أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حسيب شحادة - اللغة العربية واللهجة العامية















المزيد.....



اللغة العربية واللهجة العامية


حسيب شحادة

الحوار المتمدن-العدد: 2037 - 2007 / 9 / 13 - 06:29
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


اللغة العربية واللهجة العامية
تعليق على " اللغة العربية واللهجة العامية"

نشرت الصحيفة العربية الأسبوعية "بيروت تايمز (ع 952، الخميس 25 نوفمبر – 2 ديسمبر 2005، ص: 24)، الصادرة في لوس أنجلس بأمريكا، مقالة لفتت انتباهي وهي بعنوان: "اللغة العامية واللهجة العربية" للسيد إبراهيم الجندي، صحفي مصري مقيم في واشنطن. وكما يقال في لغة العرب، يقرأ المكتوب من عنوانه أو سماتهم على وجوههم. إذ أن بيت القصيد في هذه المقالة الشيقة هو إحلال العامية بدلاً من العربية الفصحى الصعبة. مثل هذه الأفكار التي تحوم حول الفوارق بين العربية الفصحى واللهجات وما في الأولى من قواعد موروثة صارمة تصبّ في صالح الجماعات النخبوية ومسألة حرية التعيير في اللغة الخ. يراها المطلع في الكثير من الكتب والدراسات المختلفة1.
يستهلّ الكاتب حديثه جازماً: "فالعامية أصبحت هي القاعدة بينما العربية مجرد استثناء. والعامية المحلية في كل دولة عربية هي المستخدمة في الشارع والإعلام ومراكز البحث العلمي، بل وفي أقسام اللغة العربية نفسها في الجامعات" (تظهر الياء المتطرفة في الأصل بدون النقطتين كالمعتاد لدى المصريين). مثل هذا التعميم لا يمكن أن يؤخذ مأخذ الجد والعلمية، إذ أنه من نافل القول أن لكل نمط من أنماط العربية الفصحى والعاميات مجاله ووظيفته ووقته ، لكل مقام مقال، إذ أن الازدواجية اللغوية (diglossia) من السمات الرئيسية والضاغطة في اللغة العربية2.
النمط العامي للغة العربية، أي اللهجات العربية، وما أكثرها في عالمنا العربي مترامي الأطراف، 22 دولة، ما شاء الله، هو لغة الحياة، لغة الشارع، لغة البيت، لغة العامل مع أخيه العامل ، المريض مع طبيبه، الفلاح مع الفلاح، الوالد والوالدة مع أبناء أسرتهما، لغة الشعر العامي وهلمجرا. بعبارة وجيزة، العامية هي لغة كل شيء تلقائي طبيعي


1 مثلا"وهذا يتطلب بصفة أساسية تحرير اللغة المكتوبة من القواعد الموروثة وإتاحة الفرصة لها للتطور خارج قفص الوصاية الضيق لمجامع اللغة والمصححين اللغويين ومجمل هذا الجهاز الايدولوجي الذي يترتب على نشاطه إقامة حوائط هائلة الارتفاع تحول عمليا دون انتشار الثقافة وتحافظ على طابعها النخبوي, انطلاقا من الحق الديمقراطي البديهي لكل ناطق أصلي للغة في تغيير مفرداتها ونحت غيرها وتغيير معانيها...كما يحدث في كل لغة حية",شريف يونس,ص 304.

2 انظر : أبو حديد, الأفغاني ص.162 -163 ,بدوي ,صبري, العبدروسي, مواسي (2004) ص . 153-171
Al-Toma, Ferguson, Kay, Schulz, Suleiman, talmoudi
فهي لغة أمّ كل عربي، يرضعها مع حليب أمّه، إنها ملكة راسخة كما قال ابن خلدون3. أما اللغة العربية الأدبية الحديثة والمعروفة في الغرب باسم (Modern Standard Arabic, MSA)، فهي مكتسبة ضمن الأطر التعليمية الرسمية المعروفة أو غير الرسمية، ولها مجالها ووظيفتها في الإعلام المقروء والمسموع والمكتوب، وفي الأدب الرفيع والعلوم والمناسبات الرسمية الخ. ومن الجلي أن الفجوة ما بين اللغة الأدبية هذه، واللهجات تضيق باستمرار من جرّاء انخفاض نسبة الأمية في العالم العربي، جيلاً إثر جيل، وتأثير العولمة في إيقاظ العوربة.

أسمعت أيها القارئ العزيز نشرة أخبار من مذياع أو بث تلفزيوني أرضي أو فضائي بلهجة عربية معينة مثلا؟4. من البدهي للجميع سماع الأخبار بالعربية الأدبية الحديثة التي يفهمها، إلى حدٍّ بعيد، كل العرب، قرابة 300 مليون (رغم نسبة الأمية العالية التي ما برحت متفشية في العديد من البلدان العربية، لا سيما بين الإناث، عماد بناة المستقبل، الفهم شيء والقراءة والكتابة مهارتان أخريان) إذ أنها لغة موحِّدة وموحَّدة، رغم وجود بعض الاختلافات الطفيفة صوتياً (فونيطيقياً) ومعجمياً (دلاليا) بين هذا القطر وذاك، مثل الجيم المصرية، يقال في المشرق العربي: أعمال، بركة سباحة، عصر اليوم، لعبة كرة القدم، رئيس الوزراء، الزراعة في حين يستخدم المغرب العربي عادة: أشغال، مسبح، زوال اليوم، مقابلة كرة القدم، الوزير الأول، الفلاحة على التوالي: في النطق العربي الفصيح هناك صوت القاف اللهوي كان مجهورا (voiced) قديماً وغدا مهموساً (voiceless) حديثاً، أما في اللهجات فتقابله عدة أصوات مثل الهمزة، الغين، الجيم، الصوت المركَّب (diphtong) دز، الكاف5. في العربية الفصحى نقول مثلاً "الآن" في حين تستعمل العاميات العربية أكثر من عشر كلمات للتعبير عن نفس هذا المفهوم مثل: إسّا، هسّا، هسّعيّات هلأ، هلّق، هلكيت، هلئيت، هلحين، دي الوقتِ، توّا، دابا. العاميات مفرَّقة ومفرِّقة، إذ أنه في الكثير من الحالات لا يتسنّى لعربي في قُطر عربي معين فهم أخيه في قطر آخر بالكامل. مثلاً، المغربي والفلسطيني. اللغة الفصحى لغة مكتوبة في الأساس، وقد يُتكلم بها في بعض المناسبات، أما اللهجات فمحكية في الأساس، وقد تدون في بعض الأحوال لا سيما في مصر ولبنان.
أضف إلى ذلك أن لغة المراسلين الذين يبثون على الهواء مباشرةً يومياً، من عشرات المحطات المذياعية والتلفزيونية هي الأدبية المكتوبة. كما أن هذا النمط اللغوي أو ربما ما

3 عيد.
4 شميس
5 انظر مثلا : مجلة الفكر العربي, مجلة الإنماء العربي للعلوم الإنسانية,تموز- أيلول/يوليو – سبتمبر1990,ع.
61, س.11 حول اللغة العربية وإشكالات المعاصرة ص.99 موحِّدة وموحَّدة؛ أنيس (1952, 196)؛ بشر؛الحرفي ؛حجازي؛الدسوقي؛ رمضان؛ السامرائي (1960 ـ 1964)؛ طرزي (1962)؛ الطعان؛ فروخ (1961)؛ الكاتب.

