أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - علي لهروشي - الجزء الأول من موضوع : القبية العلوية المسلطة على المغرب ، و الأحزاب السياسية العميلة لها وجهان لعملة واحدة !!!















المزيد.....


الجزء الأول من موضوع : القبية العلوية المسلطة على المغرب ، و الأحزاب السياسية العميلة لها وجهان لعملة واحدة !!!


علي لهروشي
كاتب

(Ali Lahrouchi)


الحوار المتمدن-العدد: 1989 - 2007 / 7 / 27 - 08:55
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


قد يخوض المرء في بحثه في موضوع من المواضع التي تهم الإنسان أو الطبيعة أو الحيوانات بباقي دول المعمور ، ويستطيع في بحثه ذلك أن يجد الطريق المنير ، و المؤدي إلى استنتاج الخلاصات ، واكتشاف الحقائق ، وتفكيك الرموز ، وحل العقد في وقت زمني محدود ومحدد ، وذلك إما لوفرة المراجع ، أو لتسهيل مأمورية البحث و الباحث من قبل المسئولين ، أو حصوله على معطيات ، وسندات ، ومستندات تشجعه على استكماله لذاك البحث ، بقناعة الباحث وهو يطلع على الأشياء كما هي بدون تحريف ، ولا تزوير ولا تبديل ولا تغيير ، فيكون راضيا ومرضيا بذلك على بحثه ، لأنه معتمدا على حقائق لا يمكن تغييرها ، حفاظا على التاريخ والثورات ، والحضارة الإنسانية ، واحتراما لمخلفات الإنسان كيفما كانت سلبية أو إيجابية ، ومهما كان تأثيرها على الإنسان والمجتمع ، ومن هنا يصير الباحث مسئولا لتنوير الرأي العام المهتم بنتائج بحثه ، وما وصل إليه من حقائق ، كيفما كانت نتائجها ، مؤلمة أو مفرحة ، لأن مسؤولية الباحث تقتضي الكشف عنها مهما كان الثمن، ومن هنا أجد أن الباحث بإمكانه أن يصل إلى نتائج معينة بباقي دول ومجتمعات المعمور ، إلا بالمغرب فقد يوضع كل شيء موضع الشك حتى يتم الوصول لليقين ، لكون التاريخ المغربي قد تعرض لكل أشكال التحريف ، والتزوير ، وطمس للحقائق ، وتغيير المعطيات ليس حسب مصلحة المجتمع والشعب ، بل وفق مصلحة الملكية ، وقبيلته العلوية الحاكمة التي سخرت المؤرخين ، و جندت الإعلاميين ، والأحزاب ، وبعض الباحثين من الموالين لها للعمل على تغيير الحقائق ، وتدوين الأكاذيب ، بالعمل على إتلاف ، وإجلاء ، وطمس الحقائق ، والسلبيات ، و تأريخ كل الإيجابيات ونسبها إما للعرب لكونهم من أدخل الإسلام للبلاد ، أو للملكية وذلك لتغيير الذاكرة الشعبية ، واحتلالها ، والهيمنة عليها بنفس طريقة الاستعمار، ومحو أثار الشع الأمازيغي ، وبالتالي يعاني الباحث في الشؤون الإثنية المغربية ، وفي تاريخه الحديث ، والقديم بمختلف أشكاله السياسي منه ، والاقتصادي ، والثقافي ، والاجتماعي من غياب المصادر التي يمكن الاعتماد عليها ، وجعلها محل ثقة ، والتعامل مع ما ورد فيها بجد وصدق ، لكون الملكية والمسلمين قد عملوا يدا في يد لطمس التاريخ الحقيقي للشعب المغربي الأمازيغي والأصيل ، وتحريفه تحريفا إجراميا ، ونسب كل الإنجازات ، و العظمة التي عرفها المغرب إما للملكية أو للقادة المسلمين إبان الفتوحات الإسلامية ، وبالتالي تم تحريف الوقائع ، وتدوين الافتراءات ، والأكاذيب وإحلالها محل الحقائق التي تقول غير ذلك ، ومن هذا المنطلق يتحول المؤرخ المغربي إلى مجرم في حق الشعب ، ومن هذا المنطلق يتوجب تحرير الذاكرة الشعبية مما دونه ويدونه هؤلاء ، ليتسنى للباحث الصادق أن يقف على الحقائق كما هي على أرض الواقع ، حتى وإن كانت مؤلمة للبعض ، لأنهكما يقول المثل الهولندي " الحقيقة تؤلم " ومن هذا الباب أجد نفسي أمام تساؤلات قد يصعب علي الإجابة على بعضها من خلال هذا الموضوع المتواضع ، وبالتالي أتركه للنقاش العم حتى نستطيع إضاء السبيل للأجيال الصاعدة ...
