أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي لهروشي - المغرب بين مطرقة القبيلة العلوية المستبدة ، وسندان الأحزاب الإنتهازية















المزيد.....



المغرب بين مطرقة القبيلة العلوية المستبدة ، وسندان الأحزاب الإنتهازية


علي لهروشي
كاتب

(Ali Lahrouchi)


الحوار المتمدن-العدد: 1964 - 2007 / 7 / 2 - 10:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تتعدد الصفات والمواصفات التي يُنعت بها المغرب، منها الصفات التي تُمجده حتى حد اعتباره جنة قد يكون الله نسي ذكرها في كُتبه السماوية الأربعة ، كما ذكر بني إسرائيل مُفضلا إياهم عن العالمين ، وهي صفات مُصطنعة ومُفبركة ، و مقاسها حسب و وفق مقاييس أصحاب المصالح المادية النفعية الانتهازية ، الذين أعاثوا في البلاد فسادا ، باحتقارهم للعامة من الناس ، وتمجيدهم للخاصة التي تربطهم معها علاقات مشبوهة ومتشابكة ، وهو ما يُصفها بصفة عصابة منظمة مستحوذة على البلاد ، بصنعها للتاريخ المزيف ، وإصدارها للتشريعات وللقوانين الظالمة المجحفة ، التي لا يكتوي بنارها وبضغطها سوى المغاربة الذين يُقمعون ، ويُهانون في شرفهم وكرامتهم، ويُجردون من إنسانيتهم ، بل حتى من حياتهم ، وتُسلب منهم حقوقهم على جميع الأصعدة ، وعلى رأسها حقوقهم الثقافية و اللغوية ، منذ أن استولت فيه القبيلة العلوية على الحكم ، مدعومة من قبل الإمبريالية العالمية ، لكونها واحدة من القبائل التي تنفذ أوامر تلك الإمبريالية بالحرف ، مقابل استمرارها على الحكم على المغاربة رغما عن أنوفهم ، ولقد إرتأيت أن اسمي الأشياء بمسمياتها ، كي لا اسقط في فخ النفاق السياسي الذي سقط فيه الكثير ممن يخشون تسمية الأشياء بمسمياتها ، مضطرين إلى الإشارة بالمرموز إلى هذه القبيلة العلوية مستعملين كلمة " النظام " بطريقته الكلاسيكية الضيقة ، التي تشير إلى الحاكم ، والمحكوم , بينهما سلطة الحاكم المنفدة لأوامره ، وبذلك فهؤلاء يتناقظون مع تصوراتهم ، والتوجهات التي يناضلون من أجلها ، إذ أن القبيلة العلوية لو كانت تشكل بالفعل النظام الحاكم ، بما يحمله هذا المصطلح من معنى " النظام " لكان الأمر غير ما هو عليه ، حيث سيادة النظام وغياب عكسها الذي هو الفوضى ، وبالتالي فلا يوجد فرد ديمقراطي ، ومناضل بالعالم يفظل الفوضى عن النظام ، ومن هنا يتوجب على السياسيين إعادة النظر في استعمال مصطلح "النظام" في نعتهم للقبيلة العلوية، لأن هذا المصطلح لم يستعمل في مكانه المناسب ، لأن القبيلة العلوية لا تشكل " النظام" كنظام منظم ، بل هي قبيلة فوضاوية تحكم عن طريق الفوضى ، و التعليمات ، إذ لا تعتبر أحدا ، مادامت الإمبريالية العالمية مساندة لها ، لما تبدله الأولى للثانية من خدمات بفتح أبواب المغرب أمام كل أوامر هذه الإمبريالية ، بدءا باستنزاف هذه الأخيرة لثرواته الطبيعية و البشرية ، وصولا لتسخير سلطاته للقيام بالأعمال القذرة التي لا تستطيع هذه الإمبريالية القيام بها في عقر دارها ، لكونها متنافية مع مبادئها أو مع الحقوق البشرية ، وعلى هذا الأساس تحول المغرب من قبل القبيلة العلوية إلى مجرد مرحاض تفرغ فيه تلك الإمبريالية كل أوساخها ، فقد استعملت سجون المغرب ، وجلادي المغرب لتعذيب ونزع الأقوال بالقوة من قبل الأفراد و المجموعات التي تواجه تلك الإمبريالية من جنسيات وبلدان مختلفة ، وسجيل المغرب في هذا الصدد وسخ للغاية ، كما استعمل أيضا لتصوير أفلام الخلاعة ، وممارسة الجنس مع الأطفال و القاصرين ذكورا وإناثا ، كما أضحى الوجهة الصهيونية التي تعقد فيه اللقاءات السرية و العلنية ، على مختلف القضايا و المستويات ، والتخطيط لتمرير المشاريع الصهيونية ، و الإمبريالية ، و ممارسات العدوان على الشعوب المناهضة لتلك الإمبريالية ، بما فيها الشعب المغربي ، الذي صار ضحية لفوضى القبيلة العلوية المسيطرة على الحكم فيه ، كما تجرى على أرضه التجارب التي لا يمكن القيام بها في الأماكن الإمبريالية الأخرى ، نظرا لما يمثله فيها المجتمع المدني من ثقل ، و الإعلام من استقلالية قد تهز الحاكم في رمشة عين ، وبما أن المغرب مجرد تجمع بشري ، لا يخضع لأي قوانين تجعله في مستوى الدولة ، التي هي استقلالية السلط ، و الديمقراطية ، والحرية ، و الشفافية ، و النزاهة ، وحقوق الإنسان ، وجعل القانون فوق الكل ، فإنه بذلك مجرد مزبلة لتلك الإمبريالية الصهيونية ، وفي إطار الأخذ و العطاء ما بين القبيلة العلوية و الإمبريالية ، استطاعت كلاهما غض النظر عن جرائم بعضهما البعض ضد الإنسانية ، فإلى متى سيظل العالم يتفرج عن تلك الجرائم ، وهو مكتوف الأيدي لا يحرك ساكنا ، هذا هو السؤال الذي تفرضه اللحظة ، و البوابة الحقيقية للنظال؟؟؟
