أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاروق سلوم - ايكو: لاشيء صغير ..لاشيء كبير كل شيء مشوش ومرتبك.. و بوش مثل شهرزاد يروي لنا كل يوم حكاية حرب















المزيد.....

ايكو: لاشيء صغير ..لاشيء كبير كل شيء مشوش ومرتبك.. و بوش مثل شهرزاد يروي لنا كل يوم حكاية حرب


فاروق سلوم

الحوار المتمدن-العدد: 2045 - 2007 / 9 / 21 - 12:36
المحور: الادب والفن
    



لم تأت غرائبية امبيرتو ايكو مصادفة في سيرته القدرية ، بل انه ابن تلك التحولات الكبيرة منذ نشأته في تلك المدينة الجنوبية .. فقد ولد في اليساندريا 1932 ، وهي مدينة تشتهر بصناعة الخزف ؛ حيث يشتغل الجميع على آبتكار الجمال ، وتحيط بالمدينة سلسلة جبال عالية منحت ايكو الشعور بألأ ستقلالية والحرية في التأمل العميق .
كان والده خوليو ايكو الذي نشأ وسط 13 طفلا في عائلة كبيرة وشهد كل حروب الوقت ، قد تزوج جيوفانا بيزو.. لينجبا امبيرتو .. ايكو ، وتلك تسمية كان جد ايكو يعتبرها تسمية مقدسة لأنها بالنسبة اليه تعني ( عطايا السماء ) ..
ويبدو ان عناصر التحول المذهلة في حياة ايكو هي التي فجرت اسمه عام 1980 حين ظهرت روايته الأولى ( اسم الوردة ) التي طبع منها اول الأمر - وبحذر شديد من الناشر - ثلاثين الف نسخة .. ولكن التفجر الهائل الذي بلغته الرواية جعلتها في موقع اول في قائمة المبيعات حتى بلغ المبيع الى يومنا هذا اكثر من ثلاثين مليون نسخة تسمح مردوداتها المادية لأيكو بقضاء الوقت عند منحدرات منزله الصيفي في ريمني يتأمل مشروعه القادم .
لقد تقلب ايكو في عدد من الأعمال بعد ان انهى دراسة الفلسفة عام 1954.. فعمل محررا في صحيفة ثقافية محلية ومديرا لتلفزيون , RAI
وكاتبا للعمود الصحفي في العديد من الصحف ثم اسس جماعة الطليعيين من الكتاب والموسيقيين والرسامين ثم انتقل للعمل في جامعة بولونيا شمال روما .. وهناك عرف بتأسيسه المنظمة الدولية للدراسات السميولوجية .. وفي عام 1974 عرف على المستوى الدولي كباحث مهم في مجال الدراسات السميولوجية ، لكن حبه لبورخس ، وغارثيا مركيز .. هو الذي اخفى كل ذلك التنوع الشديد من تحولات الغد لشخص متفرد وعميق .. يحمل من السخرية من القدرية التي تعيشها الذات الأيطالية بقدر مايحمل من عمق الرؤية والأشتغال على التفاصيل الصغيرة .. وفي عام 1978 بدأ يكتب – اسم الوردة .. وحين طبعت وظهرت في الأسواق عام 1980 اصبح ايكو .. اسما آخر ينطوي على التنوع .. والمكانة التي تؤثر في ثقافة العالم طوال الوقت ..
وفي كتابه السقوط الصادر عن دار آي بي أس .. وهو ينشيء فكرته
بطريقته المعروفة ولغته القاطعة يستكنه ايكو الظواهر الكبرى ..
ويلتئم مع محدودية الأشياء الصغرى بالتناوب مع وعيه ..حين يقايس هذا التمايز بين ماهو مثر ..و بين مايفقر صورة العالم اليوم .
ففي كتابه ( السقوط ) .. - والبعض يعلق مقترحا .. ( النكوص ) كتسمية لهذا التقويم الموجه الى عالم استيهامي خائب .. مثير للشفقة في نفس الوقت - يرى انه..
( لايوجد شيء اليوم يخلو من التشويش والأرتباك ..كما لايوجد شيء بعيد عن التجهيل والألتباس ) يبتدي ايكو تعبيره الأول على هذا النحو في وجه اسئلة الحاضر منذ احداث الحادي عشر من ايلول .. وحرب افغانستان ..حتى الحرب على العراق التي تاخذ حيزا كبيرا من الكتاب.. هنا يقف ايكو ..معلقا ..