فجسب قناعتي ، فالمغرب تجمعا بشريا منتميا للقارة الإفريقية يتواجد بأقصى شمالها الغربي ، يطل على جنوب أوروبا عبر جنوب إسبانيا وفرنسا ، وتمتد حدوده الجغرافية حاليا جنوبا حتى ما يسمى بموريتانيا ، وشرقا يقتسم الحدود مع الجزائر ، وغربا المحيط الأطلسي ، وشمالا البحر الأبيض المتوسط ، ويعتبر المجتمع البشري الوحيد بالقارة الإفريقية السمراء الذي لم يتحرر بعد من الحكم الملكي المطلق ، الذي يتشكل من سلالة ما يسمى بالعلويين الممثلين لنسبة قد لا تتعدى واحد في المائة من مجموع سكان المغرب ، حيث عرف المغرب نزوحا عربيا مع الفتوحات الإسلامية ، واستقروا بمناطق مختلفة ، وخاصة بالأحواض والسهول الغربية ، كما نزح إليه عرب ويهود الأندلس بعد سقوط غرناطة ، متمركزين في كل من منطقة تطوان ، والمهدية و العرائش ، و طنجة وفاس ، وهو ما تقوله كتب التاريخ المؤرخة من قبل المؤرخين المجرمين المغاربة ، لأن هناك من يقول أن نسبة العرب لم تتجاوز نسبة العلويين التي هي واحد في المائة ، لكون المغاربة الناطقين بالدارج المغربي هم في الأصل أمازيغ تم تعريبهم وتخليهم تحت ظروف معينة عن لغتهم الأمازيغية الأصلية ، وبالتالي قد لا يوجد مغربي واحد ممن لا تزال تربطه روابط الدم أو النسب أو القرابة مع العرب الأصليين المنحدرين من الشرق الأوسط والجزيرة العربية ، منأهل قيش ، واد وتمود ، وحتى المتوافدين على المغرب من الأندلس منهم اليهود، والعرب و الأمازيغ في صفة عرب بعدما اسلموا معتمدين على اللغة العربية بكونها لغة القران والدين والملة ، و الأمازيغ هم من فتح الأندلس برياسة - طارق بن زياد - الأمازيغي الأصل واللسان مصحوبا بثمانية ألف جندي أمازيغي ، قبل أن يلحق به العربي - موسى ابن نوصير- على جيش يتصدر الأمازيغ أكثر من نصفه ، ومن هذه البوابة قد نطل على حقائق لم يذكرها التاريخ بالمغرب مفادها أن القاطنين بالأندلس من أغلبية أمازيغية ، تم تعريبهم عبر الدين الإسلامي ، وملة محمد ، و بالتالي فلا يمكن أن نقر من خلال ما سبق ذكره على أن العرب يشكلون نسبة محددة ، فيما تظل أغلبية السكان من القبائل الأمازيغية ، وفي إطار تعريب الأمازيغ ، وتحريف تاريخهم، و نهج سياسة تذويبهم ، و السطو على ثقافتهم ، واحتلال الذاكرة ، وتحريف الإنسان الأمازيغي عن أصوله الحقيقية ، بالتركيز على منطقة فاس التي عرفت في عهد الأدارسة ، ازدهارا ثقافيا ومعرفيا ، زاده العصر المريني متانة وتوسعا ، جعلها بذلك تتبوأ المكانة الأولى في تكوين عدد هائل من الأسر الفاسية ، واليهودية ، وتذويب الأمازيغية منها في مختلف التخصصات ، والشعب العلمية ، والإعلامية أدى ذلك إلى تعيينهم في بداية القرن الماضي من قبل السلطان عبد العزيز ليتقلدوا مهاما ووظائف مختلفة في الإدارة ، و القضاء ، و المجالس العلمية ، والثقافية ، و الدينية ، والمدارس والمعاهد و الجامعات ، وكل المهن عبر مختلف مناطق المغرب ، الأمر الذي جعل الملكية فيما بعد تعتمد على السلالة العربية واليهودية ، و الأمازيغية المعربة المنحدرة من فاس للحفاظ على الملكية وخدمة أغراضها ، وضمان استمراريتها على العرش ، بعامة البيلة اللوية التي ينحدر منها الملك .