لقد حكم أمر وعقلية العسكر بوقوع أرض وشعب المغرب في المستنقع ، وهي الواجهة الحقيقية للمغرب مهما حاول الطغاة نفيها و إخفائها، فيما يبدلونه من محاولات مسرحية ، تخصص لها أموال هائلة مأخوذة من ميزانية الشعب ، جوهرها صُنع واجهة أخرى قانونيا، وإعلاميا، وسياسيا كأصباغ على وجه مُومس مُتوحش تُوجه للعالم ، و كأنها قوانين ، وإعلام ، وسياسة عادلة ، مُستصدرة ومُصاغة من مؤسسات يُروج لها أنها تُمثل الشعب ، و التي تحاول طمس حقيقة القبضة العسكرية التي يحكم بها المغرب ، قبضة تختفي بين السر و العلن ، بعدما يخطط لها بوضع مقايس تقاس حسب اللحظة التاريخية التي تمر منها البشرية عبر العالم ، أي بين المد و الجزر في حملات القمع ، و الترهيب ، و التخويف ، والتركيع التي يُعاني منها الشعب المغربي ، و تظل القبيلة العلوية هي الجلاد الدائم والمستمر ، فيما لا يتغير وفق تلك المتغيرات العالمية ، سوى الضحية ، حسب ما يميل إليه ميزان القوى العالمي ، و وفق الظروف السياسية ، و الإيديولوجية التي تجتاح رياحها العالم ، حيث تعدد النظريات و القناعات، و التجارب التي يفرزها مخاض هذا العالم بين لحظة تاريخية وأخرى ، من اشتراكية ، و رأسمالية إمبريالية ، وديمقراطية ، وحقوق الإنسان... ويبقى بذلك هاجس القبيلة العلوية و أعوانها من العسكر المتوحش هو الخوف من الإنهيار، الذي قد تحدثه تقلبات ومفاجأة الضغط العالمي ، والحقوقي ، و الإعلامي ، الذي قد يُعري على كل الجرائم المرتكبة ضد الشعب المغربي، بعدما ينكشف وجه تلك القبيلة العلوية الممسوخ كالقرد ، حينها سيُطالب هذا العالم الحر ، الإنساني ، و الحقوقي ، و الديمقراطي، بالقبض على أفرادها جميعا ومُحاكمتهم مُحاكمة شعبية لا ترحم أحدهم ، فلن يكون مصيرهم فيها بذلك سوى كمصير الرئيس الروماني - تشاوسيسكو- الذي نال و أعوانه جزائهم وفق ما أسدوه للشعب، وهذه النهاية الدرامية التي نتمناها، هي التي تجعل تلك القبيلة العلوية كالبحر تارة تظهر بمظهر المد ، وتارة بمظهر الجزر ، وهمها من كل ذلك في الواقع في كلا الحالتين هو أن تفلح في خدع العالم الحر المدافع عن الشعوب المقموعة ، فتتبجح في لحظة المد بمصطلحات هي في الأصل ضد مصلحتها في البقاء على العرش ، كتشدق أبواقها بالتغيير ، وحقوق الإنسان ، والحرية ، و النزاهة ، و الشفافية... فيما أن الواقع العيني المغربي يفند ذلك، حيث أن الشعب لا يشعر بأي تغيير ، ولا يفرق بين الأمس و اليوم ، ولا بين الغذ في ظل استمرار القبيلة العلوية في الحكم ، لأن المغاربة الأحرار منهم ، و التواقين منهم للغذ الأفضل ، هم من سيقرون باستمرار نفس الحالة التي مر و لا يزال يمر منها المغاربة تحت حكم العسكر، الذي يعتبر الملك قائده الأعلى ، إذ لا يمكن مناقشة أمره، أو التشكيك في خططه وخطاباته ، حتى وإن كانت رنانة ، وسياسته ، وأصله و نسبه... فهو بذلك يُعلى على الجميع و لا يُعلى عليه ، وهو بالتالي خليفة الله في أرضه ، حسب ما ورد في ما يُسمى بالقانون الذي صاغته الأيادي الملطخة بدماء الشعب في الظلام ، وفرضته على الجميع بلغة العصا لمن عصى... و من هنا هل يُقبل ويُشجع الواقع الماضي منه ، الفائت ، أو الحالي و الأتي ، في ظل استمرار النهج العسكري في الحكم ، أن يُعتبر المغرب دولة قائمة الذات فيها حاكم ومحكوم، و وطن ، و مُواطن ، و مُواطنة ، قاسمها المشترك هو المواطن ، بما يحمله ذلك من حقوق وواجبات ؟؟؟ أين هو الشعب المغربي ومناضليه لفضح سياسة الأساطير التي يروج لها الطغاة كخيال، والتي تفضحها الحقائق المرة على أرض الواقع ؟ هل يتخيل البعض أن يتحقق في ظل الملكية ما هو واجب ، ومطلوب كالعدل ، و الحق ، و الإنصاف ، والحرية ، والمساواة ، والديمقراطية ، والشفافية ، و النزاهة ، و الصدق ، و الشعور بالمسؤولية ، التي تليها المساءلة ، و المحاسبة ، و العقاب مهما كانت مكانة مرتكب الخطيئة تلك...؟؟؟ بالقطع لم ولن يحدث ذلك تحت الحكم الملكي الفردي المطلق أبدا ، بالرغم من كون تلك الحقوق، و الواجبات ، التي ظلت مطالبا مغربية لعقود ، بل لقرون من الزمن ، هي مجرد أقل شيء تتمتع به باقي شعوب العالم المتحرر، و الديمقراطي في ظل سيادة القانون ، إذ لا شيء يسمو فوق القانون، و الحقوق المدنية ، و السياسية، والاجتماعية، و الاقتصادية، و الثقافية التي صاغها الممثلون الحقيقيون للشعب بالطبع ، وليس كما يجري في السر و الخفاء بالمغرب ، وبالمجتمعات ، و التجمعات البشرية غير الديمقراطية ، التي تصنع الممثلين السياسيين ، والمنتخبين و المؤسسات الصورية ، من أجل خدمة الحكام من الطغاة ، وتركيع الشعوب...
