أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بولس ادم - غربة طائر الفينيق















المزيد.....

غربة طائر الفينيق


بولس ادم

الحوار المتمدن-العدد: 2035 - 2007 / 9 / 11 - 09:56
المحور: الادب والفن
    


(1)

( اللغة ليست زادا من المواد ، بل افق )

(رولان بارت )



لا اعتقد بان في امكاني المضي في تجربتي دون عبور يومي لجسر المسكوت عنه في التاريخ والواقع ، نصب عيني دوما عدة ثوابت ، كلها تصب في اعادة تجديد الرؤية واعادة رسم المجرى للحرية والأنطلاق .
ما اسطره هنا بصدق وتواضع ، هو فقط بورتريه محكي ، وهو جزء يسير مما لايحصى من المساحات والأشتباكات الحياتية التي تصلح ان تعامل كخطوط عامة لسيرة ذاتية .

ولدت ( بولص ايشو ادم ) عام 1962 في نينوى في دور عمال السكك في الحي الفقير ( الكويترات) في مدينة الموصل ،لأب وام مهاجرين من قرية ( ديريه) ذات الأديرة الخالدة الثلاث ( مار عوديشو ، مار قرداغ ، السيدة مريم ) ، تم قصف , تفجير الأديرة والقرية، اعوام :
( 1961- 1975-1987) !! ( قتل اخي الأكبر مني ( خنانيا ) في قصف ايلول 1961 ، بعد عام وبحكم وظيفة والدي انتقلنا للعيش في اربيل في احد دور موظفي السكك ، بيتنا توسط حديقة كبيرة حوت اشجار الصنوبر، الزيتون ، التوت ، التين ، الآس ، الورد ، الرمان ، دفلى نخيل و لبلاب.. الخ كانت جدتي واعمامي الثلاثة وعمتي الصغرى قد شاركونا العيش في ذلك المنزل ، زرعت جدتي الخضار حول الدار ، ذلك العالم غني الألوان والأحداث ، جعلني ابدا بشكل لاواع وانا ابن خمس سنوات بمحاولة اولى لأعادة انتاجه ، اجلس اينما كان وانا ابحر في خيالات واحلام شتى .. تاثرت بقيام اخي الأكبر الفنان ( لوثر ايشو ادم ) بتقسيمه احد صفحات دفترمدرسي الى مربعات صغيرة والرسم فيها ، وضعت في حوش الدار مراة تحت شمس الظهيرة مصوبا حزمة ضوء قوية نحو كادر من شريط سينمائي راكن في ثقب الباب الخشبي لتنعكس صورة على جدار غرفة المخزن المنزلي الداخلية المظلمة ، هناك نسجت حول تلك اللقطات اول قصصي ، سحرتني ايضا اعمال حفر بالكاوية على الخشب بدا بها لوثر وعمي الأصغر الذي عشق تحنيط الطيور ، اقابلها ، ابكي وانا انظر اليها.. كنا نذهب الى بيت الجيران لمشاهدة التلفاز ، هناك اكتشفت الموسيقى ، وعندما كان المطرب ناظم الغزالي يغني ، اذرف دمعا، والكبار من حولي يتحدثون عن موته ! بيئة السكك حول عالم القطارات بقى ملازما ومؤثرا دوما في خيالاتي ، القصة تشبه رحلة قطار .. عام 1969 عدنا الى الموصل من جديد..