أن القبيلة العلوية التي تنحدر منها الملكية المتحكمة في نفوس المغاربة بقبضة من حديد ، لعقود من الزمان ، لم تتمكن من بسط نفوذها على كل التراب المغربي ، لما تمثله من نسبة ضئيلة إلا بعدما نهجت سياسة الصراع ، و المواجهة تطبيقا لفكرة - فرق تسود- التي دامت لفطرة طويلة حتى حدود الربع الأول من القرن الماضي ، لما قامت إسبانيا ، بتحالف مع لسلطان بالمغرب من لغزو منطقة شمال المغرب ، لأن ذلك السلطان الحاكم كان يتنازل عن المدن بموجب المعاهدات التي كان يعقدها مع الدول الأجنبية مقابل بقاءه على العرش ، مما أغضب مجاهدي الشمال المغربي ، الأمازيغيين الذين قرروا مقاومة التسلط الأجنبي بعيدا عن قرارات ، وحكم السلطة العلوية المركزية التي أصيبت بالضعف بعدما تمردت عليها أغلب القبائل في الجنوب ، والأطلس الكبير ، والمتوسط ، مما أدى بالسلطان عبد الحفيظ إلى توقيع معاهدة الحماية مع فرنسا لحماية المصالح الإستراتيجية لهذه الأخيرة ، من جهة والعمل على ترسيخ الملكية ، والقضاء على تمرد القبائل ، وإيقاف زحف إسبانيا نحو جميع التراب المغربي من جهة ثانية ، لكن صمود المقاومة في مواجهة المحتل الإسباني نحو باقي التراب المغربي ، جعل زعيمها عبد الكريم الخطابي يلحق خسائر فادحة بصفوف الاحتلال ، ويؤسس إمارة جديدة بمنطقة الريف عاصمتها - أجدير- مسقط رأس هذا الزعيم الأمازيغي ، فأصبح أمير إمارتها ، وكانت نفوذها تمتد على مساحة واحد وعشرون كيلومترا ، وتتألف من مليون ساكنا بعدما تمكن من إخماد نار ثورة - جبالة- الأمازيغ المعربين المجاورين لإمارة الريف ، المضادة له والمدعمة من قبل السلطان الحاكم بالمغرب ، وكل من إسبانيا وفرنسا . لكن الأسئلة التي تطرح نفسها هي : لماذا اختار عبد الكريم تأسيس إمارة وليست جمهورية ؟ ولماذا كان الإعلان عن الإمارة من طرف واحد ؟ هل تم وإن طرح عبد الكريم الأمر على المقاومين بالجنوب المغربي ، وبالأطلس من الأمازيغ الآخرين ؟ ما هو الهدف وراء التحديد الجغرافي لتلك الإمارة ؟ هل هو استقلال الريف وحده أم كان ذلك مجرد خطوة أولى على استقلال المغرب كاملا وإعلان جمهورية مغربية بعد التفاوض مع باقي أطراف المقاومة وخاصة الأمازيغ منهم ؟ ألم تنطبق على تلك الإمارة المقولة الشعبية المغربية الرائجة " إن كنت أنت أميرا ، و أنا أميرا فمن سيسوق الحمير إذن ؟ ألم يكن تبني تلك الإمارة للإيديولوجية الإسلامية هو سبب فشلها ؟ ما هو الفرق في أن يكون عبد الكريم أميرا لتلك الإمارة وبين الملك الذي يعتبر نفسه أميرا كذلك على بقي التراب المغربي ؟ وقد ضاق صدر المغاربة درعا بالأمير ، والإمارة وما يليها من تخلف إيديولوجي عقائدي ؟ أليست الرجعية بعينيها أن ينصب من يريد تحرير المغرب نفسه أميرا ؟ وبالتالي يسقط الأمير ليحل محله أميرا أخر كما هو الشأن الأن فيما تنادي به جماعة العدل و الإحسان ، باعتبارها لزعيمها الروحي عبدالسلام ياسين كأمير للمؤمنين ؟ فما هو الفرق بين رجعيتهما إذن ؟ فهذه الأسئلة المحيرة لا تعني أنني ضد إعلان تلك الإمارة ، بل كنت أتمنى أن تكون البديل الديمقراطي التقدمي ، الحر والعادل للم شمل المغاربة أجمعين ، للتمكن من القضاء على الملكية بالمغرب ، ومن يحميها من المحتلين المتربصين بالمغرب و بالمغاربة ، وهو الحلم و الأمل الذي لا يتجرأ أحد على مناقشته بجرأة وشجاعة .