يُدعى بـ"لغة بين بين، اللغة المشتركة، لغة المثقفين"6 يطغى، في الغالب الأعمّ، على العديد من البرامج الحوارية، مثل "الاتجاه المعاكس" و"الرأي والرأي الآخر" و"شاهد على العصر" و"للنساء فقط" و"الشريعة والحياة" و"مراسلون" – المذاعة من محطة الجزيرة الفضائية في الدوحة بقطر. في حين أن برامج تلفزيونية ناجحة أخرى مثل "بالعربي"في المحطة الفضائية "العربية" فيه خليط من عدة مستويات لغوية، الفصيح وبين بين والعامية اللبنانية. وبصدد لبنان لا بد من التنويه هنا بأن أبناء هذا البلد العربي وبناته يكثرون من استعمال عاميتهم في البرامج التلفزيونية المتنوعة بالمقارنة مع إخوانهم وأخواتهم في دول عربية أخرى. وهذا الموضوع بحاجة إلى استقراء وتحليل في مكان آخر. وللشاعر يوسف الخال (1916 - 1987) مؤسس مجلة "شعر" نظرات ثاقبة جديرة بالدراسة والتحليل حول "اللغة العربية الحديثة اللي بتنكتب، وفي الوقت نفسه اللي بتنحكي"7.
إن اللغة المحكية بطبيعتها عُرضةٌ للتغير السريع أما اللغة المكتوبة فتتسم بالثبات على حالها والتمسك بالتقاليد. وهذه اللغة العربية الفصيحة كانت في عصر الجاهلية كما هو معروف للبعض، غير مشكولة وغير منقوطة8، وعليه فإن قول السيد الجندي، كاتب المقالة، أن الأولين أمثال سيبويه (ت. 796م) وابن مالك (ت. نحو 1273 ) هم الذين وضعوا علاماتِ الإعراب ليس صحيحاً. ويشار إلى أن الشكل في المصادر العربية يُنسب إلى أبي الأسود الدؤلي (ت. 688م) والإعجام أي التنقيط إلى نصر بن عاصم ويحيى بن يعمر البصريين المتوفيين عام 708م9.
ويُروى كيف كان الأعراب يعتزون ويفتخرون بأنهم قادرون على تفكيك مغالق الأمور، قراءة نصوص مكتوبة خالية من النقط والشكل. وإذا أدخلت النقط اعتبرها ذلك البدوي القحّ، مالك ناصية العربية بالسليقة، إهانة له ما بعدها إهانة ومذلة. سبحان مغيّر الأحوال، فنحن في عصر العولمة هذه علينا أن نفهم أولاً لكي نحاول أن نقرأ بشكل سليم ثانيا، وقال من قال، قابله الله، إن العرب لا يقرأون، وإن قرأوا لا يفهمون، وإن فهموا فلا يفعلون ما يدركون. العرب أمّة تقرأ بالأذنين.
مهارة التكلم بلغة ما – شيء، والمهارة الأخرى في كتابتها شيء آخر. كل الجنس البشري يتكلم ويفهم ما يتفوه به، إلا أن عدداً ضئيلاً من اللغات البشرية الطبيعية مدون. يبدو أن الإنسان بدأ بالحديث والفهم منذ نصف مليون من السنين. في حين أن القراءة والكتابة تعود بدايتهما إلى خمسة آلاف إلى عشرة آلاف عام. وعليه فلا غرابة في أن لفظة "اللغة" أو اللسان" (وفي القرآن الكريم لا وجود للفظة "لغة" بل للفظة

6 أنيس (1960, 1970) ؛ الجنيدي؛ الخولي؛ عياد؛ فروخ؛ (1981)؛ فريحة (1959,محاضرات).
7 السالسي، ص. 165؛ طراد؛ فاضل.
8 الجبوري، ص.54.
9 حاطوم؛ عبد اللطيف؛ المنجد ص. 125 - 126.

"لسان" المتكررة تسع مرات)10 في لغات كثيرة كالعربية والعبرية والآرامية والفنلندية تعني عضو النطق. وقِس عليه في اللغتين الكلاسيتين الإغريقية واللاتينية "لوجس ولِنجوا".
ومن البدهي القول إن هناك مواضيعَ ومجالات ومناسبات معينة تلائمها اللهجة العامية، في حين وجوب استعمال العربية الفصحى في مجالات أخرى مثل الأدب الرفيع وخطبة الجمعة وكتابة الرسائل الرسمية وتدريس الأدب العربي وتأليف الكتب المدرسية الخ.
في الحقيقة لا يعرف القارئ يقيناً ما المقصود من قول السيد إبراهيم الجندي بأن العامية مستعملة حتى "في أقسام اللغة العربية نفسها بالجامعات"؟ أيقصد بهذا التعميم، الذي لا يغني ولا يسمن من جوع، أن المحاضر في الأدب العربي الحديث، على سبيل المثال، يستعمل العامية في محاضراته، أم أنه يتكلم مع زميله أو مع السكرتيرة في المكتب بالعامية كما هو متوقع وعادي؟ أستبعد هذا الادعاء أيما استبعاد!.
يُثير الكاتب أسئلة كثيرة ذات بال، ومن الطبيعي عدم تمكنه من الإجابة عليها في مقالته القصيرة هذه. ومن ناحية أخرى، يبدي بعض الآراء الشخصية حول إلغاء الإعراب او "مجري أواخر الكلم" عند إمام النحاة، عمرو بن عثمان بن قنبر الملقب بسيبويه"11، واللجوء إلى التسكين. وكما يقال في العربية في مثل هذه الحالات "سَكّن تسلم". ور أدري بالضبط منبت هذا القول المأثور الذي يتعكز عليه الكثيرون من أنصاف المثقفين في زمننا هذا12!.
1) يقرر الكاتب بأن اللغة العربية الفصحى صعبة قائلاً: "وحقيقة لا توجد لغة في العالم تضاهي اللغة العربية في التفاصيل اللانهائية من حيث الإعراب والتشكيل بعلامات مختلفة حددها علما النحو والصرف، وعلى سبيل المثال لا الحصر.. كان وأخواتها للرفع، وخالاتها للنصب، ولم وأعمالها للجزم، وإلى وجيرانها للجر...الخ. وإثر هذه العبارة اللطيفة والهزلية وغير الموفقة من حيث المضمون، إذ أنها لا تشير في الواقع إلى أية صعوبات ذات بال في النحو العربي في هذه الأبواب النحوية المذكورة. ويبدو جلياً أن سبب إيرادها هنا هو للتهكم والسخرية وروح الدعابة لا أكثر.وإخواننا المصريون لهم القدح المعلى في هذه الروح.
وكما لا يخفى على الكثيرين من الغيورين على اللغة العربية، كان من المستطاع "مط" السلسلة "الحمائلية" هذه لتشمل، على سبيل المثال، كم وإخوانها، الواو وأجدادها، ما

