أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حسيب شحادة - نظرة على واحة السلام















المزيد.....

نظرة على واحة السلام


حسيب شحادة

الحوار المتمدن-العدد: 1940 - 2007 / 6 / 8 - 10:45
المحور: المجتمع المدني
    



عند ذكر عبارة ”واحة السلام” قد يتبادر إلى ذهن العربي فوراً اسم دولة إسرائيل، التي طالما يُنسب إليها في أجهزة الإعلام الغربية والإسرائيلية على حدّ سواء النعت ”واحة الديموقراطية” في الشرق الأوسط. ولفظة ”الواح” كلمة دخيلة في اللغة العربية إذ أن أصلها يعود إلى اللغة المصرية الهيروغليفية، وتعني ”الأرض الخصبة في الصحراء الرملية”. مفهوم النسبية يلعب دوراً أساسيا في عالمنا بشتّى أنماطه الحياتية، وفي هذا الإطار لا يُخطىء المرء العاقل والمنصف إذا ما قال إن إسرائيل بالنسبة لمواطنيها اليهود، حوالي 80% من السكّان، تُعتبر واحة للديموقراطية والحرية لا سيما إذا ما قورنت بالأنظمة شبه الديكتاتورية السائدة في الأقطار العربية منذ عشرات السنين وإلى يوم الناس هذا.
المقصود بالاسم الجميل ”واحة السلام” هو قرية صغيرة تقع في منتصف الطريق ما بين القدس وتل أبيب يافا، ويسكنها مناصفة عرب فلسطينيون يحملون الجنسية الإسرائيلية ويهود. أقيمت هذه القرية الفريدة في نوعها في أوائل السبعينيات من القرن العشرين على أراض كانت تابعة لدير اللطرون المعروف. وبعد تأسيس هذه القرية بثلاثة عقود بلغ عدد العائلات خمسين عائلة وستضمّ القرية حوالي 150 بيتا
ويجسّد أعضاء ”واحة السلام” إمكانية التعايش بين اليهود والعرب الفلسطينيين عبر خلق مجتمع مبني على قَبول الآخر والاحترام المتبادل والتعاون. تُدار هذه القرية بشكل ديموقراطي من قِبل مواطنيها الذين لا ينتمون إلى حزب سياسي أو أية حركة سياسية. أقيمت في البداية حضانة للأطفال مشتركة فروضة أطفال فمدرسة ابتدائية ذات ستّة صفوف. وقد كان عدد التلاميذ في المدرسة عام 2003 حوالي 300 طالب، 90% منهم يأتون من مجمّعات سكانية يهودية وعربية مجاورة. والجدير بالذكر أن النظام التعليمي المكثّف هذا في ”واحة السلام” يعتبر الأول من نوعه، يهودي عربي، في البلاد والمعلمون اليهود والعرب، يتكلم كل فريق منهم بلغته هو مع الأولاد، وهكذا يبدأ الأطفال منذ عمر مبكّر في تطوير وعي للعادات والثقافة والهوية، إذ أن الجو السائد هو التسامح والانفتاح الذي يساعد الأطفال على فهم الآخر وقَبوله والتعامل معه باحترام وتقدير.
ويقوم هذا النظام التربوي على الأسس التالية
ا( إشتراك متساوٍ بين اليهود والعرب في الإدارة والتدريس
ب( القيام بخلق إطار طبيعي ومستمر بغية اللقاء اليومي ما بين أطفال الشعبين
جـ( استخدام اللغتين العبرية والعربية في تعليم جميع الأطفال
د( تنمية هوية كل طفل بواسطة التعرف على ثقافته وتقاليده وفي الوقت نفسه غرس محبة الاطلاع الإيجابي على ثقافة الآخر وعاداته وتقاليده.
في العام 2000 قام جهاز التربية والتعليم في البلاد بدمج المدرسة الابتدائية بنظام التدريس الوطني. وهذا الإجراء من شأنه الإسهام في الوصول إلى الهدف من أجل الحصول على شرعية هذا النمط التربوي واعتبار المدرسة مثلا يُحتذى به، لا سيما في المدن والمناطق المختلطة، أي حيث يعيش اليهود والعرب. ويقول الأعضاء: إننا نعتقد أن إيجاد بيئة تربوية للأطفال تتيح لهم التفاهم بين كلا الشعبين تعتبر خطوة ضرورية على طريق السلام الحقيقي.
لقد تمّ تأسيس مدرسة السلام العام 1979 من أجل تحقيق عمل تربوي مميز من خلال مراعاة الأسس التي قامت عليها هذه القرية وهي الانخراط في عمل مشترك بين العرب واليهود. وهذا العمل يمثّل رؤية مجتمع إنساني متساوٍ وعادل بقدر الإمكان. والغاية من هذه اللقاءات تطوير وعي المشتركين إزاء الصراع ودورهم فيه وكذلك تمكينهم من اكتشاف هويتهم عبر الاحتكاك والتواصل مع الآخر.
وتقوم المدرسة من أجل السلام بتنفيذ هذه البرامج:
ا( لقاء بين الشباب العربي واليهودي في إسرائيل في ورشات عمل حول النزاع العربي الإسرائيلي
ب( لقاء في ورشات عمل خدماتية تدريبية وندوات للبالغين مثل المعلمين والصحفيين والمحامين والعاملين الاجتماعيين وطلاب الجامعات.
جـ( إقامة دورات تدريبية
د( لقاءات عمل بين مواطنين إسرائيليين وفلسطينيين مع منظمات فلسطينية غير حكومية.