... في اليوم الأول لي وانا طالب ثاني ابتدائي ،
اوصلتني عمتي الصغرى الى المدرسة ، احساس بالغربة رافقني منذ ذلك اليوم ! ..صباحا في الاصطفاف طلب المعلم، عمن لديه نشيد يلقيه ، رفعت اصبعي وانتصفت حلقة الأصطفاف والقيت نشيدا باللغة الكردية تعلمته في اربيل بعنوان ( به هاره ) اي ( الربيع ) .. وببراءة تامة..
مدرسة الرافدين كانت عربية ! تقدم المعلم مني مبتسما ، وقال - شكرا ياابني .. اجبته مرتبكا بالسورث ( باسيما رابا ) ..
لاحقني الطلاب في الصف واستراحات بين الدروس وهم يطالبونني باعادة القاء ( الربيع) عشرات المرات وانا ابكي .. في نهاية الدوام ، وقفت امام باب المدرسة ، كما هو متفق لتحضر عمتي لأصطحابي في العودة الى البيت ريثما اتعلم طريق المدرسة ، وعند تاخرهااضطررت للأعتماد على حدسي، فكان ضياعي في المدينة !
بعد ساعات وقفت تحت جسر القطار ، مطمئنا في ان القطار دلالة البيت ..
امراة عابرة انتبهت الى بكائي ، ولم استطع التوضيح ولم اقل غير كلمة ( المحطة ) كانت امراة رحيمة تركت وجهتها وامسكت بيدي واتجهنا نحو دور السكك وبعد طرقها لعشرات الأبواب وصلت الى البيت .. مبكرا عرفت معنى العمل في سبيل الأنسانية ، اهتمام والدنا وحبه للثقافة والفن كان حاضن لمواهبنا وهو يمكن اعتبار موته شهيدا للحقيقة ، في سنواته الأخيرة اصبح انطوائيا وعانى عزلة تامة وهو يشهد تسلق لقالق الحزبيين دون مؤهلات على ظهر الوظائف ومعاملة الآخرين كاتباع وقطيع على ذمة بناء معبد الدكتاتور ، واصبح عالمه الصامت مسافة الشغل والبيت ، ادمن الكحول والتدخين على الطريقة العراقية ( الشرب قهرا ) ، وبالأضافة الى نزاهته وصدقه ( قاتلاه في النهاية ) رحل مبكرا .. فاصبحت امي ابا لنا ايضا.
تعلمنا كاخوة مبدعين في العائلة من شفافية وحب ابدي للوطن و للأبداع على يدي والدنا, دعمه لفن اخي الفنان التشكيلي لوثر ايشو ادم كان بلا حدود .. فكنت في الواقع اول تلميذ لأخي الأكبر ، بدات بالرسم وشاركت في معرض المدينة.. ونلت جائزة التربية لطلاب الأبتدائية و ( نعال ) من والدي توبيخا للغرور ! ، واختارني معلم الموسيقى لأكون ( طبال المدرسة ) .. كنت ضابطا خارقا للأيقاع ولم يفارقني( الدمبك ) الى اليوم ! الأيقاع اتخذ اشكاله وحل باهميته عندي مترجما في المسرح، السينما والأدب بعد ذاك ..

بدايتي مع القراءة كانت عشوائية ، فضلت الكتاب على الصحف والمجلات دوما .. الخبر في نوعه عند نقله صحفيا ومجلاتيا ومرئيا او مسموعا.. هناك رائحة عهر حتى في ارقى منشورات العالم الى درجة تسفيه التاريخ .. الفلسفة ، التاريخ ، الفن والأدب انقى واكثر موضوعية وقربا من مكابداتنا الأكثر صدقا وصراحة ، وعلم النفس اكثر العلوم تحضرا ..
في حكاية فاكيسلاف هافل ، رئيسا لجمهورية تشيخيا ، تلخيص دقيق لأزمة المثقف الملتزم وفق نموذج ( غرامشي) حول المثقف التطبيقي الفعال..ورئيس للعالم افتراضا كان فقط شخصا مثل الشاعر ( بابلو نيرودا ) ليكون عادلا له! , لاادري لم كرهت اشارة ماركيز الى ان ميتيران قارئ جيد للأدب.. وبانه عاشق لروايته ( مائة عام من العزلة ) .. كان ذلك اقصى درجات توظيف الدعاية لمصلحة الكاتب .. استورياس مثلا اعظم من غيره ، ومن كتب وظل مغمورا في امريكا اللآتينية لهو اعظم منهم ومن ( اورهان باموك ) حاصل نوبل هذا العام .. ! .. الروائية اليف شفق ، لو حتم جعل التركي نموذجا !؟




