لا للتضامن مع الرجعية


عبد الهادي مصطفى
الحوار المتمدن - العدد: 6502 - 2020 / 2 / 29 - 11:17
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية     

رد على بعض السذج

يتصور السذج والعديمو التجربة من الناس أنه يكفي الاعتراف بجواز المساومات بوجه عام، حتى تزول الحدود الفاصلة بين الانتهازية التي نشن نحن عليها، بل ويجب أن نشن عليها، نضالاً لا هوادة فيه، وبين الماركسية الثورية أو الشيوعية. ولكن ما دام هؤلاء الناس لم يعرفوا بعد أن جميع الحدود الفاصلة، سواءفي الطبيعة أو في المجتمع، هي حدود متحركة، وأنها نسبية لدرجة معينة، فإن من المستحيل مساعدتهم لإلاّ عن طريق تثقيفهم وتربيتهم وتهذيبهم زمناً طويلاً وعن طريق التجربة في السياسة وفي الحياة. المهم أن يستطيع المرء، عند كل لحظة تاريخية معينة أو خاصة، ان يميز بين المسائل العلمية في السياسة تلك المسائل التي يظهر فيها الشكل الرئيسي من المساومات غير الجائزة والغادرة، المساومات التي هي مظهر للانتهازية المهلكة للطبقة الثورية، وأن يوجه جميع الجهود لتبيانها ومكافحتها.