وقد تطورت الأحداث في الشمال المغربي ، مما جعل إسبانيا تقترح على الزعيم عبد الكريم الخطابي استقلالا ذاتيا خاضعا لحمايتها ، ولسيادة سلطان المغرب ، وهو نفس الطرح و الاقتراح المطروح ، والمقترح الحالي من قبل كل من إسبانيا والملكية بالمغرب على الشعب الصحراوي بالجنوب المغربي ، وكأن تاريخ الشمال المغربي يعيد نفسه بالجنوب ، مع اختلاف الظروف التاريخية ، الذاتية منها والموضوعية طبعا ، وهنا يتضح جليا مدى التحالف بين الملكية وقبيلتها العلوية ، وبين القوى الاستعمارية المعرقلة لحرية ، وتحرر ، واستقلال ، وتقدم المغرب بقضائه على الملكية موطن الداء ، وهكذا عملت الحماية الفرنسية ، و لا زالت تعمل ضد تأسيس مغرب جمهوري حر، فاختارت دعمها للملكية ، بحمايتها آنذاك للسلطان للقضاء على ثورة الريف ، وعلى تمرد القبائل بالجنوب ، والأطلس الكبير والمتوسط المغربي ، وهي المناطق التي همشها التاريخ المغربي مخطئا في حق شعب هذه المناطق، فلم يبق الأمر عند مسألة التهميش ، و إقصاء تاريخ هذا الشعب المغربي الأصيل ، ومعاقبة مناطقه فقط ، بل أجرم المؤرخون في حق هؤلاء بتدوين مغالطات ، واعتبار أغلب القادة الأمازيغ من الرافضين للملكية بالخونة ، وهي نفس المناطق التي لا تزال ساكنتها من انس وبهيمة معرضة لأقسى أشكال الإهمال والحرمان والتهميش ، وللنهب والدمار والخراب ، والعقاب الجماعي من قبل الملكية المهيمنة والمسلطة ، بأساليب مختلفة إما بنشر المخدرات ، وتشجيع التهريب ، والهجرة الشرعية منها والسرية ، لئلا يهتم السكان بالسياسة ، وما يليها من قضايا الوطن والمواطن ، كما هو الشأن بالريف المتواجد بالشمال المغربي ، أو برعاية الملكية وزرعها للفساد ، والعهارة والدعارة بالأطلس الكبير والمتوسط ، فيما يمارس الحصار على الجنوب لحثه على الهجرة تحت ضغط الأزمة ، والجوع والجفاف ، وبالتالي يتم تصنيف هذه المناطق المغربية من قبل الملكية وحلفائها من القوى الاستعمارية بالمغرب غير النافع ، وهي سياسة ممنهجة من أجل إخماد أي ثورة قد تندلع من هذه المناطق المحاصرة .