( ان الرئيس بوش يبدو لي مثل شهرزاد ..عليه ان يقدم لنا كل يوم حكاية عن الحرب في العراق قبل ان تنتهي حياة الراوي .. ايا كان الراوي .. شهرزاد ..او السيد الرئيس ) ..
في الكتاب اشارات ومقتربات تفسر الفروض حول محدودية فرص الأحساس بألأسى لدينا كمجاميع متلقية امام عجز وسائل وادوات التحليل والفهم خاصتنا لما يحدث .. مثلما يوميء الى مايحدث عندنا في استخلاصات النقد ايضا ، ذلك ان الأرتباك بلغ كل تلك الأدوات مرة واحدة.. . في عالم مولّد من طرفين مشبوكين متعالقين للقوة , هما : الأرتجال ..والأرادة المرتبكة لأدارة مستقبل العالم .. في ظل احادية .. تنطوي على مطالب لجوجة ونفوسة ..وفردانية تقعان في اطار مشهدي مولّد ..أو مخلّق في فضاء امبراطوري محض!!
ان الفترة الواقعة بين عامي 2000 و 2005 هي الفترة الأكثر التباسا في الميدان السياسي والميديا كما يرى ايكو .. حيث ارتكبت حماقات مشؤوومة حولت حياتنا الى اسئلة لانهائية تعبر عن عجزنا المطلق .
كانت ثمة حصرية مغلقة لدى النخبة السياسية وذلك استيفاءا لثمن تاريخي ..تقدمه الميديا كوجبات مقننه ... ندفع ثمنها نحن تجهيلا وارتباكا ..وعجزا .
ان ايكو يكرر في مقاربته لوقائع ومعطيات مرحلة مهمة من تاريخ السقوط الذي يحاول ارخنته .. دونما التباس او مواربة . .
( ان الأستعراضات الكرنفالية ل سيليفيو برلسكوني كمدمن كلمات .. وثرثار فض وشطحات رامسفيلد التي تخلو من اللباقة .. والتي تحتاج الى سلسلة لانهائية من الأعتذارات تذكرني تماما بمقتبسات مذهلة من خطب هتلر وموسليني ) .. يكرس ايكو نقده الظلال الأعلامية والتعمية اللفظية وتعدد مراجعها التي جعلت الأكثرية في هذا العالم مثل ذباب يلتم على غائط - فضلات اي مليونير شهير بحيث يبدو ان احتقار الأغلبية وسقوطها ..شأنها شأن سقوط ادوات العصر ورجاله هي حقيقة بدهية لضياع القيمة والهدف التاريخيين وانحلال منظوره المحتمل حتى غدا غائما ومجهولا .
في نص ايكو بلاغة نقد .. وصرامة تقويم تستندان الى رؤية اسـتـئوالية لأحداث لاتؤّل ذاتها بل تعرض مفرداتها عارية في افعال سياسية داعرة ومقولات رعوية من اجل الأستغراق في الهدف . وغالبا يرى ايكو ان الأهداف مولّدة وفق سياق تراتبي .. من مواجهة الأرهاب الى حروب النفط الى اسقاط نظام صدام حسين من اجل كشف الأسلحة المحرمة ؛ كفرية سياسية منطقية وصولا الى مواجهة التنين الأحمر القابع بعيدا في بكين المحتشدة بالدراجات والشغيلة الجديدة .
نحن ايضا ، يستطرد ايكو ، ادمنا اللغة ، حيث تبدو طريقتنا في الحوار والمنطق والأستنتاج في الحاضر والمستقبل مثل عملية التنقية من الفضلات او اصلاح البيئة لذواتنا المشبوكة في حفلات التهليل والبيعة لأحداث وحروب ومناسبات لانريدها ان تحدث ..لكننا نهذي من حولها . مثل مخلوقات ضعيفة هي فيض الرب .. تردد عن ظهر قلب قواعد التابوهات المجهولة وغير المفسرة . انها صورة فظيعة بين حضورنا المعرفي والمنطقي الذي تصدمه لعبة اعلانات للأغلبية التي تشبه الذباب حول فضلات غني ميسور كما ذكرت .. وبين شلة من الشحاذين على مستوى عالمي رفيع .. تتعولم فيه حالة الأستجداء لتغدو قانونا معرفيا للغالبية الذبابية الفقيرة المكتضة حول فضلات رجل غني ابله !!
______________
الكلمة نظاراتنا الزجاجية
------------------------------