(2)


في استراحة بين حصتين في الخامس ابتدائي ، كتبت قطعة قصصية على السبورة ، تاثرا بجنون (فان كوخ )وملاحقة الأطفال له في قرية (ارلز ).. وعند بدء الحصة التالية ، درس اللغة العربية ، سال المعلم الصارم عن كاتب تلك القصة ، ساد صمت تام ، ولم اتجرا للأعتراف خوفا ! قام المعلم بمسح السبورة ، ثم قال .. كانت قصة
رائعة ! .. وقبل نهاية الدرس طلب مني في البقاء، فله شئ ليقوله لي ؟!.. غادر زملائي ،بقيت جالسا .. قال لي المعلم :
- انت هو من كتب القصة ، من طريقة كتابتك للأنشاء ، كشفتك ، انا لست بغشيم !
..بدات في البكاء وفي داخلي فرحة غامضة ..!
- لم البكاء ؟ لاتخف ياولدي..
.. كانت فترة الثورة الكردية وحرب الشمال ..
- اعمامي ، خالي ، جدتي ، ليس لدينا اخبار عنهم وهم في القرية .. في حصار!!
- انت صغير ، وليست السياسة شان لك ، انت مسيحي ووالدك يشرب ( العرق) في البيت ، سلم لي عليه
وساكون ممتنا له لو ارسل لي ( بطل عرق) !....
.. قراءاتي الأولى كانت عشوائية .. سير الحياة ، كان اول ما بدات به ( كوخ، ديلاكروا ، غاندي ، غيفارا ، بيتهوفن ..الخ) وحلمت ان اصبح صديقا لهم ، اول حديث لي في الثقافة كان فلسفيا مع اخي الأكبر لوثر ..
وهكذا اصبحنا افضل صديقين الى يومنا هذا .. وهو طالب في متوسطة الوثبة ، التي كانت يومها بمحاذات نهر دجلة ، نقلت تلك المتوسطة الى محلة ( الطوافة ) تم ازالة مقبرة وبنت شركة يابانية ( متوسطة جديدة اسمها - الوثبة ) وبعد سنوات حل قصر لصدام محل المتو سطة القديم ! على نهر دجلة واصبحت ( منطقة محرمة ) يحرس مدخلها عدد من النسور الرخامية القبيحة ..
.. قصة ( يونان والنمر ) هي اول قصة قصيرة اقراها ، كتبت من قبل( لوثر ) ! في مجلة( الوثبة ) المستنسخة باليد الى جانب رسومه التخطيطية الجميلة في اعلى وحواشي القصة ..
.. كانت حرب الحكومة قد انتهت ، في صيف 76 قرات الرواية الأولى ( الأرض الطيبة ) للروائية ( بيرل باك ) وذلك في غوطتنا في قرية (ديريه) شرق قلعة ( العمادية ).
.. بدات في شراء الكتب .. ثلاثية كولن ولسن نقلتني 180 درجة باتجاه العمق ..
.. لاحقني احد طلاب المتوسطة بقسيمة الكسب الى حزب البعث .. وامام عربة بائع ( اللبلبي ) ، قلت له بان البعث ، هو ( حزب شيوعي قومي ) ! لكمني، فبدا عراك بيننا ، قال لي بعد ان تدخل للتهدئة (العم بائع اللبلبي)..
- لو لم تكن ابن ( العم ايشو ادم) مدير فندق السكك ، لكتبت عنك تقريرا ..
.. اجبته..
- جوز عني يا ( مطيرجي )..
.. بعد شهر..
.. تم اختياري من قبل تربية ( نينوى ) لألقاء نصيحة على شكل خطبة تحث الطلبة على السعي من اجل بذل الجهد كتهيئة لأمتحانات نصف السنة ومن على شاشة التلفاز .. قبل ذلك ، اشرف ( ن. ي ) كلغوي يضبط لي الخطابة ! وهو الذي حول ، لقاء عشاء على شرف الأصدقاء ( د.فاضل خليل <---ممثل في فيلمي - سبع عيون .. و د. صلاح القصب) بعد 15 عاما ، الى اتهامنا بالأساءة الى صدام ! اي كادر مسرحية ( الخادم والسيد ) ! المؤلف والمخرج ، الفنان شفاء العمري ، انا والفنان ( مروان ياسين ) كبطلي العرض، الفنان (.. )،كمصمم للديكور ، الفنان ( ريكاردوس يوسف ) كدراماتورج ، الموسيقار ( خالد محمد علي) .. وبعد ان افحم طروحاته ضيوفنا الكرام اولا ، قبل ان ندلو جميعا بدلونا .. انتهت تلك الليلة، بانه وحفاظا على حياتنا ، سيكتفي برفض عرض المسرحية باسم الجامعة ، لتدنيسنا حرمتها ؟!! (نموذج واحد فقط من قمع الحرية الأبداعية والفكرية)
تم تسجيل كلمتي ، رغم اعادتها مرات ، لأني دوما كنت الفظ اسم جدي ( اذم ) بالسورث بدلا عن ( ادم ) بالعربية وثبتت الكلمة وعرضت مساءا بالذال بدلا عن الدال ( وهو الصحيح سورثيا ) ووفق لكنة قريتي الآشورية.. خرجت من الأستوديو .. بعد اطراء المذيعة ( ريتا سورين ) ايامها ، وبعد اعجابها بصوتي ، نصحتني بتعلم الموسيقى!
.. فكانت تلك دروب اخرى في الفن مع الة (الكمان ) ...




