أمريكا سيدة بازارات الموت


عدنان الصباح
الحوار المتمدن - العدد: 7763 - 2023 / 10 / 13 - 16:15
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر     

يدير سادة السلاح تجارتهم بالقتل دون تدخلهم وتتحول البشرية باسرها الى سوق لاستهلاك السلاح بحيث يقتل الناس بعضهم بإرادتهم ويظهر السيد بمظهر البريء الذي يحمي هذا هنا وذاك هناك ويسعى بلا توقف ان ينتقل من مذبحة الى مذبحة.
اجداد الذين قتلوا في غلاف غزة كانوا قد تعرضوا لكل صنوف التنكيل والتعذيب والموت على ايدي من ارسلوهم الى فلسطين للتخلص منهم وساعدهم لكي يطردوا وينكلوا بالفلسطينيين واجبروا من لم يقتل الى الهجرة وقد يكون من دخلوا من قطاع غزة الى غلافها صبيحة يوم السابع من أكتوبر هم أصحاب هذه الأرض التي اجبر اجدادهم على النزوح على يد من يسكنون هناك الان ومع ذلك فقد اتهم العائد الى بيته بالقاتل وسارق البيت بالضحية وهبت كل جهات الامبريالية بما في ذلك المانيا للدفاع عن دولة الاحتلال واسنادها في حفلات القتل المجنونة التي تطال غزة ولا زالت ولا احد يدري متى تتوقف.
اليهود الذين ينسون ان بريطانيا طردتهم عام 1290م على يد الملك ادوارد الأول بعد ان كان قد الزمهم بوضع شارات مميزة لتمييزهم عن الاخرين وعليهم ان يتذكروا المذابح التي حلت بهم في لندن ونيويورك في الأعوام 1189 و 1190 وقد طرد اليهود أيضا من المجر في عام 1349 ومن فرنسا1394 ومن النمسا1421 ومن اسبانيا 1492 ومن البرتغال 1497 ومن نابولي 1510 وميلانو1597 والعديد العديد من حكايات القمع والاضطهاد التي تعرض لها اليهود من الأوروبيين عبر التاريخ حد اتهامهم بكل جريمة او كارثة بما في ذلك اتهامهم بالتسبب بالطاعون وما الى ذلك الى ان وصل بهم الامر في محرقة النازية لتستفيق أوروبا فيما بعد على حل بطردهم عبر احلالهم مكان الشعب الفلسطيني الذي خضعت بلاده للاستعمار البريطاني بعد الحرب الاستعمارية الأولى.
بريطانيا وامريكا اللتان تحتفظان بعلاقات طيبة مع غالبية الحكومات العربية وإسرائيل سعت دائما الى تأجيج الصراع بين العرب وإسرائيل واقامت الحروب وغيرت خارطة المنطقة واليوم تريد لهذه الخارطة ان تحمل شكلا مختلفا تكون فيها إسرائيل مكون رئيسي بعد ان جعلت من ايران عدوا بديلا وحشدت العديد من العرب حول هذه الفكرة.
لم يفهم اليهود حتى اليوم ان القاتل الذي نبذهم وقتلهم وحرقهم في أوروبا هو نفسه الذي طردهم من بلادهم الاصلية واتى بهم الى فلسطين ليقتلوا ويُقتلوا وفي الحالتين فان القاتل هو المستفيد من موت اليهودي على يد العربي او العربي على يد اليهودي وهي الامبريالية العالمية التي تمثلها اليوم احتكارات صناعة السلاح من كل الجنسيات.
ان امبريالية صناعة السلاح هي التي تدير بازارات الحروب في كل ارجاء العالم وبشكل علني وهي التي تحول البشرية الى مجتمعات متوحشة وعبيد لرغباتها يقتلون بعضهم لصالح السيد الذي يتفرج ويجبي المال من موتهم فيقدم السلاح للطرفين ويرقص على دمهم معا دون ان يرف له جفن.
ان القاتل الوحيد في كل ارجاء الأرض هو نفسه وان أمم وشعوب البشرية جميعا أيا كان اللون او الدين او اللغة او الجنس او الجنسية حولتهم امبريالية السلاح والموت الى عبيد يقتلون بعضهم البعض وصنعت لهم الأسباب التي سيقتلون بعضهم من اجلها.
أمريكا ومن معها من صانعي وتجار السلاح هم الذين يقتلون في روسيا وأوكرانيا معا ويقتلون اليهود والفلسطينيين معا ويقتلون في اليمن وليبيا وسوريا وافريقيا وامريكا اللاتينية وهم اسياد عصابات الاجرام واسياد عصابات الموت وصانعي العنصريات بكل اشكالها في كل ارجاء الأرض.
ان من حرق اليهود في الهولوكوست هو نفسه من اتى بهم الى فلسطين وطرد أهلها ليتخلص منهم وهو نفسه من يبكي عليهم اليوم ويحرق على يدهم غزة اطفالها ونسائها وشيوخها ويدافع عن القتل هنا على انه حماية للعالم الحر كما دمر العراق ويدمر غيرها دفاعا عن كذبة الديمقراطية التي لا يعرفها هو نفسه الا بمقدار خدمتها لبازارات الموت التي يديرها في سائر جهات الأرض.
ودون ان تنتفض البشرية على تجار الدم هؤلاء فستبقى البشرية جميعها عبيدا لحفنة قليلة من اللصوص والقتلة الذين يتقنون التلاعب بعواطف ومشاعر البشر لصالح الاثراء بالقتل.