10 المائدة 78، إبراهيم 4، النحل 103، مريم 50، الشعراء 84، 195، القصص 34، الاحقاف 12، البلد:9.
11 سيبويه، ص.13 - 23.
12 محمد، ص. 149.
13 هكذا في الأصل، والصواب "علما"بالرفع لانه فاعل وعلامة الفاعلية في المثنى هي الألف، رحم الله امرأ أصلح من لسانه.
وجدّاتها، أنْ وحفيداتها، لا وعرّابوها اللام وأحفادها الخ. الخ. يضيف الكاتب أن صعوبة اللغة العربية الفصحى على بنيها تنفّرهم منها ويقبلون على دراسة لغات أخرى وينسحب ذلك أيضا على عدم إقبال الأجانب على تعلّم العربية. ويضيف السيد إبراهيم الجندي متسائلا "ما الذي سيحدث لو عكسنا الآية وجعلنا كان للنصب وإن للرفع؟ ؛ "فما الفرق بين أن نقول.. كان سمير في المدرسة.. وبين أن نقول.. إن سمير في المدرسة، بتسكين راء سمير في الحالتين دون رفع أو نصب أو إعراب، فالمهم معناها.."
لا بد من الردّ على كل هذا ولو بإيجاز شديد إذ أن المواضيع المطروحة واسعة ومتشعبة: إن الصعوبة أو السهولة اللغوية أو غيرهما أمر نسبي ومن العسير جداً الوصول إلى إجابة واحدة جامعة مانعة، كل شيء مجهول يكون في البداية صعباً على المتلقي، إذ من عرف ألف ومن جهل استوحش، أو الناس أعداء ما جهلوا، ولا بد من التفصيل والتحليل ونجنّب أسلوب التعميم. قد يكون هناك وجه صعوبة وعسر في لغة ما بالنسبة لهذا الأجنبي ومثال سهولة ويسر بالنسبة لأجنبي آخر، وذلك عائد في معظمه إلى خلفية كل منهما اللغوية واستعداد كل منهما ومقدرته على تعلم أشياء جديدة. وبهذا الصدد من الواجب ذكر ما لأسلوب التدريس وطبيعة مادة الكتب التعليمية من تأثير كبير في نجاح العملية التربوية التعليمية أو فشلها. من الواضح أن اللغة، أية لغة، هي في الأساس وسيلة اتصال بين الناطقين بها ومن ثم الكاتبين بها، ولكنّها تؤدي مهام أخرى جليلة للتعبير عن الفكر والوجدان والهوية بل وكيان كل شخص مثقف جدير بهذا النعت الرفيع. إنها الوسيلة الرئيسية للتعبير عن الذات والوعي القومي وهمزة الوصل بينها وبين الآخر والطبيعة والوجود14.
من أين للكاتب، السيد إبراهيم الجندي، أن العربية تضاهي لغات العالم المحكية، هذه اللغات التي يصل عددها إلى أكثر من ثلاثة آلاف لغة محكية ناهيك عن اللهجات، من حيث الإعراب (case ending, casus) والتشكيل؟ في اللغة العربية الفصحى، كما هو معروف، ثلاث حركات لا غير، قصيرة ومقابلاتها الثلاث الطويلة، وثلاث حالات إعرابية في الاسم والصفة هي: الرفع والنصب والجر (أو الخفض) وتعرف باللغة اللاتينية بـ nominativus, accusativus genitivus وتتقلص في بعض الحالات المعروفة بالممنوع من الصرف أو ما لا ينصرف (diptote) إلى حالتين إعرابيتين تكون العلامة الإعرابية فيهما واحدة في النصب والجر مثل جمع المذكر السالم فنقول:"رأى الطالب المعلمين في المدرسة، تحدّث الطالب مع المعلمين في المدرسة". وفي الفعل العربي المضارع ثلاث حالات (moods) هي الرفع والنصب والجزم (indicative, subjunctive, jussive) كما هو معروف لكل تلميذ في المدرسة الابتدائية.

14 اللغة العربية والوعي القومي: بحوث ومناقشات الندوة الفكرية التي نظمها مركز دراسات الوحدة العربية. بيروت
1984؛ السامرائي (1977).
هناك لغات عديدة تضم عدداً من الحالات الإعرابية يفوق بقليل أو بكثير ما في العربية مثل الألمانية واللاتينية والروسية ففي الأولى أربع حالات وفي الثانية ست حالات وفي الثالثة تسع حالات، أما في اللغات الهنغارية والفنلندية والبوروشاسكي (Burushaski) في شمال الباكستان وعدد الناطقين بها حوالي المائة ألف) فهناك أكثر من خمس عشرة حالة إعرابية. وبالرغم من هذا نخلص إلى القول أن مجرد عدد الحالات الإعرابية لا يدل تلقائياً وبحكم الضرورة على مدى الصعوبة أو السهولة في لغة ما.
أضف إلى ذلك أن الكاتب لا يفصح عن المقصود بقوله " التخلص من الزوائد والنفايات اللغوية" وكان من المحبذ على الأقل استخدام ألفاظ أكثر دقة وصحة مشفوعة ببعض الأمثلة، لا سيما في هذا العصر المتقدم والمتخصص جداً. يبدو أن الكاتب أراد أن يقول طرح بعض الأمور القواعدية التفصيلية النادرة وغير الهامة جانباً، مثل "نظرية العامل" التي نغّصت أفئدة النحويين وعقولهم ومن "حتى" التي حتحتت النفوس منها"15، وحركة عين المضارع من الثلاثي المجرد "فعل" التي قال عنها القدماء إنها "أعقد من ذنب الضبّ" لعدم قياسيتها في الكثير من الحالات، مراتب "خطايا الست"16 الخ. الخ.
وتندرج ضمن هذا الإطار تلك الحادثة الطريفة والمعبرة التي أوردها النحوي اللامع ابن جنّي (ت. 1002 م. ) في كتابه "المنهج" حول العلة في عدم إمكتنية تصغير الفعل. قيل أن نحوياً قدم يوماً إلى ابن جنّي وهو يطير فرحاً وغبطة، وبادره بالسؤال: أتدري لم لا يُصغّر الفعلُ". فأجابه: هكذا في العربية. فقال والزهو يملأ عارضيه": كلا، بل لأن الأعراض لا تحُلّ بالأعراض. فالفعل عَرَض طرأ على الصدر والتصغير عرض آخر فلا يقوم به، فأطرق ابن جنّي ملياً ثم أجابه باتّئاد: يا أخي، بهذا ومثله تفسد العربية". يخلص المرء إلى القول إن الهدف الرئيس من تعلم قواعد أية لغة بشرية، في الغالب الأعم، يجب أن يكون منصباً على كونه وسيلة لهدف القراءة والتكلم والكتابة، والمجتمع هو صاحب اللغة ومالكها وليس العكس صحيحاً17".
ومن يدرس نتاج أن جنّي، ولا سيما "الخصائص"، يطّلع على نظر ثاقب وفلسفة لغوية متكاملة. وفي هذه الإطلالة انتقيت هذه العينة الصغيرة من الاقتباسات المختصرة من هذا الكتاب لتشهد على ما أرمي إليه: "الإعراب هو الإبانة عن المعاني بالألفاظ؛ ولست تجد شيئاً مما علل به القوم وجوه الإعراب إلا والنفس تقبله؛ رتبة الأقوى أبداً أسبق وأعلى، والآخر أنهم يقدمون الأثقل ويؤخرون الأخف من قِبَل أن المتكلم في أو ل نطقه أقوى نفساً، وأظهر نشاطاً، فقدم أثقل الحرفين، وهو على أجمل الحالين، كما رفعوا المبتدأ لتقدمه، فأعربوه بأثقل الحركات وهي الضمة...؛ ضرب سعيد جعفراً. فإن (ضرب) لم تعمل في الحقيقة شيئاً؛