لقد تخطى العالم الحر مثل تلك المطالب ، بعدما صارت مكاسب يومية متداولة لدى الشعب، وهي مطالب ضحى من أجلها المناضلون من المشاركين في الثورات الشعبية ، التي تحققت من أجلها تلك المكاسب ، التي تظهر حاليا للأجيال الصاعدة وكأنها مجرد حقوق ، و واجبات ، ومكتسبات عادية، وُجدت، و خُلقت مع الإنسان عن طريق الفطرة، فصارت هذه الأجيال مُتفرغة ، ومُهتمة بحقوق الحيوانات والطبيعة، التي لا تنفصل عن حقوق الإنسان ، وتلك هي مقومات الدولة الحديثة المكونة للعالم الحر، و للتمدن الحقيقي الذي ينبذ منطق الراعي ، و الراعية ، ولغة السيد و المسود، التي تتضمن لغة العبد و السيد السائدة بالقرون الوسطى ، لكنه بالرغم من الحقبة التاريخية الفاصلة بين زمننا الحالي وتلك القرون ، فإن القبيلة العلوية وعسكرها المتوحش ، المجسد ليس فقط في المصطلح التقليدي المعروف بالجنود و الجيش، بل هو مجسد في المقدمين ، و الشيوخ ، والقواد ، و الباشاوات ، و العمال ، و الولاة ، والقضاة ، و الكُتاب ، والمحامون الموالين و المطيعين ، والمساجد ، و الموظفون ، والبوليس السري ، و العلني منه ، والدرك ، و المخزن ، و السيمي ، والحرس الملكي و الشرطة ، والعريفات ، وهن النساء المتخصصات في التجسس على النساء داخل بيوتهن ، إلى جانب الأحزاب الشرعية ، و الجمعيات ، و المنظمات ، و النقابات ، و الوداديات ، و الاتحادات ، والإعلام السمعي منه ، و البصري ، والمقروء ، وكل من يقر منهم بما ورد بالدستور الممنوح ، و المفروض على الشعب بأسلوب المنح و العطاء ، وضرورة القبول و الرضا ، وكل من يعترف بالقانون المجحف ، وبكل المراسيم الفوقية المفروضة بشكل ديكتاتوري ، وكل من يتزلف ، ويدافع عن الملكية البعيدة كل البعد عن منطق الشرعية ، التي لا تُخفى حقيقتها على أحد ، وكلها أجهزة مُجندة للضغط على الشعب لحماية الملكية ، بأكاذيب الديمقراطية و النضال ، و الانتخابات لولوج مؤسسات صورية ، فاسدة كالبرلمان ، والمجالس البلدية ، و القروية ، التي ليس الغرض منها سوى نهب الأبرياء من أبناء الشعب ، وسرق و اختلاس أموالهم للمزيد من الثراء الفاحش بُغية التسلق للتقرب من أبواب القصر الملكي ، حيث يركن مفتاح الكنز، إذ أن الشخص الذي حصل و أن رضي عنه الملك الذي يضع نفسه في منزلة الرب و الإله ، فقد غُفر له ذنبه فيما تقدم وما تأخر ، ومن هناك يحق له أن يسرق ، ويحتال ، ويغتال ، ويقتل ، ويعذب ، ويُجرد من أراد من الأبرياء من أموالهم ، أو ذريتهم أو ممتلكاتهم ، أو حتى من أروحهم وحياتهم ، دون أن تطاله أيادي الحساب و العقاب ، ولا حتى المسائلة ، لأن الملك قد رضي عنه ، وصار بذلك شريفا، رغم أنه حقير وخائن للأمانة ، ولص تنطبق عليه كل النعوت ، و المواصفات القدحية ، ومع ذلك فقد يتسلم البطاقة البيضاء ، التي لا يحاسب أصحابها وحامليها ، عملا بمقولة :" إذا أجرم الشريف تركوه ، وإذا أجرم الوضيع أقاموا عليه الحد" ومن هذا المنطلق يمكن اعتبار المغرب مجرد تجمع بشري يحكمه العسكر الظالم و المتوحش . لكن هل سنظل فاشلين ، مكتوفي الأيدي في انتظار نبوة أخرى تحررنا من البطش ، و حكم القياصرة والطغاة ؟ متى سندرك ما ينتظرنا من هلاك تحت الحكم الملكي الفردي المطلق ، لنتحرك بذلك مهما كانت خسائرنا ، لأن الشعب في الأخير هو من سيربح المعركة ، لكونه يُشكل الأغلبية المطلقة ، وهذا هو المنفذ الحقيقي للتغيير المنشود ؟؟
بادئ ذي بدء ، لقد بلغ السيل الزبى ، و صارت عقدنا ، وخوفنا ، وتخوفاتنا نحن المغاربة لا تُوازيها عقد ساكنة العالم برمته ، إذ صرنا شعبا بلا هوية بعدما اضمحلت هويتنا بضغط من هوية الأخر، فلم نعد نفكر كما نريد ، أو نتكلم كما نريد ، أو نكتب ونعبر كما نريد ، أو نلبس كما نريد، و لا نشرب كما نتذوق، ولا نأكل كما يجيب ويحلو لنا، بعدما تم غسل أدمغتنا بمسحوق يجرد الإنسان من إنسانيته التي هي أساسها الشجاعة ، و التضامن ، والتآخي ، و التآزر، و النضال ، بقول كلمة حق ولو في وجه حاكم طاغي ، وهي من القيم العليا التي خسرناها، بعدما تحكم فكر بعض الأئمة و الدجالين ، و السحرة ، والفقهاء المواليين للقبيلة العلوية في ذوا كرنا وضمائرنا ، وأصبحت مُقيدة ومُحتلة ، ومسلوبة بمنطقهم ، منطق محدود المساحة يدور وسط دائرة مفرغة ، و بين حيطان وأسوار فلك الطابور الخامس المماثلة للسجن ، حتى صرنا بذلك نمشي بأمرهم ، ونتحرك وفق قوانينهم ، وفتاويهم كالكراكيز ، وهم من يتحكم فينا من بعيد متلاعبين بالملة ، و العقيدة ، و الدين و الوطنية ، بل يصنعون منا و بأجسادنا أشكالا لا تتداول أمثالها إلا على خشبة المسرح ، و التمسرح ، و