أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد كشكولي - مجزرة المسجد الأحمر مشهد من السيناريو القاتم للنظام الإمبريالي العالمي















المزيد.....

مجزرة المسجد الأحمر مشهد من السيناريو القاتم للنظام الإمبريالي العالمي


حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)


الحوار المتمدن-العدد: 1976 - 2007 / 7 / 14 - 12:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


شغلت منذ أيام عديدة أخبار الاشتباكات المسلحة بين الطلبة الإسلاميين و قوات الأمن الباكستانية في إسلام آباد حيزا كبيرا في الميديا العالمية ، و أقلقت الرأي العام العالمي في هذا العالم المنكوب بالكوارث التي يخلقها النظام العالمي الجديد للإمبريالية بعد انتهاء الحرب الباردة ، و قيام العالم أحادي القطب. وإن الناس الذين ملّوا مشاهدة و سماع الأحداث المأساوية في العراق وفلسطين و أفغانستان و الصومال والسودان و... .... ، باتوا يتأملون منذ أيام بألم و قلق كبيرين في عواقب هذا الكابوس الخانق في باكستان،لما أطلقت عليه بعض وسائل الإعلام البرجوازية أزمة المسجد الأحمر بإسلام آباد والذي اقتحمه الجيش الباكستاني فجر الثلاثاء الماضي ، حيث استمرت المعركة في المسجد منذ الفجر حتى بعد ظهر الثلاثاء، وبعد نحو 36 ساعة من القتال أعلنت الحكومة الباكستانية أن الجيش أنهى العملية العسكرية. إذ روجت وسائل الإعلام الرسمية و توابعها غير الرسمية أن طلبة مدرسة " حفصة" الدينية الواقعة بجوار المسجد الأحمر بقيادة حفنة من رجال الدين الإسلامي الرجعيين ، من بينهم مولانا عبد العزيز، وعبد الرشيد قاضي طالبوا بتطبيق تعاليم الشريعة الإسلامية ، والتشديد في الالتزام بمبادئ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. و تدعي الحكومة الباكستانية بأن الطلبة المذكورين قد تحصنوا بالمسجد والمدارس الدينية التابعة له، و شنوا حملة استمرت لأشهر طالبوا خلالها بتطبيق الشريعة الإسلامية.
وإن ما لا تريد الحكومة الباكستانية ووسائل الإعلام الإمبريالية الاعتراف به هو أن هذه الزمرة المجرمة أصبحت سببا لانعدام الأمن والأمان للمواطنين بتدخلهم في الأمور العائلية والشخصية، و إقامة المحاكم و ممارسة السلطات السلفية من المسجد، وتطبيقها لأحكام جائرة يندى لها جبين البشرية. .وإنه من الواضح أن المساومة المستمرة والتقليدية للحكومات الباكستانية الرجعية، وحتى حماية بعض أجنحتها كانت وراء تصاعد مدّ الزمر الإرهابية الإسلامية، واشتداد قوتها و توسع نفوذها.
وبالنتيجة – حسب الأخبار الطاغية على الأسماع والعيون- يقوم الطلبة المسلحون بالتحصن – حسب قولهم- في المسجد بعد هجومهم على أحد مراكز الشرطة ، و اتخاذ عدة آلاف من الناس، أكثرهم من الأطفال و الصبية رهائن ،
و تتوسع الاشتباكات المسلحة لتشمل الشوارع المحيطة بالمسجد و القريبة منه. وبعد نحو 36 ساعة من القتال أعلنت الحكومة الباكستانية أن الجيش أنهى العملية العسكرية.
إن استسلام قسم من الطلبة و استسلام مولانا عبد العزيز لن يضع نهاية للحدث و الإرهاب، و إن مدينة إسلام آباد سوف تعيش في أجواء عسكرية و حربا باردة طالما تتحكم العصابات الرسمية وغير الرسمية برقاب الناس المحرومين. و يستدل المرء من أخبار إسلام آباد أن ضحية هذه جرائم السلطة و العصابات الرجعية هي حياة الناس المحرومين الذين يعيشون الفقر والحرمان الاجتماعي والسياسي، و البؤس جيلا بعد جيل، و هم أسرى التعصب القومي والقبلي الأعمى والديني السنّي المتخلف الدموي ّ. إن رواية المسجد الأحمر في باكستان تنقلنا إلى مشاهد من السيناريو الأسود و " الحرية" و" الديمقراطية" التين أتى بهما النظام العالمي الجديد إلى الشعوب التي ترزح تحت الدكتاتورية، و عالم ما بعد 11 سبتمبر، و احتلال العراق، وعمليات " تحريره".
ضحايا جرائم المسجد الأحمر يمكن إضافتهم إلى جانب الجثث المحترقة للعراقيين ، و المقابر الجماعية المكتشفة في يوغسلافيا السابقة، و عمليات الذبح والتفخيخ و الانتقام و الانتقام المضاد انتحارية، والإرهاب و انعدام قيمة الإنسان وتحويل المرأة إلى عورة وعار في هذا المشهد المريع. فكل شيء يجري ، وكأننا محكومون بقبول سلطة المسخ حد إدمان تجرع هذه الأوضاع و السيناريو الدامي و القاتل اليومي. وكأن عرابي النظام العالمي الجديد قد أعدوا المسرحية لنا بحيث نتخلى فيها عن كل آمالنا وطموحاتنا و مستقبل الأجيال القادمة , و نكون ممنونين لأننا خرجنا أحياء من عمليات والتفخيخ و الإرهاب و استطعنا العودة بسلام إلى منازلنا بعد التنزه و ارتياد المقاهي وارتشاف الشاي و بعد التسوق . علينا الإقرار بعد ألف حمد وشكر لبوش وبلير ، أننا نقيم في أوروبا حيث " الاشتراكية الديمقراطية" التي يكون حزب " سيدتنا الأولى" عضوا فيها ، و حيث مهد الثورة الفرنسية الكبرى، و منطلق النهضة و قبر محاكم التفتيش ، و بيانات اوكتوبر و الإنجازات الفنية و الموسيقية و الحضارية العظمى ، و يمكننا هنا في أوروبا ذات " الفضل الهائل علينا" خلال الحوار والنقاش و التعددية الثقافية ، أن نغض الطرف عن تعاليم البول و عورة النساء ، و لعنة الملائكة المرأة التي تمتنع عن تلبية رغبات زوجها الجنسية و حوار الحضارات و فرض الحجاب على القاصرات والإقامة على هامش المجتمع و تحمل كل الممارسات العنصرية الموجهة لتحقيرنا.
إن ما يجري في بلداننا من مصائب ، و ما نعيشه من موت زؤام يفرض علينا قبول الحمى و السخونة ، المتمثلة في التهميش و العنصرية و التحقير .
لكن ما يدعو إلى التفاؤل أنه لا يزال ثمة مناضلون و إنسانيون ، هاجسهم الناس المحرومون ومستقبلهم في باكستان و بقية أرجاء العالم. فرغم مشاهد ظهور العصابات الإسلامية والقومية والطائفية كالفطر، و جحيم القتل و الحروب اليومية والإرهاب و الانتحار و القنابل المتحضرة اللبرالية..للفسفور الأبيض، هناك أناس يحدوهم الأمل و لا يكلون ولا يتعبون في نضالهم في سبيل عالم أفضل للبشرية.

