أولاند والإرث الإستعماري


حمدى عبد العزيز
الحوار المتمدن - العدد: 5297 - 2016 / 9 / 27 - 16:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

بدلاً من أن تقترب الدولة الفرنسية من الإرث القيمي العظيم للثورة الفرنسية وتعتذر عن ماضيها الإستعماري وماارتكبته من أعمال وحشية يندي لها الجبين الإنساني ومن نهب لمقدرات شعوب المستعمرات في الجزائر وباقي مستعمراتها في قارة أفريقيا والمشرق العربي وسائر مستعمراتها في دول العالم

نجد السيد هولاند بكل تجرد من قيم احترام حق الشعوب في الحرية التي قامت علي أساس قيمها الثورة الفرنسية وكذلك من احترام قيم اقرار حق الشعوب في تحديد مصيرها وبكل تمسك بالإرث الإستعماري وقف وسط حشد في مقدمته زعيما المعارضة ساركوزي وماري لوبان ليعلن ماأسماه بمسئولية الدولة الفرنسية عن الجزائريين الذين انضووا أثناء الإحتلال الفرنسي في تنظيمات (الحركيين) الذين هم عملائها من الجزائريين الذين انخرط منهم عدد كبير في صفوف الجيش الفرنسي المحتل وشكل العدد الباقي منهم عصابات إرهابية مسلحة لمساعدة الجيش الفرنسي في مواجهة جبهة التحرير الجزائرية ولإرهاب الشعب الجزائري الذي انخرط في النضال من أجل تحرير الجزائر بسلاح المستعمر الفرنسي ولقاء مكافأة يومية قدرها 500 فرنك إبان الثورة الجزائرية التي اندلعت في عام 1954 حتي عام 1962
وهذا يعني ترتيب حقوق وتعويضات لهؤلاء العملاء وأسرهم وورثة المتوفين منهم

هذا في الوقت الذي لم تعتذر فيه فرنسا حتي الآن للشعب الجزائري عما ارتكبته في حقه من فظائع وأهوال وعما نهبته من مقدرات

لو وضعنا هذا إلي جانب ذلك النشاط الفرنسي - البريطاني - الأمريكي المحموم في الأمم المتحدة في مواجهة الضغط الذي تواجهه عصابات الإرهاب الديني في سوريا بقيادة عصابات النصرة وذلك الإنكشاف الذي بدا عليه موقفهما الداعم في الحقيقة للإرهاب علي منصة الأمم المتحدة والمغلف بالحديث التجاري عن المآسي الإنسانية التي تحدث في حلب في حين أنهم في الحقيقة يرغبون في وقف هزيمة عصابات النصرة وحلفائها من عملائهم السوريين ذلك وذاك يكشف أن القيم الحقيقية التي تحكم النخب الأوربية هي قيم الإستعمار وليست قيم حق الشعوب في تقرير مصيرها ولا قيم مكافحة الإرهاب

إنها قيم تكريس التبعية ومواصلة إفشال الدولة القومية المستقلة في كل بلاد المستعمرات السابقة وإقرار واقع يتيح المزيد من النهب الإستعماري

تلك هي القيم الحقيقية للنخب الحاكمة أوربا ذات الإرث الإستعماري وأمريكا وارثة الزعامة الإستعمارية الحديثة

حتي لو كانت تلك النخب الحاكمة
هي التي تحكم فرنسا التي انطلقت عبر شعبها ونخبها المثقفة في الأزمنة السابقة علي الحقبة الإستعمارية ماتعلمته البشرية من قيم الإخاء والمساواة والحرية وحقوق الإنسان


26 سبتمبر 2016