهار وبياض الليل
غزة مضغوطة بين بوابتين
بيت حانون ( إيرز ) شمالاً تدفعك إلى وطن مصادر اسمه (اسرائيل )، وبوابة رفح جنوبا تأخذك إلى مصر (بلاد العرب أوطاني) إذا ما اجتزت أسلاك كامب ديفيد وأشواك السلام الممصوص من سلام العافية، ( إيرز) بوابة الحلابات، تشفط العمال عرايا حتى من طعام الافطار، ضحايا محتملة لاصابع جندي مرتعشة سجنوه في برج المراقبة، علقوه في الهواء يمارس الخوف والتوجس والذعر على مدار الساعة، رغم هدير الأباتشي التي تحتل السماء والدبابات التي تحرث الأرض، وجندي برج المراقبة زحفت حواسه الخمسة إلى أطراف أصابعه على الزناد, والعمال قطعاناً يمضون وقطعاناً يعودون، بقايا آدمية هامدين بفعل رضاعة عكسية أخذت العافية, وانحل فيها البدن وتسلخ الجلد خلال ثماني ساعات عمل في الحقول والمصانع والورش وأشغال الطرق السوداء، يكمل ذلك عشر ساعات لتأمين الوصول والعودة .
يخرج العامل إلى الحلابات قبل أن يلفظ الليل آخر العتمة، يصلي الفجر على رمال ما قبل الحاجز مع بياض أول النهار، ويعود بعد صلاة المغرب وقد يدركه آذان العشاء، مكدود يطارد رزق العيال، والعيال ينتشرون في الأزقة رصيدهم الأهم الحجارة، والحالة صارت واقعا بفعل طول التداول .
ولأن للحياة في غزة شؤون أخرى، فلا بد من التعايش مع الآني لحظة بلحظة، عبور إلى الآتي المفتوح على فضاءات لا تتعامل معها الرحمة في المدى المنظور، وليس أمام الناس غير تقمص الإصرار على البقاء بانتظار يوم قادم من رحم الغيب، يحدسه الناس ولا يمسكون بمقوماته، واقع يمد لسانه لشطحات المبدعين وهواة الفنتازيا في زمن تتقولب فيه الأشياء، لتدخل في منظومة الإدراك ضمن محددات مادية الكون .
والكون هنا بين معبرين يعيش المحاكمة، بين موت الحياة، أو الحياة في موت مقيم، بين شربة ماء عذب أو التعود على ماء مالح يخرج من بئر تفحم احتجاجاً على مصادرة الينابيع وخزانات المياه الجوفية تحت قاعدة الجدار العازل أو الفاصل سيان .
هل هي المقاربة بين زلزال لم يحدث، لكن موجودات المكان تؤكد حدوث أكثر من زلزال بدرجات تجاوزت مقياس ريختر, فهل ينتحر ريختر لأنه لم يفكر في مقياس زلزال البارود بقرارات الإعدام المسبقة، وترك لشارون تسجيل براءة الاختراع، أم أن القضية معلقه بين رسالة العلم ورسالة الأخلاق، هل هي قضية خلافية بين جنرالات الحرب وممثلي الرب في إسرائيل، قد يكون الأمر كذلك لكن الانفجارات حدثت ومازالت، ودرجات القياس يدركها الناس على جلودهم وبقايا أجسادهم، ولغزة قراءة فريدة تقوم على الاختيار بين طفولة مفقودة ، وشباب مقصوف, ورضيع لم يشبع من صدر أمه يستقبل قذيفة صممت لاختراق الدروع.



#غريب_عسقلاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أجندة غزة وشطب الذاكرة-3 -
- أجندة غزة وشطب الذاكرة -2 -
- أجندو غزة وشطب الذاكرة
- اجندة غزة وشطب الذاكرة
- بطاقة تهنئة في عرس مصادر
- الضرب على قشرة الدماغ
- الخالة أم بشير - قصة قصيرة
- الهدهد والديك الديك الرومي - قصة قصيرة
- أطوار/ المرأة الوردة
- فلة وسكبن صغير - قصة قصيرة
- أول المرايا - فضاء سردي
- الهليون - قصة قصيرة
- ثلاث شجرات يثمرن برتقالا - قصة قصيرة
- قصص سوداء
- أشلاء بؤرة العشاق للروائي أحمد حميدة
- فوزية مهران امرأة تقترف الوجد - مقاربة نقدية
- الوجوه الباهتة - مقاربة نقدية
- غزالة الموج
- من هنا وهناك- وقاربة نقدية
- من هنا وهناك


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - غريب عسقلاني - أجندة غزة وشطب الذاكرة- 4-