في هذا الفصل يؤكد ايكو ان اولوية الهدف الحياتي هو الكشف عن .. اوفضح ( سلطة ادمان اللغة ) ..وهي عملية مخادعة وجميلة يمارسها الاخر لتعميم الخدر ..ويستعرض مقاطع متنوعة من خطب موسليني ..وهتلر ..و رامسفيلد وبرلسكوني وسياسيين آخرين ملوحا بالتجهيل الذي تنطوي عليه تلك المصادر اللغوية التي يستقي منها هؤلاء مادتهم .. ويقول .....( ربما اللغة هي عملية ذاتية مهمة .. لكن بالرغم من ذلك يحتاجها المرء في كل سقوط ايضا )
انها لديه ازاحة خارجية لغائية مبهمة تشكل ثقل هؤلاء الخطباء المجهولي القيمة في المعيار المعرفي والمنطقي ايضا .. لدى الأغلبية المشوشة عمدا !!
ولكن الكلام المعرفي كوسيط كما يرى ايكو .. هو استعمال دلالي للغة ليكون العالم واضحا .. لدينا كأفراد اسوياء .. لكنه في كل نكوص عند البعض هو..... اسقاط و مساقطة ثقافية ومعرفية تحمّل الثقافة مسؤولية التعويض النفساني .. نحو هدف سوائي يستهدفه مدمنو اللغة النمطية في وسائل الأعلام للتشويش على العموم ..كتلك الحالة التي يمثلها الرئيس بوش ل ( الف ليلة وليلة العراقية اليوم ) .. ويقول ايكو ان السقوط نسبيا هنا واضح في مثل هذا التساقط النفساني الأستباقي لتلقينا الواعي .. لكي نظل اسرى سحر الحكاية ..وخوف العقاب الذي ينتظر شهرزاد فيما لو اخفقت في اتمام الحكاية حتى الفجر
ان ايكو في هذا الفصل يستعرض بحدة وجلاء معا .. الوضوح المضيء لفروقات الحروب الكلاسية ..والحروب مابعد الحداثية في ظل العولمة والأرهاب والحروب الدينية ..وبين المعرفة والسحر . هذا العالم الذي تغزوه ظواهر كاسحة مثل رواية – وافلام هاري بورتر وحضور الأخ الأكبر بصور تقنية شتى في حياتنا المراقبة بعمق .. بالصورة والصوت لقوى خفية داهمة .. تشتغل على تنميط السلوك واللغة معا .. وبين ماأثاره مثلا فيلم ميل جبسون الرغبة الأخيرة للسيد المسيح ..المشكلة تكمن يقول ايكو في الرسالة السيئة والتلقي السيء .. للمضمون ووعائه اللغوي او الشكلي الفاضح .
في ذات الوقت يسقط امبيرتو ايكو معايير مرحلة مهمة للتجربة الأشتراكية على النتائج المنطقية الحمقاء للتجربة البروليتارية في ظل الماركسية وتطبيقاتها ( لقد كانت تلك النظرية قائمة على نبل نظرية فائض القيمة .. ونبل اندماج الطبقة العاملة في بنية مجتمع جديد متساو وموعود بالرفاهية .. واذا به على العكس .. حيث تخرج الطبقة العمالية من محفل الآمال والوعود الى كرنفال الأستهلاك المضني مجبرة على الأنسحاب من المعرفة الطبقية الى معرفة الأعلان والأطباق الجاهزة عند مطاعم ماكدونالد والبيغ بورغر .. حتى لتبدو نظرية فائض القيمة مثل مزحة تاريخية .
منظور تاريخي
لايكتفي ايكو بنقد وتقويم مظاهر السقوط المعاصر بل يذهب عميقا الى التاريخ ..والى كتابته .. فيعالج كل أرخنة على انها اما تسويفا او عبورا الى ضفة السقوط المعرفي المروّع ..
معتبرا ان التاريخ هو تصميم الأنتلجنسيا لكل عصر .. منذ اوغسطين حتى اليوم..
ويرى ان مظاهر القوة التاريخية ايضا هي نوع من التسويغ الفروضي لأرادة فردية غائية لها اهداف الأزاحة او المرور بالحدث دون تفسيره او الأسهام فيه دون ان تكون للغالبية غير مهمة التجمع الأهوج الذي يحصل اليوم ..في تاريخنا الحاضر على ابواب سلسلة مطاعم البيغ ماك .. والوجبات السريعة ..
امام سلطة القوة الفارغة لمظهرية الأعلان الذي يستدرج المجموعات الى التجمع حول الفضلات اللغوية والفكرية لمدمني الكلام ممن سوغوا لنا التجهيل والعجز والهامشية .
حتى ليبدو زمن السقوط هذا ليس سقوطهم هم ..
بل سقوطنا نحن .