إن هذه الظروف الجهنمية في الشرق الأوسط التي فرضت مشاهد قتل المئات من الأبرياء بأشكال مختلفة تضعنا أمام سؤال، متى ستكون نهاية هذا السيناريو الدموي ؟ ومن سوف يقرر نهايته؟
إن مآل أحداث المسجد الأحمر مهما يكن فلن يؤدي إلى تغيير ذي أهمية في هذا المسار المشئوم الذي يخيم على مصير الملايين من البشر، المسار الذي خطته يد الرجعية العالمية و الرأسمالية الإمبريالية.
ومن الواضح أن قضية المسجد الأحمر لم تكن تدور حول تطبيق الشريعة ، أو درجة تطبيقها إذ أنها تطبق منذ قيام دولة الباك أي النظيفين أو الطاهرين المسلمين من غير النظيفين الهنود ، و لا بفساد الحكومة ومؤسساتها ، بل أنها مشاهد حقيقية من السيناريو القاتم الذي يجري تحقيقه في الشرق الأوسط منذ سقوط الاتحاد السوفييتي و قيام القطب الأوحد والنظام الإمبريالي الجديد.
إن الاشتباكات المذكورة لا يربطها شيء بدرجات تطبيق الشريعة الإسلامية لأن الإسلام الرسمي وغير الرسمي لهما حضور ممارسة وتطبيقا في باكستان.
فبعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية، تقرر وفق معادلات الحرب و توازن تقسيم العالم بين المنتصرين تقسيم شبه القارة الهندية، و خططت المخابرات البريطانية لتسليم باكستان إلى ربيبتها " الجماعة الإسلامية الباكستانية".
و منذ 1947 حيث انفصلت حكومة النظيفين المسلمين Pak من غير النظيفين الهنود، كانت الشريعة الإسلامية ركنا أساسا ثقافيا وسياسيا للحكومات الباكستانية، وكانت منظمة الاستخبارات و الأمن الباكستانية حريصة دوما و تعمل بكل قواها على تأمين سيادة التيارات الإسلامية ونفوذها في مواجهة الطبقة العاملة و اليسار والاشتراكية في باكستان.