من هنا تستنتج أن الحماية الفرنسية والإسبانية عملتا يدا في يد لترسيخ الملكية بالمغرب ، حماية لمصالحها الإستراتيجية بالمنطقة ، ولتفكيك الوحدة القبلية المغربية التي تحققت بعدما توافد رجالها من الشرق ، والغرب ، ومن الجنوب ومن كل المناطق المحررة من الحماية الفرنسية ، لأجل مساعدة الثورة الريفية ، فحاول كل من المحتل الإسباني ، و الفرنسي والملكية إرسال عدد من المتعاونين مع الملكية ومع الحماية الأجنبية للتوغل داخل الوحدة القبلية ، ومحاولتهم الشريرة تفريقها بدعوة كل قبيلة على حدا لعقد صلح منفرد مع الفرنسيين، أو مع الإسبان مقابل تأمين حاجيات القبيلة ، وبعد نفاد الشروط الضرورية لمواصلة القتال ، والمواجهة ، وحفاظا على أرواح المقاومين الثوريين ، فإن عبد الكريم الخطابي قد فضل الاستسلام مقابل عدم اعتقاله ، وأفراد جيشه ، فعملت بذلك فرنسا على استدراجه إلى مدينة - تازة - ثم إلى مدينة فاس والدار البيضاء أخيرا بحجة لقاء سيجمعه مع المقيم العام ، وفي نفس الوقت عدم اعتباره أسيرا كي لا يعود المقاومون إلى ساحة القتال و المواجهة ، فأرغم عبد الكريم الخطابي على المنفى كزعيم ثائر ، يشكل خطرا على كل من الحماية و الملكية معا فنقل إلى جزيرة رينيون النائية في أقصى المحيط الهادي وفي سنة 1947 اشتد الصراع بين المقاومين ، والحماية الفرنسية التي تحولت من الحماية إلى الاحتلال أظهر- محمد الخامس- الملك الحاكم آنذاك بالمغرب تعاطفه مع المقاومة الوطنية الأمر الذي أغضب المحتل الذي أراد أن يوحي إلى الملك بأنه قادر على استبداله بعدو الأمس الذي هو عبد الكريم الخطابي ، فأمرت فرنسا بنقل الأسير من الجزيرة إلى فرنسا ، وأعدت له منزلا لائقا ، وموازنة سخية لكن وقع أن فلت الأسير المقاوم عبد الكريم ، و تمكن من الفرار بعدما أرست الباخرة بقناة السويس ، وقدم نفسه إلى محافظها - فؤاد شرين - مدونا أمامه طلب اللجوء السياسي بمصر ، وطلب منها حمايته ، وهنا تطرح بعض الأسئلة للباحثين في هذا الموضوع ، وتظل الأجوبة عالقة بدءا ب : كيف تمكن المقاوم الأسير من الفرار من أيادي من يأسره ؟ ما هي الجهات الخافية التي ساعدته على ذلك ؟ ما هو المقصود من تسهيل مأمورية الفرار بمصر؟ هل هو تأمر كل من مصر والملكية على المقاوم عبد الكريم لتركه بمصر مادامت فرنسا تهدد به ، مقترحة إياه حاكما للمغرب كبديل عن محمد الخامس في حالة عصيان هذا الأخير لأوامرها ؟ أم أن هناك مساومة جرت في الخفاء بين الملكية لتلبية كل طلبات فرنسا مقابل التخلص من عبد الكريم بمصر ؟
لكن المؤرخين قد دونوا على أن المرحلة ما بعد فرار المقاوم عرفت مناوشات بين كبار الجيش والأمن الفرنسي ، وبين محمد الخامس أدت إلى نفي هذا الأخير ، وإبعاده عن المغرب لأسباب سرية لا أحد يعلم عنها شيئا إلى حد الآن ، وأعادته إلى عرشه ، بصفقة مجهولة المرامي ، و الأهداف ، وتمكينه بذلك من بسط نفوذه على المغرب باستثناء مدينتي سبتة ومليلية ، والجزر الموالية للمغرب التي لا تزال تحت الاحتلال الأسباني ، لأسباب واردة في معاهدة سرية ، ثم منطقة الصحراء التي ظلت غامضة ، وصارت بمثابة طابو