هـ( دورات سنوية للخريجين بالتعاون مع أربع جامعات إسرائيلية.
و( دورات لتعزيز مكانة النساء اليهوديات والعربيات.
ز( دورات تدريبية للأجانب.
حـ( لقاءات لتعزيز الوعي إزاء الصراعات بين المجموعات داخل المجتمعين اليهودي والعربي.
يتولّى إدارة هذه البرامج وتنفيذها طاقم مشترك من العرب واليهود، وهو ذو خلفية أكاديمية في العلوم الاجتماعية والسلوكية وقد دُرّب خصيصاً في مجال التعاون مع المجموعات المتصارعة. وبمرور سنوات كثيرة من التجربة ومن ضمنها القيام بأبحاث عملية مكثّفة كانت المدرسة قد طوّرت منهاجا تربويا يشدد على عناصرَ معينة مثل علاقات القوى واكتشاف هويات إثنية وقومية.
يُقدر عدد الذين اشتركوا في اللقاءات التي نظّمتها مدرسة السلام بحوالي خمسة وثلاثين ألفا. وقد تلقّى ما يربو على 300 شخص بالغ تدريباتٍ في مهارات إدارة الصراع وكثيرون منهم فعّالون الآن في منظمات أخرى للتغيير الاجتماعي. كما وأقامت مدرسة السلام مركز أبحاث للتوثيق وبحث العمل الذي تقوم به المدرسة ومنظمات أخرى تُعنى باللقاء العربي اليهودي، وكذلك دراسة العلاقات العربية اليهودية بشكل عام. كما وتسعى المدرسة لإدخال برنامج أو مساق دراسات حول الصراع والسلام، يُدار إلكترونيا. وقد حظيتِ المدرسة باعتراف محلي وعالمي بسبب إنجازاتها وضمن ذلك مكافآت وجوائز معتبرة
وهناك منشورات بالعربية والعبرية والإنجليزية تصف مناهج عمل المدرسة الخاصة وعُنوان
موقعها على الشبكة وموقعها الإلكتروني هما كالتالي على التوالي:
[email protected] ، http.//www.sfpeace.org
وهناك على قمة التلة يقع بيت السكينة، بيت دوميّه، للتأمّل والتفكّر والصلاة، إنه مكان قداسة للجميع رغم الاختلافات العقائدية والثقافية. وهناك بناء آخرُ في طور التشييد سيضمّ مكانا للاجتماعات والصلوات والدراسة والرياضة الروحية. وهذا المركز عبارة عن إطار للتأمل الروحي بصدد قضايا في صميم الصراع الشرق أوسطي والبحث من أجل إيجاد المخارج والحلول. يحاول المركز العمل على ترجيح كفّة الموارد الروحية المتوفرة في تقاليدنا الثقافية والدينية بغية تعزيز نجاعة ”واحة السلام” كمجمّع سكاني يمارس عملا تربويا من أجل السلام
وهناك أيضا فندق أسعاره معقولة، يقع في منطقة جميلة يسمح لنازليه القيام بزيارة القرية والاشتراك في برامجها وكذلك الانطلاق في سياحة البلاد. وغرف الفندق واسعة وذات نظام تهوية ومداخل منفردة وشرفات خاصّة. أضف إلى ذلك هناك تسهيلات لإجراء مؤتمرات وندوات أو أية نشاطات أخرى. وهناك أيضا بِركة سباحة خارجية تكون مفتوحة في الموسم ويستقبل الفندق مسافرين أفرادا وجماعات.
إن نشاطات واحة السلام وتطويرها تعتمد على الدعم المعنوي والمادي من قِبل كافة المؤيدين لأهدافها المتواجدين في بلاد مختلفة في العالم مثل النمسا وفرنسا وألمانيا والسويد وسويسرا والولايات المتحدة الأمريكية.
وإليك أيها القارىء العزيز عيّنة من أقوال بعض الشخصيات التي زارت واحة السلام: يقول شمعون بيرس: لواحة السلام في إسرائيل مكانة خاصة في إسرائيل، جزيرة سلام وستخلق قارّة سلام. وقال الزعيم الفلسطيني فيصل الحسيني 1940-2001 : أود أن أرى اللحظة التي ستشهد مثل هذا الشيء ليس بين الفلسطينيين والإسرائيليين فحسب بل بين كافة شعوب الشرق الأوسط. أما إلْي فيزل الحائز على جائزة نوبل فقال: عندما يلتقي اليهود والعرب، يعملون سوية، يعيشون معا، إنهم يخلقون أعجوبتهم وواحة السلام أعجوبة، إنها تستحق أقصى دعمنا إذ أنها تسوّغ أسمى أمنياتنا. أما الكاتب المغربي الفرنسي، الطاهر بن جلون، فيقول: واحة السلام بداية التعارف والحوار، مثلٌ ورمز للمستقبل، مستقبل الشعب الفلسطيني في نضاله من أجل العدالة والعيش بسلام وكرامة، من أجل مستقبل الشعب الإسرائيلي الذي عليه أن يقبل العيش بجانب الشعب الفلسطيني في إطار من العدالة والاحترام المتبادل
إنّها تجربة فريدة في نوعها في الديار المقدّسة، وربما بالنسبة لأماكن أخرى في العالم، هل ستنجح في إطار معادلة غير متكافئة بين أبناء قوميتين متناحرتين على نفس قطعة الأرض ومختلفتين اجتماعيا وثقافيا ودينيا؟ إننا نتكلم عن الحياة بأمن وعدالة ومساواة وكرامة بين مواطني الدولة العبرية، الأكثرية اليهودية والأقلية القومية العربية وشتّان ما بينهما
ا.د. حسيب شحادة
جامعة هلسنكي




