1- قاوموا الثقافة الوهابية


حمدى عبد العزيز
الحوار المتمدن - العدد: 5539 - 2017 / 6 / 2 - 22:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

شركاء في جريمة المنيا
_________________

بعد حادث المنيا الإرهابي
"كلاكيت عاشر مره"
مثلما يقول السينمائيون عند إعادة تكرار مشاهد بعينها
السيناريو مكرر
المثقفون المستنيرون سيدينون الحادث وسيتقدمون بالعزاء لأسر الشهداء
وأوداج ستنتفخ علي الفضاء الألكتروني لتلعن القتلة والمتطرفين والتطرف والإرهاب

في جهد تنقصه محاولة جادة نحو المبادرة بتأسيس روابط محلية مستقلة لمحاربة الطائفية الدينية في كل مكان في مصر

وبعضهم لن يعود عن عاداته القديمة في التحالف مع تخريجات الإخوان لضمان ضخامة الحشد الإحتجاجي الإستعراضي في بعض المعارك السياسية

مشايخ الأزهر سيدينون الجريمة ويعلنون براءة الإسلام الحقيقي السمح من تلك الجريمة دونما أن يكلفوا أنفسهم عناء تقديم الأدلة علي هذا الإسلام الحقيقي السمح ، أو أن يدلوننا أين نجده ، وفي أي رواق أزهري يختبئ ؟

وفي الحقيقة أن هناك تضليل يمارس من المؤسسة الدينية الرسمية ، يتمثل في التبرؤ الدائم من تلك الجرائم بينما عشرات الفتاوي تخرج كل عام من مشايخ الأزهر لتكرس الإستعلاء الديني الطائفي

وليس أدل من ذلك ماحدث بالأمس القريب من الشيخ سالم عبد الجليل الذي خرج علينا بحديث تكفير المسيحيين وسط تأييد من العديد من شيوخ الأزهر

وهناك تضليل من الدولة فهي بنصفها العلوي تحارب الإرهاب والمتطرفين وتطلق البيانات المؤسمة للفاعلين في كل حادث طائفي وتعالج الجرحي وتصرف التعويضات للضحايا بينما تحتفظ في نصفها السفلي بالسلفيين الوهابيين كجزء من التركيبة الثقافية والسياسية للنظام السياسي

الدولة تنحني كل صباح لتقبل يد مشايخ السلفية الوهابية وتغض النظر عن تخمر الفكر الوهابي الإستعلائي الطائفي بين جدران المؤسسة الدينية الكهنوتية الرسمية المسماة بالأزهر

فرئيس الجمهورية حينما طالب "بتجديد الخطاب الديني" فإنه قد أطلق تلك الجملة القاصرة (الغير مدروسة علي الإطلاق والتي لاتدعو إلي أي جهد نحو تحديث حقيقي للفكر الديني

وهو قد أطلقها في العموم - منذ عامين تقريباً - دونما وضع آلية تسمح بفتح النقاش حول التزييف والضرر الذي ألحقه الفكر الوهابي المدعم بريالات النفط بالثقافة المصرية والعربية ودونما وضع جدول أعمال لهذا " التجديد " الذي لن يرضي عنه أصدقائه الوهابيون السعوديون جيران " مسافة السكة "

الرئيس الذي دعي (لمجرد تجديد الخطاب الديني) لا يسمح بفتح قصور الثقافة ومراكز الشباب لتيارات الفكر التنويري بعيداً عن وصاية الأمن الوطني

وبيننا من يصفق لمجرد الكلمات ومجرد الشعارات
ومن ينفث عن غضبه في مناسبات القتل والإرهاب

ستصرخون
المجد لأرواح الشهداء
بينما أن أرواح الشهداء ستظل معلقة معذبة إلي أن تري أن دمائها ثمن دفعوه في مقابل إحداث ثورة تطال الثقافة الدينية للمصريين وتذهب بالعوامل المجتمعية والثقافية والسياسية المخصبة لهذا الفكر المدمر

ثورة تطال الأسس التشريعية لدولة النصف مدنية في سطحها الخطابي تكتفي بمواجهة الإرهاب المسلح بالجيش والشرطة بينما تطلق أمنها الوطني ليضيق علي أنشطة الشباب والجماعات المعادية للفكر الوهابي

دولة بنصف أعلي مدني المظهر يحارب الإرهاب ونصف آخر تحتي يحتفظ بصكوك الغفران والتكفير وآليات الجلسات العرفية التي تنصب الوهابيين حكاماً علي ماتحت الظاهر من المجتمع في الأطراف والأقاليم وتحفظ السلفيين بل وللجهاديين قتلة الثمانينيات والتسعينيات أحزابهم محصنةً ضد الحل

نصف تحتي يمتلئ بالعفن الوهابي الذي يمرح فيه دود الطائفية والإرهاب لنعيش في حالة من الشيزوفرنيا العجيبة التي تحارب الإرهاب وتخصب بيئته في آن واحد

الجرم ليس فقط في المجرمين القتلة بل أنه يطال الكثيرين
حتي أن الأمر قد يسمح بالتناص مع عنوان إحدي روايات إحسان عبد القدوس
لنطلق شعاراً يلخص كل هذا
- " ياعزيزي ... كلنا مجرومون "

_____________
حمدى عبد العزيز
25 مايو 2017