بذلك تُلقى بأجسادنا ، وبعقولنا ، وضمائرنا ، مسرحيات الهزل ، و التهريج بهذه الحياة ، ونحن في غيبوبة كأشباح تتحرك بلا أرواح ، و بلا فكر، و بلا منطق ، فظل كل واحد منا يبحث في وحدانيته ، وإنعزاليته عن هوية ، ليست هويته الأصلية يستر بها نفسه التي تركها تجار وأباطرة الدين و السياسة في العراء ، عندها فتحت الزوايا ، و الأضرحة أبوابها لتخدير عقولنا، إلى أن صارت بذلك إناثنا مغلفات بالأثواب البيضاء كالميت الحي ، أو بالأثواب السوداء كالخيام المتحركة ، فيما صار ذكورنا ملتحيين وكأنهم سجناء تحت الأرض لقرون من الزمن ، تعلو أللحي وجوههم لتغطي تقاسمها التي تخفي العناء ، و الشقاء ، بشعرها الوسخ المتشابك ، فلم يعد لنا بذلك رأي فيما نفعله عندما تم استسلامنا لفكر ولمنطق الآخر ، فحلت أسماء قديمة ، سلفية عديدة بسيراتها ، وبصفاتها ، وبأعمالها ، وبأفعالها ، وبأقوالها محل وجودنا الحقيقي في زمن عصري ، حداثي ، تقدمي ، صناعي و معرفي ، و معلوماتي و تقني... بالرغم من الفاصل الزمني الذي يعد بالقرون بين هذه المرحلة و تلك ، أسماء لؤلئك الذين لم يكونوا يعرفون في عهدهم المتخلف ، و المنغلق سوى محيط ضيق تتخلله الناقة ، و السيف ، و البعير، و الخليلة ، و الخلوة في عمق الصحاري على ظهر الفرس و الجواد ، وبثقل أولئك ، وتأثيرهم المرعب على ذاكرة شعبنا ، ظل الجل في عصرنا هذا منشغل بالغسل ، والوضوء ، والطهارة ، والاختلاف ، و الخلاف حول من تحق له الأسبقية من أعضاء الجسم لحظة الوضوء ، فتم تقسيم يومنا إلى أوقات نقضيها في الدلك ، و الغسل ، و السجود ، والركوع ، ومع ذلك يصيح الفقهاء بجملة مضحكة مفادها " حي على العمل" بعدما مر اليوم كله في الفراغ بسرعة ممر القطار، ونحن لا نزال في ظلمة المعابد ، فيما تهتم باقي الشعوب المتحررة باستخدام العقل ، واستغلال الوقت والزمن لمواكبة سرعة هذا العصر المرعب ، وصناعته ، و مفاجئاته المخيفة ، فلم يعد لنا نحن رأي فيما نفعله ، بهذه الحياة التي تستدعي من المرء أن يستغلها مهما استطاع ، مادام يتمتع فيها بالروح ، و الجسد لتحرير الذاكرة المحتلة ، التي تنادي و تناشد من يعتقها من الأغلال ، ويرفع عنها الأصفاد ، و الحواجز و المتاريس ، ويُخرجها من الظلمة إلى النور، فهي في أمس الحاجة إلى اليقظة ، و العلم والمعرفة ، و التطور و النور، ونفض الغبار عنها وتحريرها لتمتطي الركب الحضاري ، وهو السبيل الحق و القوي لبناء مستقبل زاهر، لأن البناء تلزمه القوة و الفكر ، و التخطيط و المعاينة ، من بدايته إلى نهايته ، إذ لا بُنيان يعلو بدون ذلك ، وإذا حصل و أن دُمرت العقول ، ودُمرت قوة وصمود الذكور، و الإناث ، فلن يصمد بذلك أي بُنيان مهما ظهرت عظمته..إذن فالمدخل الأساسي المؤدي للتغيير و للبنيان الصامد هو تحرير الذات الفردية و الجماعية من بؤر التخلف ، باستخدام العقل المادي للتركيز على الواقع ونبد الخيال ، والنظرة إلى ما يحمله المستقبل ، بعيدا عن أخطاء الماضي التي لا تزال تهيمن على الحياة اليومية لأفراد التجمعات البشرية المتخلفة ، التي يعد المغرب واحدا منها ... وفي هذا الإطار فإنه إذا حكمت الطبيعة البشرية على مكونات العالم بمنطق الذكر و الأنثى ، مع تحركهما ، ومشيهما على قدمين متساويين ، فإن طبيعة الشعوب المتخلفة قد حكمت على الرجل ، و القدم الثانية بالعجز، و البتر ، و الشلل ، ذلك بالقضاء على المرأة ، و وضعها داخل السجن المنزلي ، بعدما تم تغليفها بثوب التخلف ، و الجهل ، و الأمية ، والإلقاء بفكرها ، وبمخيلتها وبرأيها ، في بحر النسيان ، و الحرمان ، و التهميش ، وبذلك العجز قد يستحيل أن يصل جسد أحد من الذكور إلى ضفة التقدم و الإنعتاق ، مشيا على رجل واحدة ، لأن رحلة الحياة هذه طويلة وشاقة ومتعبة ، و المشي على الرجل الواحدة لن توصل صاحبها إلى الهدف المنشود ، الذي هو المستقبل الزاهر ، لأنه من المستحيل أن يتحمل أحد وحده عبء هذه الحياة بعيدا من عون الأخر ، حتى ولو نزلت المعجزة من السماء ، أو خرجت من باطن الأرض ، ومهما فعلت الطبقة الطاغية الحاكمة بالبلدان العربية ، و الإسلامية مدعية تحريرها للمرأة كنصف مكمل لقوة الرجل، وإعطائها نسبة داخل المؤسسات المعينة و المزورة ، فإن ذلك يظل من باب الخدعة ، وتنويم الشعب ، و لن يزيد ذلك إلا في فضح هيمنة الديمقراطية المزيفة شكلا ومضمونا على الحياة السياسية ، و الاجتماعية ، و الاقتصادية بتلك التجمعات البشرية ، التي لم ترق بعد إلى مستوى الدولة ، كما يُعري عن واقع الحرية المصطنعة ، والحقوق المشوهة ، لأن المساواة لا تعترف بالنسب ولا بالكوتا ، إذ لا شيء يعلو في ذلك على المساواة ، التي بدونها سينهار بُنيان أي مجتمع مهما كان صموده... فما هو السبيل إذن الذي يجب إتباعه لإخراج المغرب من موقع التجمع البشري المحكوم من قبل العسكر المتوحش ، إلى موقع دولة الشعب المتحررة و الديمقراطية ، التي يتساوى فيها الجميع ذكورا وإناثا ، إذ لا فرق بينهما إلا في العلم و الخبرة ، و المعرفة ، و التجربة؟؟