15 انظر المجلة العربية، س. 2، ع.1، الرياض 1977، ص.49 -52 ؛ ابن مضاء القرطبي؛ الانباري؛ درويش؛ مصطفى إبراهيم (1973, 1958)؛ عرفة؛ الراجحي (1979) ص.157- 162 (1980) ص.111-135, 218 ـ 248.
16 ابن جني (1952)، ج. 3، ص.5 - 6.
17 عبد العليم.
فالعمل من الرفع والنصب والجرّ والجزم إنما هو للمتكلم نفسه؛ فإن العرب – فيما أخذناه عنها، وعرفناه من تصرف مذاهبها – عنايتها بمعانيها أقوى من عنايتها بألفاظها... زينة الألفاظ وحليتها لم يُقصد بها إلا تحصين المعاني وحياطتها، فالمعنى إذاً هو المكرّم المخدوم، والفظ هو المبتذل الخادم؛ ألا ترى أنه لو عرف أن الفاعل عند أهل العربية ليس كل من كان فاعلاً في المعنى، وأن الفاعل عندهم إنما هو كل اسم ذكرته بعد الفعل، وأسنَدت ونسبت ذلك الفعل إلى ذلك الاسم، وأن الفعل والواجب وغير الواجب في ذلك سواء، لسقط صداع هذا المضعوف السؤال. فلا ترينّ أن العناية إذ ذاك إنما هي بالألفاظ، بل هي عندنا خدمة للمعاني؛ أيشٍ عثامين! أرأيت إنساناً يتكلم بما ليس من لغته؛ دلالة الحال عليه نابت مناب اللفظ به؛ باب في أن ما قيس على كلام العرب فهو من كلام العرب ... ألا ترى أنك لم تسمع أنت ولا غيرك اسم كل فاعل ولا مفعول، إنما سمعتَ البعض فقست عليه غيره؛ كما كثرت الألفاظ على المعنى الواحد كان ذلك أولى بأن تكون لغات لجماعات؛ لأنا لا نكاد نرى بدوياً فصيحاً؛ فإياك أن تخلد إلى كل ما تسمعه، بل تأمل حال مُورده، وكيف موقعه من الفصاحة، فاحكم عليه وله؛ فإن الأعرابي إذا قويت فصاحته، وسمعت طبيعته، تصرّف وارتجل ما لم يسبقه أحد قبله به؛ غير أن كلام أهل الحضر مضاهٍ لكلام فصحاء العرب في حروفهم، وتأليفهم، إلا أنهم أخلوا بأشياء من إعراب الكلام الفصيح؛ إن الاسم أسبق من الفعل إنه أقوى في النفس، وأسبق في الاعتقاد من الفعل، لا في الزمان؛ ومَعاذ الله أن ندّعي أن جميع اللغة تُستدرك بالأدلة قياساً؛ المعتاد المألوف في اللغة أنه إذا كان فَعَل غير متعد كان أفْعَل متعدياً؛ باب في التامّ يزاد علية فيعود ناقصاً؛ باب في شجاعة العربية... الحذف والزيادة والتقديم والتأخير والحمل على المعنى والتحريف؛ وتذكير المؤنث واسع جداً، لأنه رد فرع إلى أصل. لكن تأنيث المذكر أذهب في التناكر والإغراب؛ إعلم أن أكثر اللغة مع تأمله مجاز لا حقيقة؛ ألا ترى أن الإفراد أسبق رتبة من الإضافة، كما أن التنكير أسبق رتبة من التعريف؛ من حيث كانت الأسماء أشدّ تصرفاً في هذا ونحوه من الأفعال إذا كانت هي الأول والأفعال توابع وثوانٍ لها وللأصول من الاتساع والتصرف ما ليس للفروع؛ وأما المضارع فلأنه لما أهيب به ورفع به عن ضعة البناء إلى شرف الإعراب؛ فأقواهن الدلالة اللفظية ثم تليها الصناعية ثم تليها المعنوية؛ ولولا ما تعطيه العربية صاحبها من قوة النفس ودربة الفكر لكان هذا الموضع ونحوه مَجوزاً عليه غير مأبوه له؛ ألا تراك لو قلت: عجبت من ضربك الشديد عمراً لم يجز، لأنك وصفت المصدر وقد بقيت منه بقية، فكان ذلك فصلاً بين الموصوف وصلته بصفته، وصحتها أن تقول: عجبت من ضربك الشديدَ عمراً، لأنه مفعول الضرب، وتنصب عمراً بدلاُ من الشديد؛ باب في قوة اللفظ لقوة المعنى؛ وبعد فإذا كانت الألفاظ أدلة المعاني ثم زيد فيها شيء أوجبت القسمة له زيادة المعنى به؛ وإنما مكّنت القول في هذا الموضع ليقوى في نفسك قوة حس هؤلاء القوم (يقصد الأعراب) وأنهم قد يلاحظون بالمُنّة والطباع ما لا نلاحظه نحن عن طول المباحثة والسماع"18.
ونحن بدونا نقول رحم الله أستاذنا في اللغة العربية في المرحلة الثانوية في الجليل الغربي، مطانس مطانس (أبو جريس) الذي دأب على القول بمثل هذه الحالات والمناسبات: " هكذا قالت العرب"، أما أبو النحو الكوفي، أبو الحسن علي بن حمزة الكسائي (ت. 806م) فكان يقول "أي هكذا خُلقت"، والأصمعي (ت. 828 م.) "هكذا كلام العرب"19
أما ادّعاء الكاتب حول نفور الشباب العربي من تعلم لغته وإقباله لتعلم لغات أجنبية كالإنجليزية والفرنسية والألمانية من جهة، وعزوف الأجنبي على تعلم لغة العرب، فالأمر يعود في الأساس إلى أسباب وظروف غير لغوية مثل الوسائل التقليدية البالية في تدريس العربية، حيث التلقين والبصم دون الفهم سيدا الموقف، وقلِ الشيء نفسه بصدد جل الكتب والمناهج المدرسية20. أضف إلى ذلك أن الواقع العلمي الراهن يحتّم على طالب العلم الطموح السيطرة على إحدى اللغات العالمية أنفة الذكر على الأقل. غني عن القول أن من لا يحترم لغته، لغة الأم، ويحاول جهده التمكن منها على أفضل صورة ممكنة فسيعتري هويته القومية وكيانه النقصُ والوهن. في هذا الشأن ذهب عميد الأدب العربي الراحل طه حسين بعيداً حين قال "إن المثقفين العرب الذين لم يتقنوا معرفة لغتهم ليسوا ناقصي الثقافة فحسب، بل في رجولتهم نقص كبير ومهين أيضاً". أما الأجنبي فيقدم على تعلم العربية إذا دعت الحاجة إلى ذلك، كما تجلى الأمر في أعقاب العمليات التخريبية التي حلت بأمريكا في التاسع من أيلول عام 2001 وحتى يوم الناس هذا.
ماذا سيحدث لو عكس المرء القاعدة جاعلاً "كان" للنصب و"أن" للرفع، كما يتساءل الكاتب؟ نجيبه أولاً بتوجيه سؤال: ماذا سيستفيد السيد السائل وأمثاله من هذا التغيير الجذري، وهل سيكون أسهل، وما الحاجة إليه؟ هل نصب اسم كان وأخواتها مثلاً سيكون أسهل من رفعه؟ تصوروا لو أخذ بنو البشر بتغيير قواعد لغاتهم الأساسية على هواهم فأية أبراج بابلية ستقام وأي انقطاع عن الماضي والتراث سيطرأ؟ من لا يسير وفق هذه القواعد اللغوية الأساسية يقع في الخطأ، وفي بعض الأحيان قد يساء فهمه. ونفس الإجابة تنسحب عن السؤال "فما الفرق بين أن نقول .. كان سمير في المدرسة.. وبين أن نقول.. إن سمير في المدرسة، بتسكين راء سمير في الحالتين دون رفع أو نصب أو إعراب، فالمهم معناها.. ." مثل هذا الاستعمال بدون إعراب لا يرقى إلى مستوى اللغة العربية الأدبية وصحيح أنه في هاتين الحالتين لا مجال لسوء الفهم، ففي بعض الأحيان تكون الإشارة أبلغ من العبارة.
18 ابن جنّي (1952)، الخصائص ج1-3، 1137 ص.؛ ج.1، ص. 35، 51، 55, 109، 110، 150، 185، 217، 220، 242,، 185، 217، 220, 242, 185، 357، 374؛ ج. 2. ص. 5، 10، 25، 29، 30، 43، 214، 272، 360، 415، 447، ج.3 , ص.65، 82، 83، 98، 255، 258، 264، 268، 276؛ وعن ابن جنّي,انظر مثلا السامرائي، فاضل.

