محاولة لفك الالتباسات الرائجة ..


حمدى عبد العزيز
الحوار المتمدن - العدد: 7795 - 2023 / 11 / 14 - 22:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

علينا أن ندرك أن سقوط المشروع الصهيونى العنصرى الطابع والإستعمارى المنشأ لن يسقطه ترديد الروايات والشعرات الموظفة دينياً بحيث تحمل بشارات ذات طابع ديني حول (زوال إسرائيل) فالصراع فى حقيقته صراع تحرر وطنى وليس صراعاً دينياً ، وتديين الصراع سيؤدى من جانب آخر إلى إضفاء شرعية على الإيدولوچية الصهيونية لأنها هى الأخرى تعتمد على توظيف أوهام وأساطير دينية ، فكما أن لطرف ما روايته الدينية للمسألة فالطرف المقابل أيضاً له روايته التى ترتب له حق ديني ، ومع احترامنا لكل الأديان والمذاهب والمعتقدات بما ذهبت إليه من غايات نبيلة فى خدمة الإنسانية فإن مشكلتنا لم تكن يوماً مع طائفة دينية أومذهبية مشكلتنا مع من قاموا بتوظيف الدين كغطاء لإقامة كيان استيطانى عنصرى على حساب الشعب الفلسطينى صاحب الأرض والحقوق التاريخية المترتبة على ذلك ، وفى نفس الوقت لدينا مشكلة مع هؤلاء الذين يذهبون فى تطرفهم وعنصريتهم لدرجة ضرب اليهودى الأخير الذى يختبئ وراء الحجر ، ومايماثل هذا من كلام يضر بالقضية الفلسطينية بأكثر مماينفعها .
إن سقوط هذا المشروع الإستعمارى بجميع التجليات التى ترتبت على وجوده فى المنطقة العربية والشرق الأوسط لن يتم إلا بتنحية التوظيف الدينى للصراع جانباً ، وسقوط هذا المشروع العنصرى الإستيطانى المدعم من النخب الاستعمارية المهيمنة على الحكم فى اوربا وامريكا سيتم عبر سواعد الشعوب الحرة فى المنطقة وفى مقدمتها مقاومة الشعب الفلسطينى بكل الوسائل بمافيها المقاومة العنيفة المسلحة .
، ولذلك فإننى كشخص يحاول مقاومة جهله اعتقد أن قيمة ماتم فى السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ التأكيد على أهمية استنزاف الكيان الصهيونى عبر عمليات مقاومة وعبر معارك من هذا النوع الذى يسقط اعتبار أن دولة الكيان الصهيونى هى الدولة الآمنة لاستيطان اليهود العالم ومن ثم فتح مجرى لتدفقات الهجرة العكسية للمستوطنين إلى حيث أوطانهم الأصلية ، وفرض حقيقة مؤداها أن فلسطين ليست وطناً آمناً لليهود مثلما نسج المستعمرون الأوربيون والنخب المهيمنة فى اوربا ذلك الوهم عبر توظيف أساطير وأوهام وحكايات دينية ليس من المقبول مواجهتها بحكايات وروايات دينية التى تبشر بزوال اسرائيل زوالاً سماوياً لاعلاقة له بعمل البشر على الأرض ولاعلاقة له بحقيقة الكيان الاستيطانى الصهيونى ..
لذلك أؤيد مقاومة الشعب الفلسطينى بكل فصائلها واؤيد حقه فى الدفاع عن أرضه بكل الوسائل التى يحددها وبشكل المقاومة التى يراها ، وباستراتيجياتها وبأوضاعها القيادية التى تعكس خياراته وإرادته وتوازنات القوى داخله دونما فرض أى شكل من أشكال الوصاية عليه ، فنحن لن نحل محل الشعب الفلسطينى فى تحديد أوضاعه القيادية ولن نحدد له استراتيجيات مقاومة وفق امزجتنا واهوائنا ، اكرر دورنا هو دور الداعمون للشعب الفلسطينى ولحقه فى استعادة حقوقه الوطنية فى الارض والدولة ومقدرات التراب الوطنى ..
ودعونا لانستبق الأحداث فسقوط المشروع الصهيونى سيعنى حتماً سقوط كل المشاريع المؤسسة على توظيف الدين فى خدمة تثبيت الهيمنات السياسية والسلطوية فى كامل منطقة الشرق الأوسط ، ولذلك فدعم المقاومة الفلسطينية فى هذه المرحلة بالرغم من الأخذ فى الاعتبار أن حماس (الإخوانية) هى التى تلعب الدور الرئيسى فى قيادتها هو الموقف الصحيح طالما كانت هذه المقاومة تستنزف هذا المشروع العنصرى الإستيطانى .
هذه محاولة لإرسال رسالة لعلها تفلح فى أن تكون واضحة ومحددة لكل من التبست عليه الأمور فى الفترة الماضية ولازالت تلتبس عليه الأمور بشأن القضية الفلسطينية وقضية منطقتنا التاريخية التى لن تحل إلاعبر سقوط المشروع الإستعمارى الصهيونى فى المنطقة وبزوغ شمس المشروع المضاد .. مشروع دولة فلسطين التى تستعيد مع استعادة ترابها الوطنى كل الشتات الفلسطينى بكل حقوقه وتساوى بين جميع مواطنيها من المسلمين واليهود والمسيحيين والدروز والصابئة واصحاب الملل والمذاهب الأخرى ، وكل المكونات العرقية على الأرض من عرب وفنيقيين واتراك ومتوسطيين وغيرهم على أساس مبدأ المواطنة تطلعاً إلى فلسطين الشعبية التى تضمن العدالة الإجتماعية والمعيشة الكريمة لكل مواطنيها دونما تفاوتات طبقية ظالمة للشرائح الشعبية.