محرم على المغاربة الخوض في موضوعها ، بل هي قضية استنزفت الميزانية العامة للشعب المغربي ، وأفقرته من أجل توفير الرخاء ، و الامتيازات لساكنة الصحراء ، لا لشيء إلا لإغرائهم ، للمراهنة على تصويتهم لصالح انتمائهم للمغرب في الاستفتاء المزمع عقده ، و المنتظر لمدة تجاوزت ثلثي قرن ، استفتاء تجاوزته الظروف الدولية المتغير ليتحول إلى الحل الثالث الذي يتجاهل المغاربة مضمونه ، وأهدافه ، لأن الملكية تحكم بلغة الحديد والنار ، ولا أحد يحق له الإدلاء برأيه في أي موضوع يتناقض مع ما تريده الملكية ، المستبدة ، والمسلطة على المغرب والمغاربة إن تشابك الأحداث العسكرية والسياسية بالمغرب جعل محمد الخامس يساهم في تقوية حزب الاستقلال المؤسس سنة 1944، وجعله قويا بالإمكانيات المادية ، و الإعلامية ، والمعرفية للدفاع عن قضيته ، وتمويه الشعب ، فصار بذلك الحزب كقوة سياسية مدافعة عن الملكية في كل لحظة وحين ، خاصة وأن العائلات الفاسية هي المهيمنة على الحزب ، و التي ترى استمرارية مصالحها الحيوية ، والحفاظ على امتيازاتها المالية ، رهينة في بقاء الملكية من جهة ، ونشرها للإيديولوجية الإسلامية ، ومحاربتها للأمازيغية بترسيخ اللغة العربية من جهة ثانية ، بالمقابل توجد حركة تحررية ضمت الفرنسيين التقدميين ، و اليهود ، والمغاربة المقتنعين بإيجابيات المعسكر الشرقي الاشتراكي تحت النظام الشيوعي الحاكم في الاتحاد السوفيتي آنذاك ، ومزاياه كتبنيه لحق الشعوب في تقرير مصيرها، وهدفه في توسع النظام الاشتراكي المعتمد على المساواة بين الناس ، بوضعه حدا للصراع الطبقي ، والاغتناء اللامشروع على حساب الشعوب والطبقات الكادحة ، فكانت تلك الحركة التحررية مجسدة في الحزب الشيوعي المغربي ، لكن هل سيفي هذا الحزب لأهدافه التي أنشئ من أجلها عندما ستتولى الملكية زمام الأمور، فيما عرفه المغرب فيما بعد خروج الحماية الفرنسية ، بما يمكن الاصطلاح عليه بالاستقلال الشكلي ؟
لقد استطاع حزب الاستقلال بتوجهه اللبرالي وسط المنظومة الرأسمالية ، وبإيديولوجية سلفية رجعية بزعامة الفقهاء ، والعلماء ، ورجال الدين إعطاء نمط الدولة الرأسمالية التبعية اقتصاديا ، والملكية الدستوري سياسيا ، وقانونيا ، لما يمكن تسميته في واقع الحال بالتجمع البشري المغربي ليس إلا ، لكون المغاربة لم يتحرروا بعد من واقع التخلف و الرجعية ، ولم يتمتعوا بالمعنى الحقيقي للاستقلال ، ووقوع المغاربة في الارتباك السياسي ، حيث لا يعرفون النظام الواجب إتباعه ، في غياب التنسيق بين المقاومين عبر كل جهات المغرب لبلورة الشكل السياسي ، والنظام السلطوي الواجب اختياره بين النظام الجمهوري أو الفوضى الملكية ، وهي الثغرة التي استغلتها الملكية بتسخيرها لحزب الاستقلال لترويجه ، وممارسته لسياسة الخرافة ، واعتماده على الأساطير ، لترسيخ الملكية ، وفرضها على الذاكرة الشعبية بتحويل شخص محمد الخامس إلى أسطورة ومعجزة ، وذلك لتقديسه ، بترويج خرافات مفادها أنه ألقي به في منفاه بين الأفاعي ، و السباع ، فبايعته هذه الحيوانات ، ثم بعته من قبل الفرنسيين عائدا إلى المغرب في