مرض -اليسارية- الطفولي في الشيوعية.
لينين

**********************
فليذهب موضفوا العدل والاحسان الى الجحيم.
ليس بالغريب ان يقوم النظام بمحاولة تقليم مخالب الرجعية بالمغرب لان دورها انتهى ووجب ارجعاها لموقعها الطبيعي في انتضار مهام مستقبلية ...لكن الغير الطبيعي هو ان ينبري بعض المتشدقين والمترامين على الفكر الماركسي اللينيني للدفاع عنها لان الهجوم على كوادرها الادارية حسب فهمهم الضيق هو هجوم وتصفية لمكتسبات الجماهير ولا يملون من التباكي على اطر القتل والاجرام المطرودين والمفصولين من مناصبهم....متناسين من دون قصد ربما يؤطره قصورهم الادراكي او عن قصد ووعي كامل تؤطره الرغبة الدفينة في التاسيس للتقارب حينا وكذا خلق اطار بديل موازي لاطارهم المشروخ في هيئة نقابية كما يدعي احد هؤلاء الرعاع .
كان من المنتضر جدا ان يقوم النظام بحملته هاته والاغبياء والمغيبين فقط لا يدركون ان العمل جار على قدم وساق لاضعاف الرجعية على جميع المستويات ولعل استهداف قاعدتها الجماهيرية التي كانت منيعة كان اول الغيث من خلال محاولة القطع بين اقطاب الرجعية وما يصطلح عليه جمعيات المجتمع المدني الممول الاساسي لاطارها الجماهيري ثم ايضا لا ننسى استهداف الجيش الاعلامي للرجعية واستهداف رواده والفاعلين والمؤثرين الحقيقيين فيه حيث عملت الرجعية على استهداف الراي العام عبر استغلال وسائل التواصل الاجتماعي واخيرا يعمل النظام على ضرب كودر الرجعية لمحاولة الحد من تغلغلها في الادارة العمومية وبسط سيطرتها على القطاع العام اضافة الى توزيع رسائل مشفرة الى من يهمه الامر على نفس الخط.
بمعنى اخر وان كانت لاصحابنا الرغبة الاكيدة للانسجام اكثر مع خطهم الجديد والتوافق وفهمهم الجديد فالاولى لهم ان يعلنوا تضامنهم مع معتقلي الجيش الاعلامي الرجعي الدين صفقوا لاغتيال السفير الروسي بتركيا تم لا ينسوا مساندة اقطاب الرجعية للمطالبة بصرف مستحقاتها التمويلية لجمعياتها المؤطرة لقواعدها الخلفية ،ثم يعلنوا التنسيق مع القتل والاجرام لارجاع المفصولين منهم وفي الاخير ومن السهل والمقبول جدا ان يختموا سلسلة نضالاتهم الجديدة هاته بالاعتصام مع بن كيران للمناداة بتشكيل الحكومة الرجعية.
مع الاسف فمن الف النضر بين جوانحهالضيقة فقط فلا يمكنه ان يعي حقيقة ما يحدث فعلا وان هناك اوامر امريكية خالصة بضرورة تقهقر الرجعية ولعل كل الاجرائات الحالية تصب في ذات السياق.
ان التضامن مع الرجعية ومهما كانت شدة الهجمة التي تتعرض لها لهو خيانة لخط الجماهير التي اكتوت وستضل تكتوي مما اقترفته الرجعية في حقها ولعل من يرى فرقا او يحاول توهمه فيما بين الكوادر والاطر الرجعية وبين الجماعة والتنضيمات لواهم او مصاب بعمى الالوان لانه وبدون مركزية تلك الكوادر ومواقعها وكدا ادوارها التنضيمية والتمويلية فلا يمكن الحديث عن الجماعة او التنضيم الرجعي .
لابد ايضا من ان نؤكد على حقيقة ومسلمة يابى اصحاب رؤية المهادنة والتقارب مع الرجعية ان يستوعبوها ولو في حدودها البسيطة في كون الجماعات والتنضيمات الرجعية وبمختلف مشاربها الفكرية من سلفية جهادية وتكفيريين وقتل واجرام يعتبرون قاعدة خلفية تؤتت القوة الجماهيرية لحزب العدالة والتنمية بشكل او باخر، ولا ادل على ذلك تصريحات قيادة جماعة القتل والاجرام في رسالتها الموجهة لانصارها قبل انتخابات 7 شتنبر عندما منحتهم الحرية فيما بين المقاطعة او التصويت لحزب العدالة والتنمية وهي اشارة مبيتة للدعم المباشر علنيا دون ان نتحدث عن النقاش الرسمي والاتفاقيات في الكواليس بين اقطاب هاته التنضيمات الرجعية.
من الغباء تجاوز هاته الحقيقة والقفز على وضع يستلزم رؤية شمولية تحلل الوضع في حركيته وعلاقاته بعيدا عن البنيوية المعتمدة والجمود الفكري.
البعض يرى في انسحاب جماعة القتل والاجرام من حركة 20 فبراير مجرد خدمة وتواطئ مع حزب العدالة والتنمية الرجعي ويتجاهل انخراط اطرها وكوادرها في علاقات الانتاج لا سواء من خلال مراكز اعضائها الادارية والتربوية المرموقة في سلم الوضيفة العمومية وتموقعاتها الطبقية مع كبار البيروقراطيين الاداريين او امتلاك بعضهم الاخر لمدارس حرة وشركات خاصة لها مركزها المرموق داخل الباطرونة ....بمعنى اخر فاختصار موقع جماعة العدل والاحسان بمدى قربها او بعدها من المراكز السياسية وانخراطها في البنية الفوقية بفاعلية واضحة المعالم هو فهم يعتريه الكثير من الخلل يوضحه بشكل كبير انخراطها الواضح على مستوى البنية التحتية وفاعليتها في علاقات الانتاج القائمة بالمغرب،مهما كان موقعها قريبا او بعيدا على مستوى مركزة البنية الفوقية فهدا لا يدل على غيابها بقدر ما يدل على توافقاتها السياسية مع النظام والتي تؤطرها البنية التحتية طالما ان هاته التوجهات تخدم مصالحها وتدعم مركزها ومشاريعها الاقتصادية.
جماعة العدل والاحسان ليست خارج اللعبة السياسية بل هي جزأ اساسي من النظام السياسي القائم طالما ان النظام القائم يضمن مصالحها ويزكيها وهي في المقابل تقدم خدماتها في الحد من تطلعات الجماهير وتضرب كل القوى التقدميةكلما كان هناك اي تهديد للبنية القائمة .
خلاصة القول تقودنا الى الاقرار بان انسحاب جماعة القتل والاجرام وغيرها من التنضيمات والقوى الرجعية من حركة 20 فبراير لا يعدوا ان يكون زراعة لليأس والاحباط وسط الجماهير ودفاعا مباشرا عن موقعها الطبقي وتدعيما لبنية النظام القائم الضامن الوحيد لاستمرارية تموقعاتها الحالية على مستوى البنيتين .
الرجوع الى الجماهير تم الارتماء مرة اخرى في حضن النظام تحكمه مصالحها السياسية والاقتصادية واستعمالها للجماهير ليس الا وسيلة للحصول على مزيد من التنازلات وتحسين شروط المفاوضات لتحسين موقعها والاقتراب اكثر من مركز السلطة السياسية.
فهم الصراع في حدود انسانية محضة او تشخيصه وفق رؤية اجتماعية او دينية لا ينم الا عن قصور نضري وضعف ادراكي خطير في عدم القدرة على التأصيل الطبقي للرجعية وفهم موقعها الحقيقي من الصراع الطبقي وكذا ادوارها الحقيقية في العلاقة مع الجماهير الشعبية .
تاريخيا ما تتبث الرجعية وتؤكد موقعها الحقيقي في خدمة الامبريالية واستعدادها للعب الادوار الريادية لضرب الحركة الجماهيرية وتصفية القوى التقدمية الحقيقية ...ولعل اصحابنا لا يتعلمون من التاريخ ابدا اذ يتناسو كيف دافع بعض ممن يسمون انفسهم يساريين ومن داخل الجمعية المغربية لحقوق الانسان عن بعض شيوخ السلفية كالفيزازي والكتاني وغيرهما...وللتذكير فقد كان قد اثير نفس هدا النقاس في تلك المرحلة وتذرع بعض الضائعين بدوافع انسانية وقانونية واجتماعية وووووو للدفاع عن سجناء الجماعات والتنضيمات الرجعية ضاربين عرض الحائط كل المبادئ والقيم والاسس المؤطرة لعلاقتنا مع الرجعية حيث لا يمكن الحديث في هاته العلاقة ولو على حد ادنى للتقارب وتحقيق التوافق ،فكانت النتائج صادمة اذ بمجرد اطلاق سراحهم انتقلوا الى مراكزهم الحقيقية الى جانب النظام ولعل ما يقدمه الكتاني والفيزازي من خدمات جليلة للتحالف الطبقي المسيطر لخير دليل.
الرجعية تبقى كذلك الى اخر الخط ومهما كانت درجة تقهقرها او شدة تقدمها واقصى ما يمكن ان تقوم به هو الحصول على شروط جديدة للتفاوض لترجع مرة اخرى لايهام الجماهير والمساهمة في تصفية حقوقها.
ندعوكم الى اعادة تقييم موقفكم والرجوع نحو الخلف بما يكفي لاستيعاب طبيعة المرحلة لفهم المتطلبات الانية وكذا التمييز بين الاني والمستعجل اضافة الى اعادة بناء فهم جديد يتماشى والفهم الماركسي اللينيني لادراك الثابث والمتحرك ،مع العمل على تفكيك التناقضات المختلفة لانها السبيل الوحيد لبناء وعي حقيق وهادف يؤطر لموقف صحيح يميز بين التناقضات الثانوية وموقع الرجعية من التحالف الرئيسي وما الموقع الصحيح الذي يجب ان نحتله كماركسيين لينينيين.

