الجمهورية الاسلامية ولعنة الجياع والعاطلين عن العمل


سمير عادل
الحوار المتمدن - العدد: 5744 - 2018 / 1 / 1 - 21:51
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم     

التحالف الشيعي الحاكم في العراق يحبس انفاسه ويمسك بقبعته جراء ما يحدث من احتجاجات كبيرة في ايران ضد الفقر والبطالة والجوع. فسيد الموقف او ما يتصدر المشهد السياسي، هو الصمت او بالأحرى هو الخرس جراء الصدمة التي تعتري التحالف الاسلامي الشيعي الحاكم في العراق، بدءا من حزب الدعوة ومرورا بالمجلس الاسلامي الاعلى وانتهاء بالفضيلة وبدر..الخ.
ما يحدث اليوم في ايران، بالرغم من كل اساليب القمع والاستبداد الذي تمارسها الجمهورية الاسلامية ومنذ الاجهاز على الثورة في عام ١٩٧٩، فلم تستطع التصدي لحالة الغليان والغضب التي تمتلئ بها صدور الجماهير المليونية بسبب الفقر والجوع والبطالة، بينما ملالي قم وطهران مثل ملالي بغداد والنجف تتكرش بطونهم وتنتفخ جيوبهم ويحتكرون كل مسرات الدنيا وعوالمها، بينما يعدون العمال والمحرومين في المجتمع لو اطيعوا ولي الامر في السلطة وقبلوا بقسمتهم الدنيوية، بمنحهم فسحة في العالم الاخر دون تدوينها في دائرة التسجيل العقاري.
لم يختلف نظام الشاه الرأسمالي بقمعه الوحشي عن النظام الحالي للجمهورية الاسلامية. وكلا النظامين وعن طريق امتصاص عرق العمال والكادحين في ايران حاولا الهيمنة على المنطقة واخذ دور شرطي وحيد فيها. فكما ساند نظام شاه القمع ضد ثوار ظفار في عمان في سبعينات القرن الماضي وضرب اية حركة تقدمية وتحررية وبدعم من المخابرات المركزية الامريكية، فالجمهورية الاسلامية لها دور اساسي في دعم كل الحركات الرجعية في المنطقة وتحت عنوان تحرير فلسطين ومواجهة الاستكبار العالمي والشيطان الاكبر والكيان الصهيوني. وكلا النظامان وجهان لعملة واحدة، وهي السعي لفرض سيادة النفوذ القومي الايراني على الصعيد السياسي وعلى الصعيد الاقتصادي، مع فارق ان الشاه كان الوجه السافر والصارخ للقومية الفارسية في حين البس الجمهورية الاسلامية ذلك الوجه بقناع ديني اسلامي.
حدثان عظيمان هزا القرن العشرين، الاول ثورة اكتوبر عام ١٩١٧ اما الثاني فهو الثورة الايرانية عام ١٩٧٩. وكلا الثورتان غيرتا وجه العالم. اليوم ما يحدث في ايران سواء نجحت الجماهير بتحويل غضبها وهيجانها الى ثورة عارمة في اسقاط الجمهورية الاسلامية، او فشلت، فستخبو كالبركان لكنها لن تهدئ وتنتظر الفرصة كي تنفجر وتجتاح ايران برمتها. أن ايران الجمهورية الاسلامية لن تستطع بعد اليوم ان تسير بنفس الخطى الحثيثة على الصعيد الداخلي عن طريق القمع. وان كل دعايات الحرس الثوري والمتشددين وما يسمى بالإصلاحيين ضد انتفاضة الجياع لن تستطع تشويه حقيقة ان الجمهورية الاسلامية في ايران، هي جمهورية الرعب والاعدامات والجوع والفقر، وانها تمضي الى طريق التفسخ والانحلال مثلما مضى نظام الشاه الى الزوال.
ان سقوط الجمهورية الاسلامية في ايران، يعني تقزيم الاسلام السياسي بشقيه السني والشيعي في المنطقة وعموم العالم، وانه خطوة نحو انهاء قمع النساء واطلاق الحريات والقضاء على الفقر والبطالة. لقد اختبرنا ماهية الجمهورية الاسلامية في العراق، عن طريق امتداداتها التي تمسك السلطة اليوم في العراق منذ اثني عشر عام، فكانت امينة ورفيقة وصدوقة لها في الفساد وامتصاص عرق العمال وفرض سياسة التقشف وافقار المجتمع وتوسيع رقعة البطالة. وما حدث في ٢٥ شباط ٢٠١١ و٣٠ تموز ٢٠١٥ وما يحدث اليوم ضد الخصخصة وافقار المجتمع في المدن العراقية هو الوجه الاخر لاحتجاجات جماهير ايران ضد النظام الاسلامي القمعي.
ان اولى مهماتنا تجاه احتجاجات الجماهير في ايران، هي فضح كل دعايات الجمهورية الاسلامية في تشويه مطالبها العادلة، وتحت عناوين بأنها مؤامرة امريكية وغربية وصهيونية. ومن الجانب الاخر يجب فضح الاعلام الغربي المنافق واذياله في الخليج وادارة ترامب بادعاءاتها بأنها تعلن دعم المحتجين. فالغرب الحكومي ومؤسساتها المخابراتية هي من دعمت الثورة المضادة في إيران بعد ثورة ١٩٧٩، وهي من ساعدت في وصول الملالي في ايران الى السلطة، وتحولت اذاعت صوت امريكا والبي بي سي البريطانية ومونتي كارلو الفرنسية الى لسان حال الملالي والخميني لمواجهة الشيوعية وصعود اليسار في ايران في خضم الحرب الباردة. لقد وقف الغرب المنافق برمته متفرج على مجازر الجمهورية الاسلامية في ابادة الشيوعيين وعموم اليسار في إيران وغض الطرف عن قمع النساء، طالما كانت الايدلوجية الحاكمة هي ايدلوجية معادية للشيوعية والاشتراكية بحجة التصدي لتمدد الاتحاد السوفيتي آنذاك. ان الصراع بين المؤسسات الاعلامية والسياسية الغربية الرسمية مع الجمهورية الاسلامية اليوم، ليس له علاقة بحقوق الانسان ولا بقضية الرفاه والكرامة الانسانية ولا بقضية انهاء الفقر والبطالة. انه صراع من اجل الهيمنة والنفوذ على حساب عمال وكادحي ايران والمنطقة.
ان نضال الطبقة العاملة في ايران والجماهير المتعطشة للحرية وعالم افضل بحاجة الى دعم الطبقة العاملة في العراق وجماهيره التحررية، ان وحدة نضال الشيوعيين والعمال في ايران والعراق وجميع الاحرار هو طريق لأقصاء الاسلام السياسي واجنداته الاقتصادية والسياسية من حياة المجتمع، التي لم تولد غير الفقر والبطالة ومصادرة الحريات.