اردوغان في عمق المأزق السوري


عبد الهادي مصطفى
الحوار المتمدن - العدد: 6506 - 2020 / 3 / 4 - 19:02
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية     

قبل سنوات وفي بدايات مشروع الشرق الاوسط الكبير وشمال افريقيا كان أردوغان ومرسي يعدان الأيام تلوى الأيام لسقوط الأسد.بل ان اردوغان وفي غمرة خطاباته الحماسية بوصول الغنوشي للحكم في تونس وعلي بلحاج في ليبيا وسيطرة جيش الاسلام وجيش علوش ووصولهما الى ريف دمشق قال متوعدا بأنه قريبا سيسقط الأسد وسيذهب للصلاة في المسجد الأموي....شاءت الاقدار ومرت اكثر من سبع سنوات ولم تسقط سوريا بل اندخر مشروع تقسيمها والاكثر من ذلك سقط العديد من اعداء سوريا او في طريقهم لمزبلة التاريخ . والحال هنا ينطبق على الرئيس الرجعي التركي اردوغان.
بعد حادثة إسقاط الطائرة الروسية _ سوخوي _ صعد اردوغان الى اعلى الشجرة واخد بالنباح والبهرجة هربا من تحمل المسؤولية لكن المسكين وجد نفسه في وضع لا يحسد عليه واصبح امام اشكاليتين الاولى تحمل مسؤولية اسقاط الطائرة الروسية وطلب الغفران من بوتين او الاتجاه نحو القعر بفعل الخسائر التي اصابت الاقتصاد التركي نتيجة العقوبات الروسية، اما الاشكالية الثانية فهي من سيساعده للنزول من اعلى ذات الشجرة التي تسلقها في غمرة الاندفاع والغرور.
بالفعل وبعد ان تكبد الاقتصاد الروسي خسائر فادحة بتراجع عائدات السياحة وانحصار مستوى احتياط العملة الصعبة نتيجة توقف المبادلات التجارية من والى روسيا حاول أردوغان تدارك الكارثة لينزل ساجدا على ركبتيه طلبا للصفح والمغفرة من بوتين.هذا الأخير وضع شروطه الخاصة لذلك ومن بينها الانسحاب من الحلف الامريكي السعودي ثم عدم التدخل في معركة تحرير حلب وغيرها من المدن ثم ايقاف الدعم التركي للمعارضة الارهابية في سوريا بعدد من الارياف وهو ما ساعد على تطهير ريف حمص والقصير وريف دمشق ومخيم اليرموك
التحالف السوري الروسي الايراني يوجه رسالة تحذيرية الى اردوغان من اجل جلاء قواته من سورية . حيث اكد بوتين دعم روسيا للجيش العربي السوري للسيطرة على كل الاراضي المحاذية للحدود مع تركيا بما في ذلك ادلب موقع الخلاف حيث تتمركز كل التنظيمات الاخوانية المدعومة من قبل تركيا والمصنفة من قبل سوريا وروسيا وايران اظافة الى الصين كجماعات إرهابية.
الرئيس التركي اردوغان يرفض قبول الامر الوتقع ويتجه نحو تعزيز نفود الجماعات الارهابية بادلب حيث ارسل حوالي 4000جندي تركي بالعتاد العربي للانتشار حول 12نقطة مراقبة لمنع اي تقدم للجيش العربي السوري...في الافق تلوح بوادر حرب اقليمية طاحنة خصوصا بعد بيان وزارة الدفاع الروسية بقاعدة حميميم الجوية بسورية والتي حملت لهجة تحذيرية من اجل انسحاب الوحدات التركية المتمركزة بالمدينة استعدادا لعودة الدولة السورية لإدلب والتي تعتبر اخر معركة استراتيجية لاندحار وهزيمة الجماعات الارهابية المتطرفة بشقيها الوهابي المدعوم سعوديا والإخواني المدعوم من قبل قطر وتركيا الرجعيتين.