بداية فأن ينظر المرء إلى نفسه صغيرا محسنا تعامله مع الناس بممارسة يتقدمها التواضع، والإخاء ، والتسامح ، و الصبر ، و الإنسانية ، فقد يصبح بذلك شخصا كبيرا لدى العامة من الناس ، بالرغم من نظرة الصُغر و التصغير ، و الاستصغار التي وضع فيها نفسه ، أما أن يرى المرء نفسه كبيرا عن الآخرين فيعاملهم تعاملا وحشيا ، يهيمن عليه النفاق ، و الاحتقار، و الاستصغار، و الحقد ، و الكراهية ، والتعجرف ، و التكبر، فقد يصبح هذا المرء صغيرا لدى تلك العامة من الناس ، رغم اعتقاده بغير ذلك ، فينظر إليه كالذي صعد الجبل وبدأ يضحك و يستهزأ لأنه يرى الناس أصغر منه ، ولكنه يجهل أن أولئك الناس هم من يرونه فوق قمة ذاك الجبل أصغر منهم، وهي المعادلة التي تنطبق علىكل من الملك و و الأحزاب ، و الشعب المغربي ، ففي ما يرى الملك والأحزاب ذلك الشعب صغيرا ، فإن هذا الأخير هو من يراهما أصغران منه ، وهي النظرة التي قد تفجر الصراع أحيانا بين أبناء الشعب التواقين للحرية ، و المساواة ، و الديمقراطية ، وبين القبيلة العلوية الحاكمة ، و الأحزاب الإنتهازية الخائنة ، من الذين غرسوا بسياستهم كل أشكال الجهل ، و الأمية ، والتخلف في جسد الشعب ، وبذلك وجدوا ضالتهم و استمراريتهم ، و بقائهم ، وهم ينظرون إلي الشعب بعين احتقارية تسودها العبودية والرق ، وكلما تحرك أفراد الشعب من المناضلين الرافضين لسياسة الاستغلال و العبودية ، و التخدير، و التنويم ، و البطش ، إلا وغضب القبيلة العلوية ، وأعوانها ، من خدم وعبيد مُكشرين عن أنيابهم المفترسة ، مُلقيين بسمومهم كالأفاعي بأجساد كافة أفراد ، وجماعات الشعب عبر نظريات وحجج واهية ، هاجسها الأمن ، و الدوام ، و الاستمرارية ، للحكم الملكي المطلق ، و الاستقرار... وفي هذا الصدد قال – انجلز- " يا لها من سذاجة طفولية أن يحول المرء قلقه الشخصي إلى حجة نظرية" ومن خلال هذا ظلت الملكية ولعقود من الزمن منذ احتلالها وأتباعها للمغرب ، هي التي تخطط لكل شيء مطبقة نظريتها الشخصية ، التي يُهيمن عليها الغضب ، و الخوف من فقدان كرسي العرش، وسياسة الانتقام من الجميع ، وبذلك هيمن حكمها الفردي المطلق على جميع المناحي ، وعلى رأسها الشأن السياسي ، و الاجتماعي ، و الاقتصادي والفكري ، و اللغوي ، مُسخرة بذلك كل أساليب القمع ، بما فيها بعض النساء من العاهرات ، و الباغيات ، و بعض المثقفين لمواجهة دعاة التغيير، حيث تخصصت تلك النساء في مهمات تجسسية ، وتدميرية لحياة المناضل الصنديد ، واستقطابهم عبر العلاقة المشبوهة ، و الجنس نحو الجحيم ، فيما تفرغ بعض المثقفون لترويج بضاعتهم الفاسدة وزرعها كسرطان بجسم الشعب من خلال المدارس ، و المعاهد ، والجامعات ، و الجوامع، و المساجد ، و الأضرحة و الزوايا ، وكل الأماكن العمومية المعتمدة على تعظيم ، وتمجيد الملكية ، إلى حد تفضيلها أحيانا عن الرسل و الأنبياء ، بل عن الرب و الإله ، وكأن الشعب قد يموت جوعا ، و بأسا ، ويأسا ، في حالة غياب الملكية ، وسيادة الجمهورية محلها، وهم من يشرعنون حتى غطرسة الملكية وظلمها ، وطغيانها معتبرين إياها عطفا ، وعفوا ، و رأفة ، والتفاتة ملكية ، أليس من العدل أن يتم فضح هؤلاء الكُتاب من المدافعين عن هذه السموم الملكية مهما بلغ ثمن ذلك؟ ومتى ستستيقظ الشعوب لتنظيف المجتمعات العربية ، و الإسلامية برمتها من الملكيات ، و السلاطين ، و الأمراء الفاسدين ، الذين لا يصلحون حتى للسهر على رعي الأغنام و المواشي ، فما بالك وهم من يرى الشعب كرعية ؟