الشريعة الإسلامية السنّية و الصراعات الدينية تشكل البنية الفوقية للمجتمع الباكستاني، و مهما قطعت الحكومة من مراحل التطور الرأسمالي ، وسواء تسلحت بالقنابل الذرية أو النووية ، باقية كبنية فوقية للنظام .
وقد كان الحجاب غير المكتمل للسيدة بوتو قمة العلمانية في باكستان . إن الادعاء بأن المسلمين يطالبون بتطبيق القوانين الإسلامية هراء و لا أساس له ، إذ يتم الترويج له من قبل إيران والغرب. انتقل العالم بعد سقوط الاتحاد السوفييتي و اختلال التوازن الناتج عن الحرب الباردة إلى مرحلة معقدة مليئة بالتضاد والمتناقضات . كما وقع العالم في براثن المنافسة و التناقض بين الكتل الرأسمالية، فاندلعت الحروب و ارتكبت المجازر و عمليات التطهير العرقي ، وإبادة جماعات بشرية ، و ظهرت التيارات الرجعية المتطرفة والإرهابية بعد سبات طويل.
وتم فرض تراجع مدهش على البشرية في ميادين الحياة كلها، المدنية والسياسية و الفنية والعلمية والأخلاقية. كما قام أناس من أمثال هنغينتون و بن لادن و القرضاوي وأمثالهم بشغل كراسي التنوير لعصر النهضة والتنوير أمام الملأ الذي لا حول لهم ولا قوة.
و تُركت السياسة بيد مجرمين و جلادين وقتلة معروفين وقطاع طرق . كما جلبت المنافسة بين الكتل في عالم الرياء و الأكاذيب الديمقراطية بين الرصاص و الدم أكبر المآسي والمصائب على الشعوب.
إن هذه الحركة السلفية المعادية للإنسانية، ومنها طالبان و زمرة المسجد الأحمر، تولدت في خراب فشل عمليات الحداثة و التحديث التي بدأت بعد الحرب العالمية الثانية، و فشل القوى القومية والوطنية في بلدان ما يسمى بالعالم الثالث في الحكم وإدارة بلدانها، وضعف الحركات الاشتراكية. وقد وتم استخدامها مجددا ضد الطبقة العاملة، لتلعب دور " العدوّ" لتخويف العالم من قبل الإمبريالية. وإن طالبان و التيارات المسلحة المذكورة ليست سوى صنيع البنتاغون و سياسيات النظام العالمي لبوش وبلير.
لقد كان مشرف و حكومته الحماة الأساسيين لحركة طالبان و أن أكثرية مندوبي البرلمان الباكستاني والحكومة الباكستانية يتشكلون من الجماعة الإسلامية و جمعية العلماء الإسلاميين لمولانا عبد العزيز مرشد المسجد الأحمر.
عجزت قوات ناتو والغرب في أفغانستان عن تحقيق أي تقدم ونجاح ، و اشتد نشاط طالبان وسيطرتها مجددا على أجزاء واسعة من أفغانستان ، وحدودها مع باكستان , وإن الحكم شبه المستقل للقبائل الباكستانية ، كل ذلك يدعو الغرب إلى توريط الحكومة الباكستانية مع الجماعات الباكستانية المسلحة ، وبالتالي التعاون مع أمريكا في هذا المجال، وتأمين مصالحها في أفغانستان أيضا.
و إن لحكومة باكستان مصلحة في الاحتماء في ظلال الإرهاب الإسلامي الذي تريده أن يدوم ، و استخدامه ورقة ابتزاز بوجه الغرب وأمريكا، ومصدر مال من الأنظمة العربية الوهابية .
‏13‏/07‏/2007



