إكسروا جراركم ... أنثروا بذاركم


عدنان الصباح
الحوار المتمدن - العدد: 7651 - 2023 / 6 / 23 - 16:47
المحور: القضية الفلسطينية     

اكسروا جراركم وانثروا بذاركم فان الدفاع عنكم وإسنادكم الحق يبدأ من قول الحقيقة ومصارحتكم بها والحقيقة الناصحة تأتي عادة ممن يشاهد عن بعد لا ممن هم في قلب الحدث وذلك باختصار لان من يده بالماء ليس كمن يده بالنار فالماء تعطيك القدرة على التفكير والرؤية الاشمل والأدق بنفس الوقت وانتم بلا شك تعرفون المثل الشعبي القائل " لا تضع بيضك في سلة واحدة " وهو ما نفعله نحن بتركيز بذارنا في جرار محدودة ومعروفة مما يجعل الوصول اليها سهلا وممكنا ايا كانت الصعب التي تحيط بعملية الوصول تلك ومن اية جهة كانت.
لست ادري ما سبب إحجام الجميع عن تقديم تصورات للفعل المقاوم فلا مراكز الدراسات ولا وسائل الاعلام ولا حتى مواقع التواصل الاجتماعي تقدم رؤيا عملية للمقاومة بما في ذلك اولئك الذين تقع على عاتقهم تلك المهمة وان كانوا يفعلون فهم اذن يدركون ان لا نتائج ترجى على من كل نصائحهم او توجيهاتهم او قراءاتهم لواقع الحال ومن لا يفعل ذلك فإنما يكون كمن يخفي عن المقاومين ما يراه لمصلحتهم وبالتالي فان على الخبراء والأكاديميين والمحللين وعلى كل الأصعدة في العمل العسكري او الاقتصادي او الاجتماعي او السياسي ان يقولوا رايهم ويقدموا ما يعتقدونه حق لمن يستحق ان يعلم ذلك ولا يكفي ان نواصل التصفيق دون ان نفعل شيئا ولو كلمة تساهم في الوصول خطوة جديدة للأمام او تمنع من العودة خطوة للوراء
ان مسئولية النجاح اكبر بكثير من مسئولية الفشل فاسعد الناس وأكثرهم راحة هم الفاشلين فليس مطلوب منهم ان يفعلوا شيئا بعد ان انتهى بهم المطاف الى الفشل وكفى لكن الذين تقدموا خطوة واحدة إلى الأمام يعرفون جيدا ان المطلوب منهم خطوتان جديدتان الى الامام فالموت لا يكمن فقط بالتراجع بل وفي الجمود في المكان فأنت حين ترفع كل ستائرك وتجلس داخل بيتك معتمدا على ما قدمت ستجد من يرى من الشبابيك ما كنت تخفيه ويحاول ان يسلبك حالة الطمأنينة التي حصلت عليها.
لا احد ينكر ان الايام الاخيرة حققت المقاومة نجاحات تستحق الوقوف امامها بعد عملية باس الاحرار في مخيم جنين وعملية مغتصبة عيلي
- وصلت للاحتلال رسالة واضحة لا لبس فيها ان المقاومة تتجذر وتقوى وتتعلم
- ازدادات الخلافات والصراعات الداخلية في دولة الاحتلال وعلى كل الأصعدة
- ظهرت الصناعات العسكرية لدولة الاحتلال بشكل مهين
- تمكنت مجموعة من المقاومين بإمكانيات بسيطة وبعبوات من ماركة صنع في جنين ان تهز شباك الجيش الأقوى والدولة الأقوى في المنطقة
- انخرست كل الألسن التي تحاول التحدث عن السلام ورفض الإرهاب أمام مقاومة تقاتل جيشا ومغتصبين
- لم يصدر تصريح صحفي واحد من ي مكان في العالم ضد المقاومة
- ألغت الهند صفقة أسلحة مقرة مسبقا بسبب نتائج عبوة صنع في جنين وقد يحذو البعض أيضا حذو الهند
- الى جانب كل هذا وذاك كان العمل الابرز والذي تحاول دولة الاحتلال التعمية حوله وهو قاعدة حزب الله داخل الأراضي المحتلة في قاعدة علنية تتحدى كل وجود جيش الاحتلال وأجهزته وقوته.