عندما خرج الشعب بمختلف البلدان التي عرفت التغيير عبر قيام الثورة ، ليقود النضالات و الاحتجاجات ، و العصيان المدني ، و الإضرابات ، و المظاهرات ، وبرز بذلك كقوة سياسية ، وفكرية واجتماعية ، فإن ذلك لم يتم بسهولة بين عشية و ضحاها، وإنما تم الإعداد و الاستعداد ، عبر تضحيات المخلصين من المناضلين التقدميين الثوريين ، ممن لا تهزمهم الإغراءات ولا الملذات ، من الذين لا تتوقف عجلات نضالاتهم عن الحركة ، و لا يبتعدون عن هموم الشعب قيد أنملة ، إذ بقوا مرتبطين بالشعب ليظل يقظا مفتوح العقل و البصيرة ، كي لا تأخذه سنة ولا نوم ، حتى يتحقق النصر ، وتحرير البلاد من الفاسدين و الطغاة ، لأنهم واعون كل الوعي بما ينتظر مثل هذا التحرك الشعبي ، والعمل الثوري من متاريس ، وعراقيل ، و قمع شرس ، و انتقاد ، وتشكيك ، وتخويف ، وتحريف للحقائق ، وترويج الإشاعات المغرضة ، قصد إجهاض هذا التغيير في الرحم قبل ولادته.. و المناضلون الحقيقيون هم من يعي أنه عندما يفلح الشعب لاقتحام الشارع ، فقد يبدأ حينها الحوار يدور في الأوساط الانتهازية ، حول المغزى من تلك التحركات ، وما هي أهدافها ومطامحها ؟ و ما هي الجهة التي لعبت دور المغناطيس لتوحيد الشعب ، من أجل فرض ذلك التغيير ؟ ومن يقود تلك النضالات ؟ وهل سيتم تحقيق الأهداف المنشودة من خلال تلك الثورة الشعبية ؟ كلها أسئلة ، وشكوك، وتحليلات ، وانتقادات ، لو أجهد الفلاسفة والباحثين أنفسهم لثبت لهم في الأخير ، واجتمعوا على نتيجة واحدة ، مشتركة ، مفادها أن تلك الهزات ، و الثورات الشعبية ، إنما هي مجرد نتيجة منطقية لمساوئ الرأسمالية وأنظمتها الطاغية و التبعية ، التي زاغت عن سكة العدل ، وعن أعراف الفكر الإنساني بما يتضمنه من حقوق ، وعن أنظمة الحكم الديمقراطي ، قولا وممارسة ،من هنا سيتبين للجميع أن غرض منتقدي تلك الثورة الشعبية ، هو رغبتهم في البقاء تحت راية النظام الإستبدادي القديم ، لما يضمنه لهم من حياة أفضل بعيدا عن أنين البؤساء ، والفقراء و المحتاجين.. فيما سترى البرجوازية ، وممثلي أفكارها أن حلم قيام الثورة لا يعد إلا ظاهرة مؤقتة ، ومطالب شعبوية ، وسوف تتوارى ، وتختفي عندما يطور النظام الرأسمالي في الإتجاه الديمقراطي.. فيما يصب الإشتراكون لجام غضبهم منتقدين بذلك الرأسمالية بمرارة ، مصريين على الاتجاه نحو نظام جديد، وإقامة الاشتراكية ، وذلك بالعمل على تحويل الملكية الفردية لوسائل الإنتاج إلى ملكية جماعية عبر التعاون الجماعي ، و المساعدة المتبادلة ، و إلى هذا الحد يظل الأمر لدا هؤلاء جميلا ، ومحبوبا لدى الجميع ، لكن ما يفاجؤون به العالم التقدمي ، أن البعض منهم يرى أن ذلك التغيير للوضع ، بإلغاء الملكية الفردية ، وتحقيق العمل الجماعي ، وإقامة الاشتراكية ، لن يتم إلا عبر التوعية ، لإقناع الرأسماليين ، والأغنياء ، بالمساهمة في بناء الاشتراكية تلك ، وهو ما يراه الثوريون التقدميون الديمقراطيون ، من باب المستحيل ، إذ لا يعقل أن يرضى ، ويقبل الأغنياء من البرجوازيين بالاشتراكية ، وهم من يسبحون بحمد الرأسمالية ، و بذلك يظل هؤلاء الإشتراكيون مجرد طوباويون ، بعيدون كل البعد عن فهمهم للصراع الطبقي ، وعن دور الشعب بمكوناته من طلبة مقموعي الفكر ، مجردين من حرية التعبير و التفكير، وفلاحين صغار مضطهدين من قبل الإقطاعيين و السماسرة، وعمال مستغليين من قبل المشغلين ، و العاطلين من الرجال ، و النساء ، ضحايا سياسة الإقصاء ، والمهمشين ، و المحرومين من أبناء الشعب ، بعدما نهبت أولئك الرأسماليون حقوقهم
إن الطليعة الثورية التي تشكل الطبقة العاملة فيها قيادة الصراع ، وتحرك كل المتضررين ، مهما اختلفت مواقعهم ومناصبهم من أبناء الشعب ، هوالقطب الحقيقي الذي توكل إليه المهمة في حسم الأمور عبر قيام الثورة ، وإنجاحها عبر اقتحام كل المؤسسات ، و الاستيلاء على كل أجهزة السلطة ، لمناصرة النظام الاشتراكي الثوري الديمقراطي ، الذي سيحسم مع الفكر الإقطاعي ، و الرأسمالي ، و الملكي الإستبدادي ، في حينه وبرمته ، بعيدا عن الأحزاب الشرعية التي يقودها الاشتراكيون الطوباويون ، الذين لم يدركوا بعد ، أو كونهم يتجاهلون عن عمد ، أن الاشتراكية في الأصل هي عدوة الرأسمالية ، كما أنها ضرورة تاريخية ، تتم عبر الصراع الطبقي ، و الطبقة العاملة هي التي ترأس في هذه العملية ، والحتمية التاريخية قيادة الثورة لتحقيقها ، بعيدا عن الرؤية ، و المنظار المثالي الذي يربط قضية التطور بتوعية البرجوازيين ، و الأغنياء ، و إقناعهم للتخلي عن النظام الإقطاعي ، و الرأسمالي ، لمناصرة النظام الاشتراكي ، إذ كيف يعقل أن يتم توعية العدو لينقلب بسلاحه ضد نفسه من أجل إرضاء عدوه ، وهذا ما يتوجب على الإشتراكيين الطوباويين بالمغرب استيعابه ؟