#فاروق_سلوم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثرثرة المعنى .. ثرثرة طوال الوقت
- تقرير حالة الشعر : عشرون شاعرا تاريخيا وعشرة شعراء معاصرون ف ...
- سعدي يوسف ..عندما يصير الشاعر كونيا - كتاب جديد بالأنكليزية
- فؤاد التكرلي : الأفندي الأنيق ابن المحلّة البغدادية في الثما ...
- العربي الجيد ..هو العربي الميت
- تارا مكّلفي .. تواجه الأسئلة عن كتابها( وحشية ).. الأكثر انت ...
- بأنتظار صحوة النخب .. ومحنة خدر العوام !!
- الخبير الدولي .. الفنزويلي فرناندو باييز : رأيت بعيني وسجلت ...
- رؤية معمارية للفضاءات السبع لجسر الصرافية !!
- الفيلاّ الخضراء :استعادات في مخبأ غريتا غاربو السري !!
- جارلس سيميك .. جائزة الأكاديمية الأمريكية للشعر
- عمارة الكلام ..وعمارة المكان ..بين شارع الأميرات ..وشارع جبر ...
- كانت الذات الأنسانية ميالة الى الجريمة دائما !
- مهرّب الخيول النرويجي بير باتيرسون ينال جائزة أمباك للرواية
- خالد السلطاني :معرفة العمارة وتأويلها
- تقشير الفستق :فوتوغرافيا الغروب الأخير على شفق بغداد
- وداعا انغمار بيرغمان شاعر السينما العالمية
- آخرة الحكمة : مندايا الرحيل .. مندايا الأياب
- اعادة لمقولة الغياب
- مندايا سفر الخروج


المزيد.....




- ماذا قالت الممثلة الإباحية ستورمي دانيالز بشهادتها ضد ترامب؟ ...
- فيلم وندوة عن القضية الفلسطينية
- شجرة زيتون المهراس المعمر.. سفير جديد للأردن بانتظار الانضما ...
- -نبض الريشة-.. -رواق عالية للفنون- بسلطنة عمان يستضيف معرضا ...
- فيديو.. الممثل ستيفن سيغال في استقبال ضيوف حفل تنصيب بوتين
- من هي ستورمي دانيلز ممثلة الأفلام الإباحية التي ستدلي بشهادت ...
- تابِع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 مترجمة على قناة الف ...
- قيامة عثمان 159 .. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 159 مترجمة تابع ...
- -روائع الموسيقى الروسية-.. حفل موسيقي روسي في مالي
- تكريم مكتب قناة RT العربية في الجزائر


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاروق سلوم - ايكو: لاشيء صغير ..لاشيء كبير كل شيء مشوش ومرتبك.. و بوش مثل شهرزاد يروي لنا كل يوم حكاية حرب