19 ابن جني (1952)، ج. 3، ص. 292؛ 294.

20 حمادي ؛ الرحيم؛ المخزومي.
للإنسان الحق في التعبير عما يجول في فكره ووجدانه بالطريقة التي يجدها ملائمة من حيث القدرة والمستوى اللغوي، والمجتمع المثقف يصفّي ويغربل المادة لفظاً ومضموناً. إن ماهية الكأس التي تشرب فيها الماء ذات أهمية كبيرة، ولا يكفي أن تشرب الماء كيفما اتفق. وهذه القضية تذكرني ببيت شعر لأسعد رستم يقول فيه:
في النحو أشياء تجوز وإنما أكل الهوا في النحو لا يجوز21
هناك قواعد خاصة باللغة العربية الأدبية ولا بد من مراعاتها عند استعمال هذا النمط اللغوي22. كما أن هناك قواعد خاصة باللهجات العامية ينبغي التقيد بها عند التكلم. لا بد من احترام الصوابية الصوتية والصرفية والنحوية والدلالية وكبح جماح التخلص من التقليد اللغوي العريق، وإلا أصبحت اللغة مشاعاً وفوضى دون ضوابط وفي "حيص بيص". وهناك شعوب كثيرة تولي لغاتها أهمية واحتراماُ بالغين كالفرنسيين الذين لا يزالون يرددون عبارة تنمّ عن التقزز إزاء خطأ إملائي تقع فيه خادمة وضيعة ( Avoir une orthographe d’une cuisinière). وقد صدر في فرنسا في أعقاب ثورة 1830 قانون يحتم على الفرنسي معرفة الإملاء السليم بغية الحصول على وظيفة عامة في البلاد23. وهناك العديد من الدول الراقية في العالم الغربي التي تشترط على الأجنبي إثبات القدرة اللغوية للغاتها عند التقدم بطلب الحصول على التجنيس الجديد. وفي مثل هذه الدول أيضا يتوجب على عامل النظافة، على سبيل المثال، أن يتحلى بقدر كاف من المعرفة اللغوية، لا سيما مهارة التكلم ليندرج في قائمة من يستحق الانخراط في العمل. وإزاء هذا الوضع يجد المرء أن الأستاذ الجامعي للغة أجنبية معينة مثل العربية والعبرية والروسية الخ. غير مرغم على امتلاك ناصية لغة اختصاصه كتابة وحديثا ويكتفون، في الغالب الأعم، بمعرفة القراءة "العينية" لا الصوتية والقيام بعملية روتينية تسمى الترجمة. وكل من اكتسب مهارة في هذا المجال يعرف يقينا مدى سهولة نقل محتوى لغة الأصل (origin language) إلى لغة الهدف (target language) وهي دائماً تقريباً لغة أم الناقل. إذاً لا حاجة ماسة لهذا الناقل لمعرفة أسرار اللغة المنقول منها والتمكن منها عملياً، بل إن الجانب النظري كاف لهذا الغرض.
ولا بد من ذكر بعض الأمثلة التي توضح أن الإعراب مفتاح المعاني ولا بد من الاهتمام بالمبنى من أجب المعنى. "لا رجل في البيت" تنفي وجود جنس الرجال قاطبة في البيت، في حين " لا رجلٌ في البيت" تنفي وجود رجل واحد في البيت. حركة كلمة "الجديد" الإعرابية في الجملة "أين وضعت مفتاح البيت الجديد" ذات شأن كبير، فإذا كانت بالكسرة فالحديث عن بيت جديد وإذا كانت الحركة فتحة فالسؤال عن مفتاح جديد وشتان ما بينهما. وهناك عشرات الأمثلة من هذا القبيل تعج بها بطون الكتب اللغوية المختلفة وصدورُها.
21 مروة، ص. 15.
22 نحو لغة عربية سليمة، مجموعة مقالات كتبت بمناسبة صدور قانون الحفاظ على سلامة اللغة العربية. بغداد 1978
23 الزين، ص. 72.