#حسيب_شحادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دولة واحدة وشعبان
- القاموس
- قاموس فنلندي عربي
- في حقيبتك قنبلة
- يوم الأرض ومخطط الجهض
- دور اللغة في الثقافة
- آراء وأفكار في الثقافة والفكر
- فذلكة حول علم الأسماء العبرية في الديار المقدسة
- % 68 من اليهود يرفضون العيش مع العرب في نفس العمارة
- المعهد الفنلندي في الشرق الأوسط
- لمحة عن: نشرة الهجرة القسرية، اللاجىء والنازح الفلسطيني
- المكتبة الوطنية في روسيا
- ناديا حسن وزيارة الوطن
- درس في الشعر الوطني
- الصداقة الحقّة
- حُرّاسُ المدينة، ناطوري قارْتا
- خبز الشاودار الفنلندي? ?ذو القيمة الغذائية العالية
- التدريس الجامعي بالعربية، ضرورة التنسيق في التعريب بين كافّة ...
- عرض لكتاب حول تأثير الفكر الأفلاطوني السياسي على الفارابي
- فذلكة حول إعداد عربيّ المستقبل


المزيد.....




- العفو الدولية: الحق في الاحتجاج هام للتحدث بحرية عما يحدث بغ ...
- جامعات أميركية تواصل التظاهرات دعماً لفلسطين: اعتقالات وتحري ...
- العفو الدولية تدين قمع احتجاجات داعمة لفلسطين في جامعات أمري ...
- اعتقالات بالجامعات الأميركية ونعمت شفيق تعترف بتأجيجها المشك ...
- منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية تؤكد مسئولية المجتمع ال ...
- ارتفاع حصيلة عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ ...
- العفو الدولية: المقابر الجماعية بغزة تستدعي ضمان الحفاظ على ...
- إسرائيل تشن حربا على وكالة الأونروا
- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حسيب شحادة - نظرة على واحة السلام