والسؤال الآن هل علينا ان ننتشي ونغفو ام ان استخلاص العبر واجب وضرورة ونحن نسمع قادة جيش الاحتلال يتحدثون عن تغيير قواعد اللعبة وبالتالي خططها وأدواتها واليات التنفيذ وقد بات ضرورة اليوم ان نجيب على عديد التساؤلات والمتطلبات للمرحلة القادمة خصوصا وان من الواضح ان الاحتلال يسعى الى خطوات جديدة يعلن عنها بشكل او بآخر عبر إعلامه ومن خلال المسئولين او الإعلاميين او المنابر المختلفة ومنها
- يجب ان لا يتحول شمال الضفة الغربية إلى غزة او جنوب لبنان
- يجب ان نستخدم الطائرات والاغتيال عن بعد
- يجب ان نعود إلى هناك " شمال الضفة الغربية "
- يجب تسليح المستوطنين وإطلاق يدهم ضد الفلسطينيين
- يجب إبعاد غزة وجنوب لبنان عن المعركة
- ان السلطة فاشلة في شمال الضفة الغربية
فما الذي ترمي إليه دولة الاحتلال وماذا وكيف تفكر فهي تسعى لتمييز شمال الضفة الغربية بسبب قلة المغتصبات المقامة هنا وقلة أعداد المقيمين بها والموجودة منها ليست اكثر من معسكرات صغيرة وبالتالي فهم يريدون للضفة الغربية والقدس ان تنحى منحنيات مختلفة فالقدس تضع بها كل ما أمكن من أجهزة شرطية وأمنية إلى جانب أعداد المغتصبين الكبيرة هناك والذين يشكلون خطرا حقيقيا للفارق بين من هو مسلح ومحمي امنيا ومن هو اعزل ومحارب امنيا وأريحا والأغوار مسيطر عليها عسكريا والخليل وبيت لحم أعداد المستوطنين هناك شكل خطرا ديموغرافيا وضعفا حقيقيا أمام قوة وإمكانيات المغتصبين والمدة الزمنية الطويلة لوجودهم هناك
اما رام الله فهي الى جانب وجود كثافة استيطانية فان الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لا تعتبر مناخا صانعا للمقاومة وإمكانية تجذرها وتطورها أكثر وبالتالي فان الخطر الأكبر يأتي من المنطقة الأكثر كثافة سكانية وأكثر فعلا مقوما واقل فرصة للاستيطان ولذا يصبح عمل دولة الاحتلال مرتكزا على فصل شمال الضفة عن وسطها وجنوبها وعن الأغوار بحيث يؤسس لفصل دائم وبظروف يؤسس لها هو ويشجعها بشكل او بآخر وصولا الى فلسطينيين بدون فلسطين يعيشون في معازل ويطلق عليهم لقب " سكان البلاد الطارئين وليس الأصليين " وعلينا ان ندرك ان ذلك متوقف علينا لا على دولة الاحتلال وبالتالي فان المطلوب منا على الأصعدة المختلفة يمكن ان يتكون مما يلي:
على الصعيد السياسي:
- برنامج سياسي يقوم على اساس العمل المقاوم على ان يكون وطنيا شاملا واحد موحِدا لكل الشعب وقواه بلا استثناء وانخراط جماعي بالعمل السياسي وعلى كل الأصعدة والمستويات بما يشمل تحويل العمل الدبلوماسي الى قبضات حديدية بقفازات من حرير ومواجهة الأصدقاء والأعداء وبناء تحالفات وعلاقات على قاعدة المصلحة والفعل لا على قاعدة صوتك معنا ويدك مع الأعداء.
- إعادة بناء مؤسسات السلطة والمنظمة على قاعدة أنها بيت الجميع الفلسطيني بلا استثناءات من اي نوع بما يضمن إنهاء الانقسام وضمان استقرار هذه المؤسسات بما يضمن الانتقال السلمي للسلطة ومنع حدوث كارثة قد تكون نهاية الحلم الفلسطيني.