وتروي لنا الأخبار أن سبب وضع النحو كان لحناً في قراءة الآية القرآنية "...أن الله بريء من المشركين ورسوله (التوبة 3) بكسر اللام في "رسوله". والصحيح الضمة إذ أن الله بريء من المشركين، فأخذ أبو الأسود الدؤلي على عاتقه وضع القواعد24. ويرى النحاة العرب كافة إلا أبا على بن محمد بن المستنير المعروف بقطرب (ت. 821م.، يرى أن الحركات لمنع التقاء الساكنين ولسرعة الكلام، تبعه في ذلك في عصرنا الحديث من العرب إبراهيم أنيس25) إن حركات الإعراب دالة على المعاني المختلفة26. وهناك روايات كثيرة متعلقة بالدؤلي وابنته: "يا أبت ما أحسنُ السماءِ"؟ فقال نجومُها، قالت: إني لم أرد أي شيء منها أحسن، وإنما تعجبت من حسنها. قال: إذن فقولي: "ما أحسنَ السماءَ"27.
وقد رويت هذه الحادثة الطريفة: "قال الكسائي اجتمعت أنا وأبو يوسف القاضي عند هارون الرشيد، فجعل أبو يوسف يذم النحو ويقول: وما النحو؟ فقلت وأردت أن أعرّفه فضل النحو: ما تقول في رجل قال لرجل: قاتلُ غلامِك بالإضافة. وقال له آخر: أنا قاتلٌ غلامَك بالنصب. أيهما كنت تأخذ به؟ قال: آخذهما جميعاً. فقال له هارون أخطأت، وكان له علم بالعربية. فاستحيا وقال: كيف ذلك؟ قال: الذي يؤخذ بقتل الغلام هو الذي قال أنا قاتلُ غلامِك بالإضافة، لأنه فعل ماضٍ. وأما الذي قال : أنا قاتلُ غلامَك بالنصب فلا يؤخذ به، لأنه مستقبل لم يكن بعد. فكان أبو يوسف بعد ذلك يمدح العربية والنحو"28. وكما قال ابن جنّي "ولو كان الكلام شرجاً واحداً لاستبهم أحدهما من صاحبه"29. وفي حالة تعذر ظهور حركات الإعراب وغموض في المعنى كما في المثال "علّم موسى يحيى" فلا بد من تقديم الفاعل وتأخير المفعول. أما إذا كان المعنى جلياً مثل "أكل موسى كوسا" فلا حاجة لتقديم أو تأخير"30.
2)هل اللغة سبب من أسباب تخلف العرب؟ كلا، اللغة هي انعكاس للوضع الحضاري والثقافي العام للشعب الذي يستعمل هذه اللغة. إن العلاقة بين التقدم واللغة طردية. فكلما ترسخ التقدم العلمي والثقافي والفكري لدى شعب معين كلما انعكس ذلك إيجابياً في وعاء تفكيره ووجدانه، في اللغة. وما العصر الذهبي في الأندلس مثلاً إلا خير دليل على ما نرمي إليه. اخترع العرب علم الجبر وكان لديهم "أمير البحر" واستعملوا "الكحل والقهوة والجبر والصفر والتعريف والصفة " الخ. الخ. فدخلت هذه الألفاظ وغيرها كثيرة في اللغات الأجنبية محرفة بعض الشيء عن مصدرها العربي، ففي اللغة الإسبانية، على سبيل المثال، آلاف الكلمات المتحدرة من أصول عربية وخاصة تلك التي تبدأ بأل التعريف
24 ابن النديم، ص. 66 ؛ أبو الطيب اللغوي، ص. 8؛ الانباري أبو بكر، ص. 3؛ السيرافي، ص. 12؛ القفطي، ج.1 ص. 5؛ المرزباني، ص. 4.
25 أنيس (1966) ص. 183-258.
26 ابن جني (1954)، ابن فارس,، ص.190؛ ابن هشام؛ البنا؛ الزجاجي، ص. 26, 69-70؛ السيوطي، ج.1 ، ص. 78؛ الكافيجي.
27 ابن الانباري أبو بكر، ص. 5؛ الزبيدي، ص. 14؛ السيرافي، ص. 13.
28 عضيمة، ص. 54.
29 ابن جنّي (1952) ج. 1ص. .35.
30 المصدر نفسه.
العربية مثل "الهمبرا، الكلدي " الخ. ولو كان بوسع العرب مثلا اختراع طائرة مقاتلة أو هاتف نقال لأطلقوا عليهما ما شاءوا من لفظتين تليقان بهما ولما احتاجوا إلى الترجمة والتعريب "لستار فايتر أي "النجم المقاتل" والعديد من البدائل العربية للموبايل مثل: الجوال والمحمول والخلوي والخليوي والبيليفون واليدوي والنقال.
وقد عبّر الشاعر الفيلسوف، جبران خليل جبران، (1883-1931),قبل سبعين سنة ونيّف عن وجهة نظره حول اللغة العربية والحضارة وارتأينا انه من المفيد الاستشهاد بأقواله.في رده على سؤال حول مستقبل اللغة العربية أجاب جبران "إنما اللغة مظهر من مظاهر الابتكار في مجموع الأمة، أو ذاتها العامة، فإذا هجعت قوة الابتكار توقفت اللغة عن مسيرتها، وفي الوقوف التقهقر وفي التقهقر الموت والاندثار"31. وفي مكان آخر يرى جبران، وهو على صواب في هذا، أن الابتكار والتجديد المستمرين يثريان اللغة ويقول إن الشاعر أبو اللغة وأمها ويقصد بذلك: "اعني بالشاعر ذلك الزارع الذي يفلح حقله بمحراث يختلف ولو قليلا عن المحراث الذي ورثه عن أبيه فيجيء بعده من يدعو المحراث الجديد باسم جديد؛ وذلك البستاني الذي يستنبت بين الزهرة الصفراء والزهرة الحمراء زهرة ثالثة برتقالية اللون فيأتي بعده من يدعو الزهرة الجديدة باسم جديد؛ وذلك الحائك الذي ينسج على نوله نسيجا ذا رسوم وخطوط تختلف عن الأقمشة التي يصنعها جيرانه الحائكون فيقوم بعده من يدعو نسيجه هذا باسم جديد"32. ويخلص جبران إلى القول "وإذا كان النهوض بالروح والجوهر، فالشرق العربي ما برح بروحه وجوهره حيث كان منذ ألف سنة". ولا بدّ في هذا السياق من الإشارة إلى أن جذور الدعوة إلى استعمال العامية بدلا من الفصحى تعود إلى أواخر القرن التاسع عشر. نادي بها مستشرقون ألمان وبريطانيون مثل ولهلم سبيتا(1818-1883) وكارل فولرس (1857- 1909) ووليم ولكوكس(1852- 1932) وآخرون كالمستشار الإنجليزي دنلوب والقاضي ولمور ومن العرب تجدر الإشارة إلى آراء أمثال يعقوب صروف وسلامة موسى ولويس عوض وأنطوان مطر وقاسم أمين ويوسف السباعي ومارون غصن وأنيس فريخة وسعيد عقل33.
3) ويسأل الكاتب هل يمكن تعديل اللغة ولِم الانتظار وهل فهم العرب للغتهم يقودهم إلى التطور وهل من الممكن الاستغناء عن الفصحى واستعمال العامية في العلوم؟ نقول إن اللغة، أية لغة، هي كائن حي يتغير ويتطور مع الزمن والمستجدات، تستحدث الفاظ وعبارات وتندثر أخرى ولا سلطة حتى للمجامع اللغوية العربية في القاهرة ودمشق وبغداد في فرض ما تقترحه من تعديلات وتوصيات وقرارات. إن الأمر منوط بالاستعمال لدى النخبة من الشعراء والكتاب المبدعين حاملي شعلة التقدم ونبراس التجديد. ومن المعروف أن مساعي حثيثة كثيرة في مجال تيسير قواعد اللغة العربية قد جرت وتجري في شتّى البلدان العربية لجعلها وظيفية للإنسان العادي وعلى المختص
31 فتاوى كبار الكتّاب...، ص. 32.
32 المصدر نفسه، ص. 41.
33 سعيد؛ شاكر؛ شاهين؛ ص. 260-285؛ عطار؛ محمد؛ ص. 145-170.
واللغوي الولوج في خضمّ هذا العلم لمعرفة ما تيسر من كل شاردة وواردة لغاية علمية بحثية في مضمار المقارنات اللغوية عامة والساميات على وجه الخصوص34.
هناك بطبيعة الحال صلة وثيقة بين اللغة والفكر إذ انه من شبه المستحيل التعبير عن الفكر والوجدان بشكل قريب من الكمال والشمولية والعمق بدون هذه الأصوات اللغوية المحدودة عدديا والتي تؤلف اللغة. كيف يتسنى للمرء توسيع آفاقه ومداركه وقدراته على الفهم والتحليل والمناقشة دون استخدام واسع وصحيح وعميق للغة التي يتعاطى معها؟ الاستغناء عن شيء لصالح شيء آخر ممكن إذا أراد ذلك هذا الطرف أو هذان الطرفان الخ. إلا أن السؤال الوجيه الذي يطرح نفسه في الواقع هو، هل من المفيد والانجع استخدام اللغة العامية العربية (لهجة عربية مشذبة معينة في قطر عربي، وكل قطر عربي سيسعى لإحلال لهجته هو ومن المستحيل القبول بواحدة!) بدلا من العربية الفصحى في مادة العلوم؟ أميل إلى الاعتقاد أن استعمال مدرّس المواد العلمية كالرياضيات والفيزياء والكيمياء والبيولوجيا والطب ما يسمى بلغة "بين بين" تكون مناسبة وناجحة أكثر بكثير من استعمال العربية الفصحى بالطبع. ومن المعروف أن كل الجامعات العربية تقريبا تدرّس هذه المواضيع باللغات الأجنبية، لا سيما الانجليزية والفرنسية. بادئ ذي بدء مثل هؤلاء الأساتذة لا يجيدون عادة هذا النمط الفصيح من العربية ولغة هذه العلوم بالعربية مترجمة في معظمها ومعتمدة على الصمادر باللغات الأجنبية العالمية. وعليه لا بدّ من استخدام ما يمكن تسميته بـ"الفصحى المخففة" أو لغة الجرائد أو العامية المنقحة35. وللتمثيل نقول إن لغة وأسلوبا كما في الفقرتين التاليتين لا يصلحان البتة في مجال تدريس العلوم وقد يعتبرهما البعض غير محبذتين حتى في مجال الأدب الحديث في عصرنا هذا. "فإذا كان علم التاريخ ضرورة من ضرورات البقاء، فضلا عن الارتقاء؛ وشرطا من شروط اللحاق، فضلا عن السباق؛ فأية امة أجدر بمدارسته من هذه الأمة العربية ذات التاريخ الأمجد، والسنام الاقعس، والعرق الأنجب، واللسان الأذرب، والجهاد الذي شرّق وغرّب. أيام ملأت من الدهر مسمعيه، وضربت كل جبار في اخدعيه، وفرضت الذلة على جماجم الاكاسرة، ،وأطارت النّعرة من معاطس القياصرة.
قوم ابتسلوا للموت نفوسهم، فرفعوا في الحياة رؤوسهم؛ يركبون من البر والبحر كل غارب، ويلتمسون بالجيش دار المحارب؛ أحمت أنوفهم حياة القفر، وأعزت نفوسهم الرمال العفر، فكانت بلادهم عذارى تخلف ظن كل فاتح، وعقائل لا ينتهي إليها الطيف فضلا عن الطائف"36.
وأخيرا قد أصاب السيد إبراهيم الجندي، الصحفي المصري المقيم في واشنطن، في قوله إن اللغة وسيلة وليست غاية في حد ذاتها, وكي تصل الرسالة على أحسن وجه ممكن