(3)


رحلة الذهاب والأياب في موسم تعلم النوطة الموسيقية في ذلك الوقت، تحولت الى قصة ضمن مجموعة قصصية مخطوطة عنونتها ( مراوح ) بعد سنوات .. وقت قرب موعد عرض لفرقتنا ، كنا جاهزين لعزف اربعة مقطوعات بسيطة جدا ، فوجئنا ليلة العرض ضمن مهرجان الربيع ، بعدد من الموسيقيين المحترفين ضموا الى مجموعتنا الفتية المخلصة .. وعند الأستفسار .. قيل لنا .. نريد ملئ المسرح بالعازفين ، فالحفلة منقولة تلفازيا الى جميع انحاء البلاد ، اي انه كان علينا تمرير القوس على اوتار الكمان تمثيلا بعد اربع اغان محفوظة ( تلك اول مسرحية دون نص قمت بتمثيلها !! ) .. ايا كان، بدا دور الوعي في رفض الكذب والزيف في الأبداع .
بعد اسبوع ، تمت دعوتنا للعزف امام عمال ( معمل السكر ) .. فوجئنا بان الحفلة كانت باذخة وانها حفلة عيد ميلاد تشبه ( احد مشاهد الحفلات الأورستقراطية في افلام -فيسكونتي - ) !! في تلك اللحظة كان علينا تكرار مسرحية ( مهرجان الربيع ) .. وكانت قطيعتي مع تعلم العزف منذ ذلك اليوم ، وعشقت كرة القدم !
اول قصة قصيرة كتبتها، كانت ( جنود في العتمة ) .. تاثرا باليوم الأول لرحلتي في القطار الى ( اكاديمية الفنون الجميلة في بغداد ).. فرض تعتيم عربات القطار ايام الحرب الأولى مع ايران .. جنود في هياج وقلق في عربات مزدحمة جدا .. قدمت تلك القصة للنشر في احدى صحف بغداد و بعد شهر من الأنتظار ، استفسرت من محرر القسم الثقافي عن مصير القصة ، حصلت على جواب من كاتب تحدث الي دون ان يكلف نفسه حتى في النظر الى وجهي :
- قرات المقطع الأول منها ، هل من المعقول اظهار الجندي حزينا وقلقا ونحن في بداية الحرب مع الفرس ، مالذي سوف تكتبه ، في حالة استمرار الحرب ؟!!
لم اكلف نفسي للنشر بعدها ، كان صعبا بل اشبه بالجحيم التعامل مع القلم ورقيب ذاتي في الراس واخر مسخ في الحياة العامة وتاكدت بشكل تام بانه وقت ( السياسي نرجسي والمثقف تابع !)..استمرت الحرب فعلا ، حربي الخفية في صقل الذات معرفيا وابداعيا بدات ، قراءات منظمة ، مشاهدات ومشاركات مسرحية اكاديمية وسينمائية ، تابعت كل المشهد في الحرب ، والمشهد الثقافي بتفاصيله .. مع احساس بالمرارة في تحولات الثقافة وعسكرتاريا المجتمع تحت حكم شمولي قبلي وبربري .. ادباء ( الأكاديمية) ومن اصدقائي الذين شاركوني باحساسي ذاك وفي اعوام الثمانينات الأولى ( الراحل كمال سبتي ،مروان ياسين ، ناصر مؤنس ، صلاح حسن ، سعد جاسم ، هادي ياسين علي واخرون ..) اول مسرحيةلعبت الدور الرئيسي فيها كانت ( بائع الدبس الفقير ) للراحل ( سعدالله ونوس ) مع الفنان الدكتور حاليا ( محمد اسماعيل خلف ) ومن اخراج الفنان ( عبد الرزاق ابراهيم) .. واخر عمل مسرحي كان ( الخادم والسيد ) على خشبة المسرح الوطني في بغداد ، ضمن مهرجان المسرح العربي الثاني عام 1992 .
كتبت قصصا قصيرة على عدد اصابع اليد في بغداد ، قرات من قبل المقربين لي فقط عدا قصة ( الشئ ) التي كتبت لها معالجة سينمائية لفيلم قصير اخرجه الفنان ( محمد مهدي ) عن مثقف ومصور فوتوغرافي شمسي .. استوحيت عالمها من وقائع مصور بائس في باب المعظم ( خلال التصوير ، ضرب ذلك المصور من قبل احد الضباط بعد جدل حول رداءة التصوير ، وانتهى فاصل الأعتداء ذاك ، بسكب ماء السطل الضروري في اتمام الأظهار على راس المصور المنكوب !