إن الشعب المغربي يعاني من هيمنة هذه الاشتراكية الطوباوية على ساحتة السياسية ، وهي تتلقى دعما ماديا ، وسياسيا ، و مساعدة من قبل الملكية ، وذلك عبر استفادتها من التزوير الذي يفرز المؤسسات المنتخبة بين قوسين ، والمعينة ، التي يحتل فيها الاشتراكيون الطوباويون نسبا عن طريق عقد الصفقات السرية منها و العلنية ، حتى تستمر أطوار اللعبة السياسية ، التي يكون فيها الخاسر الأكبر دائما هو الشعب ، الذي لا يزال يثق في شعارات هؤلاء ، كما أن الملكية لم تتعامل مع هذه الأحزاب ، و المنظمات ، و النقابات التي تتحرك في إطار ما يسمى بالشرعية ، إلا بعدما أدركت أن اشتراكيتها الطوباوية لا تشكل خطرا على وجودها ، واستمرارية نهجها ، وهي لا ترقى إلى درجة تجعلها تقود الثورة ، ما دامت تتبنى شعار توعية و إقناع الأغنياء ، والبرجوازيين ، للانضمام بشكل جماعي للنظام الاشتراكي ، وهو الشعار الذي لا يأتي بثمار لذيذة للشعب ، ولا يخدم الثورة ، ولا حتى الديمقراطية ، و بالتالي لا ينتظر من تلك الاشتراكية الطوباوية المزيفة شيء ، ويبقى من الملح ، و الضروري على الشعب المغربي أن ينزل إلى الشارع ، لاقتحام المؤسسات ، و الإدارات ، ومقرات تلك الأحزاب ، و النقابات متجاوزا بذلك للنضالات المحدودة و المحتشمة ، المقتصرة على تنظيم المسيرات ، والوقفات الاحتجاجية المناسباتية ، التي تصدر من هنا وهناك، و سرعان ما يتم امتصاص غضبها من قبل الأحزاب ، و النقابات ، التي تتقاسم كعكة الشعب مع الملكية ، وهي أحزاب خائنة مهما كانت شعاراتها ولباسها الإيديولوجي التي تدعي من خلاله أنها سائرة على الخط الاشتراكي ، وهو الأمر الذي يمكن الوقوف عن توضيحه:
لقد لوحظ أن هناك نوعان من الاشتراكية : أولهما الاشتراكية الثورية التقدمية الثابتة ، المرتبطة حقا بهموم الشعب ، وقضاياه ، تلك التي تعتبر نفسها من الشعب وإلى الشعب، مُتبنية في ذلك وُضوحا إيديولوجيا ، وبرنامجا سياسيا ، واقتصاديا واجتماعيا ، وثقافيا مرتبطا أشد الارتباط بالشعب ، ومستجيبا لمتطلباته ولطبقته العاملة ، وهو برنامج غير خاضع للتحريف ، أو التنازل أو التزييف ، مهما حدث، عملا بمقولة " من عهد وفى " وقد يمكن اعتبار هذه الاشتراكية بالاشتراكية الشعبية الثورية الديمقراطية ، البارزة بالخصوص في أمريكا الجنوبية بكل من كوبا وفنزويلا و... وبآسيا كالصين ، وكوريا الشمالية... في المقابل اشتراكية طوباوية ، غير ثابتة ، وصولية ، تتقاسم مصالحها الحزبية و الشخصية ، والنفعية مع البورجوازية ، فهي بذلك غير ديمقراطية ، لا تظهر بمظهر الاشتراكية إلا عند حلول موعد الانتخابات ، كي تزيد من شعاراتها التي تخدع بها المصوتين على اختياراتها المتذبذبة ، وهي اشتراكية مبنية على الحيف و الزيف، لا تظهر إلا على مستوى الشعارات فقط ، إذ أن شعارها يتحول ، ويتغير حسب موقعها داخل اللعبة ، التي وضعتها البرجوازية ، المتحكمة في القرار بالمال ، و الجاه ، و القوة ، وهذا النوع من الاشتراكية المذلولة متواجد أساسا بالمغرب ، وبالدول العربية و الإسلامية ، التي لم يعرف تاريخها السياسي هزة ثورية ، قد يمكن للتاريخ تدوينها ، وهي أحزاب لا تعرف شيئا عن الأهداف الحقيقية و الإنسانية ، و النبيلة للاشتراكية ، وهذا التحليل المتواضع ، والاستنتاج الواقعي يعكسه الوضع المالي ، و الاقتصادي ، و الاجتماعي، و الطبقي للمسئولين عن تلك الأحزاب التي تحسب نفسها عن قطب الاشتراكية ، بكل من المغرب وبالتجمعات العربية والإسلامية، حيث أن قادات تلك الأحزاب ينعمون في المال، والجاه ، والسلطة ، من خلال تحالفاتهم السرية منها، و العلنية مع البرجوازية ، و الحكام المستبدين ، للاستفادة الشخصية، و الحزبية ، من الوضع المأساوي ، الذي يضغطون به على الشعب كي يظل بعيدا عن الصراع، منشغلا فقط بهمومه اليومية، ومستقبله الغامض، في ظل عدم الوضوح الذي يهيمن على الحقل الاقتصادي ، والسياسي ، نتيجة عدم الوفاء و النزاهة ، و المسؤولية ، و الوعد التي يوزعها المنتسبون للاشتراكية في كل مناسبة ، رغم أن أساليبهم بعيدة كل البعد عن مصدر الإشتراكية الحقيقي ، الذي هو الماركسية كنظرية مختلفة عن كل النظريات ، لكونها علمية مفسرة للعالم ، كما تساعد على تغييره تغييرا ثوريا، وهي نظرية تكتشف القوانين الموضوعية في المجتمع ، وتعطي إمكانيات الاستفادة منها في حياة الناس وانشغالاتهم ، و نضالاتهم اليومية ... وإذا حصل أن إحتد النقاش مع هؤلاء الإشتراكيين الطوباويين ، لتوقيفهم عند حدهم ، وتذكيرهم بإنزلاقهم عن الأهداف النبيلة للإشتراكية ، فإنهم سيتدرعون في ذلك بانهزام الاشتراكية في عقر دارها ، الذي هو الاتحاد السوفيتي سابقا ، متذرعين بكون الأمر متجاوز تاريخيا، فلم يكن تبريرهم ذلك إلا غرضا في التملص من مسؤولياتهم في ما أسدوه للشعب من مكر وخداع ، عبر إجرائهم صفقات سرية منها ، وعلنية مع الطغاة من الحكام على حساب الشعب ، وهو ما يقر بفشلهم ، وعجزهم ، وعدم امتلاكهم القدرة ، و الشعور بالمسؤولية اتجاه مستقبل زاهر ، ومتقدم ، وحر ومتحرر يستفيد منه الجميع ، وهو وضع لن يتأتى في المغرب إلا بقيام الثورة ، كما أن عدم نضجهم الثوري ، وفشلهم الذريع و عدم قدرتهم ، الفكرية ، والنفسية ، والتربوية على تقديم أي شيء ايجابي للثورة ، هو الذي يجعلهم مجرد مناضلين أشباح ، يوجهون سيوفهم و أسلحتهم ، و اتهاماتهم المجانية للنظرية الماركسية ، متجاهلين أن هذه النظرية لم تأتي من فراغ ، أو من عقلية أحدية الجانب ، أو فوقية فرضت على الشعب من القمم الحزبية ، أو النقابية ، أو من خلال الحكم الفردي المطلق ، بل هي نظرية مستنبطة من الواقع العيني المعاش للشعب ، كما أن ماركس الذي اكتشف المفهوم المادي للتاريخ ، ولقانون القمة الزائدة ، لم يتعالى عن الواقع ، وهو ينظر للشعب من قمة الجبل ، بل عمل على دراسة الواقع ، والتعامل معه ، فاستنبط بذلك الديالكتيك من هيغل ، ثم أعطى نوعية دياليكتيكية جديدة، وأخذ من مادية فيورباخ وأعطى بذلك نوعية مادية جديدة، ثم أخذ من الاقتصاد السياسي من آدم اسميث وريكاردو، وأعطى نوعية اقتصادية جديدة ، وبذلك تمكن عبر اجتهاده ، واحتكاكه مع الواقع الشعبي أن يصيغ نظرية الاشتراكية العلمية ، فأين هم من يسمى بالاشتراكيين العرب لتحقيق مثل هذه الاجتهادات ، والمجهودات ؟؟ هل لا ينتظر هؤلاء سوى أن تقدم لهم النظريات و الحلول على أطباق من ذهب ، حينها سينتقدونها ، ويحرمون بذلك الشعب من تذوقها و تجربتها، و لا ينظرون إليه من الأعلى إلا نظرة الاحتقار و التخلف ؟؟ أليس من حق العرب و المسلمين أن يجتهدوا لتطوير حتى النظرية الماركسية إذا اقتضى الأمر ذلك ، لتتأقلم وتتماشى مع ثقافتهم ، وأساليبهم في الحياة لو كانوا بالفعل صادقين ، في شعاراتهم ، وفيما يفعلون ؟ ألم تبقى تجمعاتهم البشرية التي يطلقون عليها" الدول" بعيدة كل البعد عن الركب الحضاري ، والتاريخي ، والإنساني ، إذ أنها لم تعرف من التجربة الاشتراكية ذرة ، ولا حتى من التجربة الرأسمالية الكاملة بجوانبها الايجابية و السلبية ، و التي تضمن على الأقل لمواطنيها حقوقا ثابتة كالسكن ، والشغل ، و التعليم ، والتطبيب ، وحرية التعبير ، والسفر ، و التعويض عن المرض و البطالة ... أين هي هذه الحقوق لدا ما يسمى بالرأسمالية العربية ، و الإسلامية ، وهل يفهم هؤلاء في الأصل معنى النظريات الاقتصادية ، والسياسية ، والفكرية ، والإيديولوجية ، و الاجتماعية ، حتى يتعاملون معها على أرض الواقع ؟ أم أنهم راضون بحكم الغاب المسلط عليهم ، وسيضلون كذلك محملين المسؤولية للقضاء و القدر، بلغة فضلنا بعضكم عن البعض، حتى أخر نفس في حياتهم ؟



#علي_لهروشي (هاشتاغ)       Ali_Lahrouchi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أعوان القبيلة العلوية المسلطة تنهج سياسة تشويه وتفريق الأماز ...
- اللإنتخابات المزمع تنظيمها بالمغرب تحت استبداد سلطة القبيلة ...
- ما هو التسامح المطلوب من قبل المسلمين للمملكة الهولندية ؟ ال ...
- ليكون الغرض من إحياء الأمازيغية هو الدفاع عن الإنسانية والهو ...
- ما هو التسامح المطلوب من قبل المسلمين للمملكة الهولندية الجز ...
- ما هو التسامح المطلوب من قبل المسلمين للمملكة الهولندية؟الجز ...
- ما هو التسامح المطلوب من قبل المسلمين للمملكة الهولندية؟الجز ...
- جلسات الاستماع لضحايا الاعتقال السياسي بالمغرب مجرد دعايات ت ...
- البيعة قمة الاستبداد بالمغرب
- المغرب وسياسة الأبارتايد
- الصحراء الغربية بين طموحات الشعب الصحراوي وتخاذل النظام المل ...
- المغرب مجرد تجمع بشري لا علاقة له بمفهوم الدولة
- أسباب ظهور الخلايا الجهادية حاليا ، و الحركات الثورية مستقبل ...
- لبنان ليس هو الحريري ، والحريري ليس هو لبنان فمن ينقذ شعب لب ...
- نداء تاريخي للدعوة لتأسيس الجبهة الثورية الديمقراطية الأمازي ...


المزيد.....




- إسرائيل تعلن استعادة جثامين رهينتين وجندي من غزة
- بعد الهجمات الأميركية على منشآتها النووية.. طهران تهدد بـ-رد ...
- خبير عسكري: هكذا ألحقت -مطرقة منتصف الليل- ضررا بمنشأة فوردو ...
- كيف علق مغردون على مشاهد الدمار في إسرائيل؟
- تقرير أممي يرصد زيادة غير مسبوقة في الانتهاكات ضد الأطفال
- نيويورك تايمز: 12 قنبلة ضخمة لم تدمر موقع فوردو وإيران نقلت ...
- خريطة دراما رمضان 2026.. عودة قوية لنجوم الصف الأول
- كاتب أميركي: إنها حرب ترامب ومقامرته وحده هذه المرة
- أمير قطر والرئيس الفرنسي يبحثان الهجمات على إيران
- واشنطن مستعدة للتفاوض وأوروبا تحث طهران على عدم التصعيد


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي لهروشي - المغرب بين مطرقة القبيلة العلوية المستبدة ، وسندان الأحزاب الإنتهازية