على هامش جوائز الاوسكار

لم تعجبنى جوائز الأوسكار هذا العام فالبرغم من أن الممثل الأيرلندى (كليليان مورفى) قد استحق الحصول على جائزة أفضل ممثل عن دوره فى فيلم (اوبنهايمر) للمخرج الأمريكى المعروف كريستوفر نولان ، وهو بالفعل وللإنصاف (أى مورفى) قد قدم آداء متمكناً فى هذا الفيلم إلا اننى تعجبت من عدم دخول الممثل الأمريكى الرائع (خواكين فينيكس) أيا من ترشيحات الأوسكار هذا العام بل أننى أرى أنه يستحق جائزة أفضل ممثل هذا العام عن آدائه المذهل المبهر فى فيلم (بوليفار خيبة الأمل) هذا بخلاف آدائه المتمكن فى فيلم (نابليون)
كما أرى أن جائزة الأوسكار قد ظلمت المخرج العظيم (مارتن سيكوسيزى) صاحب الأعمال العظيمة (سائق التاكسى) و(عصابات نيويورك) و(الاغواء الأخير للمسيح) و(ذئب وول ستريت) و (الأيرلندى) وغيرها من أعمال مهمة ، ليقدم لنا مؤخراً تحفته الفنية البديعة (قتلة زهور القمر) والفيلم فى رأى كان يستحق جائزة أفضل مخرج وافضل تصوير وافضل مونتاج وافضل موسيقى ، وقبل كل ماسبق كانت تستحق بطلته الممثلة (ليلى جلاديستون) والتى تنحدر من جذور قومية الهنود الحمر جائزة أفضل ممثلة ومن سيشاهد دورها فى فيلم سيكورسيزى سيشعر أنه أمام آداء استثنائى فى منتهى العمق والصدق والبساطة والسلاسة والعبقرية التى تخلو تماماً من أى شائبة من الآداء الافتعالى ..
(قتلة زهور القمر) تحفة سينمائية عن احداث حقيقية جرت فى عشرينيات القرن الماضى وهو فيلم يستحق أن تدخل تاريخ السينما العالمية من أوسع أبوابه ، لكن ربما على مايبدو لإن الفيلم يسجل تعرية وكشف لمدى العنصرية الكامنة فى النخب الطبقية الأمريكية المهيمنة ، وتعرية ماقامت به من جرائم وحشية وصلت إلى حد التدبير وارتكاب ابشع جرائم الآبادة العرقية والثقافية المسكوت عنها فى التاريخ الأمريكية وتحت سطح الأجواء الشعارية التى كانت تطلقتها الولايات المتحدة الأمريكية عن الحرية وحقوق الإنسان ، ومهاجمة الفيلم الصريحة لنظرية جدارة الرجل الأبيض
يبدو أن هذا ماتسبب فى انحراف جوائز الأوسكار بعيداً عنه بالرغم من أنه بعيداً عن محتواه الإيديولوجى إلا أنه تحفة فنية على أعلى مستوى من الاتقان الفنى الذى شاركت فى صنعها جميع عناصر الفيلم بقيادة مخرجه المخضرم مارتن سيكورسيزى الذى انحرفت جائزة أفضل مخرج - فى طريقها - عنه لتصل إلى المخرج الأمريكى البريطانى كروستوفر نولان مخرج فيلم اوبنهايمر .