لا اظن ان اردوغان يملك الجرأة للوقوف امام الزحف العسكري السوري المدعوم من قبل روسيا وايران والوافد الجديد والمتمتل في الصين التي نزلت بكل تقلها من خلال ارسال خبرائها العسكريين لدمشق تم المشاركة في اكبر مناورة عسكرية مع روسيا بالشواطئ المقابلة لسوريا وهي رسالة واضحة لكل القوى الإقليمية . كما أن اردوغان لا يملك خيار الرجوع لمحور التحالف السني الوهابي الامريكي لان كل اواصر الإلتقاء تم قطعها . كما ان ذلك سيجعله امام الشروط المجحفة والقاتلة للسعودية ولترامب والتي ستقضي على مشروعه الاخواني بفعل ضغوط السعودية من اجل انسحاب اردوغان من قطر تمهيدا لاجتياحها او قلب نظام الحكم فيها من طرف السعودية والامارات.
الرئيس الرجعي رجب اردوغان الآن امام خيارين لا ثالث لهما .
الخيار الأول :
الحفاض على مراكز انتشار الجيش التركي بمدينة ادلب السورية لمنع توغل الجيش السوري لإستعادة المدينة وهو خيار سيجعله في مواجهة عسكرية مع سوريا وبالتالي مع روسيا وايران ومن الصعب عليه النجاح في ذلك او الفوز في متل هاته الحروب . مجرد التأخير في سحب جنوده من ادلب سيكلفه الشيء الكثير خصوصا مع الضغوط الغربية والعقوبات الاقتصادية الامريكية والحصار الخليجي وعليه سيتكبد خسائر اقتصادية فادحة لان كل حاجاته من الغاز والمحروقات يستوردهما من ايران وروسيا كما ان استقرار الليرة التركية في الوقت الحاضر ليس الا بفعل الصفقات الاخيرة التي وقعها اردوغان مع روسيا وايران وهي بمثابة تمن تفاهمات مؤتمر سوتشي للقضاء على الجماعات الارهابية وتحرير اذلب ولا اضنه يملك درة من الشجاعة لاختيار المواجهة العسكرية مع اخر ما تبقى له من حلفاء في الشرق الاوسط والغرب .،وهنا بطبيعة الحال نستثنى شريكه الاقتصادي القوي والمتمثل في الصهيونية.
الخيار الثاني :
الخيار التاني سيكون تكرارا لتجربة اسقاط الطائرة الروسية حيث سيطأطأ رأسه ويخر ساجدا لبوتين وينسحب من اذلب وهو يجر ذيول الهزيمة امام اكتساح الجيش العربي السوري للمدينة واستعادة السيطرة عليها وسيتنكر لجماعاته الإرهابية مرة اخرى كما سبق وفعلها بحلب .
شخصيا اظن ان خياراته ضيقة جدا ولا يملك هامشا كبيرا للمناورة كعادته وسيتعرض للهزيمة مرة اخرى وسيعمد بوتين على تمريغ انفه في التراب ولا يملك الا ان يدير وجهه عن جماعاته الارهابية الاخوانية منها والوهابية ويتركها تواجه مصيرها المحتوم في الموت و الاجتثاث في غياب اي مبادرة للباصات الخضراء وهذا ما نستشفه من المبعوث الأممي ديميستورا الدي تحدت بلغة الامر الواقع عندما وجه خطابه للجماعات المسلحة وطلب منها الاستسلام وقبول التسويات التي طرحتها الدولة السورية تفاديا لحمام الدم لأن خياراتها محدودة ان لم تكن منعدمة.
الخناق يزداد على اردوغان وحبل المشنقة يلتف حول رقبته وما لم يحققه وجماعاته الإرهابية تسيطر على اكثر من نصف تركيا لا يمكن ان يحققه وحلفائه محاصرين برا وجوا في حزام ضيق. أمام هذا الوضع لا يملك الرجعي اردوغان الا ان يسجد لبوتين كي يتفادى سقوط تركيا وإندحارها وفشل المشروع الاخواني . لكن هذا أيضا لم يعد كافيا لأن المطلوب حسب السياسة الروسية هو ان يزحف على ركبتيه بإتجاه المسجد الاموي ليسجد عند اقدام الاسد لعله يحضى ببعض الصفح والعفو والمغفرة .
وانا غذا لناضره لقريب.