#حميد_كشكولي (هاشتاغ)       Hamid_Kashkoli#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النافذة لفروغ فرخزاد
- ناظم حكمت الشاعر و السياسي
- قصائد رومانيّة لباول تسيلان
- سلمان رشدي، سائس الخيل في بلاط صاحبة الجلالة
- أحزن ُ لأجل البستان
- إحتفالات للالهاء والتعمية
- -أسوار الحد ّ- للشاعرة التحررية فروغ فرخزاد
- قلبي يسبق خطاك
- قرّت عين عكرمة لإنتصارات أحفاده المجاهدين!
- إنّ الشاعرَ لنافذة
- جريجور سامسا
- قمة المجموعة 8 ومأساة جماهير العراق
- الورد الأحمر
- ثلاث قصائد للشاعر الإيراني سهراب سبهري ( 1928- 1980)
- برتولت برشت: إلى الذين يولدون بعدنا
- مناطحات الجمهورية الإسلامية والشيطان الأكبر
- فيكتور خارا
- الواقعية الاشتراكية المدرسة الأدبية المغدورة
- شبح دعاء يخيم على كردستان
- مهرجان بربري لسحق وردة


المزيد.....




- بيرنز يعود إلى القاهرة وواشنطن تأمل -جسر الفجوة- بين حماس وإ ...
- -الماموث-.. -أكبر مكنسة- لامتصاص الكربون في العالم تدخل حيز ...
- بايدن يصرح لـCNN بنصيحة أوباما له بشأن الانتخابات المقبلة
- مناورة -غير عادية- لمقاتلات روسية قرب أمريكا.. ومصدر يوضح ال ...
- الجيش الإسرائيلي ينفي دفن فلسطينيين في مقبرة جماعية داخل مجم ...
- الاتحاد الأوروبي يعلن عدم تجديد تفويض بعثة تابعة له لتدريب ا ...
- الرئيس الأمريكي يحذر إسرائيل من تعليق بعض شحنات الأسلحة إلى ...
- 5 دول تتجه للاعتراف قريبا بدولة فلسطين
- بايدن واثق من أن ترمب -لن يقبل- نتيجة الانتخابات الرئاسية
- حماس: إسرائيل غير جادة وتستغل المفاوضات غطاء لاجتياح رفح


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد كشكولي - مجزرة المسجد الأحمر مشهد من السيناريو القاتم للنظام الإمبريالي العالمي