قصتي الأخرى ( سبع عيون ) حولتها الى فيلمي الأخير الذي اخرجته ..اخرجت قبله فيلمين قصيرين ( اكسير) و ( مقالة سينمائية ) .. فيلم ( سبع عيون ) كان حول الحب والحرب بعد مضي اربع سنوات لقصة حب مستحيلة لي مع زميلة شيعية ورسامة ، قامت هي نفسها بتمثيل دورها في الفيلم الى جانب الفنان(د.فاضل خليل ) وقد حاز ( سبع عيون ) على جائزة الشباب الأولى في المهرجان الثاني للأفلام على مسرح الأكاديمية وترشح للأشتراك في مهرجان القاهرة وقليبة في تونس ( لم يتح لي الوقت بسبب دخول الجيش ) ومعارضة وزارة الثقافة لمسالة سفر واشتراك في مهرجان خارجي ، قالوا ( خدمة العلم اولى ) .. رغم تسجيل تخلفي لمدة اسبوعين في التجنيد ..وذلك في عام 1986 ، كتب كل من ( سعد جاسم ) و (صحفية لبنانية ) حوارات حول الفيلم معي ، ونشر ( صلاح حسن) خبرا وملخصا عن الفيلم ايضا .. ذلك الفيلم الذي رفضت معالجته السينمائية ثلاث مرات من قبل ( د. ع . العبيدي ) الذي كان قد عاد من اميركا ولعب دور ( الدكتور ابراهيم ) احدى شخصيات ا لروائي العراقي الرائد ( ذنون ايوب ) ، تشبه العبيدي بصدام حتى في تقليد نبرة الصوت والراي والزيتوني والمسدس !!
اكملت عام 1989 مخطوطة مجموعتي القصصية ( مراوح ) وكتبت روايتي الأولى ( اقواس في حفرة ) وذلك بعد ان كان الجميع يخلدون الى النوم في سجن ( ابو غريب ) ! قام اخي المترجم عن الفرنسية (بطرس ) بتهريبها من السجن .. وبعد اطلاق سراحي في العفو العام لاحقا .. كانت محاولة الهرب الثانية الى خارج البلاد..
و الفشل هذه المرة كان بسبب مطر وثلج خرافي هطل علينا ( قال الدليل ، بان شمال مدينة العمادية لم تشهد له مثيل منذ عشرات السنين!)
صدر عفو وتسريح بالجملة بعد تحرير الكويت .. عملت في النقش والنقر على الحجر في معامل حلان الموصل الى حين مغادرتي عام 1994 واقامتي الى اليوم في ( النمسا) .. فترة مرافقة حجر الرخام كانت مثيرة جدا في ظروف عمل قاسية ، ولكنها خبرة تكرار ما فعله الآشوريون وفي نفس المكان قبل الآف السنين ، حتى ان الغالبية من النقاشين والنحاتين المهرة الذين عملوا معي في ورشتي لاحقا ، كانوا يحضرون للعمل بشوق من قرى سهل نينوى ، وكان الفنان ( لوثر ايشو ادم) اعظم نحات في الورشة (اعاد نحت العربة الآشورية على الرخام !)..
غبار ذلك الحجر هو نكهة وطن دائمية عمدت روحي ..
كتبت قصصا قصيرة واخرى قصيرة جدا ونصوص شعرية ، اكملت مؤخرا مخطوطة روايتي الثانية ( الجراد والماراثون) هنا في النمسا ..
الا ان ( مراوح ) القصصية و ( اقواس في حفرة ) الرواية ،اختفت عن الوجود ! في ظروف تردد وتهديدات الأمن لعائلتي بعد مغادرتي مع اخي الأصغر ( الفنان مازن) وتلك قصة عذاب لي اخرى ..رغم ان العائلة وانا ( مستقلين ) ! مما حدا بعائلتي المغادرة وبعد معاناة كبيرة وصلوا الى كندا ( امي واختاي والفنان المطرب ( فارس ايشو ، زوجته وابنه البيرتو الذي شارك والده في الغناء في البومه الأخير وهو لما يبلغ العشرة اعوام ،
لوثر مستمر في الرسم والتدريس في كلية نينوى للفنون ،

نعم اختفت رواية وقصص لي ،
لكنني ما.. زلت حيا !


( الأنسان لاياتي متاخرا ابدا )
( ديلاكروا )



#بولس_ادم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حذاء الخرافة
- ارقص في الغبار لقرص الشمس
- اسماك ( فؤاد مرزا) التي طارت !...( 8 )
- برقيات حول عام نوستراداموسي
- اسماك ( فؤاد مرزا ) التي طارت !... ( 7 )
- اسماك فؤاد مرزا التي طارت !...(6)
- لحم العنزة
- مواليد برج الشيطان
- لو كان العالم
- لمحة بقلم ياسين النصير .
- راسي .. كالرنين في فرج العويل
- اسماك ( فؤاد مرزا ) التي طارت !... ( 5 )
- اسماك ( فؤاد مرزا ) التي طارت !... ( 4 )
- اسماك( فؤاد مرزا ) التي طارت !... ( 3 )
- اسماك ( فؤاد مرزا ) التي طارت !... ( 3 )
- اسماك ( فؤاد مرزا ) التي طارت ... ( 2 )
- اسماك ( فؤاد مرزا ) التي طارت ! .... ( 1 )
- موجة صباحية
- سائق تاكسي في الأندرغراوند !
- اوشانا رمو


المزيد.....




- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بولس ادم - غربة طائر الفينيق