34 الابراشي؛ الجواري؛ طرزي؛ (1973)؛ فايد؛ فريحة (1959,1955 تبسيط)؛ مواسي (2003) ص. 92-97؛ مواسي (2004) ص. 41-53، 94- 108.
35 حسن, ص. 5، 7، 9 , 71-72 ، 76 – 88.
36 أرسلان، ص. 7.

لا بدّ من أحسن الكلام وهو كما نعته النقاد والبلاغيون بـ" ما حسن لفظه ومعناه"37.
يتكلم العربي ويفكّر بلهجة عامية لا يكتبها ويكتب بلغة لا يتكلمها، انه يفهم الفصحى بشكل مرض إلا انه يستصعب قرائتها والتعبير بها بشكل سليم وجميل.
بداية الثورة والتجديد من اللغة وكلما تقدم الشعب واسهم في بناء الحضارة الإنسانية كلما تطورت الألفاظ والتعابير واتسعت لتعبّر عن المفاهيم والمعاني السامية والدقيقة في شتّى ميادين العلم والمعرفة.



























37 أبو زيد، ص. 76.


المراجع

الابراشي، محمد عطية، لغة العرب وكيف ننهض بها. القاهرة 1947.
ابن الانباري، أبو بكر، نزهة الألباء في طبقات الأدباء، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم. القاهرة 1967.
ابن جني، أبو الفتح عثمان، الخصائص، تحقيق محمد علي النجّار، ج. 1-3، بيروت ط. 2، 1952
ـــــــ، سرّصناعة الإعراب، تحقيق مصطفى السقا وآخرين. القاهرة 1954.
ابن فارس، الصاحبي في فقه اللغة، تحقيق مصطفى الشويمي. بيروت1947.
ابن النديم ، الفهرست.القاهرة 1348هـ.
ابن هشام، جمال الدين، الإعراب عن قواعد الإعراب تحقيق رشيد عبد الرحمن العبيدي. دار الفكر 1970.
أبو حديد، محمد فريد، موقف اللغة العربية العامية من اللغة العربية الفصحى.القاهرة 1947.
أبو زيد، نصر حامد، إشكاليات القراءة وآليات التأويل. الدار البيضاء، ط. 4, 1996
أبو الطيب اللغوي, مراتب النحويين, تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم. القاهرة 1958.
ارسلان، الأمير شكيب، الحلل السندسية في الأخبار والآثار الأندلسية وهي معلمة
أندلسية تحيط بكل ما جاء عن ذلك الفردوس المفقود.ج. 1، بيروت ط. أولى 1997.
الأفغاني، سعيد ، حاضر اللغة العربية في الشام. القاهرة 1962.
الأنباري، كمال الدين أبو البركات، كتاب الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين ومعه كتاب الانتصاف من الإنصاف تأليف محمد محيي الدين عبد الحميد. ج. 1-2، صيدا- بيروت 1978.
أنيس، إبراهيم,في اللهجات العربية. القاهرة 1952.
ـــــــ، محاضرات عن مستقبل اللغة العربية المشتركة. القاهرة 1960.
ـــــــ، من أسرار اللغة. القاهرة 1966,
ـــــــ، اللغة بين القومية والعالمية. القاهرة 1970.
بدوي، محمد السعيد، مستويات العربية المعاصرة في مصر. القاهرة 1973.
بشر، كمال، الأصوات، القسم الثاني من علم اللغة العام. القاهرة 1970.
البنا, محمد إبراهيم، الإعراب سمة العربية الفصحى. نشر دار الإصلاح بالقاهرة.
الجبوري، سهيلة ياسين، الخط العربي وتطوره في العصور العباسية في العراق. بغداد 1962.
الجنيدي, خليفة، نحو عربية أفضل. بيروت د.ت.
الجواري، احمد عبد الستار، نحو التيسير. طبعة جمعية نشر العلوم والثقافة. بغداد 1962.
حاطوم، احمد، كتاب الإعراب، محاولة جديدة لاكتناه الظاهرة. بيروت 1992.
حجازي، محمود فهمي، اللغة العربية في العصر الحديث، قضايا ومشكلات. 1998.
الحرفي، صالح، اللغة العربية وهويتها القومية، من قضايا اللغة العربية المعاصرة. تونس 1998.
حسن، محمد كامل، اللغة العربية المعاصرة. القاهرة 1976.
حمادي، محمد ضاري، حركة التصحيح اللغوي في العصر الحديث. بغداد 1981.
الخولي، أمين، محاضرات عن مشكلات حياتنا اللغوية. القاهرة 1958.
درويش، احمد، إنقاذ اللغة العربية من أيدي النحاة. دمشق، بيروت 1999.
الدسوقي، عمر، لغتنا القومية. القاهرة د.ت.
الراجحي، عبده، فقه اللغة في الكتب العربية. بيروت 1979.
ــــــــ، دروس في المذاهب النحوية، بيروت 1980.
الرحيم، احمد حسن، أصول تدريس اللغة العربية. النجف الاشرف 1971.
رمضان، محيي الدين، في صوتيات العربية. عمان 1979.
الزبيدي، طبقات النحويين واللغويين. القاهرة 1954.
الزجاجي، الإيضاح في علل النحو، تحقيق مازن المبارك. القاهرة 1959.
الزين، عبد الفتاح، قضايا لغوية في ضوء الألسنية. بيروت1987.
السامرائي، إبراهيم، في تاريخ المشكلة اللغوية 1-2. بغداد1960- 1964.
ـــــــ، اللغة والحضارة. بيروت 1977.
السامرائي، فاضل، ابن جني النحوي. بغداد 1969.
السالسي، جاك اماتاييس، يوسف الخال ومجلته "شعر". المعهد الألماني للأبحاث الشرقية في بيروت، نصوص ودراسات 94. ط.1 بيروت 2004.
سعيد، نفوسة زكريا، تاريخ الدعوة إلى اللغة العامية وآثارها في مصر .القاهرة ط .1، 1964.
سيبوية ، الكتاب، تحقيق وشرح عبد السلام محمد هارون. القاهرة، دار القلم ج.ا، 1996.
السيرافي، أخبار النحويين البصريين، تحقيق محمد عبد المنعم خفاجي وطه الزيني. القاهرة 1955.
السيوطي، جلال الدين، الأشباه والنظائر في النحو. حيد اباد الدكن 1359 هـ
شميس، عبد المنعم، لغة الإذاعة.المكتبة الثقافية، القاهرة 1985.
شاكر، محمود محمد، أباطيل وأسمار.القاهرة 1965.
شاهين، عبد الصبور، في علم اللغة العام. بيروت، ط. 5، 1988.
صبري، عثمان، فلنستعمل اللغة العربية الحديثة، 1995.
طراد، جورج، على أسوار بابل، صراع الفصحى والعامية في الشعر العربي المعاصر، تجربة يوسف الخال. بيروت، رياض الريس للكتب والنشر 2001.
طرزي، فؤاد، الأصوات ومخارج الحروف العربية. بيروت 1962.
ـــــــ، في سبيل تيسير العربية وتحديثها، أمان لو تتحقق. بيروت 1973.
الطعان، هاشم، الأدب الجاهلي بين لهجات القبائل واللغة الموحدة. بغداد 1978.
العيدروسي، السيد عبد الرحمن السيد محمد، العرب والعربية. القاهرة 1964.
عبد العليم، إبرهيم، النحو الوظيفي. القاهرة 1970.
عبد اللطيف، محمد حماسة، العلامة الاعربية في الجملة بين القديم والحديث. القاهرة، 1983.
عرفة، محمد، النحو والنحاة بين الأزهر والجامعة. مطبعة السعادة بمصر 1937.
عضيمة، محمد عبد الخالق، " من خصائص لغة العرب أثر الإعراب في تمييز المعاني"،
المجلة العربية،ع.1، س.2، الرياض 1977.
عطار، احمد عبد الغفور، الزحف على لغة القران، بيروت 1965.
عياد، شكري، اللغة والإبداع. القاهرة 1988.
عيد، محمد، الملكة اللسانية في نظر ابن خلدون. القاهرة 1979.
فاضل، جهاد، الأدب الحديث في لبنان، نظرة مغايرة. لندن 1996.
فايد، وفاء محمد كامل، جهود مجامع اللغة العربية في القضايا اللغوية في العصر الحديث. رسالة دكتوراة، القاهرة 1980.
فتاوى كبار الكتاب والأدباء في مستقبل اللغة العربية ونهضة الشرق العربي، عنيت بنشره إدارة الهلال بمصر 1923.
فروخ، عمر، القومية الفصحى. بيروت 1961.
ـــــــ، عبقرية اللغة العربية. بيروت 1981.
فريحة، أنيس، نحو عربية ميسّرة. بيروت 1955
ـــــــ، محاضرات عن مستقبل اللغة العربية المشتركة. القاهرة 1959.
ـــــــ، تبسيط قواعد اللغة العربية على أسس جديدة. بيروت 1959.
القفطي، إنباه الرواة على أنباه النحاة، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم. القاهرة 1950- 1955.
الكاتب، حسين يس ومحمد حسن الاعظمي، امة واحدة ولغة واحدة. القاهرة 1956.
الكافيجي، محيي الدين، شرح الاعراب عن قواعد الاعراب، تحقيق ودراسة فتح الله صالح المصري (رسالة دكتوراة). القاهرة 1977.
محمد، عبد العزيز عبد الله، سلامة اللغة العربية، المراح التي مرت بها. الموصل ط.1، 1985.
المخزومي، مهدي، في النحو العربي قواعد وتطبيق على المنهج العلمي الحديث. القاهرة 1966.
المرزباني، نور القبس المختصر من المقتبس، اختصار الحافظ اليغموري، تحقيق رودلف زلهايم. فيسبادن 1964.
مروة علي، موسوعة الأدب الضاحك، طرائف المهجرين، 3. لندن 1987.
مصطفى إبراهيم، احياء النحو. القاهرة 1973.
ـــــــ، تحرير النحو العربي. دار المعارف، القاهرة 1958.
المنجد، صلاح الدين، دراسات في تاريخ الخط العربي منذ بدايته إلى نهاية العصر الأموي. دار الكتاب الجديد، بيروت 1972.
مواسي، فاروق (إعداد وتقديم)، أبحاث ودراسات في اللغة العربية . الكتاب الأول. باقة الغربية 2003.
ـــــــ، (إعداد وتقديم)، أبحاث ودراسات في اللغة العربية ، الكتاب الثاني. باقة الغربية 2004.
نخلة، أمين، الحركة اللغوية في لبنان في الصدر الأول من القرن العشرين. ط. 2، بيروت 1958.
يونس، شريف، سؤال الهوية. الهوية وسلطة المثقف في عصر ما بعد الحداثة. القاهرة، ط. 1،1991 .