طائرة بدون وقود ، ولما علم بالأمر وهو في السماء اشتد جبينه عرقا ، وقد مسحه بمنديل وضعه على الفور حينها على محرك الطائرة مما مكنها من مواصلتها الرحلة بدون وقود ، و هو تعبير عما يلفق إليه من تميزه عن كل المغاربة باليمن والبركة ، مما أفشل خطة الفرنسيين في قتله ، والتخلص منه ، ثم بعد كل هذه الأسطورة تم حبك أسطورة ظهور صورته على واجهة القمر ، وهو أمر ردده البعض ممن يعطي لنفسه صفة سياسي ، ليس فقط عبر الإعلام المكتوب و المقروء المسخر ، بل عبر المسموع منه والمرئي ، وهي قمة استغلال ضعف وجهل ، وتخلف ،وسذاجة المغاربة من قبل الملكية ، وأحزابها الذيلية التي لا تزال تستغل الشعب بحكايات ، وخرافات ، وأساطير كاذبة الغرض منها إبقاء الملكية على العرش ، وبالتالي ضمان مصالحهم الشخصية ، والعائلية ، وتمكنهم من النفوذ لمواصلة نهب المال العام ، وثروات البلاد ، فكانت تلك الخرافات هي سياسة الأساطير المكونة لسلطة ولما أطلق عليه " بالدولة المغربية " تحت حكم القبيلة العلوية ، و لكل من يحلو له أن ينعت نفسه بما يسمى الشريف ، و ينسب نفسه لأهل البيت ، و لسلالة محمد " الرسول " للانفراد بالجاه ، والمال ، والسلطة ، والنفوذ ، و الامتيازات التي لا تجتمع إلا في كرسي العرش ، وهي جريمة سياسية شارك في ارتكابها كل من الأحزاب ، و الملكية للتآمر على الشعب المغربي ، واستغلال فكره البسيط ، وعدم تضلعه في الدين والملة ، و العقيدة التي دخلت عليه من المشرق ، في حلة اللغة العربية ، في زمن الفتوحات الإسلامية ، وفرضت عليه بالسيف ، والقوة ، والتطهير العرقي واللغوي ، بمنطق البقاء و السيادة للأقوى ، بل تم استغلال الكرم ، وحسن الضيافة التي يتميز بها المغاربة الأمازيغ الأصليين ، من قبل من يدعي نسبه و انتسابه لأهل البيت ، وهي الفجوات ، و الثغرات التي ضخم حزب الاستقلال منها ، وعمل على ترويجها وتأكيدها رغم عدم صحتها ، واستثمارها إعلاميا ، بدعاية مغرضة بكل المناسبات ، و داخل المساجد ، و الزوايا ، التي كرست الجهل ، و التخلف ، فيما ظل الحزب الشيوعي المغربي آنذاك عاجزا دون استثماره لتحركات القبائل ، وانتفاضاتهم ضد الملكية ، وضد الحماية الفرنسية ، وبقي مكتوف الأيدي صامتا أمام ما يروجه حزب الاستقلال ، والملكية من أساطير، وهذا الصمت يعبر في جوهره عن قبوله اللعبة بدوره ، لأن الصراع حول القضاء على الملكية بالمغرب يتطلب منطقا لا ثالث له : هو أن يكون المغربي صامتا ، و بذلك فهو مؤيدا لها بطريقة غير مباشرة ، و إما مؤيدا ومشاركا في دعمها بطريقة مباشرة ، وإما معارضا حيث الجهر بكل الطرق و السبل ، لأن الأمر في المسألة يتطلب الحسم بين الأبيض والأسود إذ لا مكان للرمادي ... فيما غاب التأطير السياسي لدى المقاومين ، و جيش التحرير ، الأمر الذي جعلهم غير مؤهلين لإعطاء نمط الجمهورية المغربية كبديل عن الملكية ، وهو الفراغ ، و الثغرة السياسية التي استغلها حزب الاستقلال ، و هو ما استثمرته الملكية لتحقيق أغراضهما الدنيئة ، على حساب ضعف ، وعي الشعب المغربي ، الغيرمدرك لما كان يخطط له في الظلام ، وما يحبك ضده من مؤامرات..