- إحياء حقيقي لمهمة منظمة التحرير القائمة على أساس المقاومة وإنهاء ربطها الذيلي بالسلطة وليس العكس
- الانفكاك من مشروع أوسلو ومخرجاته كليا
- الإعلان عن ان مشروعنا يقوم على فلسطين واحدة موحدة لا يمكن تقسيمها ولا بأي حال من الأحوال وان مهزلة حل الدولتين لا معنى لها ولا أساس عملي لتنفيذها وان خطابنا السياسي يقوم على قاعدة مطالبة المجتمع الدول بتنفيذ قرار التقسيم وكحد أدنى مقبول علينا
- تضمين قضايا المواطنين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948 في الخطاب السياسي الفلسطيني وبرنامجه
على الصعيد الاقتصادي:
- التزام مؤسسات وأجهزة السلطة بنظام انفاق قائم على التقشف بحده الأقصى شكلا ومضمونا
- ضمان انتظام الحياة الاقتصادية لشعبنا وبلادنا وعدم إثقال حياتهم وتشجيع المبادرات الوطنية والاقتصاد الوطني بكل أشكاله على حساب غيره ايا كان
- محاربة البطالة بكل أشكالها
- محاربة الفساد على كافة الأصعدة باعتباره جريمة خيانة وطنية وإيقاع أقصى العقوبات بمرتكبيها
- وضع برامج اقتصادية واليات عمل تقوم على قاعدة اقتصاد مقاومة قادر على الصمود والثبات واحتمال المناورة وتغيير الظروف
- وقف ظاهرة الإضرابات وتحويل الاحتجاجات الى أنشطة حداد ومقاومة ومعاقبة المحتل بدل معاقبة الذات
- زيادة ميزانيات التعليم والصحة وما يشبهها على حساب ميزانيات المنظرة والفخفخة الكاذبة
- على الصعيد الاجتماعي:
- محاربة افة الجريمة والخلافات العائلية وغيرها
- انهاء قضايا الثار بعقد شرف اجتماعي يطال الجميع
- تطوير أنظمة العونة والتكافل الأسري بنظام بعيدا عن الانشغالات الفردية وما يشوبها.
الفعل المقاوم:
- يجب وقف حالة التموضع للفعل المقاوم وأبطاله في الضفة الغربية وعدم حشر المقاومة في بلد او مخيم او مكان والعمل بنظام كسر الجرار ... نثر البذار فهو أولا لا يصبح متاحا إلا بشق الأنفس وثانيا يؤسس للإنبات من جديد في كل ارض متاحة
- تخفبف الضغط عن غزة لما لحق ويلحق بها من كوارث على كل الأصعدة ولسهولة ايقاع الخسائر هناك من قبل دولة الاحتلال وجيشها.
- العمل بقاعدة ان أشكال المقاومة كثير وممكنة وان القاعدة المطلوبة هي من كل حسب قدراته وإمكانياته مهما كانت وان لا احد خارج الفعل المقاوم
- ربط المقاومة بالبرنامج السياسي الوطني الشامل الواحد الموحِد للشعب وقواه جميعا ومنحها الغطاء والدعم الذي تستحق
- توحيد اذرع المقاومة في جيش شعبي وطني بلا حزبية من اي نوع كانت ومنع العمل الحزبي في أوساط هذا الجيش بشكل مباشر.
ان ما تقدم لا يعدو كونه عناوين اضعها امام كل من تمكنه قدراته من ان يفحص ويدقق ويخرج بنتائج افضل واكثر دقة ليتمكن شعبنا من درء كل الاخطار التي تحدق به من كل حدب وصوب وبلا توقف خصوصا واننا امام عالم ادار ظهره لنا ولقضيتنا ولديه اليوم من القضايا والهموم ما يعطيه مبررا لادارة الظهر هذه وهو ما يمنح الاحتلال فرصة لاستغلال هذه الاجواء الى اقصى درجة.
ان الخطر الاكبر الذي يهدد قضيتنا برمتها اليوم هو انعدام الافق السياسي والبرنامج السياسي وغياب المؤسسات وانعدام اية فرصة للانتقال السلمي للسلطة وهو ما تتحدث عنه وتناقشه جولة الاحتلال يوميا وعلى كل الاصعدة في حين ندفن نحن رؤوسنا بالرمل وكان الامر لا يعنينا وقد يزكون هذا هو السيناريو الذي تنتظره دولة الاحتلال لتحقيق الانقضاض علينا وعلى قضيتنا وبلادنا ولكن بأيدينا