Al-Toma, Salih, The Problem of Diglossia in Arabic. A Comparative Study of Classical Arabic and Iraqi Arabic (Middle Eastern Monograph Series 21) Cambridge, Mass: Harvard U. P. 1969.
Ferguson, Charles A., "Diglossia" Word 15 (1959) 325-340; and in: Language and Social Context ed. by Pier Paolo Giglioli (Penguin Modern Sociology Readings) 5th ed. London 1979, pp. 232-251.
Kay, Alan S., "Remarks on Diglossia in Arabic: Well-Defined vs. Ill-Defined". Linguistics 81 (1972) 32-48.
Schulz, David Eugene, Diglossia and Variation in Formal Spoken Arabic in Egypt. Unpublished Dissertation. The University of Wisconsin-Madison 1981.
Suleiman, Saleh M., Jordanian Arabic between Diglossia and Bilingualism: Linguistic Analysis. Pragmatics and Beyond VI: 8, John Benjamins Publishing Company. Amsterdam / Philadelphia 1985.
Talmoudi, Fathi, The Diglossic Situation in North Africa. A Study of Classical Arabic / Dialectal Arabic Diglossia with Sample Text in ‘Mixed Arabic’. Or. Goth. 8. G?teborg 1984.




#حسيب_شحادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شذرات من مخطوط لجمعية مسيحية في كفرياسيف
- إلياس لونروت أبو الملحمة الفنلندية، الكاليفالا
- مدخل إلى ظاهرة انقراض اللغات
- ميخائيل أچريكولا، أبو اللغة الفنلنديةالأدبية
- ميكا والتري، الصوت الإنساني
- أبراهام بورغ و-الانتصار على هتلر-
- عالَم النبات في الأدب العربي
- نظرة على واحة السلام
- دولة واحدة وشعبان
- القاموس
- قاموس فنلندي عربي
- في حقيبتك قنبلة
- يوم الأرض ومخطط الجهض
- دور اللغة في الثقافة
- آراء وأفكار في الثقافة والفكر
- فذلكة حول علم الأسماء العبرية في الديار المقدسة
- % 68 من اليهود يرفضون العيش مع العرب في نفس العمارة
- المعهد الفنلندي في الشرق الأوسط
- لمحة عن: نشرة الهجرة القسرية، اللاجىء والنازح الفلسطيني
- المكتبة الوطنية في روسيا


المزيد.....




- السعودي المسجون بأمريكا حميدان التركي أمام المحكمة مجددا.. و ...
- وزير الخارجية الأمريكي يأمل في إحراز تقدم مع الصين وبكين تكش ...
- مباشر: ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب ع ...
- أمريكا تعلن البدء في بناء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل غزة لإيص ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة (فيدي ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /26.04.2024/ ...
- البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمق ...
- لماذا غيّر رئيس مجلس النواب الأمريكي موقفه بخصوص أوكرانيا؟
- شاهد.. الشرطة الأوروبية تداهم أكبر ورشة لتصنيع العملات المزي ...
- -البول يساوي وزنه ذهبا-.. فكرة غريبة لزراعة الخضروات!


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حسيب شحادة - اللغة العربية واللهجة العامية