مساندة الرجعية لتجاوز تناقضاتها المرحلية مع التحالف الطبقي هو خيانة لمصلحة الجماهير .لان صراعهما خاضع لتناقضات مرحلية لا تنفك ان يتجاوزاها ويعودان الى مهمتهما الرئيسية في تصفية مكتسبات الجماهيرواخضاعها.
الاولى هو فهم التناقضات وتزكية الفجوة لان اضعاف اي منهما هو قوة بشكل او باخر لنقيضهما الموضوعي المتمتل في الجماهير الكادحة، لا الانجرار وراء الشعارات الرنانة والخطابات الحقوقية الفارغة والا فعليهم اعادة النضر في فهمهم البسيط بين النضال الحقوقي والنضال الثوري.
فلتختاروا مواقعكم ولتسقلوا قناعاتكم الجديدة وفق اصطفافاتكم الجديدة ولتغيروا ما شئتم من تكتيكاتكم انما فلتكونوا على يقين تام بان الوقوف والاصطفاف الى جانب الرجعية او الدفاع عنها افرادا او تنضيمات ليس الا خيانة اخرى لمصالح الجماهير التي الفت واستانست متل هاته الترهات .
لا مجال الا ان نودع تلك التبريرات الطويلة والعريضةامام إخفاقنا ...
لأن التبرير يجعلنا لا ننهض.