كان عموم الشعب المغربي منشغلا بالمقاومة العسكرية ، و المواجهة الميدانية للحمايتين ، فيما لم يهتم كثيرا بالمجال السياسي ، والإعلامي ، الذي كان يتحكم فيه الاستقلاليون ، نسبة إلى حزب الاستقلال فقط ، وهم يطبخون بمطبخهم السياسي كل شيء ، بتنسيق مع الملكية ، حدث التوقيع على وثيقة المطالبة بالاستقلال ، و عودة محمد الخامس كملك إلى كرسي العرش ، مما أدى إلى تضارب المصالح ، ونشوب صراع بين قيادتي الحزبين المتواجدين آنذاك على الساحة السياسية المغربية ، وهما كل من حزب الاستقلال ، والحزب الشيوعي المغربي ، وو الصراعو المخاض العسير الذي أفرز بذلك الحزب الثالث المسمى الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ، الذي كان هدفه في البداية هو النضال من أجل تكافؤ الفرص في تسيير شؤون المغرب ، بين المقاومينمن جهة ، و الملكية من جهة ثنية ، عن طريق الديمقراطية ، وحقوق الإنسان ، الذي دعت إليه الأمم المتحدة سنة 1948 ، وإجراء الانتخابات النزيهة ، التي ستعكس التمثيلية الحقيقية لكل شرائح المجتمع ، في ظل دستور يرضي الجميع ، لكن هل ستتحقق تلك الأهداف بفضل حزب غير متجانس في الآراء ، و المواقف ، سياسيا ، وإيديولوجيا وربما حتى ثقافيا ، وتربويا ، ولغويا ؟؟
علي لهروشي



#علي_لهروشي (هاشتاغ)       Ali_Lahrouchi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قمع خدام ، وعبيد القبيلة العلوية للمغاربة يفرض علي المناضلين ...
- النساء درجات في القهر و الظلم بالعالم والمرأة الأمازيغية بال ...
- قصة الوجه الثاني لمحمد
- التزامات الحزب الجمهوري الديمقراطي المغربي الذي لم يؤسس بعد
- سقطت عذريتكم يا حكام العرب من المشرق إلى المغرب
- حرقة الاِنتظار
- وزارة التربية الوطنية والتعليم بالمغرب تدس السموم للأطفال في ...
- قصة :الله يرى ولكنه لا يتدخل
- قصة : الطريق إلى الجحيم
- تأملات من عمق الذاكرة: صرخة يقظة من القلب إلى الشعوب المحكوم ...
- المغرب بين مطرقة القبيلة العلوية المستبدة ، وسندان الأحزاب ا ...
- أعوان القبيلة العلوية المسلطة تنهج سياسة تشويه وتفريق الأماز ...
- اللإنتخابات المزمع تنظيمها بالمغرب تحت استبداد سلطة القبيلة ...
- ما هو التسامح المطلوب من قبل المسلمين للمملكة الهولندية ؟ ال ...
- ليكون الغرض من إحياء الأمازيغية هو الدفاع عن الإنسانية والهو ...
- ما هو التسامح المطلوب من قبل المسلمين للمملكة الهولندية الجز ...
- ما هو التسامح المطلوب من قبل المسلمين للمملكة الهولندية؟الجز ...
- ما هو التسامح المطلوب من قبل المسلمين للمملكة الهولندية؟الجز ...
- جلسات الاستماع لضحايا الاعتقال السياسي بالمغرب مجرد دعايات ت ...
- البيعة قمة الاستبداد بالمغرب


المزيد.....




- بيرنز يعود إلى القاهرة وواشنطن تأمل -جسر الفجوة- بين حماس وإ ...
- -الماموث-.. -أكبر مكنسة- لامتصاص الكربون في العالم تدخل حيز ...
- بايدن يصرح لـCNN بنصيحة أوباما له بشأن الانتخابات المقبلة
- مناورة -غير عادية- لمقاتلات روسية قرب أمريكا.. ومصدر يوضح ال ...
- الجيش الإسرائيلي ينفي دفن فلسطينيين في مقبرة جماعية داخل مجم ...
- الاتحاد الأوروبي يعلن عدم تجديد تفويض بعثة تابعة له لتدريب ا ...
- الرئيس الأمريكي يحذر إسرائيل من تعليق بعض شحنات الأسلحة إلى ...
- 5 دول تتجه للاعتراف قريبا بدولة فلسطين
- بايدن واثق من أن ترمب -لن يقبل- نتيجة الانتخابات الرئاسية
- حماس: إسرائيل غير جادة وتستغل المفاوضات غطاء لاجتياح رفح


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - علي لهروشي - الجزء الأول من موضوع : القبية العلوية المسلطة على المغرب ، و الأحزاب السياسية العميلة لها